رأي اليوم:
2025-05-13@04:17:10 GMT

المعلم العربي لم يعد رسولاً

تاريخ النشر: 27th, July 2023 GMT

المعلم العربي لم يعد رسولاً

علي الزعتري أتذكر أستاذي لِلْلُّغةِ العربية أحمد أبو شاربين بمدرسةِ حوَلِّي المتوسطة في الكويت حينما كان يشرح، أو يسرح، حول محبة الوالد لأبناءه و إيثارهم على نفسه.  قالَ يوماً كيف أن الأب قد يلبس مقطوعَ الثياب ليلبس ولده جميلها. أتذكرهُ بكل شغفٍ و إكبارٍ. يلتقي الأستاذ أحمد أبو شاربين و الأستاذ سليمان محمد عبد الحميد، و هو من صفط بمصر، عند مهنة التعليم و تجربةِ قساوةِ الحياة و لو اختياراً.

و قد خَلَّدَهما أمير الشعراء أحمد شوقي حين قالَ أن المعلم كاد يكون رسولاً.  و يلتقيان في أنهما من أمة العرب التي في زماننا سلبت المعلمَ مكانتهُ فالمعلمُ الذي نظرياً هو صاحبَ رسالةٍ ساميةٍ ليس أقلُّها أننا نأتمنهُ على ذرياتنا، صار منذ زمنٍ صاحبَ ضيقَ معيشةٍ معنويةٍ و ماديةٍ. المعلميْنِ هما الآن في ذمة الرحمن و في هذه المقالةِ سيعودان للذاكرة العامة مثلاً سامياً و دعوةً للتغيير.  فلم يكتفِ الأستاذ سليمان بالتعليم بل كان يعمل بمهنةٍ إضافيةٍ تعلمها منذ الطفولة و مهرها و هي البناء فكانت عنوان حياته مثل التعليم. و لم يكن أستاذي أحمد محتاجاً لكنه كان مجاهداً، و المعلم بنَّاءَ أجيال. لقد ربينا نحترم المعلم و كنا ندرك أن المعلم يبذل ليعطينا علماً. لهذا لا نزال نتذكرهم و نترحم عليهم. و كم من أحمدٍ و سليمانٍ في طول أوطاننا و عرضها. ننتقلُ من الفكرةِ المَثَلَ للأعَمَّ في حياتنا في زماننا الأغبر.  لقد خُلِقنا سواسيةً ثم الدنيا بما فيها صَيَّرتنا بما يميزنا أو يفرقنا عن بعضنا البعض و هي سُنَّةَ الله في الخلق و توزيع الأرزاق. نعم هكذا هي الحياة و قسمتها بين الناس و ليس من الممكن أن يتساوى البشر.  في أغنى و أكثر البلاد تقدماً لا يجني المعلم أكثر من كثيرٍ من العاملين لكنهُ بالتأكيد لا يفقر أو يعجز عن أن يعيشَ كريماً و محترماً و مطمئناً على حياتهِ أثناء عملهِ و بعد تقاعده. أغلبيةُ المعلم العربي لا تشعر بهذا الاطمئنان لا في المُسَمَّى الوظيفي و لا في الدخل المادي.  و يزيد العبء على المعلم عندما تتوارى مخصصات التعليم عن تحسين البيئة التعليمية و تتجه للزخرف و كأن حكوماتنا تبني قصوراً من ورق تطليها بالذهب.  إنها قصةَ مجتمعاتنا ودولنا التي في الغالب لا تمنح مهنة التعليم الدرجة الرفيعةَ التي تستحقها هذه المهنة النبيلة إلا بصورتها التعبيرية المثالية المنفصلة عن حال الواقع. النتيجة الملموسة هي ما نسمعهُ عن التهوين من مقام المعلم و حتى الاعتداء عليهم من قبلِ طلبتهم و أهاليهم. لا شك أن المستوى التعليمي العربي متفاوتٌ بين الصعيدين الوطني والإقليمي وبداخلهما من حيث مدخلات التعليم ومخرجاته. الفوارق المفجعة ظاهرة بين تعليمٍ ثريٍّ و فقيرٍ، و عامٍ و خاصٍ و خاصٍ جداً، و تعليمٌ ينتج جهلاً ملتبساً التعليم و آخر ينتج تعليماً ملتبساً الانفصام عن واقع سوق العمل.  و نرى في ذات الوطن مدارس شيدت بأفضل التقنيات و مدارس يفترش فيها التلاميذ الأرض و يشتركون بالأقلام و يعانون حراً و برداً. هذه ليست مبالغةً أو تهويلاً بل حقيقةً نلمسها و نعرفها. و لا شك أن العرب لا يفتقرون للطلبةِ النابهة و المعلمين الأكفاء و لا للمتخرجين النوابغ الحاصلين على تعليمٍ متميز، و لكن لا يمكن التخفيف من درجة ضياعَ المهارات التعليمية بسبب سوء أو فقر مدخلات التعليم. النموذجين ظاهرين لمن يرى. ليس هذا بحثاً علمياً ليتتبعَ الاحصائيات المنشورة عن رواتب المعلمين و الصرف من الدخل القومي على التعليم و هي متاحةٌ لكنها مقالةٌ تريدُ جذب الانتباه و عاجلاً للتعليم و المعلمين و لتحثَ على رفع التقدير المادي والمعنوي لهم و للتعليم و التربية كاستراتيجيةَ بقاء لهذه الأمة. الواعي من أولي الأمر و قادة الفكر و مسؤولي التعليم يجب أن يدركوا أن المعلم و التعليم العربيين ليسوا بخير.  و أن لا نهضةَ من دون أخذ التعليم والمعلم خاصةً في المستويات التعليمية التأسيسية لنطاقات عالية بل أعلى من غيرها في الاستثمار و التجويد.  الأمثلة في العالم واضحةٌ لمن يريد من يابان القرن التاسع عشر في إمبراطورية ميجي و لسنغافورة الستينات و للعدو الصهيوني منذ أسسهُ الاستعمار.  تلك أمثلةٌ من الماضي حوَّلتْ اليابان و سنغافورة و مثلٌ حاضرٌ كطعنةٍ في القلب هو سعي العدو للتميز العلمي دون توقف. دبلوماسي أُممي سابق الأردن

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

ترتيبات لإعادة تشغيل مدينة المعلم الطبية

وقفت محلية الخرطوم على الترتيبات الجارية لتأهيل وإستعادة الخدمات العلاجية والتشخيصية بمدينة المعلم الطبية .حيث وقف المدير التنفيذي للمحلية عبد المنعم البشير على حملة إزالة الاجسام الخطرة ومخلفات الحرب والنظافة العامة للمرفق الطبي والتي تنفذها كتائب الإسناد المدني بالمقاومة الشعبية ولاية الخرطوم بحضور رئيس المقاومة الشعبية المناوب بالولاية اللواء (م) احمد عوض الكريم وأجهزته المعاونة.وكشف د. سامي علي احمد مسئول الإسناد الطبي بالمقاومة الشعبية عن عدم تضرر المعدات والأجهزة الطبية بآثار الحرب، فضلا عن غرف العناية المكثفة بسعة (12) سريراً ومصنع الأكسجين الذي ينتج قرابة (400) أسطوانة يوميا والذي من المؤمل أن يسد حوجة الولاية من الاوكسجين الطبي .لافتا برغم الضرر الخارجي الذي أصاب المدينة الطبية في الواجهات الا ان المرفق من الداخل سليم وسيعاود نشاطه في القريب العاجل لخدمة قطاع المعلمين والمواطنين بشرق الخرطوم بالتنسيق وزارة الصحة بالولاية واتحاد نقابات التعليم العام.الى ذلك أكد الرئيس المناوب للمقاومة الشعبية بالولاية استعداد كتائب الإسناد المدني للتدخل السريع لاسناد الجهاز التنفيذي بالخرطوم في المجالات الهندسية والصحية والتعليم والطاقة والكهرباء والصرف الصحي والمياه وازالة النفايات الطبية ومخلفات الحرب والاجسام الخطرة.من جانبه ثمن المدير التنفيذي للمحلية الجهود الجبارة التي قدمتها المقاومة الشعبية في معركة الكرامة ومن ثم في استعادة تطبيع الحياة بالخرطوم، حيث كانت السند الحقيقي الذي غير موازين الحرب، مطالبا بضرورة استكمال هياكل المقاومة الشعبية بالوحدات الإدارية حتى تضطلع بدورها كاملا في اسناد الخدمات على المستوى القاعدي للحكم المحلي.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ترتيبات لإعادة تشغيل مدينة المعلم الطبية
  • صلاح فؤاد لـ "الفجر": الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل التعليم ويعزز تمكين المعلمين
  • السيطرة على حريق محصول قمح بعزبة المعلم بالمنوفية
  • لمتابعة سير العملية التعليمية..وكيل تعليم أسيوط يتفقد عددا من مدارس إدارة البداري
  • مدير تعليم الفيوم يشهد الندوة التثقيفية "الذكاء الاصطناعي واستخدامه فى التعليم"
  • «تعليم الرياض» يعلن بدء استقبال طلبات التقاعد المبكر لشاغلي الوظائف التعليمية
  • مدير تعليم المنوفية يتفقد سير العملية التعليمية بعدد من مدارس شبين الكوم
  • "التعليم" تستعين بخبرات المحالين على المعاش لإنشاء وحدات جودة في المديريات التعليمية
  • تعليم المدينة المنورة ينفذ إجراءات التوظيف التعاقدي لـ1003 مرشحين ومرشحات لشغل الوظائف التعليمية
  • التعليم توجه المديريات التعليمية بسرعة تذليل العقبات أمام مواصلة صرف أي متأخرات لمعلمي الحصة