حكم حرمان الورثة من نصيبهم في الميراث
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
الميراث.. قالت دار الإفتاء المصرية إن الأصل المقرر شرعًا أن المال ينتقل بعد الموت من ملك المُوَرِّث إلى ملك ورثته الأحياء وقت وفاته؛ فعن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاَثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ: يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ».
وأوضحت الإفتاء أن الله سبحانه وتعالى حذرنا من التلاعب فيما شرعه من حدود وفرائض؛ نحو تعمد حرمان أو تأخير إعطاء أحد الورثة ما يستحقه من ميراث؛ فقال سبحانه: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [النساء: 13].
يقول الإمام البيضاوي -عند تفسيره لهذه الآية الكريمة- في "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" (2/ 64، ط. دار إحياء التراث العربي): [إشارة إلى الأحكام التي قدمت في أمر اليتامى والوصايا والمواريث، وحُدُودُ اللَّهِ: شرائعه التي هي كالحدود المحدودة التي لا يجوز مجاوزتها] اهـ.
حرمان الورثة من نصيبهم في الميراث:
وأكدت أن حرمان أحد من الورثة من الميراث أو التحايل له، أو فِعْلُ ما يتسبب فيه: أمرٌ محظورٌ شرعًا وقانونًا.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِ وَارِثِهِ قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه الإمام ابن ماجه في "السنن".
وعن سليمان بن موسى -مرسلًا- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ قَطَعَ اللهُ بِهِ مِيرَاثًا مِنَ الْجَنَّةِ» أخرجه سعيد بن منصور في "السنن"، والبيهقي في "شعب الإيمان" موصولًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الميراث
قال الإمام المناوي في "فيض القدير" (6/ 186، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [أفاد أن حرمان الوارث حرام؛ بل قضية هذا الوعيد أنه كبيرة، وبه صرح الذهبي وغيره] اهـ.
وقال في "التيسير" (2/ 433، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [(قطع الله ميراثه من الجنة يوم القيامة) دعاء أو خبر أفاد أن حرمان الوارث حرام، وعدَّه بعضهم من الكبائر] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الميراث أحكام الميراث آيات الميراث حرمان الميراث الورثة من
إقرأ أيضاً:
حكم إطلاق قول "عليه السلام" على سيدنا الحسين
سيدنا الحسين.. قالت دار الإفتاء المصرية إن إطلاق لفظ السلام على سيدنا الحسين بن عليّ بأن نقول: "سيدنا الحسين عليه السلام" أمر مشروع؛ لما في ذلك من حسن التأدب مع آل البيت عليهم السلام ومودتهم وإظهار البر لهم، إلا إذا كان السياق موهمًا فينبغي -عندئذٍ- استعمال ألفاظ الترحم والترضي من نحو:"رضي الله عنه وأرضاه".
إطلاق قول: "عليه السلام" على سيدنا الحسين:وأوضحت أن قول: "عليه السلام" بعد ذكر الاسم الشريف هو دأب كثير من علماء الأمة، ولم يتحرَّجوا من ذلك، بل ذاع ذلك في دواوينهم ومصنفاتهم، ورواها رواتها ونسخها نساخها مقرين لذلك من غير نكير، متلقين لها بالقبول والرضا.
سيرة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
هو الحسين بن علي بن أبي طالب بنِ عبدِ المطلبِ بنِ هاشمٍ بنِ عبدِ منافٍ القرشيُّ الهاشميُّ، أبو عبدِ الله، ريحانةُ النبيِّ ﷺ وشبهُه من الصدر إلى ما أسفل منه. ولما وُلد أذَّن النبيُّ ﷺ في أُذنه، وهو سيِّدُ شبابِ أهلِ الجنة، وخامسُ أهلِ الكساء.
أمُّه السيدةُ فاطمةُ بنتُ رسولِ الله ﷺ، سيِّدةُ نساءِ العالمين.
وأبوه سيفُ الله الغالب، سيدُنا عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه.
ولادة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
وُلد الإمامُ الحسينُ (أبو عبد الله) رضي اللهُ عنه في الثالث من شعبان سنة أربعٍ من الهجرة، بعد نحو عامٍ من ولادةِ أخيه الحسنِ رضي اللهُ عنه، فعاش مع جدِّه المصطفى ﷺ نيفًا وستَّ سنوات.
عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه قال: لما وُلد الحسنُ سمَّيته حربًا، فجاء رسولُ الله ﷺ فقال: «أروني ابني، ما سمَّيتموه؟» قلنا: حربًا، قال: «بل حسن». فلما وُلد الحسينُ سمَّيته حربًا، فجاء النبي ﷺ فقال: «أروني ابني، ما سمَّيتموه؟» قلنا: حربًا، قال: «بل هو حسين».
استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
وقد استُشهد الحسينُ وله من العمر سبعةٌ وخمسون عامًا، واستُشهد في يوم الجمعة أو السبت الموافق العاشر من المحرَّم في موقعةِ كربلاء، قريبًا من (نَيْنَوَى) بالعراق، عامَ إحدى وستين من الهجرة.
قتله حوليُّ بنُ يزيد الأصبحي، واجتزَّ رأسَه الشريفَ سِنانُ بنُ أنسٍ النَّخَعي، وشَمِرُ بنُ ذي الجوشن، وسلب ما كان عليه إسحاقُ بنُ خويلدٍ الخضرمي.
واقعة الجمل في حياة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
وقد شهد الحسينُ مع والده واقعةَ الجمل، وصِفِّين، وحروبَ الخوارج وغيرها، كما شارك بعد وفاة أبيه في فتحِ إفريقيا وآسيا، كما سجَّله سادةُ المؤرخين.
ودُفن جسدُه الطاهرُ بكربلاء بالعراق، أمّا الرأسُ الشريفُ فقد طيف به إرهابًا للناس، ثم أودِع في مخبأٍ بخزائنِ السلاح، فبقي فيه مختفيًا إلى عهد الخليفة عمرَ بنِ عبد العزيز – أي بعد خمسٍ وثلاثين سنة – الذي بُويع له بعد سليمانَ بنِ عبد الله سنةَ 96هـ.
ففي أولِ هذه المدة من خلافته سأل عن الرأس الكريم ومسيره وما صار إليه، فأُخبر بأمره، فأمر بإحضاره، فجِيءَ به من مخبئه، فطيِّب وعُطِّر، ثم أمر بوضعه في طبقٍ في جانبٍ من الجامع الأموي بدمشق، فبقي فيه إلى سنة 365هـ.
وفي تلك السنة ثار هَفْتكين الشرابي غلامُ معزِّ الدولة أحمدَ بنِ بُوَيْه على دمشق، فدخلها بجيوشه قادمًا من بغداد، ثم أعلن القتال، وعسكر بالجامع الأموي، ونهب ما به من تحفٍ وآثار، وانتزع كسوته الذهبية إلى غير ذلك.
الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
وقد تطاولت يدُه إلى رأس الإمام الحسين، فأخذها من الطبق الذي كانت مودعةً فيه بناحيةٍ من المسجد الأموي.
وكان المعِزُّ لدين الله حين بلغه قيامُ هفتكين حاول محاربته، فاستعان عليه بعامله إبراهيمَ بنِ جعفرَ على دمشق، ثم بغيره، فمات المعزُّ سنة 366هـ.
فأشفق العزيزُ بالله بنُ المعزِّ الفاطمي من استفحال ملكه، وعظم عليه أمرُ الرأس الكريم وما صنع هفتكين، فسَيَّر إليه في سنة 366هـ جيشًا عرمرمًا بقيادة القائد جوهر الصقلي، فسار إليه من القاهرة حتى وصل إلى دمشق، فعسكر بجيوشه خارجها، ثم أعلن القتال فقاتله وتابعه في كل منزلٍ نزله حتى آخر مطافه بعسقلان.
وفي أثناء ما كان هفتكين بعسقلان، وقد أحسَّ بالضعف والتقهقر وغلبةِ القائد جوهر عليه، دفن الرأسَ الكريم في مكانٍ من عسقلان وستَره عن جوهر.
ثم لما اشتعلت الحروبُ الصليبية، وخاف الخليفةُ الفاطمي على الرأس، أذِن وزيرُه (الصالحُ طلائعُ بنُ رُزَيْك) بنقلها إلى مصر، بالمشهد المعروف بها الآن.
وعندما دخلوا بالرأس الشريف دخلوا من جانب باب الفتوح بموكبٍ حافل، يتقدمه الأمراءُ فالأعيانُ فالقضاةُ فالعلماءُ فالدعاة، وكان الرأس محمولًا في إناءٍ من ذهب، ملفوفًا في ستائرَ من المخمل والديباج والإبريسم، يحمله زعيمٌ من زعماء الدولة الفاطمية، وعن يمينه قاضي القضاة وداعي الدعاة، وعن يساره قضاةُ المالكية والشافعية ووالي مدينة عسقلان.
ويتقدم الجميع الوزيرُ الصالحُ طلائعُ بنُ رزيك، وأمام الموكب وخلفه كتيبةٌ من كتائب الحرس الخليفي بموسيقاها، ثم حاشيةُ القصر.
الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
ولما وصل الموكبُ إلى منظرةِ الخليفة بباب الفتوح، وقف الموكبُ قليلًا حتى نزل الخليفةُ الفائزُ بحاشيته، تظلُّه كوكبةٌ من الفرسان والمشاة، فتقدَّم الموكبُ بين يديه حتى دخل به إلى قصر الزمرد في ذلك الجمع الحاشد.
وكان دخولُهم إليه من الباب البحري للقصر المسمى بباب الزمرد، فضمِّد الرأسُ الكريم وعُطِّر، ووُضع في لفائفَ من المخمل والحرير والديباج على كرسيٍّ فاخر، وحُفر له قبرٌ في الجانب الأيمن من القصر المذكور، وعُطِّر القبرُ، ونزل فيه الخليفةُ وقاضي القضاة وداعي الدعاة، فوضعوه في منتصف القبر ثم أحكموا غلقه.
واستقرت الرأسُ الشريفةُ بالقاهرة، فنورتها وباركتها وحرستها إلى يوم الدين، فالحمد لله رب العالمين.