جريمة إساءة الأمانة: 3 شروط لتحريك قضيتها
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
أثير- م.صلاح بن خليفة المقبالي
جريمة إساءة الأمانة شأنها شأن الجرائم الأخرى مثل الاحتيال والسرقة التي جرمتها جموع الأنظمة القوانين العربية والأجنبية ومن قبلها جرمها القرآن والسنة النبوية الشريفة، حيث قال رسُول اللَّه ﷺ في خُطْبتِهِ يوْم النَّحر في حجَّةِ الودَاعِ: إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت “صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن هذا المنطلق تواترت القوانين على تجريم كل اعتداء يقع على مال الإنسان حيث نص قانون الجزاء العماني في مادته (360) على أنه ( يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ( 3 ) ثلاثة أشهر، ولا تزيد على ( 3 ) ثلاث سنوات ، وبغرامة لا تقل عن ( 300 ) ثلاثمائة ريال عماني ، ولا تزيد على ( 1000 ) ألف ريال عماني ، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سلم إليه نقد أو أي منقول آخر على وجه الإعارة أو الوديعة أو الوكالة أو الإجارة أو الرهن أو اؤتمن عليه بأي وجه كان ، فأقدم على كتمه أو إنكاره أو اختلاسه أو تبديده أو إتلافه”.
وتُعد جريمة إساءة الأمانة من الجرائم التي لا يجوز تحريكها إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص طبقا لنص المادة (5) من قانون الإجراءات الجزائية، ولابد أن تتوافر فيها ثلاثة شروط هي كالآتي:
الشرط الأول : أن يكون مالا منقولا مملوكا للغير: يشترط أن يكون محل جريمة إساءة الأمانة مالا، وهو الشيء الذي يكون محلا لحق مـن الحقوق الماليـة، ويكون قابلا للتملك، وله قيمة سواء كانت قيمة المال كبيرة أو قليلة، مادية أو معنوية، ويشترط كذلك أن يكون المال منقولا فإساءة الأمانة لا تقع على العقار، فلو تصرف المسـتأجر بالعقـار الذي أجر إليه هنا لا يسأل عن جريمة إساءة الأمانة ويمكن أن نقوم بفعله جريمة احتيال إذا توافرت شروطها،
الشرط الثاني : أن يكون هذا المال سلم إلى الجاني: فلا بد من حصول تسليم للمال إلى الشخص الذي يثق به صاحب المال، وهذا التسليم من النوع الذي تنتقل به الحيازة فلا ترتكب الجريمة إذا لم يحدث التسليم،
الشرط الثالث: أن يكون التسليم قد تم بناء على عقد من عقود الأمانة.
واشترط القانون لقيام جريمة إساءة الأمانة في حق المتهم أن يتم تسليم المال من المجني عليه للمتهم بموجب عقد من عقود الأمانة التي ذكرتها المادة (360) من قانون الجزاء عليها، وهذا ما أكدت عليه المحكمة العليا على أن :” لا تقوم جريمة إساءة الأمانة إلا إذا كان تسليم المال قد تم بناء على عقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة (360) من قانون الجزاء السالفة بيانه، وكانت العبرة في تحديد ماهية العقد هي بحقيقة الواقع، وكما أن القصد الجنائي في جريمة إساءة الأمانة يتحقق بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه والبحث في توافره أو عدم توافره يدخل في سلطة محكمة التقديرية التي تنأى عن رقابة المحكمة العليا متى كان استخلاصها سليما مستمدا من أوراق الدعوى. كما أنه يشترط في المال موضوع إساءة الأمانة أن يكون قد سلم إلى الجاني تسليما ناقلا للحيازة الناقصة بناء على عقد من العقود التي حددها المشرع على سبيل الحصر.( الطعن رقم ٢٠١٩/٢٥٥/أ- جلسة ٢٣ / ٢٠١٩/٤م)،
وحتى تقوم جريمة إساءة الأمانة يجب أن تتوافر بركنيها المادي والمعنوي، وهى من الجرائم العمدية التي يجـب أن يتوافر فيها القصد الجنائي، ويستفاد ذلك من نص المادة 360 من قانون الجزاء التي وردت فيها عبارات تدل على ذلك كذكر القانـون الكتم والاختلاس والتبديد والإتلاف قصدا، ولأجل توافر القصد الجنائي فإنه لا يكفـي القصد العام وإنما لا بد من تحقق القصد الخاص أيضا.
ويجب أيضا أن يتوافر القصد العام بعنصـريه؛ العلم والإرادة، لذا يجب أن يعلـم الجانـي بعناصر الجريمـة وأن تتجـه إرادته إلى ارتكاب الفعـل وتحقيق النتيجة.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: قانون الجزاء بناء على من قانون أن یکون عقد من
إقرأ أيضاً:
التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً
قال أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، اليوم الخميس، إن مسألة « المالية الإسلامية » وانضم إليها المغرب، « على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً من حيث المقاصد وبالنظر إلى بعدها التعاقدي ».
وأوضح التوفيق في افتتاح فعاليات المنتدى 23 حول الاستقرار المالي للمؤسسات المالية الإسلامية بالرباط، أنه « تم الترحيب بالمعاملات ذات الطابع الفقهي التقليدي بشرط تسميتها بـ »المالية التشاركية »، حتى لا يُستنتج ضمنياً أن غيرها مخالف للإسلام ».
وقال الوزير أيضا، إن « هذا المسار ساهم فيه وجود المجلس العلمي الأعلى، المؤسسة الدستورية الجماعية للعلماء، التي يرأسها أمير المؤمنين، ولها وحدها صلاحية إصدار الفتاوى المتعلقة بالشأن العام، ومن لجانها لجنة الفتوى، التي أنشئت منها لجنة خاصة بمتابعة قضايا المالية التشاركية ».
ةيرى التوفيق، أن « من نباهة والي بنك المغرب، منذ ما يقرب من عشر سنوات، أنه سعى إلى انخراط المغرب في المالية التشاركية، وكان نمطها قد تقدم في آفاق أخرى، فقد كان على الوالي أن يقنع بإمكان التعامل بنجاعة مع التحفظات النظرية ذات الأبعاد السياسية في هذا الموضوع ».
وأضاف الوزير، « الإسلام نظام متكامل، لا يُفهم جزء منه إلا في إطار النسق الشمولي الذي يقدمه القرآن عن الإنسان والحياة، والمال في هذا النسق بنية لا يتضح أي عنصر منها إلا في ضوء المبدأ الأساس، وهو التوحيد، المؤسس لمعنى الحياة، والمتضمن للعدل، في علاقة بالعناصر الأخرى التي توضح موقع المال ووظائفه ».
وأكد التوفيق على أن « المال في القرآن وسيلة في غاية الأهمية، فهو للتداول لا للكنز، وهو للإنفاق في الخير الاجتماعي، خاصةً على ذوي القربى واليتامى والسائلين والمحرومين، إنفاقاً ذا أثر إيجابي على المنفق، إذ يزكيه، أي يحرره من الشح، وهو أسوأ ضروب الأنانية »، مشيرا إلى أن « المال نعمة وزينة، لكنه قد يكون ابتلاء وفتنة، وهو من الحاجات الضرورية للدولة، وينبغي التصرف فيه بقواعد تحمي المتعاملين من الباطل والعدوان، كما يجب أن يُعامَل كأمانة لا يجوز أن يُعهد بها إلى السفهاء، ولا أن تؤدي إلى الغرور المؤدي إلى وهم الاستغناء المفضي إلى الطغيان ».
وشدد المسؤول الحكومي، على أن « التعامل المالي بالفوائد على القروض يتعلق بالتشريع، أي التعاقد والتراضي الكفيل بالعدل، أكثر مما يتعلق بالتعبد، والعدل يقتضي ألا تتحول الضرورة إلى فرصة للظلم والإجحاف بالمقترض، وهذا ما يستدعي تدخل الإمارة، ما استطاعت، لحماية المال بقواعد ومؤسسات ».
وقال المتحدث أيضا، « لقد كان للمسلمين إسهام في العلم والحضارة المادية، وكانت لهم علاقات تجارية مع أطراف العالم، وابتكروا وسائل للمبادلات المالية، وواكب تقعيدهم الفقهي معاملاتهم، وأبدعوا في فقه النوازل المتعلقة بالأموال، غير أنه منذ القرن التاسع عشر، تسارع اللقاء بين تاريخ العالم الغربي وتاريخ العالم الإسلامي، واتسم هذا اللقاء بأشكال من العنف المادي والمعنوي، مما جعل التفسيرات والتأويلات تختلف حول مظاهر التميز وحدود جواز التقليد ».
ويرى التوفيق، أن « المسلمون اقتبسوا كثيراً من مظاهر الحضارة الغربية، لا سيما في إقامة الأبناك والتعامل معها، وظهرت مسألة فوائد القروض كأنها مدار الفرقان بين نظامين، وقد ذهب بعضهم إلى أن جميع فوائد الأبناك تدخل في الربا المحرم، في حين دعا مفكرون مثل شكيب أرسلان، ورشيد رضا، والعالم الباكستاني فضل الرحمن، إلى التفريق بين الفوائد والربا، وأفتوا بضرورة تنمية الاقتصاد لسد الفجوة بين العرض والطلب بدل الاكتفاء بالتحريم ».
ووفق الوزير، « أصدرت اللجنة الشرعية 194 رأياً شرعياً بناءً على طلبات رسمية، من خلال أكثر من 421 اجتماعاً، قُدمت خلالها 196 دراسة وورقة بحثية من أعضاء اللجنة، و191 دراسة من خبراء متخصصين تناولت الجوانب القانونية والتطبيقات العملية والمقارنات ».
واعتبر التوفيق أن « ورش المالية التشاركية وصل إلى محطة جديدة في مسار تطويره، وهذا يتطلب تعاملاً واعياً مع التحديات ورسم خريطة طريق مستقبلية، في المقابل، لا يخفى أن هذا القطاع محفوف بحساسيات مرتبطة في وعي الناس بالمباح والمحظور ».