الحرة:
2025-05-17@14:49:22 GMT

هل تهدد الخلافات مستقبل حكومة الحرب في إسرائيل؟

تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT

هل تهدد الخلافات مستقبل حكومة الحرب في إسرائيل؟

بعد ما يقرب من 15 أسبوعا على اندلاعها، تتصاعد الانقسامات بين الأوساط السياسية الإسرائيلية بشأن إدارة الحرب في قطاع غزة، مع تباين في وجهات النظر بخصوص مستقبل الصراع بين أعضاء ائتلاف حكومة الحرب، واستمرار الجدل المرتبط بملف الرهائن.

ويتعرض الائتلاف الحكومي الطارئ في إسرائيل لـ"ضغوط مكثفة" مع تواصل الحرب، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" التي أشارت إلى أنه في الوقت الذي يطالب فيه سياسيون عن اليمين المتطرف الجيش بتحرك وإجراءات أقوى في غزة، يضغط أقارب الرهائن، ومعهم أعضاء بداخل حكومة الحرب، بتقديم تنازلات لضمان عودتهم.

واعتبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" بدورها، أن حكومة الحرب "تقترب من الانهيار" مع استمرار الحرب في غزة، بعد أن شكلت في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر، وضمت كلا من رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، وبيني غانتس عن تحالف الوحدة الوطنية المعارض، ووزير الدفاع الحالي، يوآف غالانت، وكل من  رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق من حزب غانتس، غادي آيزنكوت، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، كمراقبين.

"تباين يهدد حكومة الحرب"

وبعد رسالة من 7 نقاط، دعا خلالها، بيني غانتس، إلى إعادة النظر بأهداف الحرب، منتقدا عدم تحقيق إنجازات ملموسة يمكن البناء عليها لوضع تصور لما تريده القيادة الإسرائيلية بعد انتهاء الأعمال العسكرية.

خرج حليفه، غادي آيزنكوت، في مقابلة تلفزيونية، موجها انتقادات لإدارة نتانياهو للحرب المستمرة مع حماس في غزة، مشيرا إلى أن الحديث عن النصر الكامل على الحركة المصنفة إرهابيا بعدد من الدول "غير واقعي".

المحلل السياسي الإسرائيلي، شلومو غانور، يرى في حديث لموقع "الحرة". أن "الخلاف الجوهري بين أعضاء حكومة الحرب الإسرائيلية يتعلق بنقطتين أساسيتين".

وأضاف: "النقطة الأولى هي دور السلطة الفلسطينية بعد انتهاء الحرب ومستقبل القطاع في غزة، والثانية سُلم الأولويات وأهداف الحرب التي يربطها كل من  غانتس عضو حكومة الحرب الإسرائيلية، وآيزنكوت، في استعادة الرهائن، في حين يرى رئيس الوزراء أن تفكيك البنية الإرهابية لحماس يبقى الموضوع الرئيسي".

وأجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق آيزنكوت، مقابلة مع "القناة 12" المحلية، تحدث فيها عن رؤيته لهجوم السابع من أكتوبر وراءه، وأيضا مستقبل الحرب في غزة، حيثُ فقد نجله وابن أخيه.

وقال آيزنكوت في المقابلة: "من يتحدث عن الهزيمة المطلقة لحماس لا يقول الحقيقة"، مشيرا إلى أن "الوضع الفعلي في قطاع غزة هو أن أهداف الحرب لم تتحقق بعد".

وأضاف "أهداف الحرب لم تتحقق بعد، لكن عدد الجنود على الأرض، أصبح الآن محدوداً أكثر.. علينا أن نفكر في الخطوة التالية".

ويكشف غانور، أنه مع دخول الحرب مرحلة جديدة، ستظهر "الصورة أوضح بشأن مصير الائتلاف الحكومي الطارئ"، مشيرا إلى أن الضغوطات الأميركية للتخفيف من وتيرة العمليات والانتقال لمرحلة أقل قوة "يقرب نهاية الائتلاف"، ما لم يطرأ أي تطور سلبي على مستوى جبهة حزب الله وإسرائيل.

وتعهدت حكومة نتانياهو بتدمير القدرات العسكرية والقيادية لحماس في غزة وتحييد تهديدها للإسرائيليين متمسكة باستعادة الرهائن من خلال مواصلة الحرب والضغط العسكري على القطاع، غير أنها تواجه انتقادات، بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، لـ"عدم وضع خطط بعد الحرب وعدم تحقيق أي انفراجة في ملف الرهائن".

واندلعت الحرب التي دمرت قطاع غزة وشردت أكثر من 80 بالمئة من سكانه، إثر شن حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر أسفر عن مقتل 1140 شخصا، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية.

كذلك، اختطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا رهائن، أطلق سراح زهاء 100 منهم خلال هدنة في نهاية نوفمبر. ووفق إسرائيل، لا يزال 132 منهم في غزة، ويعتقد أن 27 منهم لقوا حتفهم.

وردا على هجوم حماس، تعهدت إسرائيل القضاء على الحركة التي تحكم غزة منذ 2007. ووفق وزارة الصحة التابعة لحماس، قتل حتى الآن في الغارات الإسرائيلية 24927 شخصا، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال، وأصيب 62108 أشخاص بجروح. 

وتتواصل تظاهرات أقارب الرهائن الإسرائيليين المختطفين في غزة منذ أسابيع، ومساء أمس الجمعة، نظموا اعتصاما أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الخاص في مدينة قيسارية الساحلية، وخيموا طوال الليل للاحتجاج على ما قالوا إنه "تقاعس الحكومة" في تأمين إطلاق سراح أحبائهم، وفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن نتانياهو، يتعرض لضغوط متزايدة ومتجددة، بشأن إعطاء الأولوية للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، وسط خلافات سياسية بهذا الشأن.

ويشدد نتانياهو ووزير الدفاع، غالانت، مرارا وتكرارا، على أن الطريقة الوحيدة لاستعادة الرهائن هي الاستمرار في ممارسة الضغط العسكري على غزة من خلال مواصلة الحرب.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، الإثنين: "إذا توقفت الحرب الآن، فإن مصير الرهائن سيكون مؤجلا لسنوات عديدة"، مضيفا: "فقط من موقع القوة يمكننا ضمان إطلاق سراحهم"، في المقابل يدعو كل من بيني غانتس و غادي آيزنكوت إلى إعادة "النظر في أهداف الحرب، وإيلاء موضوع إعادة الرهائن الإسرائيليين في غزة أهمية أكبر".

نحو "انتخابات مبكرة"؟

وفي ظل تصاعد الخلافات بين مكونات الائتلاف الإسرائيلي، تتصاعد مطالبات عدد من الأطراف السياسية والمدنية في إسرائيل بإجراء انتخابات مبكرة، غير أن نتانياهو، والأحزاب اليمينية المشكلة لائتلافه الحكومي يعارضون الخطوة.

المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآف شتيرن، يرى أن الحكومة التي يقودها نتانياهو تواجه "مشاكلا جوهرية تهدد مستقبها"، موضحا أن "الضغوط المستمرة من الحلفاء بحكومة الحرب ومن الشارع قد تدفع رئيس الوزراء للدعوة لانتخابات مبكرة".

ويضيف شتيرن في تصريح لموقع الحرة، أن احتمال الإعلان عن انتخابات مبكرة يبقى "واردا بقوة"، غير أنه يشير إلى أن الأمر كله مرتبط بالتطورات في قطاع غزة وفي الشمال على الحدود مع لبنان، والتي ستكون حاسمة بشأن استمرار أو رحيل حكومة الحرب الطارئة، ومعها مصير مستقبل الحكومة اليمينية.

ويعترف شترين، أن "الأوضاع غير مستقرة بشكل يصعب معه التكهن بالضبط بشأن ما سيحدث غدا". 

ويؤكد شتيرن أن الحكومة الحالية تواجه "مشكل غياب ثقة كبير من طرف الجمهور"، كما أن الخلافات فيما بين أعضاءه من جهة، وفيما بين وزراء مجلس الحرب من جهة ثانية، علاوة على تفاقم المشاكل الاقتصادية وضغط عائلات الرهائن "تصعّب الوضع على مستقبل حكومة نتانياهو".

وعبر نتانياهو الخميس، عن رفضه لفكرة إجراء انتخابات في خضم الحرب، التي قال إنها قد تستمر حتى عام 2025، متعهدا بـ"تحقيق النصر الكامل" على حماس.

وفيما أشار المحلل الإسرائيلي  إلى ما اعتبره "عمق المشاكل التي تواجه الحكومة"، يؤكد أنها "لن تختفي حتى لو تم حلحلة بعضها" مثل ملف الرهائن مثلا، مشيرا إلى أن "أيامها رهينة بعدد أيام الحرب ومستقبل المواجهات العسكرية"، متوقعا ألا "تصمد كثيرا". 

وفي سياق متصل، يرى المحلل السياسي، يائير كوزين، أن حكومة الطوارئ من جانبها "على وشك الانهيار"، مشيرا إلى أن "السؤال ليس ما إذا كانت الانتخابات ستجرى في العام الجاري أم لا، بل متى ستجرى فيه"، حسبما أورد في مقال على صحيفة "جيروزاليم بوست".

ويتوقع كوزين انسحاب حزب الوحدة الوطنية، الذي يقوده بيني غانتس، من حكومة الطوارئ، غير أنه يشير إلى أنه "حتى لو انهارت حكومة الطوارئ مع حزب الوحدة الوطنية، فإن كتلة نتانياهو، المكونة من 64 عضوا، ستكون قادرة على العودة إلى السلطة".

ويؤكد كوزين، أن فقط معارضة داخلية قوية في حزب الليكود يمكن أن تؤدي إلى تفكيك الحكومة اليمينية الضيقة، وتؤدي إلى انتخابات أو تشكيل حكومة بديلة مع زعيم مختلف من داخل حزب نتانياهو، والذي يمكنه الحصول على الدعم من داخل الحزب ومن أحزاب المعارضة"، غير أنه يشير إلى أن هذا السيناريو يبدو ليس مرجحا، ويتحدث الجميع تقريباً عن انتخابات.

وفيما يتعلق بالدعوات لانتخابات مبكرة، يقول غانور، إن استطلاعات الرأي "تظهر بصورة متواصلة تفوق غانتس على نتانياهو، وأيضا رغبة الإسرائيليين في إقامة انتخابات مبكرة لإعادة رسم الخريطة السياسية الإسرائيلية".

ويلفت غانور، إلى التغييرات في توجهات الناخبين بعد السابع من أكتوبر وميلهم أكثر نحو اليمين أو اليمين المتطرف، مشيرا إلى أن الائتلاف الحكومي الحالي "يأخذ هذا بعين الاعتبار، لذلك يركز نتانياهو كل اهتمامه على تحقيق مطالبات اليمين المتشدد والاستجابة لها".

ويرى غانور، أن نتانياهو "بات أسيرا لليمين المتطرف"، مؤكدا على أن تنظيم انتخابات مبكرة يعني أن الأمور "ستنفلت من أيدي الائتلاف الحالي"، حيث ينتظر أن تتصاعد مطالبات تشكيل لجان تحقيق لتحديد المسؤوليات عن التقصير الذي أدى إلى هجوم السابع من أكتوبر، مشيرا إلى أن اتهامات "التقصير لا تشمل فقط المستويين العسكري والأمن بل ستطال حتى المسؤولين السياسيين"، ولهذا تقابل الدعوات لانتخابات المبكرة بالرفض.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: السابع من أکتوبر انتخابات مبکرة رئیس الوزراء مشیرا إلى أن حکومة الحرب فی قطاع غزة الحرب فی غیر أنه غیر أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

ديفيد هيرست: إسرائيل خسرت الحرب في غزة وهي لا تعلم ذلك بعد

قال الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، إن "إسرائيل" ستخسر لا محالة الحرب في غزة، وما تم الإقرار به من انعدام جدوى الحملة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة ضد ثوار فيتنام يكاد ينعكس صورة طبق الأصل، وبشكل مكبر، في المحاولات العسكرية الإسرائيلية لمسح حماس من الخارطة.

وأوضح في مقال له بموقع "ميدل إيست آي"، ترجمته "عربي21" أن عاملين ساهما، في إنهاء الحرب في فيتنام، وأنهيا معها قرنا من النضال لتخليص البلد من الاستعمار، ألا وهما تصميم الفيتناميين على النضال وما طرأ من تغيير على الرأي العام في الولايات المتحدة.

وتابع: "نفس العاملين سوف يقودان الفلسطينيين إلى دولتهم الخاصة بهم، تصميم الفلسطينيين على البقاء والتشبث بأراضيهم حتى الموت، والرأي العام في الغرب، والذي يتحول سريعا ضد إسرائيل. راقبوا ذلك بعناية. إنه ينساب في اليمين وبات راسخا في اليسار. لم يعد يجدي نفعا وصم الانتقاد المشروع للإبادة الجماعية بأنه معاداة للسامية. لقد فات الفوت".

وفيما يلي النص الكامل للمقال:

في آخر حلقة من برنامج الألعاب التلفزيوني "البيت الأبيض على الأوبر: كيف تشتري مسبقا رئيسا للولايات المتحدة"، بدا للحظة عابرة كما لو أن المذيع يقرأ من النص الصحيح.

قال رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب حينما كان في السعودية إن التدخل الليبرالي في البلدان الأخرى كان كارثيا. وهذا صحيح. وقال إنه لا يمكنك تفكيك الأمم وإعادة بنائها. وتشهد على ذلك تجارب كل من روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي، وأفغانستان، والعراق، وليبيا، واليمن.

ها هو قد توقف عن قصف اليمن وأنهى عقدين من العقوبات على سوريا، قاطعا بذلك اثنين من الطرق الأساسية التي تنتهجها إسرائيل للهيمنة على المنطقة: تقسيم سوريا وإشعال حرب مع إيران.

وأقول "للحظة عابرة" لأن ما يعد به رئيس الولايات المتحدة وما ينجزه شيئان مختلفان تماما، وذلك بالنظر إلى أن إيران وجدت نفسها في مثل هذا الوضع مرات عديدة من قبل أثناء المفاوضات على برنامجها النووي.

كان من بين الذين صدمهم إعلان ترامب وقف العقوبات على سوريا مسؤولو الخزينة الأمريكية في إدارته. فقد تبين أنه ليس من اليسير وقف العقوبات متعددة الطبقات التي تراكمت على سوريا منذ أن قامت الولايات المتحدة بادئ ذي بدء بوضع البلد على قائمة الدول الداعمة للإرهاب في عام 1979، كما أن مثل هذا الإجراء لن يكون سريعا ولا شاملا.

فهناك قانون قيصر للحماية المدنية في سوريا، والذي لابد أن يبطله الكونغرس بنفسه، رغم أن بإمكان ترامب تعليق بعض أجزاء منه لأسباب تتعلق بالأمن القومي. أما العقوبات نفسها، والتي هي عبارة عن خليط من الأوامر التنفيذية والمراسيم، فسوف يستغرق رفعها شهورا، وثمة مجال لمحطات يتم فيها فرملة إجراءات الرفع.

هذه الحلقة بالذات من المسلسل كلفت رعاته، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، كميات مهولة من المال، ما يزيد عن 3 تريليون، ومازال العد مستمرا، وهي مبالغ مرتفعة حتى بمعايير الخليج نفسه.

مهمة فتاكة

كان هناك 600 مليار دولار من المملكة العربية السعودية، وما قيمته 1.2 تريليون دولار من الصفقات مع قطر، وطائرة خاصة من طراز بوينغ 747 لاستخدام كرئيس، وبرج لابن ترامب إريك في دبي، وأكثر من ذلك بكثير، بما في ذلك صفقات عملة رقمية مع الشركة التي تملكها عائلة ترامب واسمها وورلد ليبرتي فاينانشال.

كان أكثر العرب ثراء يتنافسون مع بعضهم البعض لتقديم قرابين الولاء والطاعة عند أقدام آخر ملوك واشنطن.

بينما كان يتم هذا الاستعراض للثروات في الرياض والدوحة، كانت إسرائيل تحتفل بالذكرى السنوية لنكبة عام 1948 بقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في غزة.

كان يوم الأربعاء واحدا من أكثر الأيام دموية في غزة منذ أن تخلت إسرائيل من طرف واحد عن وقف إطلاق النار. قتل ما يقرب من مائة شخص. أسقطت القنابل المخترقة للتحصينات بالقرب من المستشفى الأوروبي في خان يونس، في ضربة قيل إنها استهدفت محمد السنوار، زعيم حماس الفعلي في غزة. ولكن لم تتأكد أخبار وفاته.

كما حدث في عملية اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران، كانت إسرائيل تستهدف أحد أهم المفاوضين في الوقت الذي كانت تتظاهر فيه بالتفاوض.

علمت من مصادري أنه مباشرة قبل استئناف إسرائيل لهجماتها في الثامن عشر من مارس (آذار)، قبلت قيادة حماس السياسية في الخارج بصفقة مع الأمريكان كان يمكن أن تفضي إلى إطلاق المزيد من الرهائن مقابل تمديد وقف إطلاق النار – ولكن بدون ضمانة بإنهاء الحرب. إلا أن السنوار رفضها، وبناء على ذلك لم تمض قدما.

فيما لو كان السنوار قد مات، لسوف تستغرق إعادة ترتيب اتصالات آمنة داخل حماس مع أحد الرجال الذين قد يحلون محله وقتا.

تشكل محاولة اغتياله، أو قتله لو حصل ذلك، دليلا – لو كان ثمة حاجة إلى دليل – على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليست لديه النية لإعادة بقية الرهائن أحياء. تحتاج صفقة الرهائن إلى أن تتمكن قوات حماس من استعادة القيادة والسيطرة. أما حرب العصابات فلا تحتاج إلى شيء من ذلك.

لقد باتت مهمة نتنياهو في غزة واضحة تماما، والتي هي ممارسة التجويع والقصف حتى يتسنى له إخراج أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة من القطاع. بل بلغ جلاء ذلك حدا لم يعد باستطاعة ما يسمى المجتمع الدولي تجاهله.



في حديثه أمام مجلس الأمن الدولي، قال نائب أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر: "من أجل أولئك الذين قتلوا ومن أجل أولئك الذين أسكتت أصواتهم: أي دليل أكبر تحتاجونه الآن؟ هل ستتصرفون بحزم لمنع الإبادة الجماعية ولضمان احترام القانون الإنساني الدولي؟"

أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فوصف سياسة إسرائيل في غزة بالمخزية، بينما أطلق رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز على إسرائيل لقب "دولة الإبادة الجماعية"، وذلك أثناء حديثه في البرلمان، الذي أشار فيه إلى أن مدريد "لا تمارس التجارة والأعمال" مع هكذا بلد.

غدر هائل

ولكن لم تخرج من شفتي محمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي في المملكة العربية السعودية، في حديثه مع ترامب كلمة واحدة تعبر عن التنديد بسلوك إسرائيل في غزة، ولا من شفتي رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد ولا من شفتي أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.

جسد الحدث الذي شهده الخليج غدرا هائلا بحق الفلسطينيين، الذين يعلمون جيدا أن لدى الحكام العرب سجلا مشهودا بالتخلي عنهم.

في الماضي، كانوا ينتظرون بضعة شهور أو بضع سنين بعد كل هزيمة عسكرية حتى يفعلوا ذلك. استغرق الزعماء العرب وقتا بعد حرب 1967 لكي يتحدثوا عن حل سلمي للضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين. أما اليوم فإنهم يتخلون عن الأبطال الحقيقيين في العالم العربي، الذين يتعرضون للتجويع والقصف حتى الموت.

تم إضعاف كل من حماس وحزب الله بشدة، مع أنني أشك في كون الضربات التي تلقوها كانت قاضية. مازالت حماس تقاتل في الميدان، كما يتضح من أعداد الوفيات بين الجنود الإسرائيليين، والذين لا تعلن إسرائيل عنهم بشكل كامل. لم يتخل حارس واحد عن الرهائن الذين وكل بهم من أجل النجاة بنفسه وإنقاذ حياته.

لم تهزم روح المقاومة في غزة. بل في واقع الأمر باتت أوجه التشابه أكبر، وبشكل متزايد، مع الهزائم التاريخية الأخرى التي منيت بها قوات الاستعمار، سواء الفرنسية أو الأمريكية.

لا يمكن، من ناحية، المقارنة بين غزة والحرب الفيتنامية. فالقوة التي تستخدمها إسرائيل اليوم في غزة تتضاءل أمامها القوة التي استخدمها جون إف كندي وليندون بي جونسون وريتشارد نيكسون، الرؤساء الأمريكيون الثلاثة الذين كانت فيتنام لعنة على فترات حكمهم.

على مدى ثمان سنين، أسقطت الولايات المتحدة أكثر من خمسة ملايين طن من القنابل على فيتنام، مما أحالها إلى المكان الأكثر تعرضا للقصف في العالم. بحلول يناير (كانون الثاني) من هذا العام، كانت إسرائيل قد أسقطت ما لا يقل عن ألف طن من القنابل على غزة.

بمعنى آخر، أسقطت الولايات المتحدة ما يقرب من 15 طنا من المتفجرات على كل كيلومتر مربع في فيتنام، بينما أسقطت إسرائيل 275 طنا على كل كيلومتر مربع في غزة – أي ما يقرب من ثمانية عشر ضعفا.

إضافة إلى ذلك، هناك أوجه أخرى للمقارنة تضربك بين عينيك حول الحرب، التي مازالت تصم الولايات المتحدة وتشوه سمعتها حتى اليوم، والحرب الحالية في غزة، والتي ينوي نتنياهو تعميقها من خلال سعيه لاحتلال القطاع بشكل دائم.

عود على بدء

لا يملك من يراقبون الحرب من أبناء الجيل الحالي إلا أن يشعروا بأن الأمر يتكرر من جديد، وخاصة وهم يشاهدون بألم بالغ التفاصيل الكاملة للصراع في المسلسل القصير الجديد بعنوان: "نقطة التحول: الحرب الفيتنامية".

ما تم الإقرار به من انعدام جدوى الحملة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة ضد ثوار فيتنام يكاد ينعكس صورة طبق الأصل، وبشكل مكبر، في المحاولات العسكرية الإسرائيلية لمسح حماس من الخارطة.

بينما كانت الولايات المتحدة توسع من ضلوعها في الحرب الفيتنامية، واضطرت واشنطن إلى التخلي عن الادعاء بأن ما يزيد عن 16000 جندي وطيار كانوا "يقدمون النصح" لجيش فيتنام الجنوبية، غدا جليا لواشنطن وسايغون أنه لا مفر أمامهما من إخراج الثوار الفيتناميين من الأرياف وتمكين الحكومة من استعادة السيطرة على ما يقرب من 12 ألف قرية.

لربما لم يوجد ما يحرض القرويين في جنوب فيتنام ويقلبهم ضد الولايات المتحدة وضد حكومتهم أكثر وأسرع من "برنامج القرى الاستراتيجي".

كانت تلك عبارة عن مستوطنات محصنة أجبر القرويون الذين أخرجتهم القوات الأمريكية من أراضي آبائهم وأجدادهم على الاستقرار فيها. بلغة ذلك الزمان، كان يفترض أن يبدأ هؤلاء القرويون حياة جديدة بعد تطهير الأرض من الشيوعيين.

وكما عبر عن ذلك توماس باس، مؤلف كتاب "فيتنامريكا: الحرب تأتي إلى الوطن": "لديك كل تلك المناطق بأسرها التي يعلن عن أنها نطاق مفتوح للهجوم."

يرتبط بذلك بشكل وثيق افتراض آخر لبرنامج "التدجين" الذي كانت تطبقه الولايات المتحدة، ولعله هو والد ما يطلق عليه اليوم "مكافحة التمرد". ولد ذلك من رحم المشاكل التي كان يواجهها الجنود الأمريكيون في التمييز بين المدنيين والمحاربين. فكان الحل يكمن في معاملة أي شخص فيتنامي يتواجد داخل ما أطلق عليه اسم "منطقة النار الحرة" باعتباره عدوا، فتفتح عليه النار بدون العودة إلى المراتب العليا من القيادة.

قال جندي سابق في البحرية الأمريكية: "كان يقال لنا إن جميع الفيتناميين لديهم حرية المغادرة وأن جميع الفيتناميين الذين يبقون يصبحون جزءا من البنية التحتية للثوار الفيتناميين. فما عليك سوى أن تتصيد الناس وتقتلهم، وبإمكانك أن تقتلهم بالأسلوب الذي يحلو لك."

كان يُتوقع من القادة الميدانيين المجيء بإحصاء مرتفع لأعداد الجثث. جميع أولئك الذين يقتلون، بما في ذلك النساء والأطفال، كانوا يعاملون باعتبارهم شيوعيين أموات. وعن ذلك يقول محارب قديم شارك في فيتنام: "قيل لي إننا إذا قتلنا عشرة فيتناميين مقابل كل أمريكي، فإننا سوف ننتصر."

كان القرويون يُجوّعون في المعسكرات الخالية من الثوار الفيتناميين لأنهم لم يعودوا قادرين على الوصول إلى حقول الأرز التي يملكونها. إلا أن الهدف الرئيس لم يكن إطعامهم وإنما إخلاء الريف منهم. وكانت النتيجة هي هرب هؤلاء القرويين، مما أتاح المجال أمام الثوار الفيتناميين الاقتراب أكثر فأكثر من المدن.

عند نقطة معينة، كان 70 بالمائة من القرويين الذين تطوعوا للانضمام إلى الثوار الفيتناميين من النساء. وكما ورد على لسان تران تي ين نغوك من جبهة التحرير الوطنية: "كانوا يطلقون علينا اسم فيتكونغ، ولكننا كنا جيش التحرير. كنا جميعا من الرفاق، وكنا نرى في أنفسنا عائلة واحدة. كلما سقط واحد منا تقدم ليحل محله ما بين خمسة وسبعة آخرين.

فوضى عارمة

هناك وجهان آخران للشبه بين اليوم وما كان يجري في عام 1968: الاحتجاجات وما تواجه به من مستويات مريعة من القمع داخل الجامعات في أرجاء الولايات المتحدة، ومدى ما تذهب إليه القوات الأمريكية والإسرائيلية من أجل نزع الإنسانية عن أعدائهم قبل أن يرتكبوا بحقهم الفظائع.

بعد مذبحة ماي لاي في عام 1968، والتي قُتل فيها ما يقرب من 500 من المدنيين الأبرياء العزل خلال بضع ساعات فقط، قال القائد العسكري الأمريكي الجنرال ويليام ويستمورلاند إن الحياة رخيصة بالنسبة للفيتناميين، وأضاف: "إن الإنسان الشرقي لا يضع نفس الثمن المرتفع على الحياة كما يفعل الإنسان الغربي."

يذهب القادة الإسرائيليون إلى أبعد مما ذهب إليه الجنرال ويستمورلاند، إذ يطلقون على الفلسطينيين صفة "الحيوانات البشرية."

بالفعل، يبدو كل هذا التاريخ من عقود مضت كما لو كان يتكرر في هذا اليوم في غزة وفي الضفة الغربية المحتلة.



في مقابلة أجريت معه يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فقط بعد مضي بضعة أسابيع على اندلاع الحرب، قال غيورا إيلاند، وهو جنرال احتياط متقاعد، إنه يجب على إسرائيل عدم السماح بدخول المساعدات إلى المنطقة، وأضاف: "سوف يكون خطأ جسيما السماح باستمرار دخول المساعدات إلى غزة، والتي ينبغي أن تدمر عن بكرة أبيها: فوضى عارمة، وأزمة إنسانية حادة، وصرخات تتوجه نحو السماء."

فيما بعد حاول تبرير ذلك على النحو التالي: "سوف يتم تجويع كل من في غزة، وعندما تجوع غزة، حينها سوف يسخط مئات الآلاف من الفلسطينيين ويمتعضون. والناس الجوعى هم الذي سوف ينقلبون على يحيى السنوار، وهذا هو الأمر الوحيد الذي يشغل باله."

لم يحدث شيء من ذلك، ومع ذلك أصبح ما صرح به الجنرال إيلاند يعرف باسم "خطة الجنرالات"، والتي طبقت بادئ ذي بدء في شمال غزة، حيث بقي هناك ما يقرب من 400 ألف فلسطيني.

فشلت خطة تفريغ شمال غزة، وذلك حينما تدفق مئات الآلاف من الناس عائدين إلى بيوتهم خلال فترة وقف إطلاق النار، وذلك على الرغم من أنه لم يبق لهم شيء يعودون إليه.

تذكرة سفر في اتجاه واحد

إلا أن التجويع والإخلاء ابتعثا من جديد في العملية العسكرية الحالية التي تنفذها إسرائيل، والتي أطلقوا عليها اسم "عربات جدعون". تقضي الخطة، فيما أطلق عليه نتنياهو مرارا وتكرارا "المرحلة الأخيرة" من الحرب، بإجبار ما يزيد عن مليوني فلسطيني على التوجه نحو "منطقة عقيمة" حول رفح.

عربات

سوف يسمح للفلسطينيين بالدخول فقط بعد أن يخضعوا للفحص والتدقيق من قبل قوات الأمن. وسيكون ذلك بمثابة تذكرة سفر في اتجاه واحد: لن يكونوا بتاتا قادرين على العودة إلى منازلهم، والتي سوف يتم هدمها بشكل كامل.

أورد موقع واي نيت ما يلي: "سوف يقوم الجيش الإسرائيلي، بالتعاون مع الشين بيت (وكالة الأمن المحلية في إسرائيل) بإقامة نقاط تفتيش على الطرق الرئيسية المؤدية إلى المناطق التي سوف يجمع داخلها المدنيون من غزة في منطقة رفح."

قال نتنياهو يوم الثلاثاء إنه قد يقبل بوقف إطلاق نار مؤقت في غزة، ولكنه لن يلتزم بإنهاء الحرب التي يشنها على القطاع الفلسطيني.

ما فعلته فيتنام بالرئيسين جونسون ونيكسون، سوف تفعله غزة بنتنياهو وبمن سيخلفه في منصب رئيس الوزراء، والمحتمل أن يكون نفتالي بينيت. وذلك أن نتنياهو مريض بالسرطان، وبلغ به المرض حدا قد لا يتم الإفصاح عنه، بحسب مصادر بريطانية تلتقي به بانتظام.

ساهم عاملان في إنهاء الحرب في فيتنام، وأنهيا معها قرنا من النضال لتخليص البلد من الاستعمار، ألا وهما تصميم الفيتناميين على النضال وما طرأ من تغيير على الرأي العام في الولايات المتحدة.

نفس العاملين سوف يقودان الفلسطينيين إلى دولتهم الخاصة بهم: تصميم الفلسطينيين على البقاء والتشبث بأراضيهم حتى الموت، والرأي العام في الغرب، والذي يتحول سريعا ضد إسرائيل. راقبوا ذلك بعناية. إنه ينساب في اليمين وبات راسخا في اليسار. لم يعد يجدي نفعا وصم الانتقاد المشروع للإبادة الجماعية بأنه معاداة للسامية. لقد فات الفوت.

تدور رحى تلك الحرب في فلسطين وفي قلوب وعقول أهل الغرب – الذي منه انطلق المشروع الصهيوني وعليه يعتمد بشكل تام.

قد تكسب إسرائيل كل معركة، كما فعل الأمريكيون في فيتنام، ولكنها سوف تخسر الحرب لا محالة.

مقالات مشابهة

  • الأمين العام للأمم المتحدة: يجب إطلاق سراح الرهائن ووقف الحرب الدائر في غزة
  • ديفيد هيرست: إسرائيل خسرت الحرب في غزة وهي لا تعلم ذلك بعد
  • رئيس وزراء فلسطين: لا حرج في الإصلاح السياسي للسلطة.. والانتخابات بعد انتهاء الحرب
  • إسرائيل تهدد عبد الملك الحوثي بمصير نصر الله والسنوار
  • ويتكوف: أغلب الإسرائيليين يؤيد صفقة الرهائن مقابل وقف الحرب
  • تصاعد الجدل داخل إسرائيل حول غزة: بين إعادة الاحتلال وإنهاء العمليات العسكرية
  • غزة.. تفاصيل مفاوضات "الفرصة الأخيرة" تزامنا مع زيارة ترامب
  • تصاعد كبير في رفض جنود الاحتياط العودة إلى القتال في غزة
  • مئات الجنود يرفضون العودة للقتال في غزة
  • القاهرة الإخبارية تكشف مستقبل الناتو في ظل الخلافات والدور الأمريكي فيه