كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
أظهرت دراسة جديدة أن المشي لأكثر من 5 آلاف خطوة يوميا قد يساعد في إبطاء التراجع الإدراكي ويحدّ من تراكم البروتينات المرتبطة بمرض ألزهايمر.
قام باحثون من جامعة هارفارد بتحليل بيانات 294 شخصا تتراوح أعمارهم بين 50 و90 عاما، لديهم تراكم لبروتيني الأميلويد وتاو في الدماغ –وهما مرتبطان ارتباطا وثيقا بمرض ألزهايمر– لكن من دون أن تظهر عليهم أعراض الخرف بعد.
شارك جميع المتطوعين في دراسة هارفارد لشيخوخة الدماغ، حيث استخدموا أجهزة عدّ الخطوات لقياس نشاطهم اليومي، وخضعوا لفحوصات تصوير دماغية واختبارات إدراكية سنوية على مدى 14 عاما.
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة "نيتشر ميديسن"، وأظهرت أن زيادة النشاط البدني ترتبط بتباطؤٍ في تراجع قدرات التفكير والذاكرة لدى الأشخاص الذين يعانون من تراكم بروتين الأميلويد في الدماغ. كما بيّنت أن حتى النشاط المعتدل -أي ما بين 3 و5 آلاف خطوة يوميا- يُسهم في إبطاء تراكم بروتين تاو والتدهور الإدراكي، بينما كان المشي بين 5 آلاف و7500 آلاف خطوة يوميا أكثر فاعلية في تعزيز حماية الدماغ والحفاظ على وظائفه المعرفية.
تعزيز تدفق الدم والأكسجين إلى الدماغيوضح الدكتور ستيفن ألدَر، استشاري الأعصاب في مركز "ريكوغنشن هيلث"، أن المشي يساعد على زيادة تدفق الدم وتزويد الدماغ بالأكسجين، وهو أمر ضروري للحفاظ على كفاءة عمل الجهاز العصبي.
يقول ألدر إن "المشي يرفع معدل ضربات القلب ويُحسّن أداء الجهاز الدوري، مما يضمن إيصال الدم الغني بالأكسجين إلى جميع أجزاء الجسم، بما في ذلك الدماغ".
هذه الدورة الدموية المحسنة تسهم في تغذية الخلايا العصبية وإزالة الفضلات الأيضية، كما تحفز إفراز نواقل عصبية مهمة، مثل الدوبامين والسيروتونين، مما يرفع مستوى التركيز والمزاج والانتباه.
ويضيف ألدَر أن الانتظام في المشي يقوّي الأوعية الدموية الدماغية على المدى الطويل، ويقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو الخرف، مما يجعل المشي استثمارا فعليا في صحة الدماغ.
المشي السريع اليومي لا ينعش الجسد فحسب، بل يحفز القدرات الذهنية أيضا.
إعلانيقول ألدَر إن المشي، خاصة بوتيرة معتدلة إلى سريعة، يزيد إنتاج عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF)، وهو بروتين أساسي لنمو الخلايا العصبية وبقائها وتعزيز التواصل فيما بينها.
هذا التحفيز العصبي يترجم إلى تحسن في الذاكرة والانتباه والقدرة على التعلم والتفكير المرن.
كما يشير الطبيب إلى أن المشي في الهواء الطلق وبين الطبيعة يمنح فائدة إضافية، إذ إن الجمع بين الحركة والهواء النقي والمناظر الطبيعية ينشط نصفي الدماغ معا، مما يعزز التفكير الإبداعي والقدرة على إيجاد الحلول.
ويساعد المشي الخارجي أيضا على تحسين جودة النوم، من خلال تنظيم الهرمونات وتقليل التوتر، وهو ما ينعكس إيجابا على الأداء الذهني في اليوم التالي.
ويوضح ألدر: "المشي المنتظم يحسن النوم عبر موازنة الهرمونات وتقليل الأرق، مما يساهم في تعزيز التركيز وترسيخ الذكريات".
تحسين المزاج وتقليل التوترإلى جانب فوائده الإدراكية، يتمتّع المشي بتأثير نفسي عميق، إذ يساعد على تحسين المزاج وتنظيم التوتر. يشرح ألدَر أن "الحركة الإيقاعية للمشي تُحفّز الاسترخاء من خلال خفض مستويات الكورتيزول –وهو هرمون التوتر– وتنشيط الجهاز العصبي اللاودي، المسؤول عن تهدئة الجسم طبيعيا".
ويضيف أن المشي المنتظم يُحفز إنتاج الإندورفينات والسيروتونين، مما يولد إحساسا طبيعيا بالسعادة والراحة النفسية ويُخفف من القلق والاكتئاب.
كما يوضح ألدَر أن المشي في الهواء الطلق يُضاعف من هذه الفوائد، لأن التعرض للضوء الطبيعي والمساحات الخضراء يساعد على تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية وتحفيز إفراز الدوبامين، وهو الهرمون الذي يعزز الدافعية والتوازن العاطفي.
ويشير الطبيب إلى أن المشي المنفرد يعد وسيلة فعّالة لتعزيز الذهن الحاضر (اليقظة الذهنية)، وهي ممارسة أثبتت الدراسات فعاليتها في تقليل التوتر وتحسين صفاء الذهن.
ويقول ألدَر: "من الناحية النفسية، يمنح المشي الإنسان مساحة للتفكير الهادئ والتأمل، مما يساعده على فهم مشاعره والتعامل معها بوعي أكبر، ثم العودة إلى مهامه اليومية بذهن أكثر صفاء واتزانا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات أن المشی المشی ی
إقرأ أيضاً:
إلى أي عدد من أحداث الذعر السحابي تحتاج أوروبا ؟
نحن نميل إلى اعتبار البنية الأساسية التي تشكل القاعدة التي تُـدار عليها اقتصاداتنا ومجتمعاتنا من الأمور الـمُـسَـلَّـم بها ــ إلى أن يحدث خطأ ما. ما عليكم إلا أن تسألوا سكان إسبانيا والبرتغال، الذين واجهوا فجأة انقطاع التيار الكهربائي التام في أبريل الماضي، عندما أدت سلسلة من الارتفاعات المتتالية في الجهد الكهربائي إلى إغلاق شبكات الكهرباء. الآن، تسعى كل من إسبانيا والبرتغال إلى تنفيذ استثمارات ضخمة لتعزيز مرونة شبكاتهما. ولكن لا ينبغي للمواطنين أن يضطروا إلى انتظار التزام قادتهم بالاستثمار في البنية الأساسية الحيوية، التي تشمل في الوقت الحاضر الخدمات السحابية، ولكن بعد وقوع الكوارث.
من تخزين البيانات ونسخها احتياطيا إلى تشغيل ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعي، تدعم «السحابة» الاقتصاد الرقمي. لكن السيطرة على هذه البنية الأساسية شديدة التركز، حيث تسيطر ثلاث شركات أمريكية فقط ــ أمازون، وجوجل، وميكروسوفت ــ على أكثر من 60% من السوق العالمية. نتيجة لهذا، فإن فشل واحدة فقط من هذه الخدمات قد يكلف الاقتصاد العالمي مليارات الدولارات. وهذا ليس سيناريو بعيد الاحتمال. الواقع أن مثل هذه الإخفاقات تحدث على نحو منتظم. في الشهر الماضي فقط، أدى انقطاع خدمات أمازون (Amazon Web Services) إلى تعطيل عمل آلاف الخدمات في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك تطبيقات المراسلة، ومنصات الخدمات المصرفية، وكاميرات المراقبة المنزلية. وبعد أيام، عانت شركة Microsoft Azure من انقطاع عالمي مماثل.
حتى الآن، كانت مثل هذه الأحداث عَـرَضية. لكن البنية الأساسية السحابية يمكن استخدامها كسلاح جيوسياسي. فبما أن مقدمي الخدمات الثلاثة الرئيسيين يعملون تحت الولاية القضائية الأمريكية، فإنهم يخضعون لأهواء السلطات الأمريكية، التي قد تجبرهم على تعليق الخدمات كوسيلة للعقاب أو الإكراه.
هذا أيضا ليس تصورا غير واقعي. فبعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت أواخر العام الماضي، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عقوبات على المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان ــ وألغت شركة مايكروسوفت حسابه على البريد الإلكتروني. الحقيقة المقلقة هي أن قسما كبيرا من الاقتصاد الرقمي العالمي له مفتاح إيقاف تشغيل، وبوسع ترمب أن يديره متى شاء.
إذا كانت الخدمات السحابية التي تقدمها هذه الشركات الأمريكية العملاقة متقدمة تكنولوجيا ــ وتتطلب خبرات نادرة ومعدات معقدة وباهظة التكلفة ــ إلى الحد الذي يعجز معه آخرون عن مجاراتها بسهولة، فقد تكون المجازفة مُـسـتَـحَـقّـة. لكنها ليست كذلك: إذ تمتلك الشركات الأوروبية بالفعل القدرة على تشغيل خدمات سحابية عالية الجودة. السبب الوحيد الذي جعل هذه الشركات الأمريكية الثلاث ــ اثنتان احتكاريتان قطعا، وواحدة زعما ــ تحقق الهيمنة في المقام الأول هو أنها استحوذت على القدر الكافي من القيمة في أماكن أخرى من المكدس الرقمي لدعم استحواذها على سوق الخدمات السحابية.
مع تزايد وضوح مخاطر شِـبه الاحتكار على هذا النحو، يدرس عدد متزايد من المشترين من الشركات والعامة عن بدائل. يتماشى هذا مع هدف رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الذي عَـبَّـرَت عنه لأول مرة في عام 2019، والذي يتمثل في تحقيق «السيادة التكنولوجية» الأوروبية ــ وهو جهد لا يشمل الخدمات السحابية فحسب، بل يشمل أيضا المجموعة الرقمية بأكملها.
في حين لم تحرز أوروبا تقدما يُـذكَـر حتى الآن على هذه الجبهة، فإن عمالقة الخدمات السحابية في الولايات المتحدة يعملون على إزالة الخطر الذي يهدد حصتهم في السوق: لقد بدأوا في تقديم خيارات «السحابة السيادية»، والتي يمكنها افتراضا أن تلبي «احتياجات السيادة الرقمية الفريدة» في أوروبا. الواقع أنه ادّعاء هزلي. ذلك أن السيادة تستلزم قدرة الجهة السيادية على وضع قواعدها الخاصة في نطاق اختصاصها القضائي، وهذا ليس شيئا يستطيع مزودو الخدمات السحابية في الولايات المتحدة تقديمه لأوروبا.
لتحقيق تقدم حقيقي نحو السيادة الرقمية، يتعين على أوروبا أن تتبنى استراتيجية «الهدم والبناء». يركز جزء «الهدم» على تفكيك الاحتكارات الراسخة. ولتحقيق هذه الغاية، بوسع أوروبا أن تعتمد على الأدوات القائمة لفرض المنافسة، مثل قانون الأسواق الرقمية، الذي لا يُستخدم حاليا إلى حد كبير. ولكن يتعين عليها أيضا أن تعمل على تعزيز هذه الأدوات، عن طريق زيادة عدد الموظفين المكلفين بإنفاذها. على نحو مماثل، يجب أن تفسح المفاوضات الثنائية غير الخاضعة للمساءلة بين المفوضية الأوروبية وشركات التكنولوجيا المجال لعمليات مفتوحة لوضع المعايير، والتي من شأنها أن تساعد في توسيع مجموعة الخبراء الذين يساهمون في علاجات قانون الأسواق الرقمية.
ويستلزم عنصر «البناء» في هذه الاستراتيجية تحديد أوجه القصور التي تعيب البنية الأساسية الرقمية السيادية في أوروبا ومعالجتها على أساس كل قطاع على حدة. عندما يتعلق الأمر بالخدمات السحابية، قد تتمثل الخطوة الأولى في ضمان توافق المشتريات الحكومية من الخدمات ذات الصلة مع أهداف السيادة الأوروبية.
في عموم الأمر، ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يبتكر سياسة صناعية تعزز تطوير القدرات التكنولوجية الأساسية، وربما يسترشد في ذلك بمبادرة يوروستاك (Eurostack) أو اتحاد البنية الأساسية الرقمية الأوروبية للمشاع الرقمي الذي أُنشئ حديثا. ومن الممكن أن تساعد مشاريع ناشئة مثل Eurosky وStaan، إذا جرى تمويلها بالقدر الكافي، في دعم هذا الجهد. كما يستحق الدراسة اقتراح إيرباص للذكاء الاصطناعي ــ والذي بموجبه ستعمل قوى متوسطة معا لإنشاء شركة عامة للذكاء الاصطناعي، على غرار النموذج الذي أنشأ شركة إيرباص في عام 1970.
سلط انقطاع خدمات أمازون وAzure الشهر الماضي الضوء، مرة أخرى، على المخاطر التي تفرضها سيطرة شركات التكنولوجيا الأمريكية على البنية الأساسية الرقمية في أوروبا. الآن، يتعين على قادة الاتحاد الأوروبي أن يفعلوا كل ما يلزم للتخفيف من هذه المخاطر، قبل أن يفوت الأوان.