الجيش السوداني لوح بروسيا وتراجع.. ومناورته بإيران محكومة بالفشل.

البرهان يلعب على حافة الهاوية
سرب مصدر استخباراتي سوداني لصحفية وول ستريت جورنال الأميركية معلومات عن عرض إيراني للجيش يتضمن إقامة قاعدة عسكرية دائمة لطهران على البحر الأحمر، فيما بدا توقيت التسريب غير بريء مع عودة الاهتمام الأميركي بالصراع السوداني.



الخرطوم - بدأ الجيش السوداني متاجرة سياسية جديدة وهذه المرة بورقة إيران التي تطورت العلاقات السياسية والعسكرية بينهما مؤخرا، ويريد الجيش استثمار هذه الورقة في الضغط على الولايات المتحدة للتدخل لصالحه، بعد أن أبدت استعدادا كبيرا للاهتمام بالصراع الدائر بين قوات الجيش والدعم السريع، والذي أوشك على استكمال عامه الأول.

وبعث قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان برسالة مباشرة لواشنطن عبر أحد أذرعه، تؤكد أن الطريق مفتوح نحو تعميق العلاقات مع إيران، وخلط التوازنات التي تريدها الولايات المتحدة في البحر الأحمر، ما لم تبد انحيازا واضحا لدعمه وإنقاذه من الورطة السياسية التي دخلها بسبب صعوبة حسم الحرب عسكريا.

وكشف مصدر سوداني لـ”العرب” أن المحاولة محكوم عليها بالفشل، لأن وضع البرهان لا يسمح له بابتزاز أحد، وإذا كانت هذه القوة هي الولايات المتحدة فالوضع سيكون أكثر خطورة، لأنه حاول من قبل التلويح بورقة روسيا وفشل في ذلك.

وضع البرهان لا يسمح له بابتزاز أي قوة، وإذا كانت هذه القوة هي الولايات المتحدة فالوضع سيكون أكثر خطورة

وقال مسؤول استخباراتي سوداني لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن الجيش رفض عرضا من إيران لإمداده بسفينة حربية قادرة على حمل مروحيات ومسيرات إذا وافق على إنشاء قاعدة بحرية لطهران على البحر الأحمر، ومراقبة حركة المرور من وإلى قناة السويس وإسرائيل.

ويشير توقيت الرسالة من خلال صحيفة أميركية إلى أن البرهان على استعداد للتعاون مع الولايات المتحدة إذا تخلت عن موقفها المحايد في الصراع، إذ وجهت انتقادات للطرفين وفرضت عقوبات على شركات وشخصيات تابعة لهما في آن واحد.

والتقط الجيش السوداني المغزى الذي تنطوي عليه زيادة الاهتمام الأميركي بالسودان والذي تمثل في تعيين مبعوث خاص جديد قبل أيام، حيث فهم من الخطوة بأن واشنطن راغبة في زيادة انخراطها خوفا من انفلات الصراع وصعوبة السيطرة على مفاتيحه إقليميا.

ولوّح السودان بورقة إيران تحديدا، لأنه يعلم ما يمكن أن تثيره من هواجس في دوائر غربية، إذا تمكنت طهران من بناء قاعدة عسكرية في أراضيه، تضاف إلى نفوذ إيران في اليمن وما أحدثه من توترات أمنية جراء شن جماعة الحوثي عمليات عسكرية ضد سفن غربية وإسرائيلية تمر عبر جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

واعترف مسؤول المخابرات السودانية أحمد حسن محمد بأن إيران زودت الجيش بطائرات بدون طيار متفجرة لاستخدامها في القتال، وعرضت تقديم سفينة حربية قادرة على حمل مروحيات إذا منحت الموافقة بإقامة القاعدة.

وبدت الإشارة كأنها تحذيرية، لأن الأسلحة الإيرانية تدفقت على الجيش السوداني في نطاق محدد، ويمكن أن تتزايد عندما يتم توقيع صفقات عسكرية أكثر شمولا، ما يخل بمعادلة الحرب، ويرخي بظلال سلبية على المصالح الأميركية في المنطقة.

وأكد أكاديمي سوداني مهتم بالشؤون الخارجية، تحدث شريطة عدم الإفصاح عن اسمه، أن التوجه نحو بناء علاقات دبلوماسية مع إيران يبرهن على أن قيادة الجيش هدفت للحصول على دعم عسكري يساعدها في إطالة أمد الصراع، وبدت الخطوة دليلا على أن البرهان يسعى لمكايدة واشنطن وحضها على التدخل لصالحه وكسر ممانعاتها حول موقفها الرافض لاستمرار الجيش في السلطة وتسليمها إلى حكومة مدنية.

وأضاف في حديثه مع “العرب” أن إرسال مبعوث أميركي للسودان لا يؤشر على أن هناك تطورا قويا يتعلق بتغير أولويات واشنطن التي مازالت لا تضع حرب السودان في مقدمة اهتمامها، وأن تصورات البرهان المتخبطة تجاه تقاربه مع إيران هدفها تعقيد عملية الحل السياسي ووضع عراقيل أمام القوى الإقليمية المهتمة بوقف الحرب.

وشدد المصدر السوداني على أن توظيف إيران للضغط على الولايات المتحدة لن يجدي نفعاً، وهو أسلوب براغماتي عقيم وليس جديدا على الجنرال البرهان، لأنه حاول بعد الإطاحة بنظام عمر البشير جذب روسيا إلى البحر الأحمر وأخفق، وهو أمر رفضته الولايات المتحدة بشكل صارم وصريح، ووجود قاعدة عسكرية إيرانية ضرب من الخيال، ولا يستطيع الإقدام على ذلك في ظل صراع متصاعد في البحر الأحمر.

الجيش السوداني يلوح بورقة إيران تحديدا، لأنه يعلم ما يمكن أن تثيره من هواجس لاسيما لدى دوائر غربية

وذكرت تقارير أميركية سابقا أن الجيش السوداني نشر طائرات بدون طيار من طراز مهاجر 6 لمنع العمليات الهجومية لقوات الدعم السريع التي سيطرت على أربع ولايات في إقليم دارفور والجزيرة، وجزء كبير من العاصمة الخرطوم، وقيل إن نتائج هذه الطائرات انعكست على مسار الحرب في معارك أم درمان لصالح الجيش.

وثمة اعتقاد أميركي بأن طهران تخطط لاستخدام علاقاتها مع الجيش السوداني لتعزيز تحالفاتها الإقليمية لممارسة المزيد من القوة في الممرات المائية الإستراتيجية.

وأعربت الولايات المتحدة في فبراير الماضي عن قلقها الكبير من وصول شحنات أسلحة إيرانية للجيش، يمكن أن تؤثر على مجريات الصراع في البلاد.

وحذر العضو الجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جيم ريش خلال اجتماع اللجنة لدارسة نشاطات الجماعات الوكيلة لإيران في منطقة الشرق الأوسط، من أن طهران توسع وجودها العسكري سريعا في السودان. وانتقد مسؤولو الأمم المتحدة الحكومة السودانية بسبب القصف الجوي للأحياء المدنية وحرمان المدنيين من المساعدات الإنسانية في دارفور، وهم في أمس الحاجة إليها.

ويؤدي تطوير العلاقات بين طهران والخرطوم إلى ابتعاد الأخيرة عن الدول الغربية وربما اقترابها من محور إيران وروسيا، وكلاهما يطمع في امتلاك منفذ بحري على البحر الأحمر عبر شرق السودان.

كما أن العلاقة سوف تنعكس على علاقات السودان العربية، وتنظر دول عدة لأي مقاربة إيرانية جديدة في البحر الأحمر من خلال أرض السودان بشكل خاص، بريبة كبيرة، حيث تفضي أي قاعدة عسكرية إيرانية إلى خلل فاضح في توازنات القوى، يمكن أن يدخل المنطقة في دوامة تجاذبات مع طهران بعد أن اعتقدت الدول العربية التي تحسنت علاقاتها بها مؤخرا أن الأمور قد تصبح مستقرة معها.
نقلا عن العرب الدولية
////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الجیش السودانی قاعدة عسکریة البحر الأحمر یمکن أن على أن

إقرأ أيضاً:

شكوى فرنسية ضد إيران أمام محكمة العدل بشأن مواطنيها الموقوفين

قال وزير الخارجية جان نويل بارو إن بلاده سوف تقدم اليوم الجمعة دعوى ضد إيران أمام محكمة العدل الدولية "لانتهاكها واجب منح الحماية القنصلية" لاثنين من مواطنيها ما زالا مسجونين.

وصرح بارو لقناة "فرانس 2" التلفزيونية بأن سيسيل كولر وجاك باريس "محتجزان رهينتين منذ 3 سنوات في إيران في ظروف غير لائقة تضاهي التعذيب، وهما محرومان مما تعرف بالزيارات القنصلية".

وكان وزير الخارجية الفرنسي قد أشار في مطلع أبريل/نيسان الماضي إلى أن باريس تستعد لإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية (أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة) في غياب أي تقدم.

ويأتي الإعلان عن هذه الشكوى بالتزامن مع لقاء مفاوضين إيرانيين اليوم الجمعة في تركيا بمبعوثين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا لإجراء مناقشات بشأن البرنامج النووي الإيراني.

عشرات المسجونين

وأُوقفت المدرّسة سيسيل كولر مع شريكها جاك باريس في مايو/أيار 2022، واتهمتهما إيران بـ"التجسس"، وهما محتجزان منذ ذلك الوقت في ظروف قاسية بالعزل في سجن إوين شمالي طهران.

وبعد الإفراج في مارس/آذار الماضي عن أوليفييه غروندو -الذي كان محتجزا في إيران منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022- بات كولر وباريس رسميا آخر فرنسيين معتقلين في إيران، وتعتبرهما باريس "رهائن دولة".

إعلان

وتحتجز السلطات في طهران نحو 20 مواطنا غربيا، وتتهمها عواصم أوروبية ومنظمات غير حكومية بممارسة "دبلوماسية الرهائن" لانتزاع تنازلات من الدول الغربية أو الإفراج عن مواطنين إيرانيين محتجزين لدى الغرب.

وأجرت إيران ودول غربية عدة -منها الولايات المتحدة– صفقات عدة لتبادل السجناء خلال الأعوام الماضية.

مقالات مشابهة

  • مساعد قائد الجيش السوداني إبراهيم جابر يبلغ غوتيريش أمر مهم عن “مسيرات الإمارات” ويشارك في قمة بغداد بدلًا عن البرهان
  • إيران تبحث ملفها النووي مع الأوروبيين وترامب يطالبها بقرار سريع
  • ترامب: الولايات المتحدة ستتمكن حتما من تسوية التناقضات مع إيران
  • شكوى فرنسية ضد إيران أمام محكمة العدل بشأن مواطنيها الموقوفين
  • إيران تصر على حقها النووي وتشترط رفع العقوبات لبناء الثقة مع واشنطن
  • ترامب: أمريكا تقترب من التوصل لاتفاق نووي مع إيران
  • ترامب: أمريكا تقترب جدا من التوصل إلى إبرام اتفاق نووي مع إيران
  • إيران: شحن اليورانيوم عالي التخصيب للخارج إذا رُفعت العقوبات الأمريكية
  • ترامب: أمريكا تقترب جدًا من إبرام اتفاق نووي مع إيران
  • إيران تجري محادثات نووية مع دول أوروبية بعد غدٍ