#سواليف

أفرزت الحرب على غزة طبقات متعددة للخلافات داخل المجتمع الإسرائيلي لا تتوقف عند التعارض بين اليسار واليمين أو المعارضة والحكومة، بل تعدته إلى أشكال أكثر عمقا ووضوحا، وبدا أن الشرخ المجتمعي والسياسي يطول بشكل أفقي وعمودي، ليصل الاختلاف إلى ما كان يشبه المسلّمات بشأن قيمة الأرض والإنسان الإسرائيلي.

حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد 4 أيام فقط من عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن يلم شعث المجتمع الإسرائيلي، وأن يصهره في بوتقة واحدة تتوجه بكليتها نحو تحقيق أهداف الحرب.

أطلق نتنياهو صرخته التي قال فيها إن “إسرائيل تخوض حربا وجودية”، مشددا على الوحدة والترفع عن الخلافات الداخلية، ومعلنا أن القضاء المبرم على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وشل قدراتها العسكرية وإعادة المختطفين، هو ما يجب أن تجتمع عليه إسرائيل.

مقالات ذات صلة الفريق العدوان يكتب .. هل أمين عمان يعيش في كوكبنا الأرضي ؟ 2024/01/21

وبالفعل فقد أعلن علن تشكيل مجلس حرب يضم إلى جانبه وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس حزب معسكر الدولة المعارض بيني غانتس، إضافة إلى اللفتنانت كولونيل (احتياط) غادي آيزنكوت والوزير رون ديرمر بوصفهما مراقبين.

لكن هذه الوحدة المتكلفة المصطنعة، وفق كثير من المحللين ما لبثت أن تصدعت أركانها مع استمرار العدوان على غزة، والفشل في تحقيق أهداف الحرب المعلنة في القضاء على حماس.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك فقط، بل تواصل إسرائيل تكبد خسائر جسيمة غير مسبوقة على المستويات السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية كافة، وزاد على ذلك وقوفها في قفص الاتهام أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بعد الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا باتهامها بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية خلال العدوان على قطاع غزة.

وظهرت هذه الخلافات جلية في عدة مواقف، منها:

قال غادي آيزنكوت إن على باقي الأعضاء التوقف عن الكذب على أنفسهم، مطالبا بإظهار الشجاعة للتوصل إلى صفقة كبيرة تعيد المختطفين، بدل الاستمرار في القتال بشكل أعمى.
بعد 100 يوم يظهر الوزير بحكومة الحرب بيني غانتس في مظاهرة حاشدة بتل أبيب تهاجم تعاطي الحكومة مع ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة.
منع نتنياهو مدير مكتب وزير دفاعه غالانت من حضور جلسة الكابينت يوم الجمعة الماضي، مما أغضب غالانت الذي اتهم نتنياهو بالتشويش على عمله، وانسحب من الجلسة لمدة ساعة قبل أن يعود لاحقا.
وقع اشتباك كلامي بين وزير الدفاع غالانت ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
السخرية اللاذعة من قبل وزيرة المواصلات ميري ريغيف من غالانت، عند دخوله لحضور جلسة للحكومة.
مؤخرا كشف موقع “والا” الإسرائيلي عن أن وزير الدفاع حاول اقتحام مكتب رئيس الوزراء، وكادت الأوضاع تتدهور نحو شجار بالأيدي.
كما هدد غالانت وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر بإحضار لواء غولاني للسيطرة على الوضع في مجلس الحرب.
حسب موقع “والا”، فإن طاقم نتنياهو رصد طاقم غالانت في أثناء تسجيله مجريات الاجتماعات الأمنية على شريط صوتي.
وترجع الخلافات في الحكومة الإسرائيلية إلى ما يلي:

1- محاولة نتنياهو التنصل من المسؤولية عن الإخفاق الأمني
بدا إعلان الحرب على غزة كأهم دافع للوحدة في إسرائيل ولو ظاهريا، لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر، وأعادت طريقة استمرار الحرب الخلافات والصراعات الداخلية إلى الواجهة من جديد، وعمّقت الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي.

أطلقت تغريدة لنتنياهو شرارة الاختلافات مع بداية العملية البرية في غزة، إذ حاول فيها التنصل من مسؤوليته عن إخفاق السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بل أراد أن يلصق الأمر بالقيادة العسكرية والأمنية، إذ قال حينها في تغريدته -التي نشرها ليلا ثم حذفها لاحقا- إنه لم يتم تحذيره تحت أي ظرف من الظروف، وفي أي مرحلة “بشأن وجود نية حرب من جانب حماس”.

وأضاف “على العكس من ذلك، قدّر جميع المسؤولين الأمنيين، بمن فيهم رئيس مجلس الأمن (القومي) ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، أن حماس ارتدعت ومعنية بالتسوية”.

واضطر نتنياهو صباح اليوم التالي لحذف التغريدة، وقال “لقد أخطأت، وما كان ينبغي أن أقول ما قلت، وأعتذر عنه”، مؤكدا دعمه لجميع رؤساء الأذرع الأمنية.

2- الصراعات الشخصية بين نتنياهو وغالانت
تفاقمت الخلافات بين الجانبين، عندما منع نتنياهو غالانت من الاجتماع مع رئيسَي جهازَي الاستخبارات “الموساد” والأمن الداخلي “الشاباك”، التابعَين رسميًا لرئيس الحكومة.

ولم تكن الخلافات بين نتنياهو ووزير الدفاع غالانت خافية على أحد، فالتوتر الدائم في جلسات مجلس الحرب، هو مجرد تعبير واحد عن التوتر الحاد بينهما، والذي يعود إلى ما قبل الحرب. ومن ذلك:

تعمد نتنياهو الحد من صلاحيات غالانت وتقويض نفوذه داخل حزب الليكود والمشهد الحزبي الإسرائيلي.
وزع نتنياهو صلاحيات وزارة الأمن على الشركاء في الائتلاف الحكومي تحالف “الصهيونية الدينية” برئاسة بتسلئيل سموتريتش بتعيينه وزيرا في وزارة الأمن إلى جانب غالانت.
جرد نتنياهو غالانت من صلاحيات ومسؤوليته عما يعرف بـ”منسق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية” و”الإدارة المدنية”، وحولها إلى سموتريتش.
نقل المسؤولية عن فرق “حرس الحدود” في الضفة الغربية والقدس من غالانت إلى رئيس “عظمة يهودية” برئاسة إيتمار بن غفير الذي عين بمنصب وزير الأمن القومي الإسرائيلي.
قام نتنياهو بإقالة غالانت من منصبه في مارس/أذار 2023، وذلك بسبب موقف غالانت الداعم للاحتجاجات المناهضة للتعديلات على الجهاز القضائي.
ووفقا لمحللين سياسيين، يسود اعتقاد واسع بأن نتنياهو يدير هذه الحرب بدوافع سياسية شخصية، ولا يتهمه خصومه بالإخفاق فقط في تحقيق أي من أهدافها، بل بالوقوع -أيضا- رهينة لوزراء اليمين المتطرف الذين يشتري بقاءهم بجواره بأي ثمن، حتى لا تنهار الحكومة التي تشير استطلاعات رأي إلى تراجع شعبيتها.

3- خلافات اليسار واليمين
تختلف مفاهيم اليمين واليسار الإسرائيلية عنها في العالم، حيث إن من يذهب في إطار الدولة الواحدة يكون يمينيا، فيما يحسب مؤيدو حل الدولتين على اليسار.

ويوضح الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن الاختلافات بينهما تبقى ضمن “إطار الصهيونية”، مما يعني أن التمييز بين اليمين واليسار خلال السنوات الاخيرة أصبح من خلال مفهوم الصهيونية، فاليمين يريدها متشددة ومتدينة ومتزمتة ويهودية، في حين يريدها اليسار صهيونية ليبرالية ديمقراطية متعددة.

وأضاف جبارين أن الحرب على غزة أفرزت طبقة أخرى من طبقات الاختلاف بين عنصري الصهيونية، حيث يقدس اليسار الإنسان، ويريدون إنهاء هذه الحرب وإعادة الأسرى وخفض الثمن البشري الذي تدفعه دولة الاحتلال، في حين يقدس اليمين الصهيوني الأرض، ويسعى لإثبات أيديولوجيته الاستيطانية التي تقمع الفلسطينيين بالقتل والتهجير.

4- تشكيل لجنة تحقيق في إخفاقات المؤسسة العسكرية
قرر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي تشكيل لجنة تحقيق للنظر في سلسلة الإخفاقات العسكرية والاستخبارية عشية السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وكذلك في سير العمليات العسكرية في الحرب على غزة.

شكّل هاليفي لجنة تحقيق مكوّنة من قادة عسكريين سابقين، برئاسة وزير الأمن رئيس أركان الجيش الأسبق شاؤول موفاز، لكنه لم ينسق بخصوص تشكيل هذه اللجنة مع نتنياهو وغالانت.

أثار تشكيل اللجنة سخط نتنياهو وأنصاره الذين انتقدوا هاليفي بشدة في أثناء اجتماع الكابينت السياسي الأمني بحضور رئيس الوزراء الذي لم يتدخل، في حين تدخل غالانت للدفاع عن هاليفي.

يدرك نتنياهو جيدًا مخاطر تشكيل لجنة تحقيق رسمية على مستقبله السياسي، فمن المرجّح أن اللجنة تحمّله هو وقادة المؤسسة العسكرية والأمنية مسؤولية الفشل الأمني وتدعو إلى إقالتهم.

ويعود سخط نتنياهو وأنصاره من تشكيل هذه اللجنة إلى سببين رئيسين:

الأول: تركيبة اللجنة التي يرأسها موفاز المعروف بمعارضته الشديدة لنتنياهو.
الثاني: معارضة نتنياهو وأنصاره تشكيل لجان تحقيق في التقصير والإخفاق، لأن ذلك من شأنه تعزيز المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية قبل انتهاء الحرب على قطاع غزة.
5- السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب
يعارض نتنياهو وائتلافه الحكومي الذي يستند إلى 64 عضوًا من أعضاء الكنيست بشدة رؤية الإدارة الأميركية لقطاع غزة في اليوم التالي للحرب، التي تدعو إلى:

انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع بعد تحقيق أهداف الحرب.
إعادة السلطة الفلسطينية “المجددة” إليه.
تأكيد الوحدة السياسية بين الضفة الغربية وقطاع غزة في سياق رؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية فيهما.
فرض إجراءات تتعلق بدخول المساعدات ومشاريع إعادة الإعمار.
في المقابل، تتساوق رؤية غالانت لليوم التالي للحرب مع الإدارة الأميركية، وصدرت عنه تصريحات مؤخرا قال فيها “إن وجود سلطة فلسطينية قوية هو مصلحة أمنية إسرائيلية، وحذر من انفجار الأوضاع في الضفة جراء منع دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل واستمرار منع تحويل أموال المقاصة الفلسطينية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول”.

6- نتنياهو والتماهي مع رغبات اليمين المتطرف
يُولي نتنياهو أهمية قصوى للحفاظ على ائتلافه الحكومي اليميني المتطرف أطول مدة ممكنة بعد انتهاء الحرب، لذا فهو يحرص على مراعاة مواقف الحزبَين في حكومته المتطرفة، وخصوصا بن غفير وسموتريتش.

وهو يدرك أن انضمام حزب “المعسكر الوطني” بقيادة غانتس إلى حكومة الطوارئ، التي أعلن عن تشكيلها بعد بدء الحرب على غزة، هو أمر مؤقت، كما أعلن ذلك غانتس نفسه، وأنه لا توجد إمكانية لبقائه في الحكومة بعد انتهاء الحرب.

ويتماهى نتنياهو بمواقفه مع اليمين المتطرف، ومن المتوقع أن يبذل جهده لإبعاد شبح انتخابات الكنيست أطول فترة، كما يركز على حشد قطاعات واسعة من اليمين واليمين المتطرف، على حساب ائتلافه الحكومي.

ويرى نتنياهو أن هذه القضايا تساعده في استعادة شعبيته وشعبية حزبه الانتخابية، وهي:

التمسك بهدف القضاء على حماس وعلى حكمها في قطاع غزة.
التشديد على عدم التراجع عن هذا الهدف مهما طالت الحرب.
استمرار السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة.
عدم السماح بعودة السلطة الفلسطينية، سواء بقيادتها وتركيبتها الحاليتين، أو بقيادة وتركيبة مجددتين، وفق طلب الإدارة الأميركية، إلى قطاع غزة.
الحفاظ على الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة مهما كانت طبيعة السلطة وتركيبتها في كلٍ منهما.
رفض إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
استمرار دعوة حزبه ومعسكره إلى تهجير الفلسطينيين.
استمرار البطش بالفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، وتعزيز الاستيطان فيهما.
مآلات الحرب
تدفع الخلافات والمنافسة المستمرة في صفوف القيادات الإسرائيلية، خاصة بين نتنياهو وغالانت وهاليفي والوزير في كابينت الحرب بيني غانتس، في اتجاه استمرار الحرب.

ولا يرغب أي من هؤلاء -في ضوء الصراع والمنافسة بينهم- في أن يكون أول من يطرح التساؤلات عن صعوبة تحقيق أهداف الحرب والأثمان التي يجب دفعها؛ وهذا يعني أن الحرب مستمرة مع انتقالها إلى المرحلة الثالثة.

ولم تظهر حتى الآن في إسرائيل أيّ قوة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية ذات شأن تخرج عن هذا الإجماع وتدعو إلى وقف الحرب. في حين ظلت أصوات عائلات المحتجزين الإسرائيليين وأنصارهم التي طالبت بوقف الحرب ضعيفة ومحدودة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف السابع من أکتوبر تشرین الأول تحقیق أهداف الحرب تشکیل لجنة تحقیق الیمین المتطرف الضفة الغربیة الحرب على غزة وزیر الدفاع غالانت من فی الضفة قطاع غزة فی حین

إقرأ أيضاً:

الحرب التي أجهزت على السلام كله

لا بد أن يكون أحدكم قد جاوز الأربعين كثيرًا لتكون لديه ذكرى مباشرة لما جرى في تسعينيات القرن الماضي إذ ظن الفلسطينيون والإسرائيليون أنهم توصلوا إلى طريقة ينهون بها قرن الصراع فيما بينهم، كان طائف الأمل الذي طاف بهم عابرا، وأبعد ما يكون عن العمومية، لكنه كان حقيقيًا. لقد طواه النسيان الآن، وبات أقرب إلى أن يعد خدعة، ووهمًا مخاتلًا. والآن، وقد مر أكثر من عام ونصف العام على الحرب الأكثر دموية فيما يزيد على قرن من الصراع بين العرب واليهود، يصعب أكثر من ذي قبل أن نشاهد الصور المريعة الواردة من غزة، ويصعب ذلك حتى على من يكسبون لقمة عيشهم من هذا، ومن يؤثرون لو كانوا حاضرين شخصيًا لولا أن إسرائيل أغلقت المنطقة وحظرت دخول الصحفيين الأجانب ضمن كثيرين حظرت دخولهم.

وفي الطريق طوفان أعتى من الرعب، إذ تستعد إسرائيل الآن لهجمة يتعهد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بأن تكون «دخولا كثيفا إلى غزة». ونعلم نحن العاملين في مهنة الأخبار أن عالمنا المضطرب يمدنا بكثير من الأحداث الأليمة فلا يبقى لبعضنا من سبيل إلى التكيف معها إلا بالإمساك عن النظر.في بعض الأحيان يتراءى لي بصيص ذكرى مهتزة لزمن رأينا فيه شيئا من الأمل، يثيره اسم أو وجه على طريق في غزة ينتهي بحواجز خرسانية ونقاط تفتيش أغلقتها إسرائيل خلال الشهرين الماضيين في وجه شتى أشكال الإغاثة.

قال توم فليشر - وهو الدبلوماسي البريطاني السابق وكبير مسؤولي الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة: إن الإسرائيليين «صادقون صدقا مثيرا» إذ يقولون إن الغاية من تجديدهم الحصار هو الضغط على حماس، ولا بد كما أكد فليتشر من إطلاق سراح بقية الرهائن، ولكن «محاصرة الإغاثة قتل» وانتهاك من إسرائيل للقانون الدولي تنزل به «عقابا جماعيا وقاسيا».

يستحيل في ظل ما أصبحت عليه الأمور أن نرى سبيلا يسوق به الفلسطينيون والإسرائيليون أنفسهم، أو يساقون من خلاله، إلى حيث يمكن أن يحاولوا الوصول إلى السلام من جديد. وها هو جيل آخر تسحقه الحرب. في عام 1993، حين كان لدينا أمل، تحققت لحظة الذروة في بداية العملية، لأن النهاية كانت فشلا ودما مراقا، إذ استحال الصيف خريفا في واشنطن، وتصافح الأعداء القدامى في وضح النهار داخل حديقة البيت الأبيض. وتيسر ذلك إثر مفاوضات سرية بدأت عند انصرام ذلك العام في أوسلو، فجرت في أول الأمر بين أبي علاء من منظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا لرئيسها ياسر عرفات، وأستاذين جامعيين إسرائيليين كانا يرفعان تقاريرهما إلى يوسي بيلين نائب وزير الخارجية في بلدهما.

كان لزامًا أن تكون لقاءات أوسلو سرية، إذ أراد كلا الطرفين اجتناب المخاطرة السياسية إلى أن يتحقق ما يستحق الإعلان. كان البرلمان الإسرائيلي قد أزال للتو قانونا يحظر على المواطنين الاتصال بمنظمة التحرير الفلسطينية، لكن الحكومة كانت لا تزال على المستوى الرسمي تعارض أي مفاوضات مباشرة مع منظمة يقودها عرفات الذي كانت تعده إسرائيل إرهابيًا لا أمل في إصلاحه. وقد شهد النرويجيون الذين جمعوا بين مفاوضي أوسلو في منزل ريفي منعزل بمدى صعوبة الوصول بهم إلى اتفاق.

إذ قالت الدبلوماسية النرويجية مونا جول: إن «عملهم معًا على مدار الساعة كان مشحونا بالعواطف للغاية، فقد تسمع في جنح الليل صيحة قائل -لا أمل. لا يمكنني البقاء هنا بعد الآن-». ولو أن الأمر بلغ ذلك القدر من المشقة على أولئك الملتزمين بالتفاوض لإنتاج اتفاقية محدودة -هي محض إطار لمزيد من المحادثات التي قد تفضي إلى اتفاقية سلام- فتخيلوا أي مدى يبلغه ارتفاع الجبل الآن.

لذلك كان لافتًا للغاية، ومباغتًا للغاية، أن نرى في الثالث عشر من سبتمبر سنة 1993 وجه الرئيس الأمريكي الطازج بيل كلينتون إذ يفتح ذراعيه وكأنه ابن أخ طيب بينما يصافح ياسر عرفات رئيس وزراء إسرائيل إسحاق رابين. كانت عيوب الاتفاقية بادية للعيان منذ البداية. فقد كان الإسرائيليون -المؤمنون بأن الأراضي المحتلة منحة من الرب لليهود- يعارضون مفهوم مبادلة الأرض في مقابل السلام.

كما استقال الشاعر الفلسطيني محمود درويش من منظمة التحرير الفلسطينية احتجاجًا وكتب قصيدة وصف فيها مراسم البيت الأبيض بـ«الشريط السينمائي الملوَّن». وانتهى إلى أن المقاومة لا بد أن تستمر. ولكن العالم شهد أعداء أشد لددا يحاولون كسر لعنة صراع دام لأجيال. فكان الوقع تاريخيا عند مشاهدة ياسر عرفات واقفا بجانب رابين ووزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز، وهم ثلاثة رجال طالما بقوا في قلب الصراع لأمد بعيد.

كان رابين -رئيس الوزراء الصلب عام 1993- هو القائد العام في نصر حرب الأيام الستة في يونيو 1967 على مصر والأردن وسوريا. إذ استولت إسرائيل على الضفة الغربية، ومنها القدس الشرقية، وغزة ومرتفعات الجولان، محيلة الصراع إلى ما هو عليه الآن. في عام 1948، قاد رابين -وهو في العشرينيات من عمره- وحدة نخبوية في حرب استقلال إسرائيل ورأى فيه الإسرائيليون بطلًا. ويتذكر الفلسطينيون دور رابين في الترحيل القسري لأكثر من خمسين ألف مدني عربي من بلدتي الرملة واللد. ويطلق الفلسطينيون على الأحداث السابقة على إعلان إسرائيل الاستقلال والتالية لها اسم «النكبة».

إذ فرَّ أكثر من سبعمائة ألف فلسطيني من الزحف الإسرائيلي أو تعرضوا للطرد بالقوة ولم يتمكنوا، كلهم تقريبا، من العودة.وبالنسبة للفلسطينيين كان ياسر عرفات تجسيدًا لنضالهم، فهو الرجل الذي بلغ به الحرص على مقاتلة إسرائيل حد أن أطلق عليه رفاقه الأكثر تحليا بالحذر لقب «المجنون» حينما بدأ الهجمات على الحدود مع لبنان في أوائل ستينيات القرن العشرين، متجاهلًا العقبات التي بدت كأداء.

وكانت لحظته قد حانت إثر إصابة الزعماء العرب بالذهول والانبطاح والمذلة بعد انتصار إسرائيل في عام 1967. في ظل الهزيمة، نهض عرفات للقتال، فكان يتنقل متنكرًا لجمع السلاح من ميادين المعارك وينظم مئات الهجمات. ولما ردت إسرائيل في عام 1968 بهجمة كبيرة على مخيم الكرامة في الأردن، وهو معقل عرفات وفصيل فتح التابع له، كان الفلسطينيون في الانتظار. فلقي ما لا يقل عن ثمانية وعشرين إسرائيليا، وستين أردنيا، ومائة فلسطيني، مصرعهم في يوم واحد.

وأعلن عرفات النصر وتأسست أسطورته. وإذا بزعيم منظمة التحرير الفلسطينية، بنظارته الشمسية، ولحيته النابتة، وكوفيته ذات اللونين الأسود والأبيض، يتصدر غلاف مجلة تايم.اكتمل الثلاثي ببيريز وزير خارجية إسرائيل. وكان -شأن رابين- في قلب أحداث بلده منذ العشرينيات. في عام 1948، كان بيريز الشاب هو الذراع الأيمن لرئيس وزراء إسرائيل اليميني الأول ديفيد بن جوريون. لم يلتحق قط بالجيش ولم يحظَ من الإسرائيليين بمثل الثقة التي حظي بها رابين، منافسه السياسي العتيد، ولكن صفقات الأسلحة التي أبرمها أسهمت كثيرا في تحويل إسرائيل إلى قوة عسكرية كبيرة في المنطقة قاد هو سعيها السري الناجح إلى امتلاك أسلحة نووية.

كان أولئك الرجال الثلاثة، لأسباب مختلفة، مستعدين للتفكير في إنهاء الصراع الذي شكّل حياتهم وهيّمن عليها. في عام 1993 كان لا بد من جهد وشجاعة لاعتناق التفكير الجديد اللازم لمحاولة إنهاء حرب لم يكن أي من الجانبين بقادر على الانتصار فيها. وآنذاك والآن، كان ولا يزال التشبث بطقوس الكراهية والموت المألوفة هو الأمر الأيسر، حتى وقد غرق الصراع في أعماق جديدة من اليأس بعد أن هاجمت حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر سنة 2023. في غزة، يقتطع الفلسطينيون في بعض الأحيان أوقاتا من نضالهم اليومي من أجل البقاء لكي يتظاهروا ضد حماس.

وفي إسرائيل يدين بعض منتقدي نتنياهو -الذي تجاوز في سنة 2019 بن جوريون بوصفه أطول رؤساء وزراء إسرائيل في الخدمة- ويرونه نذير حرب دائمة، وبأنه يحارب لا لأجل إنقاذ بقية الرهائن أو لأجل أمن شعبه وإنما من أجل نجاته هو وتقوية سلطته الشخصية، وتأخير محاسبته على دوره في الإخفاقات الأمنية التي أتاحت لحماس الهجوم بذلك الأثر المميت في السابع من أكتوبر سنة 2023.

جاءت الوثيقة الموقعة في واشنطن في ذلك اليوم من عام 1993 من رابين ومفاوض منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس -وهو الرئيس الفلسطيني الآن- حاملة عنوانا سقيما هو «إعلان مبادئ ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت»، وإن اشتهر ذلك الحشو اللفظي الدبلوماسي باسم أفضل هو اتفاقيات أوسلو. وكان العالم قد شهد تغيرًا إضافيًا، إذ حضر وزير الخارجية الروسي أندرو كوزيريف بصفة شاهد.

ظن ملايين الإسرائيليين والفلسطينيين -وليس جميعهم على أي حال- عندما رأوا ما يجري أن كل شيء يتغير. وفي عام 1933 كانت الغالبية في كلا الجانبين مهيأة لأن تمنح المفاوضات فرصة، وتنحي الشك وفقدان الثقة جانبا. وكان السبب الأكبر للتفاؤل هو أن طرفي الحديث اعترفا بوجود أحدهما الآخر وبأن لكل منهما حقوقًا وطنية. فسلّم الفلسطينيون بأن تحصل إسرائيل على 78% من الأرض القائمة في ما بين النهر والبحر، أي المنطقة التي كانوا يسيطرون عليها عشية حرب 1967. وسلّمت إسرائيل بمبدأ الحكم الذاتي الفلسطيني على 22% مما يتبقى. وقد كتب آفي شلايم - مؤرخ الصراع الرائد في جامعة أكسفورد، وأحد أشد منتقدي نتنياهو وحكومته الآن، وأحدث كتبه يحمل عنوان «إبادة جماعية في غزة» - في مطلع عام 1994 أنها «كانت من أشد لحظات تاريخ الشرق الأوسط في القرن العشرين احتداما.

ففي خطوة واحدة مذهلة، أعاد الزعيمان رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة برمتها».

أتيح لعرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية الرجوع إلى أجزاء من المناطق الفلسطينية المحتلة، فاقتصر ذلك في أول الأمر على غزة وأريحا، أي الواحة العتيقة المغبرة في وادي الأردن. وكانت الخطة تتمثل في البدء بإبرام اتفاقيات على قضايا حساسة صغيرة، على أمل أن يتم بطريقة ما تكوين الزخم اللازم لحل القضايا الكبيرة. إذ عمد الجميع إلى تأجيل تلك القضايا في أوسلو لأن أيا منها كان كفيلا بإفساد الصفقة، وكانت له القدرة على وأد عملية السلام في مهدها.

وكان ملف قضايا «الوضع النهائي» المؤجل ذا إشعاع سياسي، إذ احتوى مسألة تقسيم القدس بهدف إنشاء عاصمة بطريقة ما لكلا الشعبين، ومستقبل المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967، وتحدِّي ترسيم حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية، ومسألة ما إذا كان سيتسنى للاجئي حربي 1948 و1967 الفلسطينيين الرجوع يومًا إلى الوطن.

بعد قرابة ثمانية عشر شهرا من المراسم في حديقة البيت الأبيض، انتقلت إلى القدس لأصبح مراسلًا لهيئة الإذاعة البريطانية في الشرق الأوسط. كنت قد قضيت أغلب السنوات الأربع السابقة أعمل في تغطية الحروب الناجمة عن سقوط يوغسلافيا. وأصيبت صديقة لي من سراييفو -وكانت صحفية نجمة تعمل للتليفزيون الإسباني- بالذهول حينما أخبرتها أنني ذاهب إلى القدس. وقالت إن الحكاية هناك قد انتهت، وأنهم يقيمون السلام.

وبالطبع جانبها الصواب، شأن جميع من تزايدت آمالهم لوهلة. فالسلام بات سرابا. ولعله لم يكن ممكنا قط. أدان مثقفون فلسطينيون كبار عرفات لبيعه الشعب بالاتفاق على صفقة سمحت لإسرائيل بتوسيع المستوطنات لليهود على الأراضي المحتلة التي أرادوها لإقامة الدولة. فوصف إدوار سعيد -أستاذ العلوم السياسية والكاتب الفلسطيني الأمريكي- ذلك بالاستسلام. وفي مجلة «لندن رفيو أوف بوكس» اشتد في نقده لـ«عرض الأزياء المبتذل الذي أقيم في مراسم البيت الأبيض، ومهانة ياسر عرفات إذ يوجه الشكر للجميع على تأجيل أغلب حقوق الشعب، ووقار أداء بيل كلينتون السخيف، وكأنه إمبراطور روماني في القرن العشرين يقود ملكين تابعين لسلطانه في مراسم تصالح وإذعان. وفي نهاية المطاف طغت على بلاغة سعيد العظيمة جماعتان مسلحتان فلسطينيتان تأسستا في ثمانينيات القرن العشرين، هما جماعتا حماس والجهاد الإسلامي اللتان ذكَّرتا الإسرائيليين بألا يؤمنوا بالسلام إذ أرسلتا التفجيريين الانتحاريين لقتل مدنيين إسرائيليين في المقاهي والحافلات.أراد المتشددون في كلا الجانبين تحطيم عملية أوسلو. ففي فبراير 1994 استعمل باروخ جولدشتاين المتطرف اليهودي أمريكي المولد بندقية هجومية لقتل تسعة وعشرين فلسطينيا كانوا يصلون في الحرم الإبراهيمي بالخليل، وهو موقع يقدسه الإسرائيليون أيضًا ويسمونه «كهف البطاركة»، فهو مكان يؤمن اليهود والمسلمون والمسيحيون أن فيه قبر النبي إبراهيم وابنيه إسحاق ويعقوب وزوجاتهم سارة ورفقة وليا. ظل جولدشتاين يطلق الرصاص إلى أن تغلب عليه بعض الناجين وظلوا يضربونه حتى الموت. وقد حذر اليمين الإسرائيلي، ونجمه الصاعد بنيامين نتنياهو، من أن التنازل عن الأراضي يعرض حياة كل إسرائيلي للخطر. ساعد نتنياهو في إثارة حشود غاضبة من القوميين اليهود الذين لعنوا رابين ووصفوه بالخائن والقاتل. وفي مظاهرة بميدان صهيون في القدس في الخامس من أكتوبر سنة 1995 كان من ضمن اللافتات لافتة ساخرة من رابين ترسمه في زي قوات الأمن النازية [SS]. وبعد شهر من ذلك، مات رابين برصاص متطرف يهودي في تل أبيب. وخلال أول التحقيقات معه في اغتيال رابين، طلب القاتل شرابًا ليشرب نخب إنقاذه إسرائيل من خائن تنكر لترتيبات الرب للشعب اليهودي.عند مقتل رابين كانت المفاوضات بالفعل متأخرة كثيرة عن جدولها. لكن عرفات ورابين، العدوين اللدودين، كانا قد توصلا إلى احترام جاء على غير توقع، وعلى مضض. وجهت ليا، أرملة رابين، الدعوة إلى عرفات لزيارة منزل عائلة رابين في تل أبيب لتقديم واجب العزاء. ورفضت مقابلة نتنياهو. وبعد ستة أشهر، فاز نتنياهو على شيمون بيريز بأغلبية ضئيلة وأصبح رئيسًا للوزراء للمرة الأولى.

وأرد تمامًا أن تكون محاولة صنع السلام منذورة بالفشل، بوجود رابين أو غيابه، وهو الزعيم الإسرائيلي القادر أكثر من غيره على طمأنة مواطني شعبه. فقد حدث قبيل اغتياله أن أعلن حيدر عبد الشافي -وهو طبيب يحظى باحترام كبير في غزة ومؤسس لمنظمة التحرير الفلسطينية استاء من التنازلات والفساد المحيطين بعرفات- أن أوسلو فشلت، وكتب أنه «من الواضح الآن أن إسرائيل عازمة على المحافظة على وجودها، وسيطرتها على الأراضي، والمستوطنات. وفي واقع الأمر، أن ما لم ينتبه إليه أحد هو أن إسرائيل لم تتخلَ قط عن حقها في الأراضي المحتلة كاملة، بما يتناغم مع البرنامج الصهيوني».

قبل عام من الاغتيال، حصل عرفات وبيريز ورابين مشتركين على جائزة نوبل للسلام. وبعد الاغتيال كثّفت حماس حملة تفجيراتها الانتحارية. وفي غضون أيام في فبراير 1996 هوجمت الحافلة رقم 18 مرتين في القدس على مقربة من مكتب هيئة الإذاعة البريطانية في طريق يافا مما أسفر عن مصرع خمسة وأربعين شخصا. وكان العقل المدبر هو محمد ضيف من جماعة حماس الذي ظل عدوًا مميتًا لإسرائيل حتى مصرعه في غارة جوية على غزة في الصيف الماضي.

بعد هجمتي الحافلة سنة 1996، بعث عرفات -بضغط من بيل كلينتون- رجاله لتعقب حماس والجهاد الإسلامي. وفي موقع مقابر الكومنولث البريطانية الوادعة في غزة أجريت حوارا مع رجل خلت أطراف أصابعه من الأظافر بعد أن انتزعها رجال عرفات إثر اعتقاله للاشتباه بانتمائه لحماس. وبعد ثلاثين عاما، غزة الآن أطلال وأكثر من خمسين ألف فلسطيني لقوا مصرعهم. ويقول نتنياهو إنه وحده القادر على تأمين الإسرائيليين، ولذلك فإنه لن يسمح أبدًا للفلسطينيين بإقامة دولة يمكن أن يستعملوها قاعدة للهجوم على اليهود.

لا وجود في جميع أجيال الصراع بين اليهود والعرب ما يقترب من هول السابع من أكتوبر والشهور التسعة عشر التالية له. وهذه المستويات الجديدة من عمق التجرد من الإنسانية، لدى كلا الجانبين، تلقى بظل داكن على المستقبل. لقد كان عدد كاف من الفلسطينيين في تسعينيات القرن الماضي مهيئين للثقة في عرفات وعدد كاف من الإسرائيليين يثقون في رابين، فكان ذلك كافيًا لفرجة تسمح بموعد قد يفلح فيه السلام، إن توفر الحظ وتوفر لدى الجانبين تصميم أكبر على التخلي عن أعز الأحلام والمعتقدات. وها هي الفدوة وقد انسدت وباتت الآن دفينة أعماق الماضي.

أما الذي لا يزال حيًا وخطيرًا فهو الوهم بأن النصر الكامل ممكن لأي طرف. فلا بد أنه كان ماثلا، في السابع من أكتوبر، في أذهان الرجال الذين انطلقوا من غزة وقتلوا قرابة ألف ومائتي شخص أغلبهم مدنيون وأسروا مائتين ووحدا وخمسين. ووهم النصر قوي بالمثل في يمين إسرائيل القومي المتطرف الذي يديم زعماؤه بقاء نتنياهو في السلطة. ويؤجج دونالد ترامب أحلامه بخرافته الخطيرة حول تحويل غزة إلى دبي البحر المتوسط المملوكة لأمريكا والخالية من الفلسطينيين.

مات الأمل قبل أمد بعيد من السابع من أكتوبر سنة 2023. وفي السنين المفضية إلى ذلك اليوم، شأن كثر ممن شاهدوا الصراع عن كثب، كنت أشعر بانفجار عنف قادم في الأفق. لكنني تصورت أن تحدث في القدس أو الضفة الغربية، لا في غزة. بل إنني تساءلت في بعض الأحيان لو أن صدمة دم يراق هي التي سترغم الجانبين على العثور على طريق رجعة إلى التفاوض. فلما وقعت الواقعة، أحال القتل الانقسام إلى هوة ما لها قرار. وها هي الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين على أرض ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط تمضي إلى قرنها الثاني.

جيريمي بوين محرر الشؤون الدولية في هيئة الإذاعة البريطانية، ومؤلف كتاب «صناعة الشرق الأوسط: تاريخ شخصي».

عن ذي نيوستيتسمان

مقالات مشابهة

  • الحرب التي أجهزت على السلام كله
  • عاجل| نتنياهو: سنذهب باتجاه تحقيق النصر المطلق في قطاع غزة
  • الازدواجية الإسرائيلية.. وزراء يصوتون للتوسع في غزة ويعترفون سرا بكارثيته
  • خبير إسرائيلي: شعار النصر يخفي فشل نتنياهو في تحقيق أهداف الحرب
  • هيئة البث الإسرائيلية: «عيدان ألكسندر» رفض مقابلة نتنياهو
  • عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: الأسير عيدان ألكسندر يرفض مقابلة رئيس الوزراء نتنياهو
  • ‏زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد: لقد سئم الأمريكيون من نتنياهو
  • بعد تغير مزاجه المؤيد للاحتلال.. بماذا وصف ترامب الحرب الإسرائيلية على غزة؟
  • تحقيق إسرائيلي يكشف فشل سياسة التهجير في غزة رغم التصريحات العلنية
  • غضب في حكومة نتنياهو بعد دخول جبريل الرجوب إلى إسرائيل.. ما القصة؟