رأي اليوم:
2025-10-26@08:48:05 GMT

المعلم العربي لم يعد رسولاً

تاريخ النشر: 27th, July 2023 GMT

المعلم العربي لم يعد رسولاً

علي الزعتري أتذكر أستاذي لِلْلُّغةِ العربية أحمد أبو شاربين بمدرسةِ حوَلِّي المتوسطة في الكويت حينما كان يشرح، أو يسرح، حول محبة الوالد لأبناءه و إيثارهم على نفسه.  قالَ يوماً كيف أن الأب قد يلبس مقطوعَ الثياب ليلبس ولده جميلها. أتذكرهُ بكل شغفٍ و إكبارٍ. يلتقي الأستاذ أحمد أبو شاربين و الأستاذ سليمان محمد عبد الحميد، و هو من صفط بمصر، عند مهنة التعليم و تجربةِ قساوةِ الحياة و لو اختياراً.

و قد خَلَّدَهما أمير الشعراء أحمد شوقي حين قالَ أن المعلم كاد يكون رسولاً.  و يلتقيان في أنهما من أمة العرب التي في زماننا سلبت المعلمَ مكانتهُ فالمعلمُ الذي نظرياً هو صاحبَ رسالةٍ ساميةٍ ليس أقلُّها أننا نأتمنهُ على ذرياتنا، صار منذ زمنٍ صاحبَ ضيقَ معيشةٍ معنويةٍ و ماديةٍ. المعلميْنِ هما الآن في ذمة الرحمن و في هذه المقالةِ سيعودان للذاكرة العامة مثلاً سامياً و دعوةً للتغيير.  فلم يكتفِ الأستاذ سليمان بالتعليم بل كان يعمل بمهنةٍ إضافيةٍ تعلمها منذ الطفولة و مهرها و هي البناء فكانت عنوان حياته مثل التعليم. و لم يكن أستاذي أحمد محتاجاً لكنه كان مجاهداً، و المعلم بنَّاءَ أجيال. لقد ربينا نحترم المعلم و كنا ندرك أن المعلم يبذل ليعطينا علماً. لهذا لا نزال نتذكرهم و نترحم عليهم. و كم من أحمدٍ و سليمانٍ في طول أوطاننا و عرضها. ننتقلُ من الفكرةِ المَثَلَ للأعَمَّ في حياتنا في زماننا الأغبر.  لقد خُلِقنا سواسيةً ثم الدنيا بما فيها صَيَّرتنا بما يميزنا أو يفرقنا عن بعضنا البعض و هي سُنَّةَ الله في الخلق و توزيع الأرزاق. نعم هكذا هي الحياة و قسمتها بين الناس و ليس من الممكن أن يتساوى البشر.  في أغنى و أكثر البلاد تقدماً لا يجني المعلم أكثر من كثيرٍ من العاملين لكنهُ بالتأكيد لا يفقر أو يعجز عن أن يعيشَ كريماً و محترماً و مطمئناً على حياتهِ أثناء عملهِ و بعد تقاعده. أغلبيةُ المعلم العربي لا تشعر بهذا الاطمئنان لا في المُسَمَّى الوظيفي و لا في الدخل المادي.  و يزيد العبء على المعلم عندما تتوارى مخصصات التعليم عن تحسين البيئة التعليمية و تتجه للزخرف و كأن حكوماتنا تبني قصوراً من ورق تطليها بالذهب.  إنها قصةَ مجتمعاتنا ودولنا التي في الغالب لا تمنح مهنة التعليم الدرجة الرفيعةَ التي تستحقها هذه المهنة النبيلة إلا بصورتها التعبيرية المثالية المنفصلة عن حال الواقع. النتيجة الملموسة هي ما نسمعهُ عن التهوين من مقام المعلم و حتى الاعتداء عليهم من قبلِ طلبتهم و أهاليهم. لا شك أن المستوى التعليمي العربي متفاوتٌ بين الصعيدين الوطني والإقليمي وبداخلهما من حيث مدخلات التعليم ومخرجاته. الفوارق المفجعة ظاهرة بين تعليمٍ ثريٍّ و فقيرٍ، و عامٍ و خاصٍ و خاصٍ جداً، و تعليمٌ ينتج جهلاً ملتبساً التعليم و آخر ينتج تعليماً ملتبساً الانفصام عن واقع سوق العمل.  و نرى في ذات الوطن مدارس شيدت بأفضل التقنيات و مدارس يفترش فيها التلاميذ الأرض و يشتركون بالأقلام و يعانون حراً و برداً. هذه ليست مبالغةً أو تهويلاً بل حقيقةً نلمسها و نعرفها. و لا شك أن العرب لا يفتقرون للطلبةِ النابهة و المعلمين الأكفاء و لا للمتخرجين النوابغ الحاصلين على تعليمٍ متميز، و لكن لا يمكن التخفيف من درجة ضياعَ المهارات التعليمية بسبب سوء أو فقر مدخلات التعليم. النموذجين ظاهرين لمن يرى. ليس هذا بحثاً علمياً ليتتبعَ الاحصائيات المنشورة عن رواتب المعلمين و الصرف من الدخل القومي على التعليم و هي متاحةٌ لكنها مقالةٌ تريدُ جذب الانتباه و عاجلاً للتعليم و المعلمين و لتحثَ على رفع التقدير المادي والمعنوي لهم و للتعليم و التربية كاستراتيجيةَ بقاء لهذه الأمة. الواعي من أولي الأمر و قادة الفكر و مسؤولي التعليم يجب أن يدركوا أن المعلم و التعليم العربيين ليسوا بخير.  و أن لا نهضةَ من دون أخذ التعليم والمعلم خاصةً في المستويات التعليمية التأسيسية لنطاقات عالية بل أعلى من غيرها في الاستثمار و التجويد.  الأمثلة في العالم واضحةٌ لمن يريد من يابان القرن التاسع عشر في إمبراطورية ميجي و لسنغافورة الستينات و للعدو الصهيوني منذ أسسهُ الاستعمار.  تلك أمثلةٌ من الماضي حوَّلتْ اليابان و سنغافورة و مثلٌ حاضرٌ كطعنةٍ في القلب هو سعي العدو للتميز العلمي دون توقف. دبلوماسي أُممي سابق الأردن

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

برنامج تعاون لدعم المجالات التعليمية والتوعوية بين جامعة التقنية وحماية المستهلك

"عمان": وقّع سعادة الدكتور سعيد بن حمد بن سعيد الربيعي رئيس جامعة التقنية والعلوم التطبيقية، وسعادة الدكتور سليم بن علي بن سليم الحكماني رئيس هيئة حماية المستهلك اليوم برنامج تعاون مشترك يهدف إلى تبادل الخبرات والمعرفة، ودعم المجالات التعليمية والتدريبية والتوعية والبحثية بين الجانبين، بما يسهم في خدمة الأهداف المشتركة وتعزيز التكامل المؤسسي.

وينطلق هذا التعاون من إيمان الطرفين بأهمية إقامة شراكات فاعلة بين مؤسسات الدولة؛ لتطوير الكفاءات الوطنية، وتوحيد الجهود في مجالات التعليم والتدريب والتوعية.

ويتيح البرنامج للطلبة الاستفادة من خبرات موظفي الهيئة في مجالات حماية المستهلك من خلال برامج تدريبية وتطبيقية داخل مقر الهيئة والمديريات التابعة لها، إضافة إلى مشاركة الجامعة في الفعاليات والمعارض التي تنظمها الهيئة، مثل معرض السلع المقلدة، إلى جانب التبادل المعرفي والثقافي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.

كما يشمل التعاون استفادة الهيئة من الخبرات الأكاديمية في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية عبر تنظيم ورش وبرامج تعليمية وتدريبية في التخصصات ذات العلاقة، والاستفادة من مراكز البحث العلمي بالجامعة لتنفيذ المشاريع البحثية المشتركة، ومن مصادر المعلومات المتاحة بالجامعة كمكتباتها الإلكترونية ومواقعها التعليمية.

مقالات مشابهة

  • من الصناعة إلى التعليم.. مدبولي يفاجئ مدرسة ابتدائية بالسويس ويتفقد سير العملية التعليمية
  • لينا يعقوب تكتب لعريسها أحمد العربي من شهر العسل: (كنت مجرد زميل عابر وحينما أحببتني ثم أحببتك كنت في ذروة سعادتي، فقد تسلل الحب إلى قلبي بعد سباتٍ عميق)
  • “الأغذية العالمي” يعلن دعمه لاستئناف العملية التعليمية في قطاع غزة
  • الدعيس والبخيتي يناقشان جهود النهوض بالعملية التعليمية في ذمار
  • الإدارة التعليمية بين النظرية والتطبيق..ندوة بتربية الأزهر
  • غدًا.. انطلاق امتحانات شهر أكتوبر بكفر الشيخ لجميع المراحل التعليمية
  • لمسة وفاء.. قائد عسكري بارز يعلن تكفله بمصاريف تعليم ابنة الراحل أحمد شاع الدين بعد تفوقها في امتحان الشهادة السودانية
  • فرط التقييمات المدرسية تعرقل العملية التعليمية.. وخبير تربوي: فقدت أهدافها
  • برنامج تعاون لدعم المجالات التعليمية والتوعوية بين جامعة التقنية وحماية المستهلك
  • النقابة العامة للمعلمين تدين تصريحات وزير التعليم وتطالب بالاعتذار الفوري