أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

قبل انطلاق فعاليات بطولة أمم أفريقيا المقامة حاليا بساحل العاج، صدع لنا أعلام الجزائر رؤوسنا بحديثه المستمر، بل والمستفز عن لقجع و الكولسة والمؤامرة ومصطلحات فضفاضة، لدرجة أن فئات عريضة من المغاربة صدقت هذه الأسطوانة المشروخة، وأطلقت العنان لحلم التتويج بالكأس القارية التي غابت عن خزينة كرة القدم المغربية منذ سنة 1976.

ومع انطلاق هذه المنافسة الكروية القارية، ارتفعت حدة سعار إعلام الكابرانات، بعد أن استباح لنفسه توجيه اتهامات خطيرة جدا للمغرب، وتحديدا لرئيس الجامعة "فوزي لقجع"، حتى أننا بدأنا نشك أن "الكأس في الجيب"، وأن لقجع سيتخطى كل الأعراف الكروية، ويعين حكاما يدينون له بالولاء التام، ويختار خصوما في المتناول، و"كاين لي قال كاع" أن المنتخب المغربي "غادي يلعب غير ميطا وحدة" بالنظر إلى الظروف المناخية الصعبة التي تميز طقس ساحل العاج خلال هذه الفترة من السنة.

من جانبها، أشارت العرافة اللبنانية "ليلى عبد اللطيف" في توقعاتها لسنة 2024، إلى أن المغرب سيعيش على وقع فرحة كبرى، فصرنا على يقين تام أن كلام إعلام الكابرانات صحيح، وأن لقجع صافي دار خدمة نقية.. الكولسة والمؤامرة ودكشي..، وأن الأسود سيفوزون حتما بكأس إفريقيا، وكيف لا نصدقها وهي التي توقعت وصول الفريق الوطني إلى نصف نهائي كأس العالم الأخير بقطر.

ومع توالي مقابلات الـ"كان" اتضح أن كل ما روج ويروج له إعلام جارة السوء ما هو إلا هراء وافتراء وكلام مبتدل الغرض منه تأليب الرأي العام الجزائري وتجييشه ضد المغرب، سيما بعد أن ودع المنتخب الوطني هذه المنافسة مبكرا من دور الثمن، بعد أن تعرض لظلم وجور تحكيميين لم تنلهما الجزائر التي خرجت من الدور الأول.

خلاصة هذه الحكاية، تؤكد أن الجزائر لا يمكن أن تعيش يوما واحدا دون أن تمارس "طقوس العداء والكراهية للمغرب"، ومهما تكن الظروف، دائما المغرب وراء كل فشل وتراجع تتجرعه الجارة الشرقية، كما كان لهذه الحكاية رسائل أخرى، أهمها أن "الخوخ كون كان يداوي كون داوى راسو"، ومعناه أن "لقجع" الذي اتهموه مرارا بالكولسة والمؤامرة، لو أن له اليد الطولى في جهاز الـ"كاف" لفزنا فعلا بهذه الكأس القارية التي لازلنا نحلم بها حتى إشعار آخر…

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

خِفّة إعلام

 

 

ريتّا دار **

في زحمة الضّحكات وهمسات الجمهور، وقف رجلٌ بهدوءٍ على خشبة المسرح.. كان يتفنّن في ألعاب الخِفّة، يلوّح بيديه هنا وهناك، تُجذب العيون إلى حركاته السّريعة، كان ماهرًا بخفّة يده، يُسقط الورقة من خلف أذنك ويُخرج الأرنب من قبّعته الفارغة، لكنّ السّحر الحقيقيّ كان في عيني مساعدته الجميلة.

بابتسامتها الهادئة، ونظراتها النّاعسة، كانت تصرف أنظار الجمهور في اللحظة المناسبة، ليُكمل هو خُدعته في الظلّ، بهدوءٍ واحترافٍ، كأنّها رقصةٌ حفظا خطواتها دون كلام. لم تكن تملك عصًا سحريّة لكن تلك الجميلة كانت سبب كلّ التّصفيق.

هما معًا.. وهمٌ عظيمٌ صدّقه الجميع.

هذه اللعبة الصّغيرة ليست مجرّد تسلية؛ بل درس في كيف يمكن أن تخدع العين والعقل معًا، كيف يمكن توجيه الانتباه إلى ما يريد السّاحر أن يُرى، بينما يخفي ما يريده أن يظلّ مجهولًا. فلم يكن السّحر في ما يظهر؛ بل في ما يُخفى عمدًا.

عندما ننتقل من خشبة المسرح إلى شاشات الأخبار ووسائل التّواصل، نجد تشابهًا غريبًا. كثيرًا ما يتحوّل الإعلام إلى عرض مُشابه، حيث يتمّ توجيه عيوننا وأفكارنا نحو مواضيع معيّنة، تشغلنا وتشدّ انتباهنا، بينما تغيب قصص أخرى، أكثر أهميّة، تُدار من الكواليس. يشغلوننا بالسّطح، يُلمّعون الزّائف، ويُخفون الجوهريّ. يرسمون لنا صورةً ناقصةً، ويدعوننا للتّصفيق، ونحن لا ندري أنّنا شاهدنا نصف الحكاية فقط.

أجل، إنّه الإعلام السّاحر ووهم التّصفيق للفراغ.

حين تُعرض كارثةٌ إنسانيةٌ في نشرة أخبارٍ، تُفتتح اللقطات بصور المساعدات، وتُختتم بابتسامات الأطفال، بينما لا يُذكر من أشعل الحرب، أو من يُعرقل وصول الإغاثة. التّركيز كلّه على اليد اللامعة: "كيف سنساعد المساكين"، أمّا اليد الخفيّة هي الّتي قرّرت مصيرهم.

تمامًا كما في عرض السّاحر، تُبهرنا التّفاصيل الصغيرة، بينما تمرّ الحقيقة الكبيرة أمام أعيننا دون أن نراها.

أو مثلًا عندما تُبثّ تقارير عن تحسينات في الوضع الاقتصادي، يُعرض افتتاح مركز تسوّق جديد، أو تصريح مُطمئنٍ لمسؤول يقصّ شريطًا ما، ويبتسم أمام الكاميرا مُطلقا الوعود، بينما لا تُذكر الأسعار الّتي زادت، أو البطالة الّتي تنخر البيوت بصمت.

يُركَّز الضّوء على طلاء الجدران الجديد، ويُترك التشقّق في الأساس بلا حديث.

تمامًا كما في عروض السّحر، يُسلَّط الضوء على القبّعة الفارغة، بينما الحقيقة تُخفى في كُمّ السّترة.

في هذا الزّخم كلّه، يضيع صوت الحقيقة، وتصبح الصّورة مشوّشة. لذلك علينا أن نتوقّف للحظةٍ قبل أن نصدّق كلّ ما يُعرض أمامنا.

أن نطرح الأسئلة البسيطة: ماذا؟ ولماذا؟ ومن المستفيد؟

الإعلام ليس مرآة؛ بل عدسة، ومن يملكها يُحدّد زاوية الرّؤية. ودورنا أن نبحث عن الصّورة الكاملة، أن نستمع لأصوات من لا صوت لهم، وأن نتعلّم كيف نرى ما وراء اللقطة، لا ما بداخلها فقط. الصّدق لا يأتي جاهزًا في العناوين؛ بل نكتشفه حين نختار أن نفكّر، نرى ما وراء اليد، وننتبه لما لا يُقال.

** صحفية سورية

مقالات مشابهة

  • القمة الأوروبية تؤكد دعم سيادة الدولة اللبنانية
  • أثناء مطاردة مطلوب... شاهدوا بالصور ما حصل مع الجيش عند الحدود اللبنانية-السورية
  • جنبلاط: السلاح يجب أن يكون حصرًا بيد الدولة اللبنانية.. وما من شيء يدوم
  • بالصورة.. انفجار بيك آب عند الحدود اللبنانية السورية وهذا ما كان بداخله
  • خِفّة إعلام
  • شؤون متقاعدي الجامعة اللبنانية ومطالب متقاعدي القطاع العام محور لقاءات النائب جنبلاط
  • ستيف بانون: حكومة نتنياهو كذبت على ترامب وتُهدد دعم إسرائيل في واشنطن
  • الهيئة اللبنانية للعقارات تحذّر من استمرار الفوضى القانونية في قوانين الإيجارات الاستثنائية
  • لقجع : رغم الوضعية الصعبة تنزيل الأوراش الكبرى متواصل بقيادة جلالة الملك
  • السلطات الإيطالية تفكك مافيا دولية لتهريب الحشيش المغربي