اليوم 1434 فرعا لبنكى الأهلى ومصر تستقبل المواطنين لشراء شهادات الادخار بعائد 27%
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
يستقبل 1434 فرعا تابعين للبنك الأهلى وبنك مصر المواطنين الذين يرغبون فى شراء شهادات الادخار الجديدة واللتين تم طرحهما يوم الخميس الماضى للمواطنين،وبدأت عمليات الشراء من يوم الجمعة، والسبت وامس الأحد « ايام أجازه « عن طريق الإنترنت، أو الأفرع الموجودة فى المولات التجارية، أو ماكينات ATMبكل أنحاء الجمهورية.
يصل عدد فروع البنك الأهلى التى تستقبل المواطنين إلى 634 فرعا،فى حين يصل فروع بنك مصر بالقاهره والمحافظات وعدة دول أوربية وعربية إلى 800 فرعا.
كانت شهادات الادخار الجديدة التى طرحها بنكى مصر،والأهلى بعائد كبير شهرى وسنوى «23.5% شهرى، و27% سنوى» قد إستحوذت على إهتمام شريحة كبيرة من المصريين خاصة المودعين ولديهم حسابات بالبنوك،وسارعت أعداد غفيرة بشراء الشهادة الجديدة وإستعملت أعداد غفيرة من المواطنين خدمة الإنترنت البنكى والتطبيقات البنكية الخاصة بالبنك الأهلى وكذلك بنك مصر وقاموا بشراء الشهادات الجديدة، ويبدأ ربط الشهادة وإحتساب الفائدة ثانى يوم عمل.
وصلت حصيلة الشراء للشهادات فى البنكين خلال اليوم الأول لإصدار الشهادات لأكثر من 11 مليار جنيه منهم 4 مليارات لبنك مصر،و 7 مليارات للبنك الأهلى بحسب تأكيدات محمد الأتربى رئيس مجلس إدارة بنك مصر.
ومنهم من يتج من المنتظر أن تشهد البنوك صباح اليوم الإثنين الموافق 8 يناير الحالى إقبال مكثف من جموع المواطنين لشراء الشهادات الجديدة، والإستفسار عن مزايا الشهادتين بداوفع نفسية حيث تحرص أعداد كبيرة من المواطنين خاصة الذين لم ينالوا حظا وفيرا من التعليم فى الذهاب للبنك و التحدث مع موظفى البنك للوقوف على كافة التفاصيل رغم أن الإجابات على كل الإستفسارات التى تشغل ذهن المواطن متاحة ومتوفره على مختلف وسائل الإعلام سواء بالصحف، أو عبر القنوات الفضائية،أو وسائل التواصل الإجتماعى أو الصفحات الرسمية للبنكين.
وصرح محمد الأتربى رئيس بنك مصر ان قيام بنكا الأهلى ومصر بطرح الشهادات الجديدة جاء بدوافع وطنية بالدرجه الأولى مؤكدا ان هناك خسائر للبنكين من طرح الشهادات الجديدة ولكن سنسعى لتعويض هذه الخسائر بإستخدام أدوات ووسائل أخرى.
وأشار «الأتربى» إلى أن هناك شهادات قديمه تم طرحها فى 5 يناير من العام الماضى وتنتهى فى 2 فبراير القادم، وشهادات قديمه مدتها 3 سنوات وكانت مربوطه بـ 11% وتاريخ إستحقاقها فى مارس القادم، وهناك حرية اختيار للمواطنين فى الربط الشهادات بأسعار الفايدة الجديدة من عدمه.
وأكد محمد الاتربى أن هناك صعوبة شديدة فى ربط الشهادات الجديدة لمدة 3 سنوات نظرا لارتفاع اسعار الفايدة.
وتوقع «الأتربى» إنخفاض معدلات التضخم إلى أقل من 38% مشيرا إلى أنها كانت قد تجاوزت نسبتها 40%.
وأضاف انه سبق وواجه الاقتصاد المصرى هذه الظروف الصعبة عام 2016 وكانت موجات التضخم قد وصلت نسبتها إلى 33%، وبعد إتخاذ حزمة إجراءات حكومية من خلال الحكومة والبنك المركزى إنخفضت معدلات التضخم إلى نحو 7%.
كان بنك مصر قد اصدر امس الخميس شهادة إدخار مدتها سنة تتمتع بمعدل عائد ثابت طوال مدة الاحتفاظ بالشهادة وتبلغ نسبة العائد للشهادة 27% سنويًا تصرف بنهاية مدة الشهادة، هذا ومن الممكن أن يصرف العائد شهريًا بعائد %23.5 سنويًا، وتبدأ فئات الشهادة من 1000 جنيه ومضاعفاتها وتصدر للأفراد الطبيعيين أو القصر من المصريين أو الأجانب، ويتم احتساب المدة اعتبارًا من يوم العمل التالى للشراء.
وكان بنك مصر قد أكد على انه يمكن شراء الشهادات ابتداء من اليوم الجمعة الموافق 5 يناير 2024 من خلال الإنترنت والموبايل البنكيBM Online وماكينات الصراف الخاصة ببنك مصر، ويتم تفعيل الشهادة بدأ من اليوم الاثنين الموافق 8 يناير 2024، كما يمكن شراء الشهادات من أى فرع من فروع البنك التى يصل عددها إلى أكثر من 800 فرع ووحدة مصرفية منتشرة بجميع أنحاء الجمهورية
ويمكن للمواطنين الاقتراض بضمان الشهادة بالإضافة إلى إمكانية إصدار بطاقات ائتمانية بضمانها، ويمكن استرداد الشهادة بعد مضى 6 شهور اعتبارًا من يوم العمل التالى لتاريخ شراء الشهادة، وذلك وفقًا لقواعد الاسترداد والشروط والأحكام المنظمة.
وكان البنك الأهلى قد طرح هو الآخر شهادة ادخار لمدة عام، بعائد 23.5% بعائد يتم صرفه شهريا و27% بعائد يصرف نهاية المدة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شهادات الادخار الشهادات الجدیدة شراء الشهادات بنک مصر
إقرأ أيضاً:
تقرير للجزيرة عن سوق خفيّة لتأجير الشهادات الطبية في الأردن / تفاصيل مثيرة
#سواليف
على مجموعات مغلقة في “فيسبوك” وتطبيقات المراسلة، تُنشر يوميا إعلانات قصيرة تبدو عادية في ظاهرها: ” #شهادة_طب_عام_للإيجار… السعر حسب الاتفاق” أو “مطلوب اسم #صيدلاني لترخيص صيدلية” لكن خلف هذه المنشورات، التي تتوارى سريعا بعد بضع ساعات، تعمل #سوق_سوداء نشطة تُباع فيها #التراخيص_الطبية كسلع، وتُستخدم أسماء #أطباء و #صيادلة مرخصين لتغطية منشآت يديرها غير المؤهلين.
من خلال تتبعنا لعشرات هذه الإعلانات والمحادثات المغلقة، وثّقنا عقودا واتفاقات شفهية وورقية تكشف عن نظام موازٍ داخل القطاع الصحي الأردني، يتغذى على الحاجة الاقتصادية وضعف الرقابة، ويهدد الثقة بين الطبيب والمريض. تتبع التحقيق كيف يُبرم الاتفاق، ومن المستفيد، ومن يدفع الثمن، وصولا إلى غياب الرد الرسمي من الجهات الرقابية.
السوق الموازية – كيف تعمل؟
في الظل، وداخل مجموعات مغلقة على “فيسبوك” وتطبيقات المراسلة، يتداول عشرات الأطباء والصيادلة والمستثمرين عروضا لتأجير الشهادات الطبية، تبدو المنشورات للوهلة الأولى كإعلانات عادية، لكنها في الواقع جزء من سوق خفية تتبادل فيها الأطراف أدوار البائع والمشتري، حيث تُعرض الشهادات الطبية للإيجار بمبالغ تبدأ من 50 دينارا أردنيا فقط وقد تصل إلى 300 دينار شهريا، بحسب التخصص والموقع والطلب.
أحد المنشورات التي رصدها التحقيق أظهر شخصا يعلن استعداده لتأجير شهادته الطبية مقابل مبلغ بسيط، في حين كتب آخر “شهادة طب عام للإيجار… السعر حسب الاتفاق”. وتبيّن من المتابعة أن هذه المنشورات تُحذف سريعا بعد التواصل الخاص بين الأطراف، مما يشير إلى درجة عالية من الحذر والسرية. يقول أحد المشاركين في هذه المجموعات -وهو طبيب سابق توقّف عن مزاولة المهنة- إن الاتفاقات تتم عبر وسطاء موثوق بهم يعرفون تفاصيل السوق، “يقوم الوسيط بربط المستثمر بالطبيب المناسب، ويتم الاتفاق على بدل شهري دون أي توثيق رسمي”.
أما العقود الورقية، فعندما تُكتب تكون صورية فقط لتغطية المظهر القانوني للعيادة أو الصيدلية، وتتضمن بندا ينص على أن الطبيب المؤجِّر “غير مسؤول إداريا أو ميدانيا عن المنشأة”، مما يمنح الطرفين شعورا زائفا بالأمان. وخلال تتبع التحقيق لهذه الإعلانات والمحادثات، تم رصد نموذج عقد فعلي يتضمن شروط استخدام الشهادة ومدة الاتفاق، إضافة إلى بند لإنهاء العقد وديا. ويُظهر العقد أن العلاقة بين الطرفين تقوم على الاستفادة المتبادلة: الطبيب يبحث عن دخل ثابت دون التزام وظيفي، والمستثمر يسعى إلى ترخيص قانوني سريع يتيح له افتتاح مشروع طبي دون مؤهلات مهنية.
كما كشفت المقابلات عن مجموعات مغلقة يتبادل أعضاؤها الأسئلة حول “تكلفة تأجير الشهادة” و”أفضل التخصصات المطلوبة”، في مشهد يُظهر أن الظاهرة تجاوزت حدود النقاش النظري إلى ممارسة متكررة ومنظمة داخل القطاع الطبي الأردني. وثيقة: نسخة من عقد رُصد ضمن التحقيق توضح بنود اتفاق لتأجير شهادة طبية (حُجبت البيانات الشخصية لأطراف العقد).
ومع توسع هذه الممارسات، لم يعد “تأجير الشهادات” مجرّد استثناء عابر، بل تحول إلى تجارة تُدار بعناية تحت مظلة الحاجة والربح، وبدأت ملامح سوق موازية تتشكل داخل القطاع الصحي، تعمل في الخفاء، لكنها تترك أثرا واضحا في ثقة المرضى وجودة الخدمات.
من #البائع إلى #المشتري – الحكايات الشخصية
وراء كل اسم على واجهة عيادة أو صيدلية قصة إنسان اضطر لتأجير مستقبله مقابل دخل شهري يسد حاجاته الأساسية. ضغوط الحياة دفعت بعض الأطباء والصيادلة إلى قرارات صعبة، وضعتهم في مساحة رمادية بين الحاجة والضمير.
يقول الطبيب محمد (اسم مستعار) إن فكرة تأجير شهادته كانت آخر ما قد يفكر به. بعد أعوام من الدراسة والديون، وجد نفسه عاجزا عن الوفاء بالتزاماته، فعبر شبكة معارفه التقى مستثمرا يبحث عن مشروع طبي، وتوصلا إلى اتفاق يقضي بتأجير اسمه مقابل 600 دينار شهريا. (نحو 840 دولارا أميركي) يصف محمد التجربة بأنها “الملاذ الأخير من أزمة خانقة”، ويعترف أن الشهادة التي حلم بها لإنقاذ الناس تحولت إلى وسيلة لإنقاذ نفسه من الفقر.
أما الطبيب رائد (اسم مستعار) فقبل عرضا مشابها لتسجيل اسمه في مركز طبي غير مرخص، لقاء مبلغ ثابت ودون عقد رسمي. ورغم إدراكه للمخاطر القانونية، يرى أن “المشكلة بالنظام الذي جعل الشهادة عبئا بدل أن تكون فرصة”.
القصة ذاتها تكررت مع الطبيب العام مروان (اسم مستعار)، الذي أجّر شهادته لترخيص عيادة تجميل. يقول إن العقد “قانوني في ظاهره لكنه في جوهره تأجير صريح”، ويتضمن بندا يعفيه من أي مسؤولية مهنية. يصفه بأنه “درع شكلي لا يحمي من المحاسبة”.
في قطاع الصيدلة تتسع الدائرة أكثر. الصيدلاني رامي (اسم مستعار) نشر إعلانا على “فيسبوك” بعد أن قرأ عن عروض مشابهة، وسرعان ما تلقى عرضا بدخل ثابت قدره 700 دينار (نحو 980 دولارا أميركيا) مقابل استخدام اسمه فقط. يقول “الاتفاق بسيط وسريع، لكن تبعاته المعنوية ثقيلة، خاصة عندما تدرك أن الصيدلية تُدار من أشخاص بلا ترخيص”.
أما الصيدلانية ليلى (اسم مستعار)، فتروي قصتها بنبرة ندم “الأمر يبدو بسيطا، عقد مكتوب يحدد المدة والمبلغ، لكن كلما سمعت عن خطأ طبي أشعر أنني شاركت فيه بطريقة غير مباشرة”.
من خلال تتبع التحقيق للعقود والوثائق، تبين أن معظمها يتضمن بنودا ترفع المسؤولية عن الطبيب أو الصيدلاني، في حين يحصل المستثمر على ترخيص رسمي. بذلك يصبح القانون نفسه غطاء لتجاوز القانون.
ومع اتساع هذه الممارسات، لم تعد العلاقة بين الطبيب والمستثمر شراكة مهنية قائمة على الثقة، بل صفقة صامتة تحكمها الحاجة والربح. وهكذا لم يعد السؤال من المسؤول، بل كم تساوي الشهادة في سوق الحاجة؟
في الجانب الآخر يقف مستثمرون يرون أن ما يفعلونه “وسيلة مشروعة لتسيير الأعمال”. يقول صالح (اسم مستعار)، وهو أحد المستثمرين الذين تحدثوا إلى معدة التحقيق، إن الطلب على الأسماء الطبية المرخصة في ازدياد مع توسع المشاريع الخاصة، موضحًا أن كثيرين منهم لا يحملون مؤهلات مهنية تمكنهم من الحصول على ترخيص قانوني. لذلك “نتعامل مع أطباء توقفوا عن العمل ونعرض عليهم مبالغ مقابل الاسم فقط. الاتفاق عادة شفهي وسري ولدينا مستشارون قانونيون لأي طارئ”، يقول صالح بثقة.
وثائق حصل عليها التحقيق أظهرت عقودًا مكتوبة بعناية بين الطبيب والمستثمر تتضمن بدلًا ماليًا محددًا وبندًا يعفي الطبيب من أي مسؤولية مهنية. في الظاهر تبدو العلاقة قانونية، لكنها في جوهرها التفاف على القانون نفسه.
يقول الدكتور خالد الشوبكي، مستشار الأعمال الصيدلانية، إن بعض الصيادلة يؤجرون مستودعات الأدوية أو تراخيصهم بشكل صوري، مما يعرضهم والمستثمرين معًا لمخاطر جسيمة، مؤكدًا أن “هذه الممارسات قد تبدو مربحة، لكنها تضعف المهنة وتفقدها مصداقيتها.”
أما الخبير الاقتصادي فايق حجازين فيرى إن وزارة الصحة الأردنية تقوم بدور مهم في مراقبة جميع العيادات الصحية وتخضع جميعها لإجراءات الترخيص والاعتماد من قبل الوزارة، مشيراً إلى أن ظاهرة تأجير الشهادات الطبية، رغم ما تحمله من مخاطر، تحمل بعض الجوانب الإيجابية التي تتمثل في تمكين الأفراد من الاستثمار في القطاع الصحي من خلال افتتاح صيدليات وعيادات تحت إشراف أطباء مرخصين.
الخبير الأقتصادي فايق حجازين
وأشار حجازين إلى أن التكلفة الاقتصادية تعتبر أحد العوامل الرئيسة التي تدفع بعض الأطباء والصيادلة إلى تأخير شهاداتهم، موضحاً أن هذه التكلفة يمكن أن تكون إيجابية من حيث توفير فرص عمل لأولئك الذين يحملون شهادات مزاولة المهنة لكنهم لا يمتلكون القدرة المالية لافتتاح مشاريع صحية خاصة بهم.
وهكذا تتضح ملامح سوقٍ موازية يختلط فيها القانون بالتجاوز والربح بالتحايل. الطبيب يبحث عن دخل يحميه من البطالة، والمستثمر يسعى إلى تجاوز القيود التنظيمية، وبينهما تضيع أخلاقيات المهنة. فالأسماء تُشترى، والتراخيص تُباع، والرقابة إما متأخرة أو غائبة.
الضحايا والقانون – حين تتحول الأخطاء إلى جرائم
في نهاية المطاف، لا يدفع ثمن تأجير الشهادات أولئك الذين وقعوا العقود، بل من وثقوا بالأسماء المعلّقة على الأبواب. المريض هو الخاسر الأول حين يجد نفسه بين يدي شخص لا يعرف من الطب سوى عنوان العيادة.
وثّق التحقيق شهادات عدة لمرضى تعرضوا لأذى جسدي مباشر نتيجة هذه الممارسات، بعد أن تبين أن من عالجهم لا يحمل أي مؤهل طبي، بينما الاسم المعلّق على الرخصة يعود لطبيب لم تطأ قدماه المكان.
من بين تلك الحالات محمد صبري (اسم مستعار) الذي قصد عيادة أمراض صدر بعد معاناة مع السعال وصعوبة التنفس. تلقى وصفة دوائية تسببت في تدهور حالته ودخوله المستشفى. بعد التحقيق، اكتشف أن الطبيب الذي وقّع الوصفة لم يكن الطبيب الحقيقي، بل شخص لا يملك أي ترخيص لمزاولة المهنة.
القضية تحولت إلى ملف رسمي في وزارة الصحة وأثارت جدلاً واسعًا حول غياب الرقابة الفعلية على تراخيص العيادات الخاصة.
وفي قضية أخرى وثّقناها خلال التحقيق، خضعت أمينة (اسم مستعار) لحقن تجميل في مركز متخصص بالعناية بالبشرة، لكنها خرجت بتشوه دائم في وجهها. التحقيق أثبت أن من نفذ الإجراء لم يكن طبيبًا مرخصًا، وأن الترخيص الرسمي للمركز يعود لطبيب آخر أجّر شهادته مقابل مبلغ شهري.
أما رامي محمود (اسم مستعار)، فقد فقد قدمه بعد تلقيه حقنة مضاد حيوي في مركز صحي خاص. التحقيقات أظهرت أن من أعطاه الحقنة لم يكن طبيبًا، وأن الطبيب المسجل في الترخيص اكتفى بإعارة اسمه لمستثمر يدير المركز بطاقم غير مؤهل.
تقول عائلته للجزيرة نت: “لم نصدق أن المكان غير مرخص فعليًا، الاسم على الباب كان كافيًا لطمأنتنا”.
قصة منصور ناصر (اسم مستعار) كانت أكثر إيلامًا. اصطحب والدته إلى عيادة أسنان لتركيب جسر جديد، وبعد ثلاث جلسات أصيبت بمضاعفات حادة بسبب استخدام مواد رديئة. لاحقًا، تبيّن أن من أجرى العلاج موظف لا يحمل أي مؤهل طبي، بينما الطبيب صاحب الاسم لم يزر العيادة منذ شهور.
يقول منصور بمرارة: “لم نكن نعلم أن الاسم المعلّق على الباب مجرد واجهة، لو عرفنا الحقيقة لما دخلنا المكان أصلًا”.
هذه القصص ليست حوادث معزولة، بل نماذج لظاهرة اتسعت رقعتها في ظل غياب التفتيش الميداني. فبحسب وثائق قضائية اطّلعت عليها معدّة التحقيق، أصدرت محاكم عمّان أحكامًا تثبت ممارسات لتأجير شهادات طبية وصيدلانية، أبرزها القضايا أرقام 8220/2022 و2240/2022 و1111/2020.
جميعها كشفت عن منشآت يديرها أشخاص غير مؤهلين تحت أسماء أطباء مرخصين، ووصف القضاة هذه الأفعال بأنها “انتحال صفة وممارسة مهنة دون ترخيص”.
المحامي قصي النقرش يوضح في حديثه أن هذه الأفعال لا تعد مجرد مخالفة مهنية، بل جريمة تمسّ النظام العام وسلامة المجتمع، ويعاقب عليها القانون الأردني وفقًا لقانوني الصحة العامة والعقوبات.
المحامي قصي النقرش
يقول النقرش: “تأجير الشهادات جريمة مكتملة الأركان لأنها تجمع بين التزوير والاحتيال وانتحال الصفة..”
بحسب المادة ( 5/ب) من قانون الصحة الأردني: ” لا يجوز لأي شخص القيام بأعمال الدعاية والإعلان أو ممارسة أي من المهن الطبية أو الصحية ما لم يحصل على ترخيص لذلك من الوزير، وفقا للقوانين والأنظمة الموضوعة لهذه الغاية”.
بحسب المادة (62/ب) من قانون الصحة العامة الأردني:
“يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنتين، أو بغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار، أو بكلتا العقوبتين، كل من مارس مهنة من المهن الصحية دون ترخيص.”
وأوضح النقرش أن وزارة الصحة تتولى التحقق من تراخيص الكوادر الطبية العاملة، وتدقيقها للتأكد من مطابقتها للمعايير المهنية، كما تتلقى وتتحقق في الشكاوى المقدمة ضد الأطباء والمؤسسات الصحية. في المقابل، تتولى النيابة العامة التحقيق في قضايا التزوير وانتحال الصفة، بينما يعهد للقضاء إصدار الأحكام المناسبة بحق المخالفين، ويضطلع جهاز الأمن العام بجمع الأدلة اللازمة.
وشدد النقرش على دور النقابات المهنية، “التي تمثل خط الدفاع الأول ضد مثل هذه الممارسات المخالفة لأخلاقيات المهنة، حيث يقع على عاتقها التحقق من صحة الشهادات المقدمة من الأعضاء وفرض العقوبات التأديبية بحق المخالفين، بما في ذلك حالات تأجير الشهادات”.
ومع أن النصوص القانونية دقيقة، إلا أن التنفيذ يبقى أضعف حلقات السلسلة فوزارة الصحة، كما وثّق التحقيق، تتحقق من التراخيص على الورق، لكنها نادرًا ما تقوم بزيارات مفاجئة للتحقق من الممارسين الفعليين في العيادات أو الصيدليات.
أما النقابات المهنية، التي يُفترض أن تكون خط الدفاع الأول، فتتحرك غالبًا بعد وقوع الضرر لا قبله، عبر لجان تحقيق داخلية تنتهي في أحسن الأحوال بإنذار أو شطب من السجل المهني.
تقول الدكتورة لينة السواعير إن الظاهرة تشكّل “خطرًا مباشرًا على سمعة الأطباء والمؤسسات الصحية في الأردن”، وتضيف أن استمرارها “يؤدي إلى انهيار الثقة بالقطاع الطبي بأكمله، لأن المريض لن يميز بين الطبيب الحقيقي والمستعار”.
أما الصيدلانية وعد الدن فترى أن “الظاهرة تمسّ سمعة المهنة وتعرض حياة المرضى للخطر، خصوصًا أن النساء يشكلن نسبة ملحوظة من المتورطات بدافع الحاجة المادية والبطالة”.
ومع تكرار القضايا وتراكم الملفات، بات واضحًا أن المساءلة القانونية تتحرك فقط بعد وقوع الضرر، في حين تبقى الرقابة الوقائية شبه غائبة.
يقول أحد مفتشي الوزارة السابقين للجزيرة نت إن “نقص الكوادر الميدانية، وكثرة المنشآت الطبية، تجعل من المستحيل مراقبة الجميع فعليًا”.
حين تُؤجَّر الثقة ويُختبَر الضمير
في بلد يخرّج مئات الأطباء والصيادلة كل عام، تتحول الشهادة من حلمٍ بالإنقاذ إلى عبء ثقيل يدفع بعض أصحابها إلى بيع الاسم وتأجير الضمير. ومع مرور الوقت، تتآكل الثقة بين الطبيب والمريض، وبين المجتمع ومؤسساته الصحية.
يرى الدكتور خالد الشوبكي أن أحد جذور المشكلة هو العامل المالي والبطالة المقنّعة في القطاع الصحي. فالكثير من الخريجين لا يجدون فرص عمل مستقرة، فيلجأ البعض إلى تأجير الشهادات كمصدر دخل مؤقت. ويضيف أن الطبيب المؤجر يبقى قانونيًا مسؤولًا عن أي خطأ يقع داخل المنشأة التي تحمل اسمه، حتى لو لم يشارك في العمل فعليًا، مما يعرّضه لعقوبات قاسية عند اكتشاف المخالفة.
أما الدكتورة لينة السواعير فتحذر من أن “استمرار هذه الممارسات يهدد جوهر العلاقة بين الطبيب والمريض، ويضرب مصداقية القطاع الطبي الأردني.” وتشدد على أن “الثقة إذا فُقدت، يصعب استعادتها حتى مع أشد القوانين صرامة.”
وتقترح السواعير إعادة النظر في آليات التفتيش الميداني وربط الترخيص بالتدقيق الدوري على الممارسين لا على الوثائق فقط.
الصيدلانية وعد الدن تؤكد من جانبها أن النساء يشكلن شريحة واسعة من العاملين في الظاهرة، نتيجة صعوبة الحصول على وظائف مستقرة، وتقول: “حين تغيب فرص العمل يصبح الإغراء قويًا، لكن الثمن الحقيقي يُدفع من سمعة المهنة وسلامة المرضى.”
من خلال الشهادات والوثائق التي جمعها التحقيق، يتضح أن الظاهرة ليست انحرافًا فرديًا بل نتيجة تفاعل ثلاثي بين الحاجة الاقتصادية، والثغرات القانونية، وضعف الرقابة.
الحل، كما يرى الخبراء، لا يكمن في العقوبات وحدها، بل في إعادة تنظيم سوق العمل الطبي بما يتناسب مع أعداد الخريجين، وتفعيل الدور الرقابي للنقابات والوزارة بأسلوب يومي لا موسمي، ومحاسبة الجهات التي تمنح تراخيص شكلية دون تحقق ميداني.
ويبقى السؤال الذي يطرحه التحقيق مفتوحًا:
من يحمي المريض عندما تتحول الشهادة الطبية من عهدٍ بالثقة إلى صفقةٍ بالربح؟