ترامب من الدوحة: قطر تلعب دورًا حاسمًا في كبح التصعيد مع إيران
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
في زيارة مثقلة بالتصريحات الساخنة والدلالات الجيوسياسية، أطلق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سلسلة من المواقف اللافتة خلال توقفه في العاصمة القطرية الدوحة ضمن جولته الخليجية. وتحدث ترمب بصراحة عن ملفات شائكة كإيران وسوريا، ووجه إشادة غير مسبوقة بدور أمير قطر، في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية وسط غموض يلف مستقبل التفاهمات الأميركية في الشرق الأوسط.
تصريحات ترمب جاءت من قاعدة العديد الجوية، حيث اجتمع بعدد من المسؤولين الأميركيين والقطريين، مشيرًا إلى أن بعض الدول في المنطقة تدفع نحو مواجهة مباشرة مع طهران، على عكس قطر التي تنتهج – حسب وصفه – دبلوماسية حكيمة تساعد في نزع فتيل الأزمة. وأضاف أن "إيران يجب أن تشكر أمير قطر شكرًا عظيمًا"، معتبرًا أن الدوحة تلعب دورًا حيويًا في منع التصعيد الذي تسعى إليه أطراف أخرى.
تصريحات مثيرة حول إيران وسوريا
في سياق متصل، أدلى ترمب بتصريحات أخرى من القاعدة ذاتها قال فيها:
"الولايات المتحدة كادت أن تخسر الشرق الأوسط نتيجة لسياسات إدارة جو بايدن... لكننا سنحمي الشرق الأوسط."
وواصل حديثه عن إمكانية التوصل إلى اتفاق قريب مع إيران، قائلًا:
"أعتقد أننا نقترب جدًا من إبرام اتفاق مع إيران"، دون الكشف مزيد من التفاصيل، ما أثار اهتمام المراقبين حول طبيعة الاتصالات التي قد تكون جارية خلف الكواليس.
موقف مفاجئ من دمشق
أما على صعيد الملف السوري، فكان لترمب تصريح غير متوقع عقب لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض:
"الرئيس السوري شخص قوي، وسنرى ما سيحدث بعد رفع العقوبات. لم أكن أعلم أن سوريا كانت خاضعة للعقوبات لهذه الفترة الطويلة."
هذا التصريح اعتبره البعض تلميحًا بانفتاح محتمل تجاه دمشق، لا سيما مع تغير المواقف الإقليمية والدولية حيال سوريا في الآونة الأخيرة.
جولة خليجية حافلة بالملفات الثقيلة
زيارة ترمب إلى قطر تأتي ضمن جولة خليجية موسعة بدأها في المملكة العربية السعودية، حيث تم توقيع اتفاقيات استثمارية مهمة، شملت قطاعات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. ومن المقرر أن يواصل ترمب جولته إلى الإمارات العربية المتحدة للقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ومن المتوقع أن يتصدر ملف الذكاء الاصطناعي جدول المحادثات في أبوظبي، وسط اهتمام متزايد من جانب واشنطن بإعادة تموضع نفوذها في المنطقة تكنولوجيًا واقتصاديًا، بالتوازي مع الشراكات الأمنية والعسكرية التقليدية.
تصريحات ترمب من الدوحة تعكس نبرة مغايرة عمّا كانت عليه السياسة الأميركية في عهده الأخير تجاه الشرق الأوسط، وربما تحمل بوادر لرؤية مستقبلية أكثر انفتاحًا على الحلول الدبلوماسية، لا سيما في الملفات الشائكة كإيران وسوريا. وبينما يُنظر إلى إشادته بأمير قطر كرسالة دعم لمواقف الدوحة، فإن حديثه عن قرب الاتفاق مع طهران يمثل لغزًا سياسيًا يترقبه كثيرون في المنطقة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: دونالد ترمب أمير قطر قاعدة العديد التصعيد مع ايران اتفاق نووي سوريا أحمد الشرع العقوبات على دمشق بايدن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط جولة خليجية السعودية الإمارات محمد بن زايد الذكاء الاصطناعي الدوحة التوتر الإقليمي مفاوضات ايران تصريحات ترمب السياسة الخارجية الأميركية الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
كيف نجحت قطر في وقف الحرب بين إيران والاحتلال؟
قال الباحث في العلاقات الدولية صامويل راماني، في مقال نشرته مجلة "ذا سبكتاتور" البريطانية، إن نجاح قطر الأخير في التوسط لوقف إطلاق النار بين إيران والاحتلال الإسرائيلي لم يكن مجرد إنجاز دبلوماسي عابر، بل يُعد تتويجاً لمسار طويل من الجهود التي كرستها الدولة الصغيرة لبناء هوية وطنية ترتكز على دورها كوسيط فاعل في الأزمات الإقليمية.
وأوضح راماني أن الدوحة بدت وكأنها تحتفل بإنجازها الأخير، بعد أن تمكنت من تهدئة واحدة من أكثر المواجهات خطورة في الشرق الأوسط منذ سنوات. وعلى الرغم من استمرار التوترات، بما في ذلك تصويت البرلمان الإيراني على تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أن وقف إطلاق النار لا يزال صامداً، وهو ما يعكس – بحسب راماني – فاعلية الدبلوماسية القطرية.
وأشار الكاتب إلى أن هذا النجاح لم يكن وليد اللحظة، بل ثمرة سنوات من الانخراط الهادئ في الوساطة، بدءاً من استضافة مفاوضات نووية غير مباشرة بين واشنطن وطهران في 2022، مروراً بصفقة تبادل الأسرى بين البلدين في آب/أغسطس 2023، ووصولاً إلى جهود الدوحة بالتنسيق مع سلطنة عُمان لإحياء المحادثات النووية عقب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وأضاف راماني أن رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني حذر، في أيار/مايو الماضي، من خطر انزلاق المنطقة إلى سباق نووي، واقترح حينها صيغة ثلاثية تضم قطر والولايات المتحدة وعُمان لاحتواء التصعيد، في موقف يعكس عمق الرؤية الاستراتيجية للدوحة.
وتابع راماني أن قطر تحركت بشكل هادئ أيضاً في الجانب الاقتصادي، حيث استضافت محادثات بين شركات الطاقة العالمية بشأن تداعيات العملية العسكرية الإسرائيلية المسماة "الأسد الصاعد"، وساهمت في احتواء رد الفعل الإيراني على قاعدة العديد الأمريكية.
ورأى الكاتب أن اتفاق وقف إطلاق النار مثل ذروة التحول في النظرة الغربية تجاه قطر، حيث تحوّلت من هدف للانتقادات، بل وللحصار الخليجي في 2017، إلى شريك يحظى بإشادة من أقرب حلفاء ترامب.
وأوضح أن الرئيس الأمريكي نفسه طور علاقة دافئة مع الأمير تميم بن حمد آل ثاني، بعدما أعجب بدور قطر في تسهيل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
وذكر راماني أن ترامب أشاد، خلال لقائه مع أمير قطر في أيلول/سبتمبر 2024، بالتزام الدوحة بالسلام في الشرق الأوسط، وأكد أن ولايته الثانية ستعزز الشراكة بين البلدين.
كما أثارت زيارته الأخيرة إلى الدوحة، وهي الأولى لرئيس أمريكي منذ عقدين، اهتماماً واسعاً وأحدثت تفاعلات متباينة بين أنصار ترامب ومعارضيه.
وأشار الكاتب إلى أن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، كان أحد أبرز الداعمين للدور القطري، وامتدح مساهمتها في دعم الاستقرار الإقليمي، بالإضافة إلى صفقات استثمارية بلغت قيمتها 243.5 مليار دولار لصالح الولايات المتحدة.
لكن راماني نبه إلى أن هذا الانفتاح على قطر لم يُنه الجدل في الأوساط الجمهورية، حيث استمرت الانتقادات من شخصيات مثل السيناتور تيد كروز، الذي حذر من تداعيات أمنية لتقارير تحدثت عن نقل طائرة رئاسية أمريكية من قطر، والسيناتور توم كوتون، الذي هاجم استضافة الدوحة لحركة حماس.
ورغم هذه الانتقادات، رأى راماني أن نجاح قطر في وقف إطلاق النار يعزز مكانتها كوسيط لا غنى عنه في الملفات الساخنة، ويؤكد صحة قرار إدارة ترامب بتكليفها بمهام دبلوماسية عالية المخاطر.
كما شدد على أن هذا الإنجاز يعزز موقع قطر في شراكاتها الغربية، لا سيما مع المملكة المتحدة، مشيراً إلى تقرير صادر عن مركز بحوث الاقتصاد والأعمال (CEBR) يكشف أن مساهمة قطر السنوية في الاقتصاد البريطاني تصل إلى 120 مليار جنيه إسترليني.
وأضاف راماني أن المشهد الحالي يعكس كيف استطاعت قطر تحويل الوساطة إلى عنصر مركزي في هويتها الوطنية، حيث ينص دستورها في مادته السابعة على أهمية الوساطة، مشيراً إلى أن الصدمة التي خلفها الهجوم الإيراني على قاعدة العديد ولّدت شعوراً وطنياً عاماً، عززه النجاح في وقف إطلاق النار.
وأشار إلى أن هذا الزخم القطري يمتد أيضاً إلى ملفات أخرى مثل غزة، إذ أعلن المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أن بلاده تتواصل مع كافة الأطراف لبحث هدنة تشمل صفقة رهائن.
كما واصلت قطر جهودها في أوكرانيا للمساعدة في إعادة الأطفال المختطفين إلى عائلاتهم، وقدمت مؤخراً مبادرة سلام بين حكومة الكونغو والمتمردين المدعومين من رواندا.
واختتم راماني مقاله بالتأكيد على أن قطر نجحت في تحويل أخطر لحظة توتر إقليمي إلى فرصة تاريخية لصناعة السلام، معتبراً أن هذا التطور يمثل فرصة لإدارة ترامب للبناء عليه وتحقيق وعده بأن يكون "رئيس السلام الأمريكي".