على مقربة من نهاية عام 2023 والذي اختلف النقاد في تقييمه بسبب الحروب المشتعلة في أوكرانيا واسرائيل والتضخم الاقتصادي وغيره، يحاول الخبراء التنبؤ بالعام المقبل في ظل موجة من الأحداث المفاجئة والتي لم يتنبأ بها أحد في هذا العام.

وفي تقرير مطول لصحيفة نيويورك تايمز سلطت الضوء فيه على الأحداث المتوقعة في العام 2024 حيث اعتبرت أن الهجمات التي يشنها الحوثيون المدعومين من إيران على السفن التجارية في البحر الأحمر تشير إلى مستقبل غير واضح لآفاق التجارة العالمية.

وهي امتداد للحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، وباتت تضخ جرعة جديدة من عدم الاستقرار إلى الاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل من توترات جيوسياسية متصاعدة.

وحذرت الصحيفة من خطر تصاعد الصراع في الشرق الأوسط وهو الصراع الأحدث في سلسلة من الأزمات التي لا يمكن التنبؤ بها تشبه بجائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، والتي هبطت مثل ضربات مخلب الدب على الاقتصاد العالمي، ما أدى إلى خروجه عن المسار الصحيح ومازال يتعافى منه حتى اليوم.

مشهد من غزة مشهد من غزة وعلى الصعيد العالمي هناك المزيد من التقلبات تنتظر العالم في هيئة موجة من الانتخابات الوطنية التي قد تكون تداعياتها عميقة وطويلة حيث سيتوجه إلى صناديق الاقتراع أكثر من ملياري شخص في حوالي 50 دولة، بما في ذلك الهند وإندونيسيا والمكسيك وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة والدول السبع والعشرين الأعضاء في البرلمان الأوروبي.

وإجمالاً، يمثل المشاركون في الانتخابات لعام 2024 ما نسبته 60% من الناتج الاقتصادي العالمي. وفي الديمقراطيات القوية، تُجرى الانتخابات مع تزايد انعدام الثقة في الحكومة، والناخبين منقسمون بشدة، وهناك قلق عميق ومستمر بشأن الآفاق الاقتصادية.

وحتى في البلدان حيث الانتخابات ليست حرة ولا نزيهة، فإن القادة حساسون لصحة الاقتصاد.

وسيحدد الفائزون قرارات السياسة الحاسمة التي تؤثر على دعم المصانع، والإعفاءات الضريبية، ونقل التكنولوجيا، وتطوير الذكاء الاصطناعي، والضوابط التنظيمية، والحواجز التجارية والاستثمارات، وتخفيف الديون، وانتقال الطاقة.

واعتبر التقرير أن الانتصارات الانتخابية التي تحمل الشعبويين الغاضبين إلى السلطة يمكن أن تدفع الحكومات نحو تشديد السيطرة على التجارة والاستثمار الأجنبي والهجرة.

كما أن انتخاب القوميين اليمينيين من المرجح أن يؤدي إلى مزيد من إضعاف النمو العالمي وإلحاق الضرر بالثروات الاقتصادية. وتعتبر أكبر انتخابات ستجرى العام المقبل في الهند.

وهي حاليا صاحبة الاقتصاد الأسرع نموا في العالم، وهي تتنافس مع الصين باعتبارها مركز التصنيع في العالم.

ومن المحتمل أن تؤدي الانتخابات الرئاسية في تايوان في يناير إلى تصعيد التوترات بين الولايات المتحدة والصين. وفي المكسيك، سوف يؤثر التصويت على نهج الحكومة في التعامل مع الطاقة والاستثمار الأجنبي.

ومن الممكن أن يغير الرئيس الجديد في إندونيسيا السياسات المتعلقة بالمعادن المهمة مثل النيكل.

ولا شك أن الانتخابات الرئاسية الأميركية سوف تكون الأكثر أهمية على الإطلاق بالنسبة للاقتصاد العالمي.

وفي الأسبوع الماضي، اتفقت واشنطن وبروكسل على تعليق الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم الأوروبيين والويسكي والدراجات النارية الأميركية إلى ما بعد الانتخابات.

وخلصت شركة الاستشارات EY-Parthenon في تقرير حديث إلى أن "نتائج الانتخابات يمكن أن تؤدي إلى تحولات بعيدة المدى في قضايا السياسة الداخلية والخارجية، بما في ذلك تغير المناخ واللوائح والتحالفات العالمية".

توقعات مختلطة للاقتصاد العالمي وتبدو التوقعات الاقتصادية العالمية في العام المقبل مختلطة حتى الآن. ويظل النمو بطيئاً في أغلب أنحاء العالم، وتتعرض العشرات من البلدان النامية لخطر التخلف عن سداد ديونها السيادية.

وعلى الجانب الإيجابي، فإن الانخفاض السريع في التضخم يدفع محافظي البنوك المركزية إلى خفض أسعار الفائدة أو على الأقل وقف ارتفاعها.

ويعد انخفاض تكاليف الاقتراض بشكل عام حافزًا للاستثمار وشراء المنازل. ومع استمرار العالم في الانقسام إلى تحالفات غير مستقرة وكتل متنافسة، فمن المرجح أن تخيم المخاوف الأمنية على القرارات الاقتصادية بشكل أكبر مما كانت عليه حتى الآن.

وكثفت الصين والهند وتركيا مشترياتها من النفط والغاز والفحم الروسي بعد أن خفضت أوروبا مشترياتها بشكل حاد في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا.

وفي الوقت نفسه، دفعت التوترات بين الصين والولايات المتحدة واشنطن إلى الرد على سنوات من الدعم الصناعي القوي من بكين من خلال تقديم حوافز هائلة للسيارات الكهربائية وأشباه الموصلات وغيرها من العناصر التي تعتبر ضرورية للأمن القومي.

وتميل الشركات إلى تبني موقف الانتظار والترقب عندما يتعلق الأمر بالاستثمار والتوسعات والتوظيف.

 ووجدت دراسة نصف سنوية أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي أن "استمرار التقلبات في العلاقات الجيوسياسية والجيواقتصادية بين الاقتصادات الكبرى هو أكبر مصدر قلق لكبار مسؤولي المخاطر في كل من القطاعين العام والخاص".

ومع استمرار الصراعات العسكرية، وتزايد نوبات الطقس القاسي، وعدد كبير من الانتخابات الكبرى المقبلة، فمن المرجح أن يجلب عام 2024 المزيد من انعدام اليقين حول ما سيكون عليه العالم

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

انتخابات غير مسبوقة بالمكسيك لاختيار جميع قضاة البلاد

أجرت المكسيك أول "انتخابات قضائية" في تاريخها، والتي بدأت أمس الأحد، مثيرة جدلا واسعا ومخاوف من تقويض الديمقراطية، الأمر الذي أربك الناخبين الذين ما زالوا يحاولون فهم عملية من شأنها أن تحدث تحولا جذريا في نظام المحاكم في البلاد.

وقد أغلقت مراكز الاقتراع في وقت متأخر من مساء أمس في الانتخابات الوحيدة بالعالم لاختيار جميع قضاة البلاد، وتشمل الانتخابات 881 منصبا فدراليا بما في ذلك أعضاء المحكمة العليا الـ9.

وبموجب النظام الجديد، لم يعد يتم تعيين القضاة بناء على الجدارة والخبرة، بل سيطلب من الناخبين المكسيكيين الاختيار من بين حوالي 7700 مرشح يتنافسون على أكثر من 2600 منصب قضائي.

وتم انتخاب نحو 1700 قاض في 19 ولاية من الولايات الـ32، على أن تجرى انتخابات تكميلية عام 2027.

وتشكل مكافحة الإفلات من العقاب أيضا إحدى القضايا المطروحة في إصلاح النظام القضائي في المكسيك التي يبلغ عدد سكانها نحو 130 مليون نسمة، وتشهد 30 ألف جريمة قتل سنويا، معظمها يبقى من دون عقاب.

وتشكل هذه الانتخابات العمود الفقري للإصلاح الدستوري الذي أطلقه اليسار الحاكم لمكافحة ما يسميه "الفساد والامتيازات" في القضاء. وقالت رئيسة المعهد الوطني للانتخابات غوادالوبي تادي "لن ننتخب أشخاصا فحسب، بل سننتخب العدالة التي نريدها لبلدنا".

إعلان

وفي نداء أخير لها للتصويت -أطلقته أول أمس- وصفت الرئيسة المكسيكية اليسارية كلوديا شينباوم اليوم بأنه "يوم تاريخي".

وحصدت شينباوم نحو 60% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية قبل عام، وتتمتع بمعدل تأييد يناهز 75%، وهو أعلى حتى من معدل تأييد سلفها ومرشدها السياسي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور.

ويتولى السلطة حزبهما حركة التجديد الوطني" (مورينا) منذ ديسمبر/كانون الأول 2018، ويتمتع بغالبية كبيرة في البرلمان وفي نحو 20 ولاية من إجمالي 31 ولاية.

وقالت شينباوم وحلفاؤها في الحزب إن هذه الانتخابات تهدف إلى "تطهير" النظام القضائي من الفساد في بلد طالما عانى من مستويات مرتفعة من الإفلات من العقاب.

أحد مراكز الاقتراع بولاية غيريرو (الأوروبية) إصلاحات ومخاوف

وقام الحزب الحاكم بما سماه إصلاح النظام القضائي، أواخر العام الماضي، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات وانتقادات واسعة، حيث اعتبر كثيرون أن هذا "الإصلاح" محاولة من قبل من هم في السلطة لاستغلال شعبيتهم السياسية من أجل السيطرة على فرع من فروع الحكومة ظل حتى الآن خارج نطاق نفوذهم.

ويرى المنتقدون أن التصويت قد يلحق ضررا بالديمقراطية، ويجعل النظام القضائي أكثر عرضة لاختراق الجريمة المنظمة وغيرها من الجهات الفاسدة التي تسعى للسيطرة على السلطة.

ومن جانبها، قالت لورانس باتين مديرة منظمة "خويسيو خوستو" القانونية في المكسيك "إنها محاولة للسيطرة على النظام القضائي الذي كان بمثابة شوكة في خاصرة السلطة".

ويخشى معارضو "الإصلاح" أن تسيطر السلطة الحالية التي تحظى بشعبية كبيرة على النظام القضائي، ودعوا إلى "مسيرة وطنية".

وتنشط في المكسيك 6 من العصابات الإجرامية الـ8 في أميركا اللاتينية التي صنّفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب "منظمات إرهابية".

وقد حذّرت منظمة "ديفنسوركس" غير الحكومية من أن نحو 20 مرشحا لهم ارتباطات حالية أو سابقة بشخصيات إجرامية.

إعلان

ومن بين هؤلاء المرشحين سيلفيا ديلغادو المحامية السابقة لخواكين "تشابو" غوسمان المؤسس المشارك لكارتل "سينالوا" الإجرامي المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة بالولايات المتحدة.

ومن الأمثلة الأخرى المرشح ليوبولدو تشافيز الذي أمضى 6 سنوات في السجن في الولايات المتحدة بتهمة الاتجار بالميثامفيتامين.

وترشح هؤلاء رغم أنه يجب أن يكون لدى المرشحين "سمعة طيبة" فضلا عن حيازتهم شهادة في القانون وخبرة في الميدان.

ومن غير المرجح أن يقبل كثير من المكسيكيين على الاقتراع، إذ يتوقع المعهد الوطني للانتخابات نسبة مشاركة تراوح بين 13 و20%.

ويجب على الناخب اختيار العشرات من القضاة من بين مئات المرشحين، وهو ما يتطلب ساعات من البحث لمن يريد التصويت بحكمة، كما يوضح الأستاذ في جامعة سان دييغو بالولايات المتحدة ديفيد شيرك.

مقالات مشابهة

  • كوستاريكا.. من الاقتصاد الزراعي إلى الصناعات التكنولوجية المتقدمة
  • السكرتير العام لمحافظة الإسماعيلية والمستشار الثقافي لسفارة الهند يشهدان الاحتفال باليوم العالمي لليوجا
  • الإمارات تحتفي غداً باليوم العالمي للبيئة
  • قطر تحصد مراكز متقدمة إقليمية وعالمية في مؤشرات النقل العام وفق تقرير الاتحاد العالمي للنقل والمواصلات العامة (UITP) لعام 2025
  • انتخابات القضاة بالمكسيك.. بدعة ديمقراطية أم خدعة سياسية؟
  • كوريا الجنوبية تفتح صناديق الاقتراع في انتخابات رئاسية استثنائية
  • الإعلام ساحة حرب: التسقيط يهيمن على الانتخابات العراقية
  • الانتخابات تبدأ من الأرصفة.. من يخسر أمام الصورة؟
  • انتخابات غير مسبوقة بالمكسيك لاختيار جميع قضاة البلاد
  • فوز ناوروتسكي في جولة إعادة انتخابات بولندا الرئاسية