قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن المحافظة على الإنسان والحرص على سلامة الأوطان أمرٌ فطريٌّ وواجبٌ شرعيٌّ، دلَّت عليه سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم-، فضلًا عن كافة النصوص الشرعية القطعية.
 

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن الإسلام قصد لحفظ الدين والنفس والمال والعرض والعقل، وهي المقاصد العليا للتشريع الإسلامي، وبالحفاظ عليها يستقر المجتمع، أما إذا تم الإخلال بها في أي مجتمع فحتمًا سيواجه صعوبات وتحدياتٍ كثيرة كالفساد وغيره.


وأكد المفتي أن الإسلام سنَّ تشريعات متعددة من شأنها القضاء التام على الفساد بكل صوره وأشكاله، وانتهج في سبيل ذلك عدة تدابير، منها ما يكمن في تربية الفرد وتنشئته على حب الله ومراقبته في كل سلوك وتصرف يصدر منه، كما اتخذ الإسلام سلسلة من التدابير الأخرى لمنع وقوع جريمة الفساد قدر الإمكان؛ وذلك من خلال سد الطريق أمام كافة الأسباب المؤدية إلى الفساد.

وأشار فضيلته إلى أن الفسادَ في حقيقته يُشكِّل عقبةً خطيرةً لسيادة القانون والتنمية المستدامة، ويزعزع الثقة بالمؤسسات العامة والخاصة، ويقوِّض الشفافية؛ ومن هنا تكاتَف سائر العقلاءِ من أجل محاربة الفساد والقضاء عليه.


وأوضح الدكتور شوقي علام أن مكافحةَ الفسادِ لم تكن في ثقافتنا وليدةَ توجُّهٍ عالميٍّ معاصرٍ أو اتفاقيةٍ حديثةٍ، بل إن محاربته ظلَّت إحدى قِيَمنا الحضارية الوطنية والإسلامية؛ نراها في شريعة الإسلام وحضارته منذ القِدَم؛ ففي إطارِ الحرص على حياة الشعوب واستقرارها أكد الإسلامُ على موقفه الرافض لكافة أشكال الفساد، ونهى عنه وشدَّد على تحريمه وتجريمه، بل إن دستورَ الإسلامِ قد نصَّ على أن الله عز وجل لا يحب المفسدين؛ فقال تعالى في القرآن الكريم في سورة القصص: {وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، وقد كان ذلك نواةً أساسيةً لقيام الحضارة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها.


وثمَّن فضيلة المفتي جهودَ الدولة ومؤسساتها الرقابية والتنفيذية التي تسعى بكامل طاقتها إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في سبيل مكافحة الفساد، وقد اتخذت العديد من القرارات الجسورة التي من شأنها تحقيق قدرٍ أكبر من العدالة والحياة الكريمة.


وعن جهود دار الإفتاء المصرية في محاربة الفساد بكافة أشكاله وخاصة الفساد الفكري من خلال فتاويها قال مفتي الجمهورية: إن دار الإفتاء المصرية قد وقفت في طليعة مؤسسات الدولة تكافح الفساد وتواجهه في سياق رسالتها المتمثلة في بيان الأحكام الشرعية في إطار من الانضباط المؤسسي الواعي بتحقيق مصالح الخلق في ظل مقاصد الشريعة، فلم تترك دار الإفتاء فرصة لمحاربة الفساد والتنبيه على مظاهره وأخطاره إلا وقامت باستثمارها، فأصدرت الفتاوى التي تبين حرمة الاعتداء على المال العام، وحرمة التعدي على الملكية الشائعة واستغلال الطرقات العامة وأراضي الدولة، ونشرت فتاويها في تحريم دفع الرشوة وتحريم الاحتكار، وغير ذلك كثير، فضلًا عن محاربة الفكر المتطرف الذي يمثل فسادًا فكريًّا.


وشدد فضيلته على خطورة الفساد الفكري المتمثل في التدين الشكلي واحتكار الحقيقة، حيث إن المنهجية العلمية للشرع الشريف والمأخوذة من القرآن والسنة والتي عمل العلماء على ترسيخها عبر العصور، من بين سماتها التواضع واحترام رأي الآخرين وعدم المصادرة على أقوالهم، وهي تصبُّ في صالح التَّدين الصحيح، وتحقِّق الأمن المجتمعي، الذي به تستقرُّ المجتمعات، وهو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم كما نرى ذلك جليًّا في سيرته العطرة؛ وهذه المنهجيَّة أثبتها الشافعيُّ حين قال: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".


وأكد فضيلة المفتي أن فقه الدولة والوطن بديهيات غابت عن فكر الجماعات المتطرفة؛ ولذا فشلت على مر العصور في تكوين كيان مشابه وبديل لذلك.


وشدد فضيلته على ضرورة مواجهة الفساد بكل أشكاله والتعاون مع القانون في الإبلاغ عن الفساد انطلاقًا من المسئولية الفردية والجماعية، مشيرًا إلى ضرورة المزيد من التوعية في كل المنابر والأماكن الموجهة للفرد سواء في وسائل الإعلام أو في الأعمال الدرامية أو مراكز الشباب وغيرها للتحذير من مخاطر وعواقب الفساد بكل أشكاله.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

الأفضل للأضحية الغنم أم الإبل..الإفتاء المصرية تحسم الجدل

حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل بشأن الأضحية، مع اقتراب حلول عيد الأضحى المبارك، واقترانه مع التضحية بالأضاحي المختلفة، خرجت دار الإفتاء المصرية لترد على تساؤلات المسلمين المتكررة في هذا الشأن عن نوع الأضاحي المفضلة، وطريقة توزيع لحوم الأضاحي وغيرها من الأمور.


هل توجد أضحية مفضلة في الإسلام؟

في ردها على سؤال حول إن كان هناك نوع مفضل للأضحية في عيد الأضحى، قالت الإفتاء إن الفقهاء اختلفوا في ذلك، وما عليه الفتوى أن الأفضل في الأُضحِية الغنم ثم الإبل ثم البقر، وعللت الإفتاء ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالكباش من الغنم، وورد ذلك في أحاديث كثيرة منها: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ وَأَنَا أُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ".

وحول إن كانت الأضحية مرة واحدة في العمر أم كل عام، قالت الإفتاء إن الأُضْحِيَّة سنة مؤكدة للقادر كل عام ولا يجزئ عام عما بعده، لأنها تتكرر بتكرر وقتها كالصلاة، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم يوم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ في كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَةً».


هل يجوز الادخار من لحم الأضحية؟

 

وعن ادخار وتخزين لحوم الأضاحي، ردت الإفتاء بأنه يجوز شرعًا ادِّخار لحوم الأضاحي عند جمهور الفقهاء، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ونَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِي فَوْقَ ثَلاَثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ».

لحوم

جلود الأضاحي..وتقسيم الأضحية

 

وعن قيام البعض بتميع وبيع جلود الأضاحي، قالت الإفتاء إنه أمر جائز لأغراض التبرع والصدقة، لكنه أمر ممنوع عند الأكثرين أن يبيع صاحب الأضحية شيئا منها لينتفع بثمنه.

وفي ردها على سؤال حول كيفية توزيع الأضحية، أفادت دار الإفتاء أنه يستحب تقسيم الأُضْحِيَّة إلى ثلاثة أثلاث، يأكل المضحي وأهل بيته ثلثها، ويهدي ثلثها، ويتصدق بثلثها، فلو أكل أكثر من الثلث فلا حرج عليه، وإن تصدق بأكثر من الثلث فلا حرج عليه، لقول ابن عمر رضي الله عنه: "الضحايا والهدايا: ثلث لك، وثلث لأهلك، وثلث للمساكين".

رأس الأضحية لا تقسم ولا تباع

وقالت الإفتاء إن ما يقسم من الأُضحِية فهو اللحم، لأنه المقصود الأعظم، وهو الذي يعود نفعه على المستحقين، وأما أحشاء الأضحية من كبدٍ وغيره فإنه يستحب تقسيمه، وإن لم يقسمه المضحي فلا حرج في ذلك، أما بخصوص الرأس فلا تقسم، بل تكون لصاحب الأُضْحِيَّة، ولا يبيعها ولا يعطيها للجزار مقابل أجره.

لا يجوز الذبح بالشوارع

وكعادتها كل عام، جددت دار الإفتاء المصرية رفضها لكافة أشكال الذبح في الشوارع، وقالت إنه لا يجوز شرعًا ذبح الأضاحي في الشوارع وترك مخلفاتها في الطرقات، لأن فيه إيذاء للناس، ونشر للأوبئة، فإذا انضاف لذلك الفعل مخالفة التعليمات المقررة من الجهات المختصة فيما يتعلق بذبح الأضاحي كان الإثم أشد وفاعل ذلك إنما يتخلق بأخلاق بعيدة عن أخلاق المسلمين.

مقالات مشابهة

  • البابا تواضروس يهنئ مفتي الجمهورية بعيد الأضحى
  • كم مرة حج الرسول؟.. وماذا فعل في حجه الأخير؟
  • قبل زيارة بيت الله الحرام.. أهم شروط ومتطلبات الحج
  • الركن الخامس من أركان الإسلام.. تعرف على أحكام مناسك الحج
  • الأفضل للأضحية الغنم أم الإبل..الإفتاء المصرية تحسم الجدل
  • تعرف على الأضحية وأحكامها الشرعية في الإسلام
  • المفتى: الحج من العبادات التي بها مشقة والإسلام جعل مبناها التيسير
  • مفتي الجمهورية في ندوة الحج الكبرى بمكة المكرمة: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم
  • مفتي الجمهورية: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم
  • هل يجوز الأضحية بـ ديك.. دار الإفتاء تُجيب