ما المقصود بقوله تعالى: «لكي لا تأسوا على ما فاتكم»؟ سؤال نجيب عنه من خلال استعراض التفاسير الواردة في معاني كلمات القرآن الكريم، وهي كالتالي.

معنى «لكي لا تأسوا على ما فاتكم»

يقول الحق تبارك وتعالى: «لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)»، يقول الإمام الطبري في تفسيره الآية: يعني تعالى ذكره: ما أصابكم أيها الناس من مصيبة في أموالكم ولا في أنفسكم، إلا في كتاب قد كتب ذلك فيه، من قبل أن نخلق نفوسكم (لِكَيْلا تَأْسَوا ) يقول: لكيلا تحزنوا، (عَلَى مَا فَاتَكُمْ) من الدنيا، فلم تدركوه منها، (وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) منها.

ومعنى قوله: (بِمَا آتَاكُمْ) إذا مدّت الألف منها: بالذي أعطاكم منها ربكم وملَّككم وخوَّلكم؛ وإذا قُصرت الألف، فمعناها: بالذي جاءكم منها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس (لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فاتكم ) من الدنيا، (وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) منها.

حُدثت عن الحسين بن يزيد الطحان، قال: ثنا إسحاق بن منصور، عن قيس، عن سماك، عن عكرِمة، عن ابن عباس (لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فاتكم ) قال: الصبر عند المصيبة، والشكر عند النعمة.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سماك البكري، عن عكرمة، عن ابن عباس (لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فاتكم ) قال: ليس أحد إلا يحزن ويفرح، ولكن من أصابته مصيبة فجعلها صبرا، ومن أصابه خير فجعله شكرا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله عزّ وجلّ(لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتاكم ) قال: لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا، ولا تفرحوا بما أتاكم منها.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (بِمَا آتَاكُمْ )، فقرأ ذلك عامة قرّاء الحجاز والكوفة (بِمَا آتَاكُمْ ) بمدّ الألف، وقرأه بعض قرّاء البصرة ( بِما أتاكُمْ ) بقصر الألف؛ وكأن من قرأ ذلك بقصر الألف اختار قراءته كذلك، إذ كان الذي قبله على ما فاتكم، ولم يكن على ما أفاتكم، فيردّ الفعل إلى الله، فألحق قوله: ( بِمَا أتاكُمْ ) به، ولم يردّه إلى أنه خبر عن الله.

ما المقصود بقوله تعالى «فاتبعوني يحببكم الله».. وكيف تكون عبادتي مقبولة؟

وبين أن الصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان صحيح معناهما، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وإن كنت أختار مدّ الألف، لكثرة قارئي ذلك كذلك، وليس للذي اعتلّ به منه معتلو قارئيه بقصر الألف كبير معنى، لأن ما جعل من ذلك خبرا عن الله، وما صرف منه إلى الخبر عن غيره، فغير خارج جميعه عند سامعيه من أهل العلم أنه من فعل الله تعالى، فالفائت من الدنيا من فاته منها شيء، والمدرك منها ما أدرك عن تقدّم الله عزّ وجلّ وقضائه، وقد بين ذلك جلّ ثناؤه لمن عقل عنه بقوله: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ، فأخبر أن الفائت منها بإفاتته إياهم فاتهم، والمدرك منها بإعطائه إياهم أدركوا، وأن ذلك محفوظ لهم في كتاب من قبل أن يخلقهم.

وقوله: (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) يقول: والله لا يحبّ كلّ متكبر بما أوتي من الدنيا، فخور به على الناس.

«لكي لا تأسوا على ما فاتكم» تفسير القرطبي

وفى تفسير القرطبى: لكيلا تأسوا على ما فاتكم أى: حتى لا تحزنوا على ما فاتكم من الرزق، وذلك أنهم إذا علموا أن الرزق قد فرغ منه لم يأسوا على ما فاتهم منه. وعن ابن مسعود أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجد أحدكم طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ثم قرأ لكيلا تأسوا على ما فاتكم أى: كى لا تحزنوا على ما فاتكم من الدنيا، فإنه لم يقدر لكم ولو قدر لكم لم يفتكم ولا تفرحوا بما آتاكم أى: من الدنيا، قاله ابن عباس. وقال سعيد بن جبير: من العافية والخصب.

ويقول الشيخ محمد عبدالعظيم الأزهري عضو لجنة الفتوى بالأزهر في بيان معنى يعني الشغل هيجيلك في أوانه والزواج هيجيلك في أوانه، والخلفه هتجيلك في أوانها.. واللي فاتك مكانش ينفع تاخده واللي اخترته مكنش ينفع تسيبه، ولو رجع بيك الزمن لاخترت نفس اختياراتك، وأنت في المكان والهيئة اللي المفروض تكون فيها بالظبط.. والندم على اللي فات ملوش لازمة، وكتر التفكير فيه تضييع وقت، وتخيل سيناريوهات بديلة والحكم عليها بأنها هتأدي لحال أفضل من حالك الحالي هو الجهل.. فارتاحوا: فما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القران الكريم لا ت أ س و ا ع ل ى م ا ف من الدنیا ابن عباس لم یکن عن ابن

إقرأ أيضاً:

حين تتحول الموازنة إلى طقس بروتوكولي

صراحة نيوز-بقلم محمد الخضير

لا يزال التعامل مع الموازنة يتم بأدوات رتيبة وغير منتجة، يغلب عليها الخطاب الإنشائي والاستعارات السطحية كان من المتوقع أن نشهد مقاربة تتجاوز الموازنة كأرقام صمّاء، خصوصًا من الكتل التي تدّعي الانتماء الحزبي، عبر تقديم مشاريع موازنة موازية تعكس رؤيتها الاقتصادية وفلسفتها السياسية في إدارة الدولة فالموازنة ليست مجرد جداول حسابية، بل هي انعكاس مباشر للسياسات المالية ذات الجذر السياسي، والتي تمس مختلف مناحي حياة المواطن

في فترات سابقة، كانت نقاشات الموازنة تحت القبة تحظى بقدر كبير من الاهتمام والمتابعة ورغم إدراك الشارع أنها ستمر، إلا أن مواقف بعض الأعضاء كانت أحيانًا غير قابلة للتوقع كما كانت القواعد الانتخابية ترى فيها اختبارًا لقياس صدقية خطاب العضو، مما يضفي وزنًا على تموضعه السياسي اليوم، هذا الاعتبار أصابه الفتور، وربما تجمّد بالكامل، لتتراجع الحيوية السياسية التي كانت ترافق مناقشات الموازنة قبل برلمان التحديث

أزمة الأداء الهزيل، التي ازدادت بشكل متصاعد بعد برلمان “٨٩”، ما تزال مستمرة يعكس الأداء البرلماني اليوم صدى ما سبقته إليه دورات سابقة، مع اختلاف في المبررات التي يسوقها البعض لتبرير تموضعهم أو تغيّر مسارهم نحو القبة وهكذا، يبقى النقاش محصورًا في الشكل دون المضمون، وتظل الموازنة أداة حكومية أكثر منها ساحة للاشتباك السياسي أو للتنافس البرامجي الحقيقي

حتى التصويت على مرور الموازنة لم يعد يمنح الشارع فسحة للتفكير في إمكانية عدم إقرارها بعدما باتت النتيجة محسومة سلفًا في الوعي العام صار الأمر كله مسألة بروتوكولية، لا يُتوقع منها أي أثر في ظل عمر التجربة الراهنة، خصوصًا مع تركيبة برلمان التحديث، الذي يبدو في واقع مناقشة الموازنة معزولًا عن الأحزاب، رغم ما تحمله هذه المرحلة من فرص لإظهار برامجها الاقتصادية ولجانها المالية، وقدرتها على تقديم بدائل ومواقف تعبّر عن انحيازاتها الاجتماعية وتمثل الرأي العام

مقالات مشابهة

  • مناوي يحذر خمس جهات دولية كبيرة ويهدد .. لن نكون جزءًا منها
  • علي جمعة: الدنيا دار ابتلاء والله يقلب الإنسان بين الخير والشر
  • مفاوضات الأهلي مع «النعيمات».. «الحديدي» يكشف أزمة المنتخب وأسرار غرفة خلع الملابس
  • ياسمين عبدالعزيز تقدم كشف حساب صريح لعام 2025.. وأسرار خطتها في 2026
  • حصيلة ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تتجاوز الألف ضحية
  • محمود ياسين يوجه رسالة مؤثرة لوالدته آيات أباظة: إنتي أقوى ست في الدنيا
  • ما معنى دعاء المطر “اللهم صيبا نافعا”؟.. اعرف المقصود من كلمات النبي
  • هل ينشر الإنترنت الجهل؟
  • حين تتحول الموازنة إلى طقس بروتوكولي
  • «الألف يوم الذهبية بداية سليمة تساوي مستقبل واعد».. ندوة بمجمع إعلام القليوبية