مهنة الصيد تأثرت سلباً بحرب البحر الأحمر (خالد زياد/فرانس برس)

تُعد ظروف العمل في اليمن صعبة للغاية، وهي كانت سيئة أصلاً قبل تصعيد الصراع الداخلي، في حين تفاقم الوضع كثيراً خلال الفترة الماضية مع تحول اليمن لمحور رئيسي في الأحداث المتصاعدة بالمنطقة في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتداعياته على المنطقة، ودخول صنعاء دائرة الحرب عبر استهداف الحوثيين السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية في البحر الأحمر ردا على الضربات العسكرية لأميركا وبريطانيا على عدة مدن يمنية.

 

الباحث الاقتصادي جمال راوح، يرى في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هناك تأثيرا للأحداث الأخيرة في البحر الأحمر وخليج عدن على سوق العمل في اليمن وفقدان عديد الفرص المتوفرة في المهن التخصصية.

 

الحرب وسوق العمل

 

وقال راوح: فاقمت هذه التطورات التي انضمت إلى عديد التبعات والتأثيرات الناتجة عن الصراع الداخلي أوضاع فئة عمالية مهمة وكبيرة متمثلة بصيادي الأسماك، حيث تستوعب مهنة صيد الأسماك عشرات الآلاف من الأيدي العاملة التي لم تعد نسبة كبيرة منها قادرة على الوصول إلى مناطق الاصطياد.

 

وبالتالي نشهد ارتفاعاً متجدداً بعدد المهاجرين من هذه المهنة خلال الفترة الماضية، في ظل توجه كثير منهم إلى سوق العمل للبحث عن أي فرصة عمل مؤقتة متوفرة.

 

من جانبه، يقول الخبير الاستشاري في أنظمة العمل خالد النقيب، لـ"العربي الجديد"، إن اليمن يعاني من مشكلات مزمنة فرضت نفسها خلال الفترة الماضية، مثل ارتفاع معدلات البطالة وتدني نسبة السكان في سن العمل الذين ينشطون اقتصادياً.

 

ولفت إلى مساهمة حرب البحر الأحمر والانقسام الذي تسبب بتعدد وتوسع المنظومة الجبائية، وأزمة النقل الداخلي والطرقات المقطوعة من قبل أطراف الصراع، وارتفاع تكاليف الشحن الخارجي وتأثيره على سوق العمل في اليمن، ومحدودية الفرص المتوفرة، في تراجع مستوى التشغيل من قبل القطاعين العام والخاص.

 

ويشير النقيب إلى أن المهن المتخصصة أكبر المتضررين من تبعات الصراع وأزمات النقل والانقسام، حيث انخفض مردود مثل هذه الأعمال والطلب عليها، مشيراً إلى أن بعض المهن المتخصصة ذات الجدوى الاقتصادية أصبحت متعبة ومجهدة بفعل التطورات الأخيرة في ظل ارتفاع مخاطرها.

 

أزمة وقف الرواتب

 

لم يكن هناك من خيار أمام المعلم اليمني عيسى البريهي سوى التخلي عن انتظار أي بوادر اتفاق لحل أزمة صرف رواتب الموظفين المدنيين المتوقفة منذ نحو سبع سنوات، والتوجه إلى سوق العمل وقبول أي فرصة متاحة ولو لعمل مؤقت لكسب الرزق وإعالة أسرته المكونة من 5 أفراد.

 

يقول البريهي، لـ"العربي الجديد"، إن الظروف الصعبة أجبرته على العمل في أحد المطاعم التي توفر له دخلا ضئيلا يمكنه بصعوبة من تسيير شؤون أسرته المعيشية.

 

وفي السياق نفسه، لم تشفع مهنة أحمد القاضي كمهندس بترول بأن يجد فرصة عمل مناسبة، حيث كانت سابقاً من أكثر المهن دخلاً في اليمن، الأمر الذي اضطره إلى اللجوء لأحد أقاربه للعمل لديه في ورشة خاصة بالحديد ومنتجات البناء والتشييد.

 

هكذا تضاعفت الكوارث التي يمر بها اليمن بفعل الصراع المحلي مع تدهور الاقتصاد وانهيار العملة الوطنية وتوسع فجوة الانقسام في البلاد وما فرضه من صعوبات وتعقيدات في حل الأزمات الناتجة عن الصراع، مثل صرف رواتب الموظفين في ظل توقف تصدير النفط منذ نهاية العام 2022 والذي يعتبر المورد الرئيسي لليمن.

 

كما ألقى الصراع وعديد الظروف والمستجدات المحلية والإقليمية بتبعات بالغة على سوق العمل مع تلاشي كثير من الفرص المتعلقة بالمهن المتخصصة، الأمر الذي أجبر الكثير من اليمنيين على قبول فرص العمل المؤقتة المتاحة.

 

حالة الشاب فؤاد الزكري، الحاصل على شهادة البكالوريوس من كلية الهندسة بجامعة صنعاء، عيّنة عن رواج العمالة المؤقتة القسرية، ذلك أن الشاب يعمل، وفق ما يقول لـ"العربي الجديد"، في شركة خاصة بالسفريات والسياحة وخدمات الحج والعمرة، بينما استمر محمد إبراهيم في مهنة الصيدلة بالرغم من الأجر المحدود الذي يحصل عليه من مهنته المتخصصة.

 

عدم كفاية الأجر

 

ويشكو كثير من اليمنيين ممن لا يزالون صامدين في سوق العمل في المهن المؤقتة أو ما توفر من فرص في المهن المتخصصة من عدم كفاية العمل بأجر واحد، حيث إن وظيفة واحدة في ظل الظروف الصعبة الراهنة لم تعد كافية لتلبية احتياجاتهم.

 

ويرتبط حل أزمة سوق العمل في اليمن وصرف رواتب نحو 600 ألف موظف يعيلون أسراً يقدر عددها بأكثر من 6 ملايين فرد، إضافة إلى 5 ملايين عاطل من العمل وفق بيانات رسمية، بمسار التسوية السياسية المعقد والتوافق على تنفيذ خريطة الأطراف المتوافق عليها في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي 2023 بوساطة عمانية وإشراف المبعوث الأممي.

 

الخبير الاقتصادي مطهر عبد الله، يدعو في تصريح لـ"العربي الجديد"، أطراف الصراع في اليمن إلى تغليب الحكمة والتوافق ليس على تنفيذ خريطة الطريق المتوافق عليها، بل لإنقاذ معظم سكان اليمن الذين باتوا تحت مستوى الفقر والجوع، لافتاً إلى أن سوق العمل هو الآخر يمر بحالة انهيار ولم يعد يوفر فرص عمل تناسب المخرجات المتوفرة والمهن المتخصصة.

 

وأشار إلى لجوء كثير من اليمنيين ممن هم في سن العمل لقبول أي فرصة متاحة لإعالة أسرهم وتوفير ما أمكن من احتياجاتها الغذائية والمعيشية، لذا نرى من يوم لآخر أساتذة جامعات يعملون في مركبات النقل والمواصلات مثل سيارات الأجرة والباصات، والمحاسب والمهندس يعمل إما في مشغل خياطة، أو في مطاعم ومخابز.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر الحوثي حرب السفن اقتصاد العمل فی الیمن العربی الجدید البحر الأحمر سوق العمل فی کثیر من

إقرأ أيضاً:

الهجرة الدولية: أكثر من 6.7 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المأوى خلال العام الجاري

قالت منظمة الهجرة الدولية إن أكثر من 6.7 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المأوى والمواد غير الغذائية في عام 2024 بسبب الصراع والكوارث المرتبطة بالمناخ.

 

وأضافت المنظمة في تقرير حديث لها إن تغير المناخ أدى إلى إحداث اختلالات في نمط هطول الأمطار باليمن، حيث أضحت الأمطار الغزيرة تتسبب في تشبع التربة وحدوث الفيضانات.

 

وتابعت أنه ففي عام 2023، أدت الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى النزوح، وإلحاق أضرار جسيمة بالمنازل والمآوي والطرق وغيرها من البنية التحتية، وتعَطَّل بذلك تقديم الخدمات الأساسية المنقذة للحياة.

 

وقالت "في عام 2024، تشير التقديرات إلى أن حوالي 6.7 مليون شخص، بما في ذلك النازحون والعائدون والمجتمعات المستضيفة، سيحتاجون إلى المساعدة في مجال المأوى.

 

وأكدت أن الصراع الذي طال أمده في اليمن أدى إلى أزمة إنسانية حادة، مما دفع ملايين اليمنيين إلى النزوح. ونجم عن الصراع سقوط ضحايا من المدنيين، وتدمير البنية التحتية، وانهيار الخدمات الأساسية. وقد أجبرت هذه الاضطرابات اليمنيين على البحث عن الأمان داخل البلاد أو خارجها، مما أدى إلى استنزاف الموارد وتفاقم الوضع الإنساني المتردي.

 

وأوضحت أن النازحين الآن يواجهون العديد من التحديات، بما في ذلك الاكتظاظ والظروف المعيشية المضنية، مما يزيد من تعرضهم للأمراض والمخاطر. وتشكل المآوي المؤقتة التقليدية، السائدة في مواقع النزوح، مخاطر بيئية بسبب سرعة تهالكها، مما يستلزم استبدالها بشكل متكرر وينجم عن ذلك انتشاراً للنفايات البلاستيكية، وهذا يستدعي الحاجة إلى التوجه نحو حلول مستدامة.

 

وأوضحت أن تفاقم الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في اليمن بسبب تزايد وتيرة المخاطر الطبيعية، بما في ذلك الجفاف والفيضانات والعواصف، والتي يتولد عنها تهديدات مباشرة مثل سوء التغذية، والأمراض المنقولة بالمياه، وازدياد التوترات القائمة بشأن الموارد المتضائلة كالمياه والطاقة.

 


مقالات مشابهة

  • بعد فتح الطرقات المغلقة…هل ستكمل فرحة اليمنيين بطي صفحة الحرب إلى الأبد؟
  • مدير شرطة الولاية الشمالية يقف علي سير العمل الشرطي بالإدارات المتخصصة بمحلية مروي
  • الحوالات المالية للمغتربين اليمنيين مهددة بسبب التصعيد الاقتصادي ضد صنعاء
  • الهجرة الدولية: أكثر من 6.7 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المأوى خلال العام الجاري
  • المليشيات تقتحم أكبر شركتين لتصنيع الأدوية في اليمن
  • وقفة احتجاجية أمام مبنى الأمم المتحدة بالعاصمة صنعاء
  • منصة "جود".. باب جديد للعمل الخيري
  • تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف في المستقبل.. ما هي المهن المهددة؟
  • محافظ أسوان: تنفيذ حزمة من البرامج التدريبية للشباب على المهن المختلفة
  • العمل الدولية: أطفال غزة يضطرون للعمل مع اقتراب البطالة من نسبة 80%