تواصل الصراع يهدد بتقسيم السودان
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
عائد عميرة
بعد مرور أكثر من 65 عاماً على تأسيس مؤتمر البيجا في أكتوبر 1958 كأول حزب سياسي يمثل جميع قبائل البجا وشرق السودان في المشهد السياسي السوداني الحديث وتراسه طه عثمان بليه، انقسم اليوم لما يزيد عن 7 أحزاب بسبب الاختلاف العرقي والسياسي، وأصبح كل حزب مدعوم من جهة داخلية أو من دول الغرب والهدف واحد لا ثاني له وهو تقسيم السودان بما يصب في مصلحة الأخرين بعيداً عن سكان وأهل الشرق الذين عانوا كثيراً من التهميش والاضطهاد على مدار الأعوام الماضية.
الحرب والصراع الدائر بين قوات الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، منذ أبريل الماضي تسببا في تغيير خارطة المشهد السياسي في البلاد بصورة واضحة لدرجة أنه تم اختيار مدينة بورتسودان شرق البلاد كعاصمة إدارية مؤقتة بدلاً عن الخرطوم بقرار من عبد الفتاح البرهان.
قرار اختيار مدينة بورتسودان تم الموافقة عليه منذ الأسابيع الأولى للحرب، على ألا تتجاوز فترة الثلاثة أشهر، إلا أن هذا الاتفاق تم ضرب الحائط به وها نحن اليوم على مشارف إتمام عام كامل من الحرب في السودان والتي تبين أنها بتحريك ودعم غير مباشر من دول الغرب التي تسعى لزعزعة أمن واستقرار دول القارة السمراء.
حيث أنه ووفقاً للأنباء والتقارير الصراع الحالي في السودان أحد أبرز ملامح التدخل الخارجي في الشأن الداخلي للسودان منذ عام 2019 وحتى يومنا هذا، وقد بدأت الخلافات السياسية بين مختلف الأطراف منذ بداية الفترة الانتقالية، وكانت بعض الدول الغربية تسعى لتحقيق مصالحها في السودان عن طريق حلفاء فاعلين في المشهد السياسي السوداني.
ولعل أبرز الشخصيات المدعومة بصورة خفية من دول الغرب وتم الدفع به للوصول إلى منصب رئيس الوزراء في الحكومة الإنتقالية هو عبدلله حمدوك، حيث ان دول الغرب أكدت علناً بعد الإطاحة بحكم الرئيس عمر البشير، ان المجتمع الدولي لن يقبل بأي حكومة إنتقالية مالم يكن حمدوك ضمنها، وبعد تعيينه وتنحيه من منصبه في 2021 قامت بعد الدول بفرض عقوبات صارمة على السودان، وأشعلت الحرب الأهلية الحالية.
وبالعودة إلى مؤتمر البجا وشرق السودان، أكدت الأنباء والتقارير أن مصالح كلاً من عبد الفتاح البرهان، وعبدلله حمدوك، إجتمعتا والهدف واضح تقسيم السودان مقابل البقاء في السلطة. حيث ووفقاً لتسريبات فقد اتفق عبد الفتاح البرهان مع نظيره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أن يتم بناء قواعد عسكرية مصرية في السودان واعتراف البرهان رسمياً بضم مثلث حلايب وشلاتين إلى الأراضي المصرية، مقابل تقديم الدعم العسكري للبرهان.
ومع العلم أن قبائل البجا وشرق السودان ترفضاً رفضاً باتاً المساس بحلايب وشلاتين، يعمل البرهان على خطة لاعتقال بعض نظارات البجا وعلى راسهم موسى محمد أحمد من قبيلة الهدندوة، وآمنة ضرار من قبيلة بني عامر. وقد اتفق بالفعل مع بعض الأحزاب شرق البلاد على ان يتم دعمهم بالكامل لمجابهة أحزاب الشرق المدعومة من دول الغرب.
أما بخصوص رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، فهو الأن يقوم بالتفاوض مع الأحزاب الموالية للغرب في مؤتمر البجا ويعدهم بالتخلص من الأحزاب التابعة للإسلاميين بعد تطبيق التسوية السياسية التي يتم التفاوض عليها في اللقاءات الأخيرة، سواء بمصر أو غيرها.
ومن المرتقب أن يشهد مؤتمر البجا في الأيام القليلة المقبلة خلافات داخلية كبيرة، سببها بشكل مباشر هو التدخل الأجنبي والأجندات الخاصة للأطراف الماسكة بالسلطة، والمتضرر من هذه الخلافات هو الشعب السوداني، الذي يعيش حربًا مأساوية منذ ما يقارب العام، ويعيش أزمات حقيقية كالنزوح والجوع وانقطاع المساعدات الإنسانية وانعدام الأمن.
عائد عميرة
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: عبد الفتاح البرهان من دول الغرب فی السودان
إقرأ أيضاً:
السودان: جدل “الورقتين”.. هل خُدع «البرهان» أم يناور؟
أثارت الورقة الأمريكية جدلًا في السودان، إذ تحدّث قائد الجيش عبد الفتّاح البرهان عن وجود أوراق متعددة، بينما أكدت مصادر مطّلعة أنّ هناك ورقة واحدة فقط..
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
وصف قائد الجيش عبد الفتّاح البرهان الورقة الأخيرة التي قدّمها مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للشؤون العربيّة والإفريقيّة، مسعد بولس، بأنّها أسوأ ورقة، وذلك خلال مخاطبة جماهيريّة ساخنة في الثالث والعشرين من نوفمبر الماضي.
وقال البرهان إنّ سوء الورقة يكمن في أنّها تلغي وجود الجيش وتطالب بحل الأجهزة الأمنية، بينما تُبقي على قوات الدعم السريع، موجّهًا انتقادًا لاذعًا لمسعد بولس بوصفه يسعى لفرض حلول من الخارج، ويُلوّح ـ بحسب البرهان ـ بورقة السلاح الكيماوي.
ورقة مثيرة للجدلأثار حديث البرهان عن الورقة الأمريكيّة جدلًا كثيفًا؛ ليس بشأن وصفه لها، بل حول وجودها أصلًا. فبينما تحدّث البرهان عن ورقة جديدة مقدَّمة من واشنطن، أكّد وزير الدولة في الخارجيّة النرويجيّة والمبعوث النرويجي إلى السودان أندرياس موتزفيلد كرافيك، خلال زيارته لبورتسودان أواخر نوفمبر الماضي، أنّ مسعد بولس لم يقدّم أي مقترحات جديدة للحكومة السودانيّة.
وفي السياق، قال أندري ستيانسن، المبعوث النرويجي للقرن الأفريقي، في مقابلة مع الجزيرة مباشر مطلع ديسمبر الجاري، إنّ هناك سوء فهم بشأن المقترح الأمريكي، وما إذا كان يتعلّق بمقترحين أم بمقترح واحد، مشدّدًا على أنّ واشنطن قدّمت مقترحًا واحدًا فقط بوصفها جزءًا من الآلية الرباعية، وإنّها لا تزال في انتظار ردّ السودان عليه.
وبينما لم يعلّق مسعد بولس على ما ورد في حديث البرهان بشأن وجود أوراق متعددة، أكّد مصدر مطّلع في قوات الدعم السريع لـ”التغيير” عدم وجود أي أوراق جديدة من جانب الوساطة، كاشفًا عن استمرار المفاوضات بصورة غير مباشرة.
واشنطن لم تقدم سوى ورقة واحدة لم نرفضها والمفاوضات غير المباشرة مستمرة
مصدر بالدعم السريع
ونفى المصدر بالدعم السريع ما قاله المبعوث الأمريكي بشأن رفض قوات الدعم السريع للمقترح الأمريكي.
ملامح الخطة الأمريكيةوكشفت مواقع إعلامية عربية عن ملامح الخطة الأمريكية التي تتكون من مسارين، عسكري وسياسي. يهدف المسار العسكري إلى تحقيق هدنة إنسانية تمهّد لوقف شامل لإطلاق النار في البلاد، بينما يقود المسار السياسي عدد من القوى المدنية مع استبعاد رموز النظام البائد، ويتضمّن حزمة واسعة من الإصلاحات الأمنية تشمل إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية عبر تفكيك الأجهزة الأمنية الموازية.
مسعد بولس مناورة سياسيةفتحت قضية الورقتين الباب أمام تساؤلات واسعة: هل يدرك البرهان أنّ هناك ورقة واحدة فحسب، لكنه اختار القول بوجود ورقة جديدة ليبرّر الهجوم الذي شنّه عليها؟ أم أنّه، على العكس، تمّ تضليله عبر الوفد العسكري الذي شارك في مفاوضات واشنطن، فتم تقديم ورقة له تتضمّن مقترحات بحلّ الجيش تحت ضغط ما تردّد عن تهديدٍ باستخدام السلاح الكيميائي خلال حرب أبريل؟
من جانبه يصف الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني، شريف محمد عثمان، موقف البرهان بأنّه “هروب إلى الأمام”، مؤكّدًا أنّ هذا النهج بات سلوكًا ثابتًا لديه، إذ استخدمه في كل المبادرات التي تهدف لإنهاء الحرب السودانية الحل منذ مفاوضات جدّة، مرورًا بالمنامة وجنيف، وصولًا إلى الدعوة الأخيرة المقدَّمة من دول الرباعية.
واتهم عثمان سلطات بورتسودان بأنها تعمل على مسارين للهرب من استحقاقات إيقاف الحرب على أسس عادلة، أولهما تحويل جهود الرباعية إلى صراع شخصي مع المبعوث الأمريكي، في محاولة لإعادة إنتاج الصراعات القديمة عبر نقل الأزمة من مضمونها إلى الأشخاص. أما المسار الثاني هو خلق مسارات سياسية متوازية ومربكة تظهر في هجوم البرهان على مستشار الرئيس الأمريكي في يوم وترحيبه بدعوة ولي العهد السعودي في اليوم التالي.
البرهان يسعى لصناعة مسار سياسي جديد بعيدا عن الرباعية
شريف عثمان
وقطع القيادي بالمؤتمر السوداني في حديثه لـ”التغيير” بأن البرهان يسعى لصناعة مسار سياسي جديد بعيدا عن الرباعية. “هذه المناورات لا تصنع سلاماً. بالعكس، ستؤدي إلى مزيد من التعقيد، وزيادة معاناة الناس، وفتح الباب أمام تشظي أكبر للبلاد”
تضليل متعمدمن جانبه يرى الصحفي والمحلل السياسي عثمان فضل الله أن قائد الجيش ربما تعرض لتضليل متعمد؛ مشيرا إلى وجود شواهد تشير إلى اعتماد البرهان على تقارير يزوده بها مقربون لديهم مصالح في إطالة أمد الحرب أو الدفع باتجاه مواقف متشددة.
ودلل فضل الله على ذلك بسحب بعض التصريحات المعلنة؛ مما يشير إلى أن المعلومات ليست مستقرة أو موثوقة.
وأضاف: “الصورة النهائية تبدو أقرب إلى وجود خلل جوهري في منظومة اتخاذ القرار أكثر من كونه مجرد خطأ في التصريحات.
ربما مقربون لديهم مصالح في إطالة أمد الحرب منحوا البرهان تقارير مضللة
عثمان فضل الله
وقال فضل الله في حديثه لـ”التغيير” إن هناك مساراً آخر يمكن عبره فهم تصريحات البرهان بوجود ورقتين وهو ما أسماه بمراوغة سياسية من قائد الجيش نفسه.
“الرجل سبق أن غيّر مواقفه تحت الضغط، ما يجعل من المحتمل أنه يستخدم التصريحات المتناقضة كتكتيك لإدارة الضغوط الدولية والمحلية، دون الالتزام بخط واضح”.
ووصف المحلل السياسي القيادة في بورتسودان بالتأرجح بين التضليل والمراوغة الأمر الذي ينتج موقفا مرتبكا يزيد الأزمة، ويضعف الثقة بقدرة الدولة على اتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة.
الوسومالرباعية حرب الجيش والدعم السريع قائد الجيش مسعد بولس