صدر عن "المؤسّسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت كتابان جديدان في النقد الروائي للشاعر والكاتب اللبناني سلمان زين الدين؛ الأوّل بعنوان "على ذمّة الراوي العربي" ويشتمل على قراءة في خمسين رواية عربية، من مختلف أقطار العالم العربي، ويجمع، على سبيل المثال لا الحصر، بين روايات لـ: أحمد المديني المغربي، أمير تاج السر السوداني، أمين الزاوي الجزائري، باسم خندقجي الفلسطيني، جبور الدويهي اللبناني، جلال برجس الأردني، رشا عدلي المصرية، شكري المبخوت التونسي، منى التميمي الإماراتية، نبيل سليمان السوري، وغيرهم.

والثاني بعنوان "على ذمّة الراوي الأجنبي" ويشتمل على قراءة في ثلاثين رواية معرّبة عن لغات أجنبية شتّى، من مختلف دول العالم، ويجمع، على سبيل المثال لا الحصر، بين روايات لـ: أدريان ماكنتي الإيرلندي، أليفشافاك التركية، أندريه غِلاسيموف الروسي، أندريه كوكوتيوخا الأوكراني، إنريكو جاليانو الإيطالي، جان ماركمورا الفرنسي، جان ماري لوكليزيو البريطاني، روبرتو آرلت الأرجنتيني، ستيفن كينغ الأميركي، صن مي هوانغ الكورية الجنوبية، هاروكي موراكامي الياباني، وغيرهم.  وبهذين الكتابين، يبلغ عدد الكتب الصادرة للمؤلّف فيهذا الحقل المعرفي عشرة كتب بدأها في العام 2010 بكتابي "شهرزاد والكلام المباح" و"حين يروي شهريار"، ويبلغ عدد الروايات المقروءة في الكتب العشرة 442 رواية، منها 358 رواية عربية، و84 رواية معرّبة.

دار الوثائق تقيم ندوة عن صون المقتنيات وتوعية خبراء الترميم معركة مدنين.. لماذا كانت آخر معارك روميل ثعلب الصحراء في أفريقيا؟ معرض مضيء يجمع ماثيو وونج مع فنسنت فان جوخ فى هولندا

 

 في كتابيه الجديدين، لا يشذّ زين الدين عن المنهجية التي اعتمدها في كتبه السابقة، فهو ينطلق من الرواية، يرصد تمظهرات الحكاية والخطاب فيها، يحلّل الشخوص، يراقب استثمار تقنيات السرد الروائي، ويخرج بنتائج معيّنة. بمعنى آخر، يتناول ماهية المحكي وكيفية حكايته في الرواية. وهو، في هذه العمليات التي يمارسها باحتراف واضح، ينطلق من النص، ممّا يقول وكيف يقول، ولا يُسقطعليه مناهج النقد الغربية، أو يحمّله أكثر ممّا يحتمل. وبذلك، يتجنّب السقوط في التقعّر النقدي والصرامة الأكاديمية، من جهة، ولا يقع في فخّ الانطباعات العابرة، من جهة ثانية، ويبقى في منزلة بين المنزلتين، تقرّب النص من المتلقّي ولا تبعده عنه، وتصالح هذا الأخير مع النقد الروائي ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا.

 

ولعلّ النتيجة الأهم التي يخلص إليها الكاتب في كتابيه الجديدين، بنتيجة المقارنة بين الروايتين العربية والعالمية، هي أنّ الفارق بينهما ليس في الدرجة، بحيث تكون إحداهما أهمّ من الأخرى، بل في المضمون والأسئلة التي تطرحها كلٌّ منهما. وبالتالي، الرواية العربية لا تقلّ روائيةً عن تلك العالمية، فكلتاهما تستخدم تقنيّات السرد نفسها، وهي إرثٌ عالمي بامتياز، لكنّ كلًّا منهما تتناول واقعًامختلفًا عن الأخرى؛ وهكذا، نرى أنّه في حين تطرح الروايات المدروسة في "على ذمّة الراوي العربي" أسئلة: الزلزلة السورية، الحرب اللبنانية، التحوّلاتالجزائرية، المقاومة الفلسطينية، الانتداب الفرنسي، الربيع العربي، الصراع السوداني، الحلم الأفريقي، الهجرة غير الشرعية، الأقليّات الدينية، الاستبداد السياسي، وغيرها من الأسئلة التي يزخر بها الواقع العربي، نرى أنّ الروايات المدروسة في "على ذمّة الراوي الأجنبي" تطرح أسئلة من نوع آخر، من قبيل: الحرب العالمية الثانية، الجريمةالمنظّمة، الجريمة البوليسية، الأوبئة الفتّاكة، القوّة الخارقة، الحياة الاستهلاكية، الحياة البرّية، وغيرها، وقد تشترك الروايتان العربية والمعرّبة في طرح الأسئلة نفسها في بعض الأحيان. وبمعزل عن اختلاف الأسئلة المطروحة، فإنّ "على ذمّة الراوي العربي" و"على ذمّة الراوي الأجنبي" كتابان توأمان يشكّلان إضافة كمية ونوعية إلى مكتبة النقد الروائي العربية. ولا تغني قراءة الخبر عن قراءة المُخْبَر عنه.  

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المؤسسة العربية للدراسات العالم العربى

إقرأ أيضاً:

صور أقمار صناعية تفند رواية عودة الحياة إلى الفاشر

بينما انتشرت على منصات التواصل روايات تتحدث عن "تعافي الفاشر" عاصمة ولاية شمال دارفور، وعودة الحياة إلى أسواقها بعد سيطرة قوات الدعم السريع، كانت صور الأقمار الصناعية تروي قصة مختلفة بالكامل.

فالمشهد الذي التقطته الأقمار الصناعية لـ3 من أكبر أسواق المدينة خلال ديسمبر/كانون الأول 2025 لا يظهر أي أثر لحياة تجارية طبيعية، بل فضاءات شبه خالية تقف على النقيض من السردية الرقمية التي سعت إلى إقناع المتابعين بأن الفاشر استعادت نشاطها المدني.

وتكشف صور أقمار صناعية حديثة حصلت عليها وكالة سند للتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة عن تغير جوهري في نمط الحياة المدنية داخل مدينة الفاشر، من خلال مقارنة بين مرحلتين مفصليتين في تاريخ المدينة الحديث: ما قبل الحصار في مايو/أيار 2024، ثم بعد سقوطها بيد قوات الدعم السريع في أكتوبر/تشرين الأول 2025.

غياب النشاط التجاري داخل الأسواق الرئيسة

وتظهر الصور الملتقطة بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة أن الأسواق التالية أصبحت خالية تماما من الحركة المدنية:

سوق الفاشر الكبير

تكشف الصور الملتقطة في ديسمبر/كانون الأول 2025 اختفاء الحركة داخل سوق الفاشر الكبير تماما، بدون وجود مركبات أو باعة أو تجمعات مدنية.

وقد أظهرت الصور أيضا وجود دمار في بعض المواقع التي كانت قد قصفت في فترة الحصار مقارنة بصور مايو/أيار 2024، التي أظهرت نشاطا تجاريا مكثفا.

سوق الفاشر الكبير قبل سيطرة قوات الدعم السريع (يمين) ملتقطة في 23 مايو/أيار 2024، وأخرى ملتقطة في السابع من ديسمبر/كانون الأول 2025 (بلانيت) سوق أبو شوك

كذلك، أظهرت صور الأقمار الصناعية أن سوق أبو شوك بات مهجورا، مع غياب أي حركة سيارات أو بسطات أو تجمعات بشرية، مع تغيّر واضح في ملامح الشوارع التجارية، بجانب آثار استهداف في بعض المواقع التي قُصفت خلال فترة الحصار قبل سقوط المدينة.

سوق أبو شوك قبل سيطرة قوات الدعم السريع (يمين) ملتقطة في الرابع من مايو/أيار 2024، وأخرى ملتقطة في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2025 (بلانيت) سوق المواشي إعلان

تبيّن صور الأقمار الصناعية أن سوق المواشي أصبح شبه خال من حركة المواطنين والعاملين بالسوق، في مشهد يعكس توقفا كاملا للحركة التجارية.

سوق المواشي قبل سيطرة قوات الدعم السريع (يمين) ملتقطة في 23 مايو/أيار 2024، وأخرى ملتقطة في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2025 (بلانيت)

وبحسب التحليل الزمني لسلسلة الصور، فإن آخر نشاط سوقي كبير رُصد في الفاشر كان في مايو/أيار 2024، قبل أن تؤدي العمليات العسكرية والحصار الطويل ثم سقوط المدينة إلى تعطّل شبه كامل للحياة الاقتصادية.

رواية "عودة الحياة" إلى الفاشر

وعلى الفضاء الإلكتروني، وخاصة منصة إكس، رصدنا اتجاها منظما للحسابات المحسوبة على قوات الدعم السريع يتبنّى سردية موحدة تحت عنوان "عودة الحياة إلى الفاشر"، مستخدما وسم "#الفاشر_تتعافى" بكثافة لافتة.

وبالتحقق من طبيعة الحسابات التي تقود هذا الضخ الإعلامي، تبيّن أن نسبة واسعة منها أُنشِئت حديثا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وهو ما يعكس نمطا متكررا في الحملات المنسّقة المعروفة بـ"التضخيم المصطنع لدفع خطاب محدد".

وأظهر تحليل البيانات التعريفية لتلك الحسابات، باستخدام أداة التحقق الحديثة التي أتاحتها منصة إكس لعرض تفاصيل الموقع الجغرافي للدخول، أن معظم الحسابات لا تُسجَّل ضمن نطاق السودان الجغرافي، على الرغم من تبنّيها لهوية سودانية شكلا ولغة ومحتوى.

صورة تظهر البيانات التعريفية لأحد الحسابات الداعمة لقوات الدعم السريع (الجزيرة)صورة تظهر البيانات التعريفية لأحد الحسابات الداعمة لقوات الدعم السريع (الجزيرة)صورة تظهر البيانات التعريفية لأحد الحسابات الداعمة لقوات الدعم السريع (الجزيرة)

كما يلاحظ أن محتوى هذه الحسابات يكاد يتطابق في النصوص والصور ومقاطع الفيديو.

محتوى الحسابات الداعمة لقوات الدعم السريع يكاد يتطابق في النصوص والصور ومقاطع الفيديو (الجزيرة)

وتُظهر اللقطات المتداولة في هذه الحسابات اعتماد رسائل موحدة تركز على تصوير الفاشر كمدينة استعادت الحياة الطبيعية بعد الأحداث الدامية التي شهدتها مطلع الشهر، في محاولة واضحة لإعادة صياغة الرواية العامة حول الوضع الميداني.

الحسابات الداعمة لقوات الدعم السريع تعتمد رسائل موحدة تركز على تصوير الفاشر كمدينة استعادت الحياة الطبيعية بعد الأحداث الدامية الأخيرة (الجزيرة)

كما تتكرر إعادة نشر المقاطع نفسها من حسابات متعددة، إضافة إلى الاعتماد على حسابات بملفات شخصية شبه فارغة وبتفاعل منخفض.

مقالات مشابهة

  • تهديد بهدم قبر عزّ الدين القسّام.. ما الرسالة التي يسعى بن غفير إلى إيصالها؟
  • نتيجة فحص التظلمات في مسابقة وظائف معلم مساعد اللغة العربية
  • هل كنا في السماء؟.. اعتراف إيراني يهزّ رواية إسقاط مقاتلات إف-35 الإسرائيلية
  • هيئة الأدب والنشر والترجمة تُطلِق معرض جدة للكتاب 2025
  • تحت شعار “جدة تقرأ”.. هيئة الأدب والنشر والترجمة تُطلِق معرض جدة للكتاب 2025
  • رئيس غرفة التجارة العربية الفرنسية: المياه والبيئة في صميم الأزمات والفرص بالعالم العربي
  • بدء العمل على الموسم الثاني من ورد وشوكولاتة: في رواية أحدهم
  • صور أقمار صناعية تفند رواية عودة الحياة إلى الفاشر
  • 160 باحثًا من 16 دولة في مؤتمر جامعة نزوى للدراسات العليا
  • السودان يجدول مديونية لصندوق النقد العربي لمدة 25 عامًا