تتصاعد حدة المواجهات العسكرية بين جماعة الحوثيين والتحالف الدولي في البحر الأحمر وخليج عدن، مع دخول أسلحة جديدة للحوثيين على خط المعركة.

 

وبالتزامن مع إطلاق الاتحاد الأوروبي مهمة "أسبيدس" (الردع)، بهدف ردع الحوثيين وإيقاف هجماتهم ضد السفن، يؤكد الحوثيون استمرارهم في استهداف السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، بالإضافة إلى استهداف السفن الأميركية والبريطانية، بعد الغارات التي بدأها البلدان على أهداف للجماعة منذ 12 يناير/كانون الثاني الماضي.

 

دخول أسلحة جديدة للحوثيين في المعركة

 

وفي السياق، دخلت أسلحة جديدة للحوثيين في المعركة، وآخرها مركبة مسيّرة تحت الماء تستخدم لأول مرة.

 

وأعلنت القيادة العسكرية المركزية الأميركية (سنتكوم)، في بيان الأحد الماضي، أنها نفذت السبت الماضي، "خمس ضربات بنجاح في إجراء للدفاع عن النفس ضد ثلاثة صواريخ كروز مضادة للسفن، ومُسيّرة تحت الماء، وسفينة مسيّرة سطحية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران في اليمن".

 

أعلنت واشنطن تدمير مُسيرة تحت الماء، وسفينة مسيرة سطحية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين

 

وبحسب البيان فإن "هذا هو أول استخدام ملحوظ من قبل الحوثيين لمركبة تحت الماء غير مأهولة منذ بدء الهجمات في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

 

إسقاط مُسيّرة أميركية فوق الحديدة

 

استخدام المركبة المسيّرة تزامن مع نجاح جماعة الحوثيين بإسقاط مُسيرة تابعة للقوات الجوية الأميركية من طراز "أم  كيو9" (MQ-9) في سماء محافظة الحديدة الساحلية غرب البلاد فجر الاثنين الماضي.

 

وأكد البنتاغون، أمس الأربعاء، تحطم مسيّرة أميركية من طراز "أم كيو-9" قبالة سواحل اليمن بعدما أصيبت على ما يبدو بصاروخ أطلقه الحوثيون.

 

وقالت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية سابرينا سينغ، في بيان، إنه "في 19 فبراير/شباط (الحالي) أُسقطت مسيّرة أم كيو-9 أميركية، أو سقطت قبالة سواحل مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، في البحر الأحمر". ولفتت إلى "مؤشرات أولية تفيد بأنها أسقطت بصاروخ أرض - جو أطلقه الحوثيون".

 

كما نجح الحوثيون باستهداف السفينة البريطانية "روبيمار" في خليج عدن بعدد من الصواريخ البحرية، وحققوا "إصابة مباشرة ومؤثرة"، وفقاً لما أعلنه المتحدث باسم القوات المسلحة التابعة إلى الحوثيين العميد يحيى سريع في بيان الاثنين الماضي.

 

وحتى الآن لم يعرف حجم الضرر الذي ألحقته الضربات الأميركية والبريطانية بالترسانة العسكرية للحوثيين، والتي تتهم إيران بدعمهم، خاصة أن الجماعة لا تمتلك إلا القليل من القواعد العسكرية الثابتة، حيث تقوم بنقل ترسانتها من موقع إلى آخر، وهو ما يزيد من صعوبة استهدافها بالضربات.

 

هذه التطورات من شأنها جر الصراع في البحر الأحمر وخليج عدن إلى مراحل متقدمة، مع تكثيف الحوثيين هجماتهم، وإصدار رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط، أخيراً، قراراً ينص على اعتبار أميركا وبريطانيا "دولاً معادية للجمهورية اليمنية".

 

ويقول المحلل والخبير العسكري العقيد وضاح العوبلي، لـ"العربي الجديد"، إنه "عندما نتحدث عن عمليات جماعة الحوثيين فنحن ملزمون بالنظر إلى ما هو أبعد من الجماعة، ويتجاوزها على البعدين الإقليمي والدولي وفقاً لمعطيات صراع النفوذ الإقليمي القائم، أو ذلك الصراع المتعلق بمخاض بروز أقطاب وقوى دولية على المسرح الدولي".

 

أهمية جيوسياسية لليمن في جبهات الصراع

 

ويضيف أنه "في مثل هذه الظروف والمعطيات يمثل اليمن عبر موقعه المطل على باب المندب، وممر الملاحة العالمي في البحرين الأحمر والعربي، أهمية جيوسياسية ثمينة يمكن توظيفها في جبهات هذا الصراع".

 

خليل العمري: استخدام الحوثيين لمركبة مُسيرة تحت الماء يشير إلى تصعيد عسكري في البحر الأحمر

 

ويلفت المحلل العسكري إلى أنه "يمكن للمتابع أن يفهم أن ما ظهر وسيظهر من أسلحة أو ما يمثله تسارع ظهورها المتدرج، يرتبط بشكل مباشر بصراع على هذا المستوى، أي صراع على المستوى الدولي، لا تمتلك فيه جماعة الحوثيين سوى المسرح والواجهة الإعلامية لقراءة البيانات على منصة قاعدة عسكرية لقوات جهة أو جهات دولية أخرى".

 

ويشير العوبلي إلى أن "الحوثيين، ومن يقف وراءهم، يريدون إرسال رسائل، تحديداً إلى أميركا وبريطانيا، مفادها بأنهم ماضون في التصعيد، وأنه ما زال بجعبتهم مفاجآت جديدة على غرار المركبة البحرية المسيرة".

 

ويتوقع أن "تكشف الأيام المقبلة عن صواريخ سطح بحر جديدة، تشق مسارها إلى الهدف فوق سطح الماء للحيلولة دون اكتشافها وتعقبها من قبل رادارات المنظومات الاعتراضية المحمولة على البارجات والفرقاطات".

 

ويرى أن "مسألة صمود الحوثيين مرتبطة ارتباطاً مباشراً بما يمكن أن تذهب إليه الأطراف الأخرى من إجراءات وقرارات رداً على هذه العمليات. أما في حال استمرار حالة التردد والتدليل الدولي، وتضارب المواقف وحسابات المصالح المتناقضة، فإنه يمكن إيجاد مخرج مناسب يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، بما فيها أميركا".

 

استخدام مسيرة تحت الماء يضاعف التهديدات للسفن

 

من جهته، يقول المحلل السياسي خليل العمري، لـ"العربي الجديد"، إن "استخدام الحوثيين لمركبة مُسيرة تحت الماء يشير إلى تصعيد عسكري في البحر الأحمر، ما قد يضاعف من التهديد لأمن الملاحة الدولية ويُعرّض السفن التجارية والمدنية للخطر".

 

ويضيف أنه "يُمكن النظر إلى استخدام هذه الأسلحة الجديدة كرسالة تحدٍ من الحوثيين للإدارة الأميركية والدول الغربية، بعد تصنيفهم كجماعة إرهابية".

 

ويوضح العمري أن "استخدام المركبات المسيّرة تحت الماء يظهر امتلاك الحوثيين لخبرات متقدمة في مجال التصنيع العسكري، مدعومة من الخبراء الإيرانيين. ولكن القوة البحرية للحوثيين تعد محدودة بالمقارنة مع قدرات التحالف الدولي. ومع ذلك فإن استخدام المركبات المسيرة يُمكن أن يُشكل تهديداً كبيراً للسفن الحربية".

 

توقع بمزيد من مفاجآت الحوثيين

 

ويشير إلى أن "من المُحتمل أن تُقدم الجماعة مزيداً من المفاجآت، من خلال الكشف عن أسلحة جديدة للحوثيين خلال الأيام المقبلة، مثل طائرات مسيرة أو غواصات صغيرة، بالإضافة إلى الألغام البحرية شديدة التدمير التي سبق للجماعة استخدامها في حربها مع قوات التحالف (الذي تقوده السعودية)، سواء في المخا أو الحديدة أو ميدي".

 

ويلفت المحلل السياسي إلى أن "التحالف الدولي يواجه صعوبة في مواجهة الحوثيين، نظراً لطبيعة تضاريس اليمن وتحصن الجماعة في المناطق الجبلية، حيث أظهرت الضربات الجوية، التي نفذها التحالف الدولي، عدم فاعليتها في الحد من قدرات الحوثيين، نظراً لعدم وجود قواعد عسكرية ثابتة للجماعة".

 

ويؤكد العمري أن "قدرة الحوثيين على الصمود تعتمد على عدة عوامل، أهمها: الدعم الإيراني، وطبيعة تضاريس اليمن، واعتماد استراتيجية حرب العصابات، والتحشيد الشعبي".

 

ويرى أن "استخدام الحوثيين لأسلحة جديدة في البحر الأحمر يمثل تحدياً كبيراً للتحالف الدولي، فالتحالف الدولي بحاجة لاعتماد نهج شامل للتعامل مع الأزمة اليمنية، وتغيير استراتيجيته في مواجهة الحوثيين، من خلال التركيز على الحلول السياسية والاقتصادية، بدلاً من الاعتماد على الحل العسكري فقط، خصوصاً أن التحالف الأميركي حارس الازدهار، والتحالف الأوروبي أسبيدس، عبارة عن تحالفات ردع تكتيكية غير فعالة في مواجهة الحوثيين".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الحوثي أمريكا حرب طائرات مسيرة فی البحر الأحمر جماعة الحوثیین التحالف الدولی م سیرة إلى أن

إقرأ أيضاً:

لتشديد الحصار على الحوثيين..  إجراءات لإغلاق منافذ التهريب

دفعت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، خلال الأيام الماضية، بقوات ومعدات عسكرية كبيرة إلى عدد من المحافظات اليمنية والمناطق الساحلية شرق البلاد وجنوبها وغربها، بدعم من التحالف بقيادة السعودية، وذلك بحسب مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، بهدف حماية سواحل اليمن والإشراف عليها، وإغلاق منافذ التهريب التي كانت تستخدمها جماعة الحوثيين وجماعات أخرى. تأتي هذه الخطوة لتشديد الحصار على الحوثيين وتأمين بعص المناطق الساحلية، مع العلم أن الساحل اليمني يتجاوز 1200 كيلومتر من شرق البلاد إلى غربها، وتطل عليه عشر محافظات يمنية، هي عدن وأبين ولحج وشبوة وتعز والحديدة وحجة وحضرموت والمهرة وسقطرى.

 

وأوضح المصدر الخاص في قيادة السلطة المحلية في محافظة أبين، لـ"العربي الجديد"، أن لقاء واسعاً عُقد في أبين، يوم الأربعاء الماضي، ضم قيادة السلطة المحلية وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية وقيادات الألوية. واتُخذت في اللقاء خطوات وإجراءات لتأمين ساحل المحافظة، إلى جانب التشديد على قطع كل طرق ومنافذ التهريب من قبل "جماعات متطرفة" في أبين تتعامل مع جماعة الحوثيين، وتحاول تهريب الأسلحة وتقنيات تساعدهم في تعزيز قدراتهم العسكرية بما فيها الطائرات المسيّرة وقطع ومعدات التصنيع، في محاولة من الحوثيين وهذه الجماعات إيجاد بدائل لطرق التهريب التي أُغلقت سواء عبر الموانئ الخاضعة لسيطرتها أو في المهرة وشبوة وكذلك ساحل رأس العارة التابع لمحافظة لحج. لذلك تسعى محافظة أبين، وفق المصدر نفسه، "لتأمين سواحلها وقطع الطريق أمام أي محاولات لاستخدامها للتهريب، واحتمال استعمال الأسلحة المهربة ضد أبين وأبنائها".

 

تشديد الحصار على الحوثيين

 

ويبدو أن إغلاق المنافذ البحرية والبرية هدفه تشديد الحصار على الحوثيين بالدرجة الرئيسية، وبالتالي الاعتماد على المنافذ الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً والأطراف السياسية والعسكرية المنضوية تحتها، مثل ميناء ومطار عدن إلى جانب مطار سيئون ومطار وميناء المخاء. يأتي ذلك بموازاة مبادرة السلطات المعترف بها لفتح طريق الضالع- صنعاء، يوم الخميس الماضي، أمام حركة المشاة والدراجات النارية، بالتزامن أيضاً مع حراك دولي في سواحل اليمن والمنطقة لمنع التهريب وتشديد الرقابة على موانئ دول القرن الأفريقي.

 

وتشارك قوات أخرى في هذا الحصار على الحوثيين وإحباط عمليات التهريب، إذ كانت القوات الدولية الموجودة في البحر العربي والمحيط الهندي، وقوات خفر السواحل اليمنية في محافظة المهرة أقصى شرق اليمن، قد أوقفت دفعات من المهربين التابعين للحوثيين الذين يهربون الأسلحة والمعدات والتقنيات للجماعة. ونفذ الطرفان في عرض البحر العربي عملية مشتركة لمنع التهريب، في محافظة المهرة المطلة على البحر العربي، والواقعة على الحدود اليمنية مع سلطة عُمان.

 

وكانت "العربي الجديد" قد حصلت على معلومات في وقت سابق، من مصادر عسكرية خاصة، عن وجود حركة ونشاط واسع لقوات دولية ويمنية في محافظة المهرة، لإغلاق طرق التهريب التي يستخدمها الحوثيون وجماعات أخرى لتهريب الأسلحة، براً وبحراً، وتحديداً عبر البحر العربي. ويعد هذا المنفذ من أهم منافذ التهريب، سواء الأسلحة والتقنيات، أو قطع تصنيع الطائرات المسيّرة والصواريخ لجماعة الحوثيين.

 

ووفق تلك المصادر، فإن هناك خطين هُربت منهما الأسلحة عبر البحر العربي للحوثيين، إذ انطلقت عمليات التهريب من موانئ الصومال وجيبوتي، على أيدي مهربين تابعين للحوثيين والإيرانيين، فيما كان يتم إدخال الأسلحة عبر سواحل المهرة، ونقلها براً إلى مناطق خاضعة للحوثيين. دفع ذلك قيادة الشرعية والتحالف في وقت مبكر، إلى تشديد الإجراءات ومراقبة الحركة الملاحية وملاحقة المهربين، فيما خرجت تهديدات في أكثر من مرة من قبل الجماعات المتطرفة والحوثيين باستهداف المهرة.

 

ملاحقة عمليات التهريب

 

يتوجه الاتهام بدرجة رئيسية إلى إيران، بالإضافة إلى تواطؤ أطراف إقليمية ودولية، في تسهيل هذا التهريب للحوثيين. وفي هذا الإطار أيضاً يواصل التحالف والقوات الدولية ملاحقة عمليات التهريب سواء التي تذهب للحوثيين أو الجماعات المتطرفة، عبر خليج وباب المندب أو البحر الأحمر، إضافة إلى البحر العربي والمحيط الهندي.

 

ومع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن قوة "درع الوطن" (في 2023)، تم الدفع بقوات منها إلى محافظة المهرة لضبط الأمن وتشديد الإجراءات وإغلاق كل طرق التهريب، في الوقت الذي شددت فيه القوات الأميركية الرقابة على سواحل الصومال وجيبوتي، وألقت القبض على العشرات من المهربين في البحر العربي، التابعين للحوثيين، وعديد من قوارب وسفن الشحن، كان تحمل أسلحة وقطع غيار الطائرات والصواريخ وغيرها.

 

وشكل التهريب تحدياً كبيراً لقوات الحكومة المعترف بها دولياً وقوات الأطراف السياسية والعسكرية المنضوية تحتها، إضافة إلى التحالف العربي، بسبب طول السواحل اليمنية، فيما تشكلت قوات خفر سواحل، من شرق البلاد إلى غربها، في محاولة لمنع التهريب. كذلك تم تشديد الإجراءات في الساحل الغربي وإغلاق منافذ التهريب في البحر وتسلمت قوات "المقاومة الوطنية" (بقيادة طارق محمد صالح ابن شقيق الرئيس الراحل لي عبد الله صالح) و"قوات العمالقة" (ضمن التحالف) الرقابة على هذه المنافذ، وملاحقة المهربين. ويتركز وجود قوات من "العمالقة" وقوات من المجلس الانتقالي الجنوبي وأخرى من "درع الوطن" في السواحل الشرقية من أبين وحتى المهرة.


مقالات مشابهة

  • صحيفة روسية: حاملة الطائرات البريطانية الأكثر شهرة تتجه إلى الحوثيين للانتحار
  • حاملة الطائرات الأمريكية تعود إلى قاعدتها بعد معارك شرسة ضد الحوثيين في البحر الأحمر
  • تحذير من آبل: الأرز لا ينقذ هاتفك من الماء بل قد يدمره
  • شرطة دبي: برامج متقدمة لكشف الجرائم الإلكترونية
  • مصر.. تسجيل هزة أرضية جديدة شمال الغردقة
  • الاعمار تحدد مواعيد إنجاز جسري شارع أبي نؤاس ومجسر الجادرية الثاني
  • مدير الدفاع المدني: لأول مرة استخدام طائرة «درون» مزودة بالذكاء الاصطناعي في عمليات الإطفاء
  • لتشديد الحصار على الحوثيين..  إجراءات لإغلاق منافذ التهريب
  • "أسبيدس": فرقاطة فرنسية تستكمل مهمة جديدة ضمن عملية حماية الملاحة في البحر الأحمر
  • كيف تتناول اللحوم بطريقة صحية؟