في ظل العدوان وعسكرة أمريكا وبريطانيا للبحر الأحمر.. نساء الصيادين في الساحل الغربي.. حياة بطعم الخوف
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
الاسرة/ زهور عبدالله
مريم الطويلية، سيدة تجاوزت الستين من العمر، ذهب أولادها الثلاثة في رحلة صيد اعتيادية قبل أكثر من عشر سنوات، لكنهم لم يعودوا أبدا.
لم تفقد الثكلى “الطويلية” التي تسكن قرية ساحلية صغيرة تُسمى “موشج” جنوب مدينة الخوخة على الساحل الغربي لليمن يوما الأمل في عودتهم، وتحرص على الجلوس على الشاطئ كل مساء، حتى غروب الشمس، تُخاطب البحر، وتسأله بدموعها أن يُعيد إليها أولادها.
كانت رحلة الصياد علي عامر ابن السيدة مريم مع شقيقيه يحيى وسالم برفقة عشرة صيادين آخرين على قارب تقليدي صغير الحجم في موسم الرياح، التي يسميها الصيادون المحليون “ريح الأزيب” والتي تبدأ في كانون الأول وتشتد حدتها في آذار، واختفى أثرهم منذ ذلك الوقت، لكن هذه الرياح الموسمية، والأعاصير الغاضبة التي يشهدها البحر من وقت لآخر، لم تعد المُهدد الوحيد لحياة الصيادين في الأعماق، بل ان المخاطر المُحيطة بهم باتت كثيرة ومُتعددة، خصوصا مع الحرب العدوانية على اليمن المتواصلة منذ عشر سنوات قبل أن تقوم أمريكا مؤخرا ومعها بريطانيا بعدوان جديد على اليمن ،وحولت البحر الأحمر إلى ثكنة عسكرية من أجل حماية الاحتلال الإسرائيلي لمواصلة جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وما أضافته هذه المغامرة الأمريكية الحمقاء من اثار ومخاطر وتحديات على حياة الصيادين وعائلاتهم على الساحل الغربي خصوصا وكل سواحل اليمن بشكل عام.
أصبحت نساء الصيادين على امتداد السواحل اليمنية البالغة الفي كيلو متر، يعشن قلقا دائما ومتزايدا مع كل رحلة اصطياد يقوم بها أبناؤهن وأزواجهن إلى أعماق البحر، غير أن معاناة صيادي الساحل الغربي كما يؤكد مختصون، يظلون الأكثر معاناة بسبب الأوضاع الحالية التي تعيشها البلاد في ظل العدوان السعودي الأمريكي المستمر وتحالف الولايات المتحدة وبريطانيا لحماية السفن الإسرائيلية في البحرين العربي والأحمر ومنطقة باب المندب.. ويقول ماجد عبده وهو شيخ الصيادين بمحافظة الحديدة بأن مئات الصيادين تعرضوا للقتل أو لجروح مختلفة بسبب الحرب خلال السنوات الماضية كما تم تدمير قواربهم، وهو ما انعكس سلبا على حياة عشرات الآلاف من الأسر في مجتمعات الصيادين على ساحل البحر الأحمر.
وتوضح النساء في مجتمعات وقرى الصيادين بأن كل رحلة يقوم بها أزواجهن وأبناؤهن أصبحت في ظل هذه الأوضاع بمثابة مغامرة غير محمودة العواقب وتقول سعيدة وهي سيدة في العقد الرابع من العمر من أبناء قرية القطابا التابعة لمديرية الخوخة بأن زوجها وابنيها اليافعين يعملون في مهنة صيد الأسماك، ويغيبون في كل رحلة اصطياد ما بين أسبوع إلى عشرة أيام, لتعيش طيلة هذه الفترة رُعبا دائما قبل أن يزول مؤقتا مع عودتهم, وسرعان ما يعود الخوف بمجرد ذهابهم إلى البحر مُجددا، لتتحول حياتها إلى دوامة خوف متواصلة ، لا تكاد تتوقف حتى تبدأ من جديد.
مخاوف سعيدة الدائمة كما تقول تعود إلى حوادث الاعتداءات المُتكررة التي تعرض ويتعرض لها الصيادون، موضحة بأن عشرة صيادين في قريتها التي يعتمد سكانها البالغ عددهم نحو عشرة آلاف نسمة، في معيشتهم على صيد الأسماك، قد قُتلوا بنيران الأطراف المتصارعة خلال الشهور الأولى من الحرب، ناهيك عن تعرُض العشرات من الصيادين لعمليات احتجاز من قبل قوات بحرية تابعة لدول مجاورة.
وتشير إحصائيات رسمية صادرة عن الجهات المختصة في صنعاء إلى مقتل 271صيادا والعشرات من الجرحى خلال ست سنوات من الحرب، إضافة إلى اختطاف وسجن وتعذيب 1749صيادا خلال الفترة ذاتها، وأن العشرات منهم لايزالون رهن الاحتجاز لدى مختلف الأطراف حتى اللحظة.
ومع استمرار الحرب تتفاقم معاناة النساء وتتصاعد مخاوفهن على مصير ذويهن وعلى مصادر معيشتهن وحياة أطفالهن.. وتقول سلامة وهي سيدة في العقد الثالث من العمر من قرية الكَدح الساحلية -على بعد أربعة كيلو مترات إلى الشمال من مدينة الخوخة- بأنها فقدت زوجها واثنين من أشقائها بعد أن تعرّض قاربهم لهجوم من طائرة حربية في جزيرة عقبان في العام 2016، لكن والدها وعمها لا يزالان يمارسان مهنة الاصطياد رغم المخاوف الدائمة التي تخيم على أسرتها، إذ لا سبيل أمامهما إلا مواصلة الصيد باعتباره المصدر الوحيد لعيشهم
وتعرض العشرات من قوارب الصيد التقليدية في الساحل الغربي للتدمير الكلي.. تؤكد تقارير رسمية صادرة عن الجهات المختصة بالحديدة بأن عدد القوارب المُدمّرة بشكل كلي في سواحل محافظتي الحديدة وحجة بلغت 250 قاربًا بكلفة إجمالية تُقدّر بأكثر من مليوني دولار أمريكي.. ويقول مسئولون بالمكتب التنفيذي للاتحاد التعاوني السمكي: إن الصيادين اليمنيين وعائلاتهم وخاصة في سواحل البحر الأحمر المُمتدة من منطقة ميدي شمالا حتى باب المندب جنوبا، دفعوا ويدفعون حتى اليوم أثمانا باهظة من حياتهم وحياة نسائهم وأطفالهم جراء العدوان قديمه وحديثه.
ويؤكدون أن أكثر من مليوني نسمة من أبناء المدن والقرى الساحلية على امتداد الشريط الساحلي للبحر الأحمر تعرضوا لأضرار مباشرة على مستوى معيشتهم.
ولا يكاد يمر يوم، أو أسبوع على أكبر تقدير، دون أن يتناهى إلى مسامع النساء في قرى وأماكن تجمعات الصيادين، أنباء عن تعرُض قوارب الاصطياد التقليدية لهجوم مُسلّح أو احتجاز أو تعذيب، ما جعلهن يعشن حياة بطعم الخوف الذي لا ينتهي، وجُل ما بتْن يتمنينه وقف الحرب ووضع حد للرُعب المُخيّم على حياتهن.
نافذة على غزة:
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
نساء سودانيات يناقشن معاناة اللاجئين في لقاء حمدوك بكمبالا
كمبالا: سودانايل: وسط تداعيات الحرب واللجوء، نقلن نساء مهنيات، سودانيات في كمبالا، أمس السبت، صورة واضحة، لرئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوي الثورة (صمود)عبد الله حمدوك، عن معاناة النساء في المنافي. من انقطاع الأطفال عن التعليم، إلى غياب الرعاية الصحية في المخيمات، مرورًا بتقليص الدعم الإنساني وتصاعد الانتهاكات.
أشارت النساء إلى التدهور المتسارع في الأوضاع الإنسانية داخل المعسكرات، بعد تقليص الدعم من المنظمات، وعدم توفر الخدمات الأساسية، بما في ذلك غياب المرافق الصحية، وهو ما تسبب في حالات إجهاض متكررة بين النساء في مخيم بيالى.
وعبرن عن معاناة اللاجئين السودانيين جراء تحويل التسجيل من كمبالا إلى معسكر نيومانزي الحدودي مع دولة جنوب السودان، مما شكل عبئًا إضافيًا على الأسر، خاصة أولئك الذين يدخلون البلاد عبر مطار عنتبي، وطالبن بإعادة التسجيل إلى كمبالا.
وكشفن عن تزايد أعداد النازحين من كردفان ودارفور، حيث استقبل معسكر "بيالي" وحده نحو 3 آلاف وافد جديد في ظل ضعف الاستجابة الإنسانية
كما حذرن من التوترات السياسية بين الطلاب السودانيين في المدارس الثانوية، نتيجة الخلافات السياسية والتي وصلت إلى حد استدعاء الشرطة، مما ينذر بانقسام اجتماعي حاد ويستدعي تدابير واضحة بالتنسيق مع الحكومة الأوغندية.
إحدى الأمهات المقيمات في أوغندا، عبرت عن قلقها من واقع التعليم، مشيرة إلى أن عدداً كبيراً من الأطفال خارج مقاعد الدراسة بسبب حواجز اللغة والرسوم الدراسية المرتفعة، خاصة في المدارس السودانية التي تتراوح تكلفتها بين 700 إلى 800 دولار سنوياً . كما نبهت إلى صعوبات تواجه الشباب في الالتحاق بالجامعات الاوغندية بسبب اختلاف السلم التعليمي، مقترحة التواصل مع السلطات الأوغندية لتقديم تسهيلات، والاستفادة من برامج تعليم الطوارئ التي تقدمها منظمة "الإيقاد" داخل كمبالا والمعسكرات.
واختُتمت المداخلات بالدعوة إلى تمكين النساء ومنحهن تمثيلًا حقيقيًا في الهياكل التنظيمية بنسبة 40%، مع الاستمرار في مناهضة الحرب ورفع صوت النساء من مواقعهن المختلفة.
من جانبه اكد حمدوك خلال اللقاء أن جزءًا من التحديات التي تواجه السودانيين في المنفى يمكن التعامل معها بالتنسيق مع المنظمات، فيما يتطلب بعضها الآخر حوارًا مباشرًا مع السلطات الأوغندية. واعتبر أن توقف الدعم الأميركي خلق تحديات إضافية، لكنه أشار إلى وجود جهات ومنظمات أميركية خارج الأطر الرسمية يمكن التفاعل معها لطرح القضايا السودانية، مشددًا على أن هذا لا يعني استجداءً للعطف، بل من منطلق المسئولية المشتركة.
وأشار إلى أن الحرب في السودان لا حل لها عبر الحسم العسكري، ولا توجد مؤشرات على انتصار لأي طرف، متسائلًا عن جدوى استمرار معاناة الشعب في الداخل والخارج. ودعا إلى ضرورة توسيع جبهة الرافضين للحرب، وفتح حوار مع جميع أطراف النزاع.
وختم حديثه بالتأكيد على أهمية رفع صوت "لا للحرب"، معتبرًا أن النساء مؤهلات للقيام بدور محوري في بناء جبهة سلمية، داعيًا إلى مزيد من التنسيق والتكامل بين المبادرات النسوية، دون اشتراط الانضواء تحت كيان واحد.