جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-14@12:37:47 GMT

سفينة النجاة ومخرج الأمان

تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT

سفينة النجاة ومخرج الأمان

 

حمد الحضرمي **

إن حب الأبناء هو فطرة إنسانية وطبيعة بشرية موجودة في قلب كل أب وأم، ولا يُمكن وصف الفرحة والسعادة التي تغمر قلب الأب والأم عندما يرزقهم الله بمولود خاصة الأول، حيث لا تساويها فرحة ولا تعدلها سعادة، فيملأ حياتهما بالبهجة ويغمر قلبيهما بالسرور، وتمضي الأيام وهو يكبر أمام أعينهما، فإن أراد الله بهما خيرًا أكثر وكتب لهما نصيبًا أوفر من السعادة جعل هذا الولد لهما من البارين الصالحين وجعله قرة عين لهما في شبابهما وخادمًا لهما في شيخوختهما، فالولد الصالح من أغلى النعم وأجود العطايا التي يمّن الله بها على عباده.

وأعظم هدية تُقدمها لولدك في حياته وهي تساوي الأرض وما فيها من كنوز وأموال، وتستحق أن تسعى إليها وتبذل جهدك ليحصل عليها ولدك، هي تحفيظه القرآن الكريم، والعيش مع آياته والعمل بأحكامه، وعندها سيُبارك الله في حياته وفي عمره ورزقه، فحافظ القرآن مع السفرة الكرام البررة، وقال رسولنا صلى الله عليه وسلم : "يجيء القرآن يوم القيامة فيقول يارب حلهِ، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول يارب زده، فيلبس حلة الكرامة ثم يقول يارب: ارض عنه، فيقال اقرأ وأرق، ويزداد بكل آية حسنة".

إنَّ الولد الحافظ للقرآن الكريم يكون سببًا في كسوة والديه حلتين لا تقوم لهما الدنيا وما فيها، وما ذلك إلا لرعايتهما وتعليمهما ولدهما، فإنَّ الله تعالى يكرمها بولدهما، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث:" من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به، ألبس والداه يوم القيامة تاجًا من نور، ضوؤه مثل ضوء الشمس ويكسب والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان: بم كسينا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن". ومن بركات تلاوة القرآن الكريم وحفظه والعمل به والعيش في رحابه، فضائل كثيرة وجوائز عظيمة نذكر منها: أن حملة القرآن هم أهل القرآن وخاصته، وهو شرف عظيم يرتقي به الإنسان في الدنيا إذًا يصبح العبد الضعيف من أهل الله وخاصته، وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لله أهلين من الناس….. قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته.

وسيكون حافظ القرآن في أعلى الجنان، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:" يقال لصاحب القرآن اقرأ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإنَّ منزلتك عند آخر آية تقرأ بها. ويبقى القرآن الكريم خير حافظ لصاحبه، حيث يقيه من الأمراض النفسية، ويساعده على النجاح واتخاذ القرارات الصائبة، إن القرآن الكريم طريقك للسعادة والنجاح؛ لأنه يعمر حياة صاحبه بكل خير وينعم عليه بصفاء الذهن وقوة الذاكرة، والطمأنينة القلبية، والتمكن من اللغة العربية والنواحي البلاغية وقوة الشخصية.

إنَّ ولدك الحافظ للقرآن الكريم سيحميه الله من أمراض العصر التي تهب على مجتمعاتنا والتي تحمل معها الانحلال والانحراف، لأنه سيكون محصنًا بالقرآن وتعاليمه منذ نعومة أظفاره، فيعيش سعيدًا وتسعد به أسرته ومجتمعه ووطنه. وما أجمل أن يعيش أولادنا مع القرآن في الدنيا، ليكونوا سعيدين بلقاء الله تعالى في الآخرة، والفوز بالرضوان والنعيم المُقيم، والقرب من حبيبنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهل هناك أجمل من أن تكون مع الله ورسوله يوم القيامة؟.

يا أيُّها الآباء والأمهات إنَّ القرآن الذي يحفظه أولادكم اليوم، سيحميهم ويهديهم ويقود خطاهم إلى الخير والبركة والسعادة في حياتهم، وسيكون المدافع عنهم والشفيع لهم يوم يتخلى عنهم القريب والحبيب. فحاولوا تعليم أولادكم القرآن الكريم، وحثوهم على حفظ كتابه، لأنه أفضل هدية تقدمها لولدك، ليعيش سعيدًا في الدنيا والآخرة، ويكون لك يوم القيامة شفيعًا.

واعلموا أيها الآباء والأمهات بأن تحقيق الأمنيات والأماني والوصول إليها لا يأتي بالتمني والأحلام، بل بالعزيمة والإصرار والعمل بجد واجتهاد، وعليكم باتباع خطوات مجربة وعملية إذا طبقت بقلب صادق وإيمان كبير وجهد متواصل ستثمر بعون الله بأن يكون ولدك حافظًا لكتاب الله، ومن حفظ القرآن حفظه الله، وجعله مباركًا في كل شؤون حياته، وبإذن الله سيكون أولادنا خيرًا على الأمة وسيبزغ فجر جديد بتباشير العزة والنصر والتمكين، فالقرآن العظيم سفينة النجاة من كل فتنة، ومخرج الأمان من كل محنة. 

ونسأل الله أن يوفق أولادنا ويرزقهم حفظ القرآن الكريم، ويجعله لهم ولنا إمامًا ونورًا وهدى، ويذكرنا منه ما نسينا ويعلمنا منه ما جهلنا، ويرزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، ويجعله حجة لنا، اللهم آمين.

** محامٍ ومستشار قانوني

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

القراءة.. نهضة العقول وتقدم الشعوب

 

 

 

سالم البادي (أبومعن)

 

من عظيم الشرف لأمتنا الإسلامية العظيمة أن استُهِلَّ نزول القرآن الكريم بقوله تعالى:
"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" (العلق: 1-5).

القراءة هي أكثر من مجرد هواية؛ إنها نافذة على عوالم لا حصر لها، وجسر يربطنا بأفكار وثقافات مختلفة، وأداة قوية لتوسيع آفاقنا.
عندما نفتح كتابًا، فإننا لا نقرأ فقط الكلمات ونقلب الصفحات؛ بل ننخرط في حوار مع المؤلف والكاتب، ونستكشف وجهات نظر جديدة، ونستشرف رؤى حديثة، ونتعرف على أفكار مختلفة، ونتعلم عن أنفسنا وعن العالم من حولنا.
تعمل القراءة على تنمية القدرات الذهنية والبدنية والمهنية واللغوية، وتحسّن لدينا مهارات الاطلاع والاستيعاب والفهم والكتابة والتعبير والتحليل. كما إنها تعزز لدينا التفكير النقدي والتحليلي، وتساعدنا على فهم القضايا المعقدة واتخاذ قرارات مستنيرة.

إضافة إلى ذلك، تعد القراءة وسيلة رائعة لتخفيف التوتر والاسترخاء، والهروب من ضغوط الحياة اليومية.
وفي عالمنا الرقمي، قد تبدو القراءة التقليدية وكأنها تتراجع، لكن أهميتها تظل ثابتة، سواء اخترنا قراءة الكتب الورقية أو الإلكترونية، فإن القراءة تظل استثمارًا قيمًا مهمًّا في حياتنا. إنها تمنحنا العلم والمعرفة، والإلهام، والمتعة، وتجعلنا أفرادًا أكثر ذكاءً وإدراكًا لمن حولنا.

وتؤدي القراءة دورًا حاسمًا في تشكيل عقول الأجيال الصاعدة، فهي ليست مجرد وسيلة للترفيه؛ بل هي أداة أساسية لتنمية القدرات المعرفية والشخصية لدى النشء، فمن خلال القراءة يتعلم الأطفال والشباب كيفية التفكير النقدي، وتحليل المعلومات، وتكوين وجهات نظرهم الخاصة، وتكوين شخصياتهم الذاتية، إنها تساعدهم على فهم العالم من حولهم، وتوسيع آفاقهم، واكتشاف ثقافات وحضارات مختلفة.

بات غرس حب القراءة في الأجيال الناشئة مطلبًا مُلحًّا خاصة في عصرنا الذي تتسارع فيه المتغيرات وتتطور فيه التقنيات الحديثة ومنها الذكاء الاصطناعي؛ فأصبح الأمر يتطلب جهودًا مشتركة من الأسرة والمسجد والمجتمع والمدرسة كمنظومة متكاملة مترابطة متصلة ببعضها البعض.

والأسرة تمارس دورًا كبيرًا ومهمًّا في غرس حب القراءة لدى النشء من خلال توفير بيئة منزلية مشجعة للقراءة، وقراءة القصص لأطفالهم، فضلًا عن إعداد برنامج لزيارة المكتبات والمعارض.
بينما دور المدارس يجب أن يتم من خلال دمج القراءة في المناهج الدراسية بطرق مبتكرة وممتعة ومحفزة، وتشجيع الطلاب على اختيار الكتب التي تثير اهتماماتهم، وتنمّي مهاراتهم ومداركهم العقلية والعلمية.

علاوة على ذلك، يجب على المجتمع أن يدعم القراءة من خلال توفير المكتبات العامة، وتنظيم الفعاليات والمسابقات الثقافية والتعليمية المتعلقة بالقراءة.
وللإعلام دور كبير في الترويج لأهمية القراءة في مختلف وسائل وقطاعات الإعلام والصحف والجرائد ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

من خلال هذه الجهود المتضافرة، يمكننا أن نضمن أن الأجيال القادمة ستتمتع بالمهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في عالم متغير متسارع، وأن تظل القراءة جزءًا حيويًّا من حياتهم وعقيدتهم.

القراءة تزوّدنا بنماذج وأساليب متنوعة ومختلفة من الكتابة مثل الروايات، والأخبار السياسية والاقتصادية والدينية المختلفة، والمقالات، وكتب التاريخ والأدب والشعر والعلم والثقافة وغيرها.
القراءة توسّع آفاقنا عندما نقرأ عن ثقافات وتجارب، وأفكار مختلفة.
نفتح عقولنا على العالم الآخر، ونتعلم التفكير النقدي، ونرى الأمور من وجهات نظر مختلفة.
هذه المعرفة والخبرة تثري مداركنا، وتجعلها أكثر عمقًا ومعرفة وثقافة.
القراءة تحفزنا على الكتابة، فعندما نقرأ كتابًا جيدًا، نشعر بالإلهام لكتابة شيء آخر جديد نابع من أفكارنا، ونعبر عن مشاعرنا.
القراءة هي الوقود الذي يشعل شرارة الإبداع في داخلنا. والقراءة هي التي تزوّد العلماء بالمعرفة والبيانات، وتمكنهم من تحليل هذه المعلومات ومشاركتها، وتوسع آفاقهم، وتعزز قدرتهم على التفكير، وتساعدهم على فهم النظريات والمفاهيم المعقدة.
والقراءة تنمّي الإدراك والوعي لدى الإنسان، وتساعد في تنمية الفكر، وزيادة المعرفة، وتعزيز التواصل بين الآخرين.

القراءة تخلق مجتمعًا واعيًا مثقفًا متعلمًا مفكرًا ومبتكرًا، يعزز غريزة التفاهم والتسامح، ويساهم في دعم التنمية البشرية وازدهارها.

قال تعالى: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (المجادلة: 11).
ويكفي للأمة الإسلامية حظًا وشرفًا وفضلًا في قراءة القرآن الكريم، لما له من فضائل كثيرة لا تُعد ولا تُحصى؛ فالقرآن الكريم عند المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، هداية ورحمة للناس جميعًا، وهو كتاب الله الخالد، وحجته البالغة، وهو باقٍ إلى أن تفنى الحياة على الأرض.
وفي قراءته فضل عظيم، بها يحصل المسلم الحسنات، وينال الأجر العظيم، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
"من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".

ولحافظ القرآن أجر عظيم عند الله؛ فإن القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة، ويعلي منزلته ودرجته في الجنة؛ فيكون مع الملائكة السفرة الكرام البررة.
ومن فضائل تعلم القرآن وتعليمه: أن جعل الله مَن تعلم القرآن وعلّمه غيره خير الناس وأفضلهم، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
"خيركم من تعلم القرآن وعلّمه".

قال عباس محمود العقاد في القراءة:
"لست أهوى القراءة لأكتب، ولا لأزداد عمرًا في تقدير الحساب، إنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني، القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عُمقًا".

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • دعاء الزلزال كما ورد عن النبي .. ردده وطمئن قلبك
  • دعاء الزلازل .. ردده يحميك من شهر الهزات الأرضية وموت الفجأة
  • مدارس الرواد العالمية تحتفي بخاتمات ومجازات القرآن الكريم في حفل روحاني مميز.. صور
  • القراءة.. نهضة العقول وتقدم الشعوب
  • ماذا كان يقول الرسول الكريم قبل الخلود إلى النوم؟
  • إرشادات دقيقة لأداء مناسك الحج والعمرة كما فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم
  • كيف نظم الإسلام سلوك المسلم في مجلسه مع الآخرين؟.. علي جمعة يوضح
  • عالم أزهري: تعلُّق القلوب بالله هو النجاة في الأزمات
  • تكريم الفائزين في مسابقة القرآن الكريم بأدم
  • مراكش.. مجمع الملك فهد يبرز جهود المملكة في خدمة القرآن الكريم