علق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، السبت، على التسريب الصوتي المنسوب له قبل عدة أيام وانتقد فيه قطر ووصفها بأنها "إشكالية".

وقالت وكالة رويترز إن نتانياهو كثف الضغط على قطر للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة، قائلا إنه ينبغي للدوحة أن تستخدم نفوذها لدى حركة حماس باعتبارها مستضيفة وممولة لها على حد وصفه.

وقال نتانياهو للصحفيين "أنا لا أسحب كلماتي"، وذلك ردا على سؤال عن تعليقات له غير معلنة ذكر فيها أنه لا يرغب في شكر قطر على توسطها وأنه يعدها "مثيرة للمشاكل". 

وجرى تسريب تلك التعليقات إلى التلفزيون الإسرائيلي هذا الأسبوع في صيغة تسجيل صوتي.

وفي تسجيل مسرب من اجتماع مع أسر رهائن بثته القناة 12 الإخبارية الإسرائيلية وصف نتنياهو قطر بأنها "إشكالية".

وقال "لم تروني أشكر قطر، هل لاحظتم؟ أنا لم أشكر قطر. لماذا؟ لأن قطر، بالنسبة لي، لا تختلف في جوهرها عن الأمم المتحدة، عن الصليب الأحمر، بل إنها بطريقة ما أكثر إشكالية. ومع ذلك فإنني على استعداد للتعامل مع أي وسيط الآن يمكنه مساعدتي في إعادتهم (الرهائن) إلى الوطن".

وعبرت قطر في حينها عن استنكارها الشديد للتصريحات المنسوبة لنتانياهو، حيث كتب المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري على منصة إكس "نستنكر بشدة التصريحات المنسوبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي في تقارير إعلامية مختلفة حول الوساطة القطرية".

وتابع "إذا تبين أن التصريحات المتداولة صحيحة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعرقل ويقوض جهود الوساطة، لأسباب سياسية ضيقة بدلا من إعطاء الأولوية لإنقاذ الأرواح، بما في ذلك الرهائن الإسرائيليين".

وساعدت قطر في نوفمبر الماضي في التوصل لهدنة استمرت سبعة أيام تم خلالها إطلاق سراح 110 من الإسرائيليين والأجانب الذين كانوا محتجزين في غزة مقابل الإفراج عن 240 فلسطينيا كانوا معتقلين لدى إسرائيل.

وتحاول قطر ومصر والولايات المتحدة حاليا التوسط للتوصل إلى هدنة جديدة في غزة، تكون أطول من السابقة وتتيح الإفراج عن رهائن ومعتقلين فلسطينيين وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

المشروع الإسلامي وتحديات العصر الحديث: استعادة الذات والهوية

أولا: مدخل فلسفي إلى سؤال المشروع الإسلامي

لسنا أمام سؤال فقهيّ جزئي، ولا أمام معركة هوية فحسب، بل أمام قلقٍ معرفي عميق: هل المشروع الإسلامي اليوم فكرة حيّة قادرة على تشكيل المستقبل؟ أم مجرّد حنين معلَّق بين كتب التراث وشعارات الحركات؟

هل أزمتنا أزمة نص؟ أم أزمة تطبيق؟ أم أعمق من ذلك: أزمة وعي فقد القدرة على رؤية الإسلام بما هو أكثر من "هوية دفاعية" أو "برنامج حزب"؟

ويُطرَح كثيرا -وبطريقة تُضلّل أحيانا- سؤال حول طبيعة المشروع الإسلامي: هل هو دولة؟ أم حضارة؟ أم حركة تحرّر طويلة المدى؟

المشكلة ليست في الإجابة، بل في السؤال نفسه؛ فالعقل الذي يصنع السؤال هو الذي يحدد مسار التفكير. كثيرٌ من الأسئلة المفروضة على الحركات الفكرية ليست نابعة من صميم تجربتها، بل من تصوّرات خارجية تريد حصرها في قوالب ضيّقة، وحين تُحبس الفكرة داخل سؤال غير منسجم مع واقعها، تفقد قدرتها على الحياة.

عندما نتحدث عن "المشروع الإسلامي" نخلط -من حيث لا نشعر- بين ثلاثة مستويات متمايزة:

1. الإسلام كدين: إيمان، وعبادة، وأخلاق، وعلاقة بالله، ومعنى للوجود.

2. الإسلام السياسي: تجربة حديثة لحركات وتنظيمات وبرامج انتخابية تعاملت -بدرجات متفاوتة- مع صدمة الدولة الحديثة والاستعمار والعلمنة.

3. المشروع الإسلامي: أفق حضاري طويل المدى، ورؤية للإنسان والمجتمع والعدل والمعرفة والزمن، ولعلاقة الأمة بالعالم.

الإشكال أنّ جزءا كبيرا من خطابنا المعاصر اختزل الإسلام في شعار دعوي يعد بكل شيء دون أن يغيّر شيئا في البنية العميقة للمجتمع، بينما نحن بحاجة إلى دمج سليم وواعٍ بين الإسلام كهوية شعورية: "أنا مسلم"، والإسلام كمنظومة قيم: العدل، الأمانة، الحرية، التكافل، والإسلام كإطار حضاري يرى العالم من زاوية مختلفة عن الرأسمالية المتوحشة أو القومية المنغلقة.

بدون هذا الدمج، وداخل مشروع إيجابي واقعي، يتحول "المشروع الإسلامي" إلى كلمة جميلة تُستعمل في كل اتجاه دون مضمون حقيقي.

التجارب الكبرى في التاريخ لم تولد من الشعارات، بل من الأزمات: القومية من جرح الهزيمة، والاشتراكية من الفقر والظلم، والليبرالية من الاستبداد، والوجودية من اغتراب الإنسان.

والمشروع الإسلامي لن يُبعث من جديد إلا إذا التقط أزمة الانسان اليوم. كل مشروع حضاري يمكن أن يتحول إلى بنية جامدة إذا جمد الزمن داخله، فالعالم -رغم أزماته- يطور أفكاره باستمرار، بينما يخشى كثير من الإسلاميين الزمن، وكأن دخوله خطر على الدين نفسه.

لذلك تصبح استعادة حرية السؤال شرطا لبقاء المشروع: كسر الثنائية الزائفة بين "الأسئلة المقبولة" و"الاتهام بالخروج عن الإجماع".

الحضارة هي الإنسان حين يتفاعل مع العالم بكل أبعاده: والفكر، والروح، والمادة، والواقع. وبدون هذا التفاعل، تصبح الفكرة مجرد ذكرى جميلة.. لا تصنع حياة.

فحياة الحضارة أو موتها مرهونان بمدى تفاعلنا معها فعلا لا وصفا: قولا وعملا، كتابة وتطبيقا، نقدا وتجريبا. كل ما نعرفه عن الفلاسفة وعلماء الاجتماع والسياسة جاء من محاولات تطبيق وتطوير أفكارهم بما يناسب مجتمعاتهم.

هنا نصل إلى جوهرٍ بالغ الأهمية: الفكرة لا تموت حين تُهزم سياسيا، بل حين تفقد القدرة على أن تسأل، والمشروع الإسلامي لا يحتاج إلى مزيد من الشعارات، بل إلى أن يستعيد حقه الطبيعي في أن يسأل، ويتفاعل، ويدخل العصر دون خوف من العصر. فالفكرة التي تخاف العالم لا يمكن أن تغيّره.

ثانيا: سياق القرن.. من الجغرافيا الممزقة إلى الترامبية الإمبراطورية

لإقامة مشروع حضاري لا يكفي أن نملك الفكرة والوعي والطاقة الأخلاقية، لا بد من دولة تحمي هذا المشروع وتمنحه أدوات القوة؛ لا لتحتكرها، بل لتحرس الفضاء الذي ينمو فيه.

الغرب لم يقم دولا قومية فقط، بل نسج حولها منظومة حضارية واحدة: الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كتلتان للأمن والاقتصاد والقيم الليبرالية، وخطاب عالمي عن الحرية وحقوق الإنسان. تعمل هذه المنظومة كـ"دولة حضارية موسعة" تحرس مشروعا واحدا: استدامة التفوق الغربي.

في المقابل يُطلب من المشروع الإسلامي أن يعيش بلا وحدة وطنية حقيقية، بلا دولة تحمي استقلال القرار، بلا كتلة حضارية متكاملة.. ثم يُحاسَب على عجزه عن النهوض. الدولة هنا ليست النهاية، بل محطةٌ في طريق طويل.

من 1900 إلى 2025 تحرك المشروع الإسلامي فوق أرض تتشقّق بلا توقف: استعمار، إسقاط الخلافة، الدول القُطرية، الهزائم، صعود الأنظمة الشمولية، الانقلابات، النيوليبرالية، الربيع العربي، الثورات المضادة، وحروب لا تنتهي.. وصولا إلى اللحظة الراهنة التي تكتنفها ترامبية عالمية تُكرّس القوة الفجّة وتكشف هشاشة القانون الدولي.

هذا ليس سردا تاريخيا، بل تعريفٌ للسياق الذي يتحرك فيه المشروع الإسلامي: داخل شبكة معقّدة من القوى والفرص والتهديدات. فهناك قوى هائلة أعادت تشكيل معنى الدين، وموقع الإنسان، وحدود الممكن السياسي. وفي هذا العالم لم يعد الدين مجرد عقيدة، بل أصبح هوية ورمزا ومساحةَ انتماء نفسي، وأحيانا وسيلة للنجاة من التيه.

في عالم سريع ومفتوح، يتحول الإيمان عند كثير من الشباب من يقين إلى سؤال، ومن سؤال إلى تيه، ومن تيه إلى بحث جديد. يكاد التحول الديني اليوم يكون مرآة دقيقة لقلق الإنسان المعاصر.

وأكثر ما يكشف عمق الأزمة هو لغة الشباب أنفسهم: لغة مباشرة، بلا تكلّف، تُظهر تداخل المفاهيم وغياب المرجعية: "أنا مسلم ثقافيا، لكن مش متأكد إني أؤمن بالله".. "أحاول أكون إنسانا جيدا.. مش مهم شوية آكل خنزير".. "فقدت إيماني في الصف الثالث لما اكتشفت أن حصة الدين كانت عن دين واحد فقط".

هذا ليس فقط ضعف إيمان، بل تحول عميق في علاقة الأجيال بالدين: الإسلام كاسم، كهويّة عائلية، كأخلاق عامة منزوعة المرجعية.. ومشروع إسلامي شبه غائب عن المخيلة.

هكذا نجد أنماطا جديدة لهذه العلاقة: التدين الانتقائي، الإلحاد الدفاعي، اللاأدرية، الروحانية الفردانية، وفصل الدين عن المجال العام. هذا في الغرب بشكل كبير، أما في عالمنا العربي فتنشأ صراعات أخرى: دعوات لفصل السياسة عن الدين تجعل الدين بلا سلطة، بلا مشروع.. لنجد أنفسنا أمام عقلية سجالية تحكم المشهد الإسلامي ما بين: سلفية تلغي إعمال العقل، واتّباع منبهر بالغرب يجعل العقل إلها، وبين التأليه والتعطيل يُجمد الفكر، ويُتم وأد العقل النقدي الذي يملك أن يقترح مشروعا معاصرا بلا خوف أو عقدة نقص.

أزمة الخطاب الديني في عصر الشبكات:

يتراجع الخطاب الوعظي التقليدي لأنه يتحدث بلغة الماضي إلى إنسان يعيش في زمن آخر.. شاب يقاتل اكتئابا لا تفيده خطبة عن الصبر.. فتاة تواجه عالم الصورة والجسد فلا تكفيها قائمة محاذير.. جيل يعيش في فضاء مفتوح يسبق فيه السؤال كل إجابة جاهزة.

السؤال اليوم ليس: هل نحتاج خطابا دينيا؟ بل: أي خطاب نحتاج؟ هل نحتاج خطابا يجلد الأسئلة، أم يحتضنها؟ خطابا يطارد الشك، أم يحوله إلى بداية بحث؟ خطابا يهرب من العصر، أم يدخل إليه ليطهّره لا ليستسلم له؟

وختاما:

بدون تجديد جذري، سيظل المشروع الإسلامي هشّا، غامضا، عاطفيا.. لا مشروعا حضاريا يشارك الأجيال بناء الغد.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي حول الخط الأصفر تتعارض مع خطة ترامب للسلام
  • جدل بشأن عطلة يوم النصر
  • شهادة إسرائيلية غير مسبوقة.. من قتل الرهائن في جباليا؟
  • حماس: نرفض تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي بشأن الخط الأصفر
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي: نبذل جهودا لإعادة جثمان آخر محتجز من غزة
  • المشروع الإسلامي وتحديات العصر الحديث: استعادة الذات والهوية
  • خبير اقتصادي:إشكالية الوضع المالي يكمن في السيطرة على إيرادات الدولة وإصلاح جمركي كامل
  • نتنياهو ينتقد خطط نشر قوة دولية في غزة
  • رئيس الأركان الإسرائيلي: الخط الأصفر هو خط حدودي جديد في غزة ونستعد لحرب مفاجئة
  • رئيس أركان الاحتلال الإسرائيلي: الخط الأصفر هو الحدود الجديدة لقطاع غزة