الاسرة/ زهور عبدالله
مريم الطويلية، سيدة تجاوزت الستين من العمر، ذهب أولادها الثلاثة في رحلة صيد اعتيادية قبل أكثر من عشر سنوات، لكنهم لم يعودوا أبدا.
لم تفقد الثكلى “الطويلية” التي تسكن قرية ساحلية صغيرة تُسمى “موشج” جنوب مدينة الخوخة على الساحل الغربي لليمن يوما الأمل في عودتهم، وتحرص على الجلوس على الشاطئ كل مساء، حتى غروب الشمس، تُخاطب البحر، وتسأله بدموعها أن يُعيد إليها أولادها.


كانت رحلة الصياد علي عامر ابن السيدة مريم مع شقيقيه يحيى وسالم برفقة عشرة صيادين آخرين على قارب تقليدي صغير الحجم في موسم الرياح، التي يسميها الصيادون المحليون “ريح الأزيب” والتي تبدأ في كانون الأول وتشتد حدتها في آذار، واختفى أثرهم منذ ذلك الوقت، لكن هذه الرياح الموسمية، والأعاصير الغاضبة التي يشهدها البحر من وقت لآخر، لم تعد المُهدد الوحيد لحياة الصيادين في الأعماق، بل ان المخاطر المُحيطة بهم باتت كثيرة ومُتعددة، خصوصا مع الحرب العدوانية على اليمن المتواصلة منذ عشر سنوات قبل أن تقوم أمريكا مؤخرا ومعها بريطانيا بعدوان جديد على اليمن ،وحولت البحر الأحمر إلى ثكنة عسكرية من أجل حماية الاحتلال الإسرائيلي لمواصلة جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وما أضافته هذه المغامرة الأمريكية الحمقاء من اثار ومخاطر وتحديات على حياة الصيادين وعائلاتهم على الساحل الغربي خصوصا وكل سواحل اليمن بشكل عام.
أصبحت نساء الصيادين على امتداد السواحل اليمنية البالغة الفي كيلو متر، يعشن قلقا دائما ومتزايدا مع كل رحلة اصطياد يقوم بها أبناؤهن وأزواجهن إلى أعماق البحر، غير أن معاناة صيادي الساحل الغربي كما يؤكد مختصون، يظلون الأكثر معاناة بسبب الأوضاع الحالية التي تعيشها البلاد في ظل العدوان السعودي الأمريكي المستمر وتحالف الولايات المتحدة وبريطانيا لحماية السفن الإسرائيلية في البحرين العربي والأحمر ومنطقة باب المندب.. ويقول ماجد عبده وهو شيخ الصيادين بمحافظة الحديدة بأن مئات الصيادين تعرضوا للقتل أو لجروح مختلفة بسبب الحرب خلال السنوات الماضية كما تم تدمير قواربهم، وهو ما انعكس سلبا على حياة عشرات الآلاف من الأسر في مجتمعات الصيادين على ساحل البحر الأحمر.
وتوضح النساء في مجتمعات وقرى الصيادين بأن كل رحلة يقوم بها أزواجهن وأبناؤهن أصبحت في ظل هذه الأوضاع بمثابة مغامرة غير محمودة العواقب وتقول سعيدة وهي سيدة في العقد الرابع من العمر من أبناء قرية القطابا التابعة لمديرية الخوخة بأن زوجها وابنيها اليافعين يعملون في مهنة صيد الأسماك، ويغيبون في كل رحلة اصطياد ما بين أسبوع إلى عشرة أيام, لتعيش طيلة هذه الفترة رُعبا دائما قبل أن يزول مؤقتا مع عودتهم, وسرعان ما يعود الخوف بمجرد ذهابهم إلى البحر مُجددا، لتتحول حياتها إلى دوامة خوف متواصلة ، لا تكاد تتوقف حتى تبدأ من جديد.
مخاوف سعيدة الدائمة كما تقول تعود إلى حوادث الاعتداءات المُتكررة التي تعرض ويتعرض لها الصيادون، موضحة بأن عشرة صيادين في قريتها التي يعتمد سكانها البالغ عددهم نحو عشرة آلاف نسمة، في معيشتهم على صيد الأسماك، قد قُتلوا بنيران الأطراف المتصارعة خلال الشهور الأولى من الحرب، ناهيك عن تعرُض العشرات من الصيادين لعمليات احتجاز من قبل قوات بحرية تابعة لدول مجاورة.
وتشير إحصائيات رسمية صادرة عن الجهات المختصة في صنعاء إلى مقتل 271صيادا والعشرات من الجرحى خلال ست سنوات من الحرب، إضافة إلى اختطاف وسجن وتعذيب 1749صيادا خلال الفترة ذاتها، وأن العشرات منهم لايزالون رهن الاحتجاز لدى مختلف الأطراف حتى اللحظة.
ومع استمرار الحرب تتفاقم معاناة النساء وتتصاعد مخاوفهن على مصير ذويهن وعلى مصادر معيشتهن وحياة أطفالهن.. وتقول سلامة وهي سيدة في العقد الثالث من العمر من قرية الكَدح الساحلية -على بعد أربعة كيلو مترات إلى الشمال من مدينة الخوخة- بأنها فقدت زوجها واثنين من أشقائها بعد أن تعرّض قاربهم لهجوم من طائرة حربية في جزيرة عقبان في العام 2016، لكن والدها وعمها لا يزالان يمارسان مهنة الاصطياد رغم المخاوف الدائمة التي تخيم على أسرتها، إذ لا سبيل أمامهما إلا مواصلة الصيد باعتباره المصدر الوحيد لعيشهم
وتعرض العشرات من قوارب الصيد التقليدية في الساحل الغربي للتدمير الكلي.. تؤكد تقارير رسمية صادرة عن الجهات المختصة بالحديدة بأن عدد القوارب المُدمّرة بشكل كلي في سواحل محافظتي الحديدة وحجة بلغت 250 قاربًا بكلفة إجمالية تُقدّر بأكثر من مليوني دولار أمريكي.. ويقول مسئولون بالمكتب التنفيذي للاتحاد التعاوني السمكي: إن الصيادين اليمنيين وعائلاتهم وخاصة في سواحل البحر الأحمر المُمتدة من منطقة ميدي شمالا حتى باب المندب جنوبا، دفعوا ويدفعون حتى اليوم أثمانا باهظة من حياتهم وحياة نسائهم وأطفالهم جراء العدوان قديمه وحديثه.
ويؤكدون أن أكثر من مليوني نسمة من أبناء المدن والقرى الساحلية على امتداد الشريط الساحلي للبحر الأحمر تعرضوا لأضرار مباشرة على مستوى معيشتهم.
ولا يكاد يمر يوم، أو أسبوع على أكبر تقدير، دون أن يتناهى إلى مسامع النساء في قرى وأماكن تجمعات الصيادين، أنباء عن تعرُض قوارب الاصطياد التقليدية لهجوم مُسلّح أو احتجاز أو تعذيب، ما جعلهن يعشن حياة بطعم الخوف الذي لا ينتهي، وجُل ما بتْن يتمنينه وقف الحرب ووضع حد للرُعب المُخيّم على حياتهن.
نافذة على غزة:

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

المجلس النرويجي للاجئين: ليس هناك أي ضغط جاد من أمريكا وبريطانيا والدول الغربية لإنهاء حمام الدماء بغزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كد مستشار الإعلامي للشرق الأوسط في المجلس النرويجي للاجئين أحمد بيرم، أنه ليس هناك أى ضغط جاد من الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الغربية على إسرائيل لإنهاء حمام الدماء في قطاع غزة.
وشدد بيرم - في تصريح لقناة "القاهرة الإخبارية" اليوم /الاثنين/ - على أن إسرائيل تشن عملياتها العسكرية في القطاع بالكامل، معربا عن تمنيه أن يفضي الاقتراح الأمريكي في مجلس الأمن إلى حل سلمي لإنهاء هذه المعاناة.
ولفت إلى أن المجلس النرويجي للاجئين ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة وجميع المنظمات الإغاثية، تطالب بإطلاق سراح الأسرى ولكن ليس بهذا الأسلوب الدموي في النصيرات، مضيفا أنه "حال إرادة إسرائيل خروج الأسرى بشكل سلمي فيجب أن تسلك طريق الدبلوماسية".
وكانت الولايات المتحدة قد أكدت - سابقا - أنها تريد من مجلس الأمن الدولي أن يتبنى مشروع قرار يدعم اقتراحا قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، في 31 مايو الماضي، لإنهاء القتال بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.. ووزعت الولايات المتحدة الأمريكية مسودة نص مشروع القرار من صفحة واحدة على المجلس المؤلف من 15 عضوا.

مقالات مشابهة

  • مركز “ويلسون”: اليمن قَلَبَ حسابات أمريكا الأمنية في الشرق الأوسط
  • أمريكا تنشر صور حاملة الطائرات ”أيزنهاور” بعد إعلان الحوثيين تدميرها في البحر الأحمر.. شاهد كيف أصبحت؟
  • بيان أمريكي يؤكد مغادرة المدمرة ميسون للبحر الأحمر
  • أمريكا تسحب أكبر مدمرة حاملة للطائرات من البحر الأحمر
  • الأرصاد الجوية: تراجع حدة الكتلة الهوائية الساخنة على مناطق الساحل الغربي
  • أمريكا تعلق عمليات مرافقة السفن التجارية عقب استهداف آيزنهاور من قبل القوات اليمنية
  • سنن البحر في بخاء تدرس مقترح إنشاء شعاب مرجانية
  • موعد عرض فيلم «ولاد رزق 3» في أمريكا وبريطانيا
  • المجلس النرويجي للاجئين: ليس هناك أي ضغط جاد من أمريكا وبريطانيا والدول الغربية لإنهاء حمام الدماء بغزة
  • ضربات جديدة تستهدف المليشيات... وبريطانيا تفضح الرواية الحوثية بشأن استهداف مدمرتها