بغداد تحتضن القادة العرب | القضية الفلسطينية تتصدر القمة.. وخبير: تعزز التعاون لمواجهة الأزمات
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
تنطلق اليوم السبت 17 مايو القمة العربية الـ 34 في بغداد، العاصمة العراقية التي تستضيف هذا الحدث للمرة الرابعة في تاريخها، تحت شعار "بغداد السلام تحتضن قضايا العرب".
القمة العربية الـ 34 في بغدادوتأتي هذه القمة في ظرف استثنائي تمر به المنطقة، وسط استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة للشهر التاسع عشر على التوالي، والتي أسفرت عن كارثة إنسانية غير مسبوقة، مما يضع القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال قادة وممثلي الدول العربية المشاركة في القمة.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن معظم القضايا المتوقع مناقشتها خلال قمة بغداد تعد امتدادا مباشرا لما تم الاتفاق عليه سابقا في قمة القاهرة، وأكد على أهمية بلورة موقف عربي موحد بدلا من تعدد المواقف والانقسامات التي تعيق فعالية التحرك العربي المشترك.
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هناك إرادة سياسية عربية متجهة في التشكل لمواجهة التحديات الإقليمية الراهنة، خاصة في ظل محاولات بعض القوى الدولية إعادة تشكيل النظام الإقليمي وفق معايير وأسس جديدة قد لا تخدم المصالح العربية.
وأشار فهمي، إلى أن التحولات التي يشهدها الإقليم في الوقت الراهن، وعلى رأسها عودة سوريا إلى النظام العربي، وتنامي التنسيق بين مصر والعراق، تعكس بوادر واضحة على توجه عربي لتعزيز العمل الجماعي المشترك في التصدي للأزمات المختلفة التي تعصف بالمنطقة.
واختتم: " هناك حالة الصمت العربي والدولي إزاء ما يجري، وهذا الصمت قد يعني أنه ضوء أخضر يمنح لدولة الاحتلال للاستمرار في تنفيذ مخططاتها التوسعية داخل قطاع غزة، وما يحدث حاليا في غزة يعد جريمة إبادة جماعية ممنهجة، تستوجب تحركا عربيا ودوليا حازما لوقفها ومحاسبة المسؤولين عنها.
وبدأت القمة العربية في بغداد بتوافد القادة والزعماء ورؤساء وفود الدول العربية، فقد توجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم السبت، إلى العاصمة العراقية بغداد للمشاركة في أعمال القمة.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير محمد الشناوي، أن الرئيس سيلقي كلمة مصر خلال القمة، حيث سيستعرض رؤية مصر بشأن التحديات التي تواجهها المنطقة، وعلى رأسها التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وسبل استعادة الاستقرار الإقليمي.
كما وصل إلى بغداد كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، ونائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع في سلطنة عمان شهاب بن طارق آل سعيد، بالإضافة إلى الفريق أول إبراهيم جابر نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف، كما كان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ضيف شرف القمة.
جدول أعمال يتضمن 8 بنود رئيسيةوبالنسبة للمملكة الأردنية الهاشمية، فقد أناب العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني رئيس الوزراء جعفر حسان لتمثيله في القمة، وفقا لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، قد وصل إلى العراق مساء الخميس للمشاركة في القمة، وذلك وفقا لوكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع".
وفيما يتعلق بجدول أعمال القمة، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، أن الاجتماع التحضيري الذي عقده وزراء الخارجية العرب اعتمد جدول أعمال يتضمن 8 بنود رئيسية، أبرزها القضية الفلسطينية، والأمن القومي العربي، ومكافحة الإرهاب.
من جانبه، أشار وزير الخارجية، الدكتور بدر عبدالعاطي، إلى أن الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية الـ 34 جرى في أجواء إيجابية، وشهد توافقا كبيرا حول مختلف القضايا المطروحة.
وأضاف عبدالعاطي في لقاء له، أن من أبرز القرارات التي تم التوافق عليها كان مشروع قرار خاص بالقضية الفلسطينية، والذي يعكس الإجماع العربي على دعم القضية المركزية، وأكد على دعم خطة التعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة التي تم إقرارها في القمة العربية الطارئة بالقاهرة في مارس الماضي.
وفي سياق متصل، أوضح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، أن القضية الفلسطينية تتصدر جدول أعمال القمة، بالإضافة إلى القضايا الأخرى التي فرضها الوضع الراهن في الدول العربية مثل التطورات في اليمن وليبيا والسودان وسوريا، فضلا عن التضامن مع لبنان.
وكشف السفير حسام زكي عن طرح مبادرة لإنشاء صندوق عربي لدعم التعافي وإعادة الإعمار في الدول التي تخرج من النزاعات، وأكد أن هذه المبادرة لاقت دعما واسعا من جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية، موضحا أن العراق قد بدأ بالفعل في طرح مبالغ لهذا الصندوق، مشيرا إلى أن هذه المبادرة ستساهم في تعزيز التضامن العربي على مختلف الأصعدة.
وأكد السفير زكي أن العراق يعد ركيزة أساسية في تعزيز التضامن العربي سياسيا واقتصاديا وأمنيا، مشيرا إلى أن العراق يقدم أملا في توثيق العلاقات العربية من خلال المبادرات التي يطرحها.
كما نفى السفير حسام زكي وجود أي انسحاب لدول عربية من قمة بغداد، مؤكدا أن جميع الدول ممثلة في القمة.
من جهة أخرى، أكد مندوب الأردن الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير أمجد العضايلة، أن قمة بغداد تأتي في وقت بالغ الأهمية يتطلب تعزيز التنسيق والتعاون بين الدول العربية لتحقيق التكاتف العربي.
سياسة مصر تجاه القضايا العربيةوأشار إلى أن القمتين في الجانبين السياسي والتنمية ستمكنان من اتخاذ قرارات هامة يجب البناء عليها لتحقيق أهداف الأمة العربية.
والجدير بالذكر، أن انعقاد الدورة العادية الرابعة والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة بالعاصمة العراقية بغداد، يأتي في توقيت بالغ الأهمية، في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
والقمة تنعقد في ظل ظروف إقليمية ودولية شديدة التعقيد، حيث تشهد المنطقة العربية تحولات جيوسياسية متسارعة، مما يجعل من هذه القمة منصة حيوية لتوحيد الرؤى وبلورة موقف عربي موحد تجاه القضايا المصيرية، وعلى رأسها تداعيات الأزمات الإقليمية في فلسطين، وليبيا، واليمن، وكذلك مواجهة التحديات الأمنية المشتركة، وتعزيز آليات التكامل الاقتصادي العربي.
ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذه القمة تمثل امتدادا طبيعيا لسياسة مصر الثابتة تجاه القضايا العربية، التي تقوم على دعم وحدة الصف، وحماية الأمن القومي العربي، والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعوب، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: بغداد القمة العربية العرب الاحتلال فلسطين القضية الفلسطينية الصمت الدولي المجتمع العربي القضیة الفلسطینیة القمة العربیة الدول العربیة رئیس الوزراء للمشارکة فی جدول أعمال قمة بغداد فی القمة قطاع غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
تعويم بوصلة الولاء والانتماء في حقبة الأزمات الوجودية
د. عبدالله باحجاج
استغرق التفكير في عنوان هذا المقال وقتًا طويلًا حتى استقررتُ عليه، رغم أنَّ العنوان الذي كنت أميل إليه هو "هل انتهت الدولة العميقة؟"؛ فالمؤسسات المُتجذِّرة التي كانت مُؤثِّرة في صناعة القرارات والاستراتيجيات والسياسات، لم يعُد لها تأثير أمام جنوح النيوليبيرالية المالية والاجتماعية، والتقدُّم المُذهل في التقنية؛ مما يُلقي بظلاله على ركائز الدولة العميقة وعلى شعبيتها الاجتماعية، وقد يُصبح واقعها الداخلي مُهيأً بسهولة للاختراقات التقليدية (كالتجسس والتجنيد) أو المعاصرة (كالحروب السيبرانية)، ولنا في الحالة الإيرانية الأخيرة ما يُمكن أن نبني عليه، ونُحذِّر منه كدروس لكل دولة في المنطقة.
وما حدث في إيران من اختراقات داخلية بُنيوية وتراكمية في مُجمل نطاقها الجغرافي والديموغرافي، وعلى كل مستوياتها الفوقية والتحتية، ومنذ عدة سنوات، يُدرَّس استخباراتيًا وأكاديميًا؛ لأنها غير مسبوقة تاريخيًا من حيث الحجم والماهية واستحداث أساليب جديدة، ومن ثم النتائج التي لم تكن لصالح الدولة العميقة. فقد وقفتْ مُتفرجةً على تفكيكها من الداخل طوال تلكم السنوات دون أن تكتشفها، فآخر المُعلن، إلقاء القبض على 700 شخص في إيران بتهمة التخابر مع الصهاينة خلال 12 يومًا؛ أي أنَّ طهران كانت تُحارِب على 4 جبهات، وربما أكثر؛ فهناك جبهة داخلية ضد الجواسيس والعملاء، وخارجية ضد الصهاينة، وأخرى ضد الأمريكان، وحرب رابعة تقنية مع مجموعات استخبارات إقليمية وعالمية خلال حرب الاثني عشر يومًا. ورغم ذلك لم تنهر إيران، وخرجت منها بالحفاظ على نظامها السياسي ومخزونها النووي وأسلحتها الصاروخية الضاربة.. إلخ. ولو كانت أي دولة أخرى لربما يحق لنا القول إنها تفككت من الساعات الأولى للعدوان.
وقد نُرجع بعض أسباب الاختراقات للدولة العميقة في إيران إلى العقوبات الدولية والأمريكية عليها منذ سبتمبر 2006، وبصورة شاملة منذ 2017، وبسبب تعددها وتنوعها الديموغرافي والأيديولوجي وارتباطاته الخارجية، وانشغالات طهران الخارجية؛ مما جعلها تُفكِّر في الخارج أكثر من الداخل، وتُنفق عليه مما يتوافر لها من موارد. ورغم ذلك لم يُستقَر حتى الآن على تعريف واحد لمفهوم الدولة العميقة، لكن بالنظر لكل التعريفات، فإنها تعني تلك الدولة التي تؤثِّر فيها قوى داخلية مُتجذِّرة؛ سواءً كانت مادية كالاستخبارات والجيش والكيانات الاجتماعية القبلية والأيديولوجية، أو معنوية كالقيم والمبادئ المتجذرة. وعندما نُسقط هذا التعريف الشامل على دول المنطقة، سنجد أن صناعة بيئات اختراقاتها تتم منذ بضع سنوات بصورة غير واعية بانعكاساتها وآفاق استغلالها من قِبل أجندات عديدة؛ وذلك بسبب جنوح السياسات المالية والاقتصادية- كما أوضحنا ذلك سابقًا- وبسبب صناعة مجتمع مدني على غرار المدنية الغربية، دون الإلمام بالسياقات التاريخية لمُجتمعاتها، وكذلك الظروف والأسباب التي انبثقت من خلالها الأنظمة السياسية المعاصرة؛ فهذا الجنوح قد شلَّ تأثير الدولة العميقة فيها، فلم يعد منظورا "الأمن والسياسة" الاستراتيجيان مؤثرين في التحولات المالية والاقتصادية الجديدة التي أصبحت من اختصاص نيوليبراليين، جُل هاجسهم حسابات مالية مُجرَّدة؛ مما بدا أن المشهدين الإيراني والخليجي، كأنهما مُستهدفان لتفكيك جبهاتهما الداخلية.
لذلك.. لا بُد من دراسة تجربة الاختراقات الداخلية الإيرانية حتى لا تتكرر في المنطقة، ولدواعي استدامة متانة الجبهات الداخلية، ولأنَّ التجربة الإيرانية تعكس لنا مستقبل الصراعات والتوترات والحروب، فقد مهَّدت اختراقاتها الداخلية نجاح الساعات الأولى للعدوان الصهيوني، وكادت تُحقق النصر الكامل في ساعاتها، وبالتالي تعطينا مؤشرًا على أنَّ الحروب والصراعات المقبلة لن يطلق فيها رصاصة واحدة في ظل التقدم المُتسارِع للتقنية والحروب السيبرانية، وسهولة تجنيد عملاء من الداخل وزرع عملاء من الخارج إذا ما توفرت لها البيئات المواتية، ووصل الأمر بالاختراقات في إيران إلى إقامة مصنع للطائرات المسيرة، دون أن تكتشف ذلك أدوات الدولة العميقة!
وأولى بدراسة هذا الملف، الدول العريقة التي يطمع في جيوسياسيتها القريب والبعيد، الأخ والصديق، والعدو المُتربِّص بها والذي قد يتقاطع مع الأطماع الإقليمية القديمة / الجديدة، لذا عليها دراسة تجربة الاختراقات الأجنبية للشأن الإيراني من حيث الأسباب ونجاحها، وانعكاساتها على مجرى العدوان الصهيوني على إيران حتى آخر ساعة من ليلة وقف إطلاق النار، وكذلك آفاقها المستقبلية. وقد أعملتُ الفكر الاستشرافي والاستباقي من المنظور الاستراتيجي بُغية تحريك الاهتمام السياسي والأمني بهذا الملف، وقد نشرتُ بعض نتائجه في مقالي الأخير المعنون باسم "عنصر المُفاجأة.. درس كبير للخليج"، ونُخصص الجزء الثاني لعرض أهم استنتاجاتي العقلانية التي أُقدمها كمدخل أساسي لخارطة طريق تمتين الجبهة الداخلية لكل دولة، ونُعوِّل عليها في مواجهة أي اختراقات داخلية وخارجية للدول العريقة رغم اختلاف البيئات الداخلية.
وكُل من يُحلِّل تداعيات التحولات المالية والاقتصادية الخليجية- مع التباين- سيجد حتى الآن أنها في طريق "تعويم منظومة الولاء والانتماء" من بوصلتها الرأسية الحصرية إلى مستويات أفقية مفتوحة وغير منضبطة- داخلية وخارجية- وذلك عندما بدأ تأثير النيوليبراليين يتزايد، وتبنُّوا سياسات مالية واقتصادية غربية لا تصلح كلها داخل البيئة الخليجية، ونخشى أن تؤثر سلبًا بصورة ممنهجة على منظومة الولاء والانتماء. لا نشير هنا إلى أمثلة للابتعاد عن الإسقاطات المكانية، وبالتالي لا ضمانات في حقبة التعويم في ظل فتح أبواب الدول على مصاريعها للاستثمارات الأجنبية، والسماح للوافدين من جنسيات مُختلفة بممارسة معتقداتهم عبر إقامة كيانات خاصة بهم.
هُنا نجد الحاجة ماسَّة إلى التذكير بتاريخية منظومة الولاء والانتماء في الدول العريقة، وكيف وظَّفتها الأنظمة السياسية الحديثة لصالح استقرارها خاصةً، ومجتمعاتها عامةً. ويمكن القول إن مؤسسي الدول الحديثة- عليهم رحمة الله- كانوا من الذكاء ما جعلهم يُصوِّبُون مسار الولاء الاجتماعي/ التاريخي من الجذور (القبيلة، المنطقة، المذهب) لصالحهم، ونجحوا في ذلك بامتياز، عبر تأمين مجموعة حقوق اجتماعية مجانية، جعلتهم يعيشون في أمن وأمان، ولا يقلقون على لقمة عيشهم ولا على مستقبل أبنائهم. لذا نؤكد أن أي تعويم للولاء الآن يخرج عن سياقاته التاريخية، وسيُرجِعه لأصله، وستتقاطع معه الاجندات الأجنبية- لا محالة- بينما يتحدَّد مفهوم الانتماء ضمن السياق التاريخي في الانتماء للأرض والتضحية من أجلها، وقد عزَّزت السُلَط الحاكمة الحديثة هذه الانتماءات، وجعلتها على صعيد الوطن كله، بعدما كان يتقوقع مناطقيًا، وداخل كل منطقة جهويًا.
ونرى أن أي حداثة أو تطوير للدول العميقة، ينبغي- كشرط وجوبي- أن يتم من خلال الأخذ بعين الاعتبار تلكم السياقات التاريخية لمنظومة الولاء والانتماء، ونجاح مُؤسِّسي الدولة الحديثة في إعادة برمجة المنظومة بثُنائياتها لصالح الدول وانظمتها، في ظل حقيقة أن هناك أنظمة حديثة لم تتأسس على أساس الجغرافيا، وإنما السياسة، ومن هنا لا مجال للمقارنة بالدول الأخرى التي انبثقت أنظمتها السياسية من بيئات مختلفة. لذلك منظومة الولاء والانتماء ستظل مرهونة بمُسوِّغاتها، ومن ثم البناء عليها، والمساس بها جوهريًا- أي في أعماقها- سيُرجِع الأصل لمساره- نُكرِّر- عندها ستكون الاختراقات التقليدية سهلةً، وكذلك بإمكان التقنية المتقدمة أن تخترقها بلا مجهود يُذكر، وسيكون مفعولها أقوى من القوة الخشنة، ولن يكون هناك داعٍ لها، لذلك من الأهمية السياسية العاجلة أن تَطرح كل عاصمة خليجية التساؤلين التاليين:
1- كيف تُحافظ على قوة وتماسك جبهتها الداخلية؟ والإجابة باختصار مراجعة آخر خياراتها المالية والاقتصادية وإعادة الاعتبار لدور الدولة الاجتماعي.
2- هل "حرب الاثني عشر يومًا" بين الكيان الصهيوني وإيران ستكون بداية لتحول فكري عميق في العقلية الخليجية المحكومة بالتنافس على حساب التكامل؟
نخشى هنا من غرور الوهم بانتقال الثقل العربي التقليدي لصالح دول المنظومة الخليجية، وهي غير مُنسجِمة أو مُتناغِمة في خططها الاستراتيجية، وبالتالي قد نشهد تراجعًا للمنظومة الخليجية في حقبة يُفترض من الدول الستة بعد "حرب الاثني عشر يومًا" أن تشعر بأهمية الأمن الجماعي والاستقرار المشترك المترابط فيما بينهما وليس العكس؛ فالمخطط الصهيوني المقبل لا يمكن لدولة أن تواجهه بمفردها، وقد تدخل فيما بينها في توترات إذا لم تكن الحرب الصهيونية الإيرانية قد غيَّرت عقليتها.
رابط مختصر