يوم 28 فبراير الذى يوافق اليوم ولكن منذ 122 عامًا وبالتحديد عام 1922، أعلنت بريطانيا من طرف واحد فى لندن والقاهرة، إنهاء الحماية البريطانية على مصر، وأن مصر «دولة مستقلة لها سيادة»، لكن احتفظت بريطانيا بحق تأمين مواصلات إمبراطوريتها فى مصر، وحقها فى الدفاع عنها ضد أى اعتداء أو تدخل أجنبى، وحماية المصالح الأجنبية والأقليات فيها، وإبقاء الوضع فى السودان كما هو.
قبلت الحكومة المصرية برئاسة عبدالخالق ثروت هذا القرار الذى عرف بتصريح 28 فبراير، وكان أولى ثمرات ثورة 1919، حيث كان المصريون يأملون فى تحقيق آمالهم من خلال مؤتمر الصلح المقرر عقده فى باريس 28 يونيو 1919، وكان سعد زغلول وزملاؤه ينوون الذهاب إلى المؤتمر، ولكن عندما علمت إنجلترا قررت نفى سعد زغلول وبعض أعضاء الوفد إلى جزيرة مالطة واندلعت الثورات بسبب قرار النفى، فشملت كل الطوائف من طبقات الشعب، فسارعت إنجلترا بتعديل قراراتها وقد تمثلت التعديلات فى التساهل فى الإفراج عن سعد زغلول وزملائه والسماح لهم بالسفر إلى باريس، وسد الطريق أمام الوفد من خلال اعتراف دول المؤتمر بالحماية على مصر، والحصول على اعتراف الشعب ذاته بإرسال (لجنة ملنر) لإقناعهم.
رفض الشعب المصرى لجنة ملنر وقاطعوا القرارات التى أقرها المؤتمر، وكان سعد زغلول فى باريس يقود الحركة فى مصر من خلال لجنة الوفد المركزية، ولم يكن أمام (ملنر) إلا التفاوض، وبدأت المرحلة الأولى بين (سعد وملنر) وكان هدفها إلغاء الحماية البريطانية على مصر والاعتراف باستقلال مصر التام الداخلى والخارجى ولكنها فشلت بسبب إصرار بريطانيا على تحويل استقلال مصر لاستقلال شكلى عن طريق: حماية المصالح الأجنبية وحرمان مصر من إقامة أى علاقات مستقلة مع دول أخرى.
رفض سعد زغلول إبرام أى اتفاقيات، واعتقل ونفى للمرة الثانية، ولكن إلى جزيرة سيشل تمهيدًا لإعلان ما عرف بـ«تصريح 28 فبراير» الذى نص على إنهاء الحماية البريطانية على مصر وتكون مصر ذات سيادة، وإلغاء الأحكام العرفية التى التى أعلنت فى 24 نوفمبر 1914، وإلى حين إبرام الاتفاقيات بين الطرفين يكون لإنجلترا بعض التحفظات، وتأمين مواصلات الإمبراطورية البريطانية فى مصر، والحق فى الدفاع عن مصر وحماية الأقليات والحق فى التصرف فى السودان.
البعض يرى أن هذا الإعلان البريطانى المعروف بتصريح 28 فبراير، لم يغير من الواقع كثيرًا، وأن إنجازات ثورة 1919 قد سرقتها البرجوازية، وأن المستفيد الرئيسى من هذا الاستقلال المنقوص كان طبقة الرأسماليين وأصحاب الإقطاعيات الزراعية، بل إن الاستقلال التام لم يتحقق سوى بجلاء القوات البريطانية عام 1956. وفى الواقع أن هذه المزايدات التاريخية، التى نبتت من مدارس إيديولوجية مختلفة لا تستقيم لو وضعنا تصريح 28 فبراير فى إطاره التاريخى الصحيح، فبريطانيا لم تكن لتتخلى عن مصر بسهولة، وهى التى خرجت من الحرب العالمية الأولى منتصرة. وتصريح 28 فبراير بالرغم من عوراته فقد أعطى لمصر استقلالها ومكانتها التى سمحت بالاهتمام بالتعليم والصناعة والثقافة العربية التى حاربها الاستعمار. وما لم يتم تحقيقه عام 1922 تم تدارك بعضه فى معاهدة الصداقة والتحالف عام 1936، وأخيرًا من خلال اتفاقية الجلاء التى توصل إليها عبدالناصر عام 1954.
فى الواقع أن هذا التصريح لم يكن منحة من أحد، ولم تتنازل بريطانيا العظمى عن مصر بسهولة، وقاومت بكل ما لها من جبروت وقوة حصول المصريين على استقلالهم، وحاربت فى كل محفل لمنع حصولهم على حقوقهم. وبقدر ما تم قتلهم فى مظاهرات وأحداث ثورة 1919 بما يربو عن ألف شخص.
واتبعت بريطانيا من الوسائل القمعية بما ينافى قواعد الحرب الإنسانية بما فى ذلك إحراق قرى بأكملها انتقامًا من حوادث الاعتداء على جنود السلطة وعملت بريطانيا على محاصرة الآمال المصرية فى المحافل الدولية.
ولكى تقدر الأجيال الجديدة مدى قيمة الاستقلال الذى حققته القوى الوطنية فى 1922 يلزم فتح عيونهم، وهم الذين نشأوا فى ظل الحرية والاستقلال على مسالب الاستعمار وجرائمه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن محمود غلاب الحكومة المصرية سعد زغلول على مصر من خلال
إقرأ أيضاً:
الخطوط البريطانية تخوض دعوى قضائية بشأن رحلة للكويت عام 1990
تخوض الخطوط الجوية البريطانية دعوى قضائية أمام المحكمة العليا رفعها ركاب وطاقم تم احتجازهم رهائن عندما هبطت إحدى رحلاتها في الكويت عام 1990 بالتزامن مع غزو العراق للبلاد بداية حرب الخليج.
ويقاضي أكثر من 100 شخص -بمن فيهم الركاب وأفراد الطاقم على متن تلك الرحلة- شركة الطيران بسبب مزاعم بأنها سمحت للطائرة بالهبوط على الرغم من التحذيرات من أن الغزو وشيك.
وجاء في الدعوى القضائية أنه "أثناء احتجازهم رهائن، تعرض واحد أو أكثر من الركاب لمعاملة غير إنسانية واعتداء، بما في ذلك حالات اعتداء جنسي واغتصاب وإعدام وهمي وأشكال أخرى من التعذيب وسوء المعاملة".
واتهم المدعون الخطوط البريطانية بالعمل "بالتنسيق" مع حكومة المملكة المتحدة من خلال الموافقة المزعومة على نقل جواسيس سرا في مهمة استخباراتية على متن الرحلة، مما يجعلهم هدفا للعراق، في حين تنفي الشركة البريطانية تلك الاتهامات.
"دعوى متأخرة"وذكرت دعوى الدفاع للشركة البريطانية أن مطالبات الركاب قُدّمت متأخرة جدا، بينما كان أفراد الطاقم قد قبلوا سابقا مدفوعات تسوية من شركة الطيران.
وزعمت الدعوى أن أعضاء المجموعة، وهم جزء من وحدة مزعومة من القوات الخاصة البريطانية تُعرف باسم "الزيادة" لم يكونوا مدرجين في قائمة ركاب الرحلة التي وثّقت الركاب، لكن قائد الطائرة كان على علم بوجودهم.
إعلانوقالت الخطوط البريطانية في ملفها إنها اتخذت خطوات معقولة لضمان سلامة من كانوا على متنها، وإنه لم يتم إبلاغها بأن القوات العراقية قد عبرت الحدود قبل هبوط الطائرة.
وتنفي الشركة البريطانية أن تكون طرفا في أي اتفاق بشأن "الزيادة" أو أن يكون لديها أي علم بالجواسيس المزعومين.
وحسب ملف دفاعها، فإن مطالبات الركاب قد سقطت بالتقادم بموجب حد أقصى عامين، وقالت أيضا إن الموظفين قد قبلوا سابقا مدفوعات تتراوح بين 3 آلاف و15 ألف جنيه إسترليني في "تسوية كاملة ونهائية نتيجة لتجاربهم السلبية المتعلقة بالطائرة" واحتجازهم في الكويت والعراق.
كما ذكرت الخطوط البريطانية أن دعاوى قضائية سابقة قد رُفعت دون جدوى في إنجلترا وفرنسا وتكساس. وأظهرت سجلات المحكمة أن وثائق الدفاع الخاصة بمكتب مجلس الوزراء ووزارة الخارجية والكومنولث والتنمية، ووزارة الدفاع قد قُدّمت يوم الجمعة، ولكن لم تكن متاحة للعامة فورا. ورفضت حكومة المملكة المتحدة التعليق.