يواجه الرئيس الأمريكى "جو بايدن" انتقادا حادا اليوم لسياسته فى الشرق الأوسط، وإظهاره دعما غير مشروط لإسرائيل فى حربها على غزة، ما أدى إلى تنفير الرأى العام العالمى، بل والكثير من الأمريكيين على اعتبار أنه ينتهج سياسة قديمة بعيدة عن الواقع فى المنطقة، ولهذا كان الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل مثار انتقاد بل انزعاج من الأمريكيين أنفسهم، وحدا بـ"جوش بول"، مدير الشؤون العامة والكونجرس بوزارة الخارجية، الذى يتعامل مع عمليات نقل الأسلحة، إلى الاستقالة اعتراضًا على سياسة "إدارة بايدن" حيال الصراع فى إسرائيل وغزة، ووصف رد الفعل الأمريكي إزاء إسرائيل بالمتهور والإفلاس الفكري، ويمثل رحيله مؤشرا نادرا من الانزعاج الداخلى إزاء دعم إدارة بايدن القوى لإسرائيل أقرب حليف لأمريكا فى الشرق الأوسط، وقال "بول" إنه لا يستطيع قبول الاستمرار فى وظيفة تسهم فى مقتل مدنيين فلسطينيين.
يعد الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل واجهة تظهر التصاق الولايات المتحدة بالكيان الصهيوني ضد دول المنطقة، وتكفى المساعدات العسكرية التى تمدّ أمريكا إسرائيل بها، ووفق دراسة صدرت عن مركز خدمة أبحاث الكونجرس، فإن الولايات المتحدة قدمت لإسرائيل منذ عام 48 حتى العام الماضى مساعدات بقيمة 159 مليار دولار. وفى حال احتساب معدل التضخم فإنها تصل إلى 260 مليار دولار. هذا بالإضافة إلى 500 مليون دولار سنويا مخصصة لبرامج الدفاع الصاروخى. وكان الكونجرس قد صاغ فى عام 1977 بندا يشير إلى أنه وفقا للعلاقة التاريخية الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل فإن مبيعات الأسلحة الأمريكية لدول الشرق الأوسط ينبغى ألا تضعف قوة الردع الإسرائيلية أو تقوض التوازن العسكرى فى الشرق الأوسط.
فى عام 1981 أوضح وزير الخارجية الأمريكى آنذاك "الكساندر هيج" أمام الكونجرس أن أحد الجوانب المركزية للسياسة الأمريكية منذ حرب 1973 هو ضمان احتفاظ إسرائيل بتفوق نوعي عسكري فى منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يعنى وفقًا للمفهوم الأمريكى أن إسرائيل يجب أن تعتمد على معدات وتدريب أفضل للتعويض عن كونها أصغر بكثير من حيث مساحة الأرض وعدد السكان من معظم خصومها المحتملين. ووفق مفهوم ضمان التفوق النوعي العسكرى الإسرائيلي تتلقى تل أبيب أسلحة أكثر تقدما من الدول الأخرى فى المنطقة، كما يتاح لها إضافة مكونات تزيد من قدرات الأسلحة المثيلة المباعة لدول المنطقة. ولعل المثال على ذلك أن دولة الكيان الصهيونى هى الوحيدة فى الشرق الأوسط التي تمتلك طائرات "إف ــ 35"، حيث اشترت بتمويل أمريكي خمسين طائرة من الطراز المذكور، وهو ما يتيح لها ضرب أهداف دون الحاجة للتزود بالوقود فى دائرة تشمل سوريا والعراق ولبنان والأردن ومصر وتركيا والمملكة العربية السعودية.
إمعانا فى دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني يجرى تقييم لما عليه التفوق النوعي العسكري الإسرائيلي كل أربع سنوات، كما يجرى تعديل قانون مراقبة تصدير الأسلحة ليشترط فيما يخص تصدير أسلحة أمريكية إلى أى دولة فى الشرق الأوسط ضمانا أن مثل هذا البيع لن يؤثر سلبا على التفوق العسكرى النوعى الإسرائيلي. وهكذا فإن مبدأ التفوق العسكرى النوعى لإسرائيل هو المنظم لأطر المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل منذ نشأتها حتى الآن. ومن ثم صُممت برامج المساعدات العسكرية للحفاظ على تفوق إسرائيل النوعي العسكرى بالمقارنة بأى قوة عسكرية أخرى فى المنطقة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فى الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
أردوغان: وقف إطلاق النار في غزة هشّ.. وتركيا مستعدة لقيادة مسارات السلام
شدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال كلمته في المنتدى الدولي للسلام والثقة المنعقد في العاصمة التركمانستانية عشق آباد، على أن الوضع في قطاع غزة لا يزال في مرحلة دقيقة تتطلّب تدخلاً دولياً مكثفاً.
وأوضح أن وقف إطلاق النار القائم، رغم أهميته، يبقى هشًّا بفعل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، ما يفرض — بحسب قوله — ضرورة وجود دعم دولي حقيقي يضمن صموده ويمنع انهياره.
وأشار أردوغان إلى أن أي مسار جاد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط لا يمكن أن يُبنى بمعزل عن الفلسطينيين، مؤكداً وجوب إشراكهم بشكل كامل في كل مراحل العملية السياسية، وأن الهدف النهائي يجب أن يظل ثابتًا: إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود معترف بها دوليًا.
وفي سياق حديثه عن الأزمات العالمية، أكد الرئيس التركي استعداد بلاده لتقديم دعم ملموس لكل المبادرات الدبلوماسية الهادفة إلى إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى أن مسار مفاوضات إسطنبول ما يزال يشكل أرضية فعّالة يمكن البناء عليها لاستعادة التفاهم وفتح الطريق أمام تسوية مستدامة.
وشدد أردوغان على أن تركيا — انطلاقًا من إرثها التاريخي وموقعها الجغرافي ودورها الحضاري — تتحمل مسؤولية خاصة في دعم الاستقرار الدولي. وقال إن أنقرة تعمل «بكل ما تملك من إمكانات» لتعزيز مناخ الحوار، والحد من النزاعات، وتوسيع الجهود الدبلوماسية التي تعيد الثقة بين الأطراف المتنازعة.
ويأتي خطاب أردوغان في ظل تسارع التطورات الإقليمية والدولية، ليؤكد مجددًا رغبة تركيا في لعب دور محوري في صناعة السلام، سواء في الشرق الأوسط أو في ساحات الصراع العالمية، من خلال حضورها الدبلوماسي النشط وشراكاتها المتعددة.