أوليفييه دوزون يكتب: اشتباكات وتوترات.. الهجمات المُضادة لـ«حركة إم 23» فى شرق الكونغو تُشعل المنطقة
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
يبدو أن كل شيء يتسارع ويتصادم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لا يزال الوضع في شرق الجمهورية مُتوترًا، مع استمرار الاشتباكات بين القوات المسلحة الكونغولية «FARDC» وجماعة «إم ٢٣» المُتمردة.
أعلنت القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية عن وصول كتائب جديدة ومعدات عسكرية إلى جوما بإقليم شمال كيفو، بهدف تعزيز مواقعها واستعادة المناطق التي احتلتها حركة إم ٢٣ وقوات الدفاع الرواندية.
وتتكون التعزيزات بشكل رئيسي من قوات كوماندوز تابعة للقوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، مما يُشير إلى تكثيف العمليات العسكرية في المنطقة، كما أحضر الوافدون الجدد معهم ترسانة عسكرية كبيرة، بما في ذلك المركبات المدرعة، ويُشير هذا إلى مرحلة هجومية سريعة وحازمة من جانب القوات المسلحة الكونغولية. ومن هذا المنظور، لا تزال التوترات المستمرة واضحة، فعلى الرغم من نشر التعزيزات، لا يزال القتال مُستمرًا في المنطقة، حيث أبلغت حركة ٢٣ مارس عن هجمات على عدة مواقع للقوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، ولا سيما في لوشانجي وماليهي.
فيما يتعلق بحركة «إم ٢٣»، هناك تقارير عن انتشار واسع النطاق للحركة باتجاه كيلوليروي، استعدادًا لهجوم محتمل على محور ساكي- جوما-مينوفا، ويُثير هذا الوضع مخاوف من تصاعد الأعمال العدائية في الأيام المقبلة.
وفي هذا السياق، قام رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، مؤخرًا، بزيارة جوما قبل عودته إلى كينشاسا، والتقى جرحى الحرب في المستشفى الإقليمي وترأس اجتماعًا قياديًا لتقييم الوضع على الأرض.
من جانبها، أعلنت بريتوريا نشر ما لا يقل عن ٢٩٠٠ فرد من قوات الدفاع الوطني لجنوب أفريقيا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وبحسب البيان الصحفي الرسمي، فإن هذا الانتشار يهدف إلى المساهمة في القتال ضد الجماعات المسلحة غير الشرعية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، كجزء من مهمة مجموعة التنمية للجنوب الأفريقي «SADC» في الكونغو.
ويأتي هذا الانتشار في الوقت الذي انخرطت فيه جمهورية الكونغو الديمقراطية، منذ عام ٢٠٢١، في قتال ضد الجماعة المسلحة «M٢٣» (حركة ٢٣ مارس)، التي تمولها رواندا المجاورة. ويهدد تقدم هذه المجموعة الآن جوما عاصمة مقاطعة شمال كيفو.
أدت عقود من الصراع في شرق الكونغو بين عدة جماعات مسلحة متنافسة للسيطرة على الأراضي والموارد إلى مقتل مئات الآلاف من الأشخاص وتشريد أكثر من سبعة ملايين آخرين، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام.
تم نشر بعثة «SADC» في جمهورية الكونغو الديمقراطية في ١٥ ديسمبر ٢٠٢٣، لدعم الحكومة في استعادة السلام والأمن في شرق البلاد، والذي يشهد تصاعدًا في الصراعات وعدم الاستقرار الناجم عن عودة الجماعات المسلحة.
سيغطي نشر القوات الفترة من ١٥ ديسمبر ٢٠٢٣ إلى ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤، وقد تم التصريح به وفقًا لأحكام المادة ٢٠١ «٢» «ج» من دستور جمهورية جنوب أفريقيا، ويبلغ الإنفاق المدرج في الميزانية على هذه العملية ما يزيد قليلًا علي ٢ مليار راند «نحو ١٠٣٢٢٩٠٠٠ دولار أمريكى»، وقالت رئاسة جنوب أفريقيا في بيان، إن هذا الإنفاق لن يؤثر على مخصصات الصيانة الدورية والإصلاحات الطارئة لقوة الدفاع.
إن الالتزام بالمساهمة بقوات في هذه المهمة في جمهورية الكونغو الديمقراطية يقع على عاتق جميع الدول الأعضاء في مجموعة التنمية للجنوب الأفريقي «SADC»، وتضم المجموعة ١٦ دولة من بينها الكونغو.
تمت الموافقة على نشر القوات من قبل القمة الاستثنائية لرؤساء دول وحكومات «SADC» التي عقدت في ويندهوك، جمهورية ناميبيا في ٨ مايو ٢٠٢٣، كرد إقليمي لمعالجة الوضع الأمني غير المستقر والمتراجع السائد في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وفي بيان صدر في يناير ٢٠٢٤، قالت الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي، إن وجود هذه القوات يوضح التزام الدول الأعضاء في الجماعة بدعم جمهورية الكونغو الديمقراطية في جهودها لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين، وفي نهاية المطاف، خلق بيئة مواتية للتنمية والازدهار.
ومن المفهوم أن الوضع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية لا يزال مُتقلبًا، مع استمرار الاشتباكات بين القوات المسلحة للكونغو وحركة ٢٣ مارس، ويبدو أن نشر التعزيزات العسكرية يُشير إلى رغبة الحكومة الكونغولية في استعادة السيطرة على المناطق المتنازع عليها، لكن التوترات مستمرة والعنف متواصل.
أوليفييه دوزون: مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى، من أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم»، و«ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟» و«الهند تواجه مصيرها»، يتناول فى مقاله، التوترات المستمرة فى شرق الكونغو الديمقراطية فى ظل هجمات حركة 23 مارس أو إم 23.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أوليفييه دوزون الكونغو الديمقراطية كوماندوز فی جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة القوات المسلحة فی شرق
إقرأ أيضاً:
تزايد التوترات بين اليونيفيل وسكان جنوب لبنان: اشتباكات متكررة وتآكل الثقة
شهدت بلدة صديقين، في قضاء صور بجنوب لبنان، حادثة جديدة تمثلت في اشتباك بين دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والسكان المحليين. وقعت المواجهة بعد دخول الدورية إلى منطقة جبل الكبير دون تنسيق مع الجيش اللبناني، ولا مرافقة رسمية – وهي خطوة اعتُبرت على نطاق واسع انتهاكًا للبروتوكولات المحلية، حسب وكالة الانباء اللبنانية
هذه الحادثة ليست معزولة، بل هي جزء من نمط متزايد من الاحتكاكات بين قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وسكان القرى في الجنوب، الأمر الذي يثير تساؤل على مدى التوتر بين السكان وهذه القوات.
منذ حرب عام 2006، كان هناك تفاهم صريح وضمني بأن على اليونيفيل تنسيق جميع تحركاتها مع الجيش اللبناني. يهدف هذا إلى تجنب سوء الفهم أو المواجهات مع السكان المحليين. ومع ذلك، تستمر حوادث الدوريات غير المنسقة التي تدخل أراضي خاصة أو مناطق حساسة في الحدوث – وينظر إليها السكان على أنها انتهاكات للسيادة ومعايير المجتمع.
وتقع بلدة صديقين في منطقة استراتيجية جغرافيًا وعسكريًا، وتحيط بها تلال حرجية وممرات تستخدمها القوات الدولية في دورياتها الروتينية لمراقبة وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، تطبيقًا للقرار «1701». وقد شهدت المنطقة حوادث مماثلة في السابق، حيث تعرضت آليات تابعة لـ«يونيفيل» للتخريب، أو مُنعت من التصوير والاستطلاع، حسب صحيفة “الشرق الأوسط”.
في حالة صديقين، قوبل دخول اليونيفيل إلى جبل الكبير بغضب شعبي ومشادات كلامية وضغوط أجبرت قوات حفظ السلام في النهاية على الانسحاب من المنطقة.
وتواجه قوات «يونيفيل» جنوب لبنان هذه الحوادث بصورة دورية، حيث يعترض الأهالي على دخول أي قوات إليها من دون مرافقة الجيش اللبناني.
وبحسب الصحف، ينمو شعور بالريبة والشك العميقين بين العديد من سكان جنوب لبنان تجاه النوايا لليونيفيل – خاصة عندما تقوم الدوريات بالتقاط الصور، أو تحليق الطائرات دون طيار، أو الاقتراب من مواقع حساسة عسكريًا أو ثقافيًا دون مبرر واضح.
وبينت الصحف أن جزء كبير من السكان المحليين يرى في ذه القوات بأنها ليست محايدة، وتغض الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية شبه اليومية للمجال الجوي والسيادة اللبنانية، موضحة أن هناك فجوة في التنسيق، مع مخاوف من عدم تفاهمات طويلة المدى، الأمر الذي قد يعرض الهدوء الهش في المنطقة للخطر.
المشكلة الأكبر، حسب الصحف، هو غياب الإشراف الرسمي، وتولي سكان الجنوب أنفسهم مهمة مراقبة وتحدي التحركات الأجنبية على أراضيهم.
واختتمت أحدى الصحف بالقول إنه لا يمكن اعتبار تدهور العلاقة بين اليونيفيل والسكان مجرد سلسلة من الأحداث المعزولة. إنه يعكس أزمة أعمق – أزمة ثقة مفقودة، وضعف في التفاعل المجتمعي، وتداخل في حدود سلطة القوات الدولية.