قال موقع كاونتر بانش الأميركي إن تجربة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط هي عبارة عن مشهد كلاسيكي للحسابات السياسية والعسكرية الخاطئة التي تؤدي إلى الفشل الإستراتيجي المتكرر.

وأحدث مثال على ذلك الدعم السياسي الكامل الذي يقدمه الرئيس جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي يجعل واشنطن متواطئة في حملة الإبادة الجماعية ضد أهل غزة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4إيكونوميست: روسيا تتجهز لهجوم كبير فهل أوكرانيا مستعدة؟list 2 of 4أكاديمي أميركي: المجاعة بغزة قد تتسبب في إدانة إسرائيل بالإبادة الجماعيةlist 3 of 4مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيينlist 4 of 4موقع أميركي: الإبادة الجماعية الخفية في إثيوبياend of list

وقال الكاتب ميلفين غودمان إن وجود القوة العسكرية الأميركية بالشرق الأوسط، والذي يهدف لتحقيق ميزة إستراتيجية، أدى بشكل عام إلى نتائج عكسية وحالة من الفوضى في الشرق الأوسط والخليج العربي، وفتح أمام روسيا والصين أبوابا عديدة للتدخل في المنطقة.

وأوضح غودمان أن البداية الحديثة للحسابات الأميركية الخاطئة بالشرق الأوسط حدثت قبل ما يقرب من 70 عاما، عندما عرض وزير الخارجية جون فوستر دالاس (في عهد الرئيس دوايت أيزنهاور) دعم بناء السد العالي في مصر ثم تراجع فجأة.

غودمان: تورط بايدن في دعم نتنياهو بشكل كامل له عواقب وخيمة (رويترز) السد العالي

وعندما خضع دالاس للضغوط اليمينية لوقف الدعم المالي للسد، قام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس.

وأدى العرض الأصلي لمصر إلى قلق سياسي في إسرائيل، مما أدى إلى زيادة كبيرة في الدعم العسكري الفرنسي للجيش الإسرائيلي، وفي النهاية إلى مخطط بريطاني فرنسي إسرائيلي سري لغزو سيناء وتأمين قناة السويس.

كما فتح سحب المساعدات الأميركية الباب أمام زيادة النفوذ السوفياتي في القاهرة، وأدى تأميم القناة إلى الغزو الثلاثي لمصر من قبل لندن وباريس وتل أبيب.

وأضاف أنه تم التعامل مع انتقادات الرئيس أيزنهاور للغزو الثلاثي بشكل إيجابي من قبل مصر، ولكن إعلانه بعد عام كان بمثابة انتقاد لعبد الناصر وللعلاقات السوفياتية المصرية القوية.

وبحسب الكاتب، أدى مبدأ أيزنهاور إلى مقاطعة اقتصادية لمصر كانت بمثابة نموذج للعقوبات اللاحقة (غير الناجحة في الغالب) ضد دول العالم الثالث مثل كوبا وليبيا، مما فتح فرصا إضافية للنفوذ الدبلوماسي السوفياتي.

الرئيس الأميركي السابق بوش الابن غزا العراق عام 2003 بناء على معلومات كاذبة (رويترز) حرب الخليج

وتابع الكاتب بأن الحروب التي خاضها الرئيسان جورج بوش الأب وابنه خلفت عواقب هائلة غير متوقعة، ولا تزال تخلف مشاكل سياسية وعسكرية للولايات المتحدة في مختلف أنحاء المنطقة.

وقال أيضا إن حرب الخليج عام 1991 كان بالإمكان تجنبها، وكان ميخائيل غورباتشوف قد تلقى -قبل انهيار الاتحاد السوفياتي الذي كان آخر رؤسائه- موافقة الرئيس العراقي صدّام حسين على سحب قواته من الكويت، ولكن الأوان كان قد فات لإدارة بوش التي أصرت على استخدام القوة.

وأدت الحرب إلى صعوبات خطيرة للرئيس الأميركي بيل كلينتون بالشرق الأوسط طوال فترة رئاسته التي استمرت لولايتين.

وأضاف الكاتب أنه من المثير للاهتمام أن بوش الأب ومستشاره للأمن القومي الجنرال برنت سكوكروفت بذلا جهودا جادة لإثناء بوش الابن عن قراره المصيري بالإطاحة بصدام عام 2003، والذي كان ينافس الحرب في فيتنام باعتبارها اثنتين من أسوأ الحسابات الخاطئة في أي قرار أميركي بخوض الحرب.

وبحسب غودمان، رأى بوش الأب أن استخدام القوة العسكرية يمكن أن يؤدي إلى تمزيق الدولة العراقية وتعريض توازن القوى على المدى الطويل بالخليج العربي للخطر، وهو ما حدث بالفعل. ولم يكن لدى الولايات المتحدة حجة حقيقية لشن حرب ضد بغداد، لذا فقد اختلقت حجة زائفة حول وجود أسلحة نووية.

الرئيس العراقي الراحل صدام حسين (مواقع التواصل) غرق في الوحل

وساعد مدير وكالة المخابرات المركزية جورج تينيت الرئيس في تقديم هذه القضية، وذلك من خلال تقديم تقارير استخباراتية زائفة إلى البيت الأبيض.

وتابع غودمان قائلا إن سكوكروفت كان أكد في مقال أن الغزو سيؤدي إلى حرب أهلية بالعراق ستتطلب وجودا عسكريا أميركيا هناك لفترة طويلة، وهو ما حدث، ثم إن الغزو الأميركي فتح الباب أمام إيران بشكل كامل.

وأشار إلى أن الرئيس بايدن قد ارتكب خطأ في التقدير أكثر من أي رئيس أميركي باعتقاده أن الكميات الضخمة من المساعدات العسكرية والاقتصادية لإسرائيل ستؤدي إلى تأثير واشنطن على عملية صنع القرار الإسرائيلي، وكذلك إلى اعتدال إسرائيل في سياساتها بالضفة الغربية وقطاع غزة.

وزاد بأنه لا يوجد سبب يجعل بايدن يتفاجأ بأي معارضة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من شأنها المساس بمصالح الولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال، غالبا ما حدد نتنياهو توقيت الإعلان عن المستوطنات الجديدة بالضفة خلال الزيارات الرسمية للولايات المتحدة، بما في ذلك زيارتان لبايدن.

واختتم غودمان بالقول إن بايدن قد يبني حملته لإعادة انتخابه على دعمه لأوكرانيا، لكن هذه المحاولة قد تفشل بسبب التواطؤ مع نتنياهو والجيش الإسرائيلي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات ترجمات الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

هل حان وقت تذكر الولايات المتحدة لخطورة سياسة تغيير الأنظمة وفشلها تاريخيا؟

أدى تدخل الولايات المتحدة في تغيير أنظمة حكومات أجنبية إلى العديد من "المخاطر الجسيمة"،  خاصة في ظل تهديد واشنطن بدعم الإطاحة بالنظام الإيراني، وهو الأمر الذي تكرر تارخيا في أكثر من حالة وتسبب بنتائج غير متوقعة أو كارثية.

وجاء في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" للكاتب كريستوفر إس. تشيفيز، أن الولايات المتحدة قد تضاعف من ضرباتها في نهاية الأسبوع وتسعى إلى الإطاحة بالنظام الإيراني إذا لم يصمد وقف إطلاق النار بين إيران و"إسرائيل"، وقد هدد دونالد ترامب بذلك في تعليقات وتغريدات في وقت سابق، وقال مسؤولون كبار إنهم لن يمانعوا ذلك إذا حدث، لكن هذه لن تكون المرة الأولى التي تسلك فيها الولايات المتحدة هذا الطريق.

وأكد المقال أنه "في السنوات الثمانين الماضية، أطاحت واشنطن بالعديد من الأنظمة، وهذا ليس بالأمر الصعب بالنسبة لقوة عظمى، لكن الحصول على النتيجة التي تريدها من ذلك هو الأمر الصعب، وهذا ما يجعل تغيير الأنظمة خطيرًا بقدر ما هو مغرٍ، كما تظهر المحاولات الأمريكية السابقة بوضوح".

وأضاف أن "إطاحة الولايات المتحدة بالحكومتين اليابانية والألمانية في الحرب العالمية الثانية جعلت جيلًا كاملًا من القادة الأمريكيين متفائلين بشأن تغيير الأنظمة، ولكنه كان أمرًا مضللًا".


وأوضح أن "الولايات المتحدة ساعدت في الإطاحة بالزعيم الإيراني محمد مصدق سنة 1953، لكن ذلك زرع بذور الاستياء التي ساعدت في ولادة الحكومة المتطرفة اليوم، وفي 1954، جندت المخابرات المركزية الأمريكية مجموعة من المنفيين الغواتيماليين للإطاحة بالزعيم جاكوبو أربنز ذي الميول السوفيتية، وفي 1961 هبط المتمردون المدعومون من الولايات المتحدة في خليج الخنازير، في محاولة فاشلة للإطاحة بالرئيس الكوبي فيدل كاسترو، وخاضت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي حروبًا سرية وعلنية للإطاحة بالأنظمة منذ الستينيات وحتى الثمانينيات".

وأشار إلى أن "تغيير الأنظمة اتخذ هدفًا جديدًا بعد الحرب الباردة مع تخيل القادة الأمريكيين لعالم أفضل، خالٍ من الكراهية العرقية العنيفة وفضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي المليء بالديمقراطيات المزدهرة المتحالفة مع الولايات المتحدة".

وقال إن "الهدف الأول كان هو المستبد الصربي سلوبودان ميلوشيفيتش، وقد تمت الإطاحة به على مراحل، بدءًا من الضربات الجوية القسرية على حلفائه في 1995، وامتدت إلى صربيا نفسها في 1999، وانتهت بإسقاط نظامه في انتخابات عام 2000".

وذكر أن "دور الولايات المتحدة كان في تغيير أنظمة الحكم في أوكرانيا وجورجيا وقيرغيزستان خلال السنوات القليلة التالية غير مباشر ومحدود أكثر مما صوره خصوم مثل روسيا، ولكن بعد عقدين من الزمن لم يعد أي من هذه البلدان مستقرًا أو ديمقراطيًا؛ فصربيا يحكمها قومي يميل إلى الكرملين، وقيرغيزستان غير مستقرة، وجورجيا أصبحت دولة عميلة لروسيا، وأوكرانيا للأسف تحت حصار رئيس روسي انتقامي".

واستنتج المقال أنه "بالتالي فالنتائج طويلة الأجل لتشجيع الانتفاضات ضد الأنظمة غير المرغوب فيها لم تكن واعدة".

وأضاف المقال أن "هجمات 11 أيلول/ سبتمبر أطلقت العنان لموجة من الانتقام الأمريكي، مما أتاح القيام بعمل عسكري على نطاق أوسع بكثير، وجعل  دور الولايات المتحدة في الإطاحة بنظامي طالبان وصدام حسين مباشرًا وواضحًا".

ففي أفغانستان، نجحت الحملة الأمريكية الخاطفة في القضاء على طالبان بسرعة، لكن المزايا التكنولوجية الأمريكية تلاشت في مواجهة تمرد في بلدٍ كان غريبًا على معظم الأمريكيين، وكانت المصلحة الوطنية الأمريكية فيه تقتصر على العثور على أسامة بن لادن، وبعد عقدين من السعي لبناء ديمقراطية أفغانية، انسحب جو بايدن بحكمة معترفًا بالهزيمة وبحدود قدرة أمريكا على تغيير الأنظمة.

وقال تقرير الصحيفة إنه "في 2003؛ سحق الجيش الأمريكي النظام العراقي، ورغم أن النظام الذي حل محل صدام في العراق أكثر ديمقراطية، لكنه كان أيضًا هدية إستراتيجية لإيران، التي وسعت نفوذها في الفراغ الذي أحدثه تغيير النظام".


وأضاف أن التدخل العسكري في ليبيا سنة 2011 أطاح بمعمر القذافي، مطبقًا بنبل مبدأ الأمم المتحدة "مسؤولية الحماية"، ولكنه خلّف وراءه جرحًا في خاصرة شمال أفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط بأكمله، وشجع على انهيار مالي وسهّل أزمة الهجرة في أوروبا".

تابع المقال أن روسيا تواجه الآن تحديات مماثلة في محاولة تغيير النظام في أوكرانيا، في تذكير صارخ بحقيقة أن هذه العمليات تبدو أشبه بإمبريالية وحشية بالنسبة للجميع، باستثناء من يريد تغيير النظام.

وأكد أن "التاريخ غير المُرضي لتغيير الأنظمة يُخفي جاذبية هذه الممارسة. وفي نفس الوقت، غالبًا ما يكون المسار الدبلوماسي شاقًا ويؤدي إلى نهايات مسدودة، وعادةً ما تكون النتائج الدبلوماسية هشة، وقد تكون قصيرة الأجل، كما يتضح من قصر عمر الاتفاق النووي الإيراني، الذي تم التفاوض عليه بصعوبة في عهد باراك أوباما، ثم مزقه دونالد ترامب بعد ثلاث سنوات".

وأوضح أن "عقودًا من محاولات تغيير الأنظمة التي لم تؤدِ إلى نتائج تُذكر يجب أن تجعل الولايات المتحدة تتردد قبل العودة إلى هذا الطريق"، مشيرا إلى أن البعض يأمل في تغيير النظام داخليًا، لكن الانتفاضات لم تُسفر عن استقرار في معظم الأحوال، وليس هناك ما يضمن أنها ستُنتج نظامًا أكثر ملاءمة للأمن الأمريكي والإسرائيلي في إيران، كما أن الفوضى هي الاحتمال الأكثر ترجيحًا في حال ثورة الشعب.

وقال "قد ينوي قادة وخبراء آخرون دفع إدارة ترامب إلى الاقتراب أكثر فأكثر من إستراتيجيات تغيير النظام التي اتبعها جورج دبليو بوش؛ حيث قد يُنهي غزو شامل برامج الأسلحة النووية الإيرانية، لكنه سيكون غير مسبوق في النطاق والعواقب منذ الحرب العالمية الثانية، وأي أمل في النجاح سيتطلب من الولايات المتحدة الاستعداد لدفع ثمن باهظ من الدماء والمال".

وفي ختام المقال جرى الإشارة إلى أن "صانعي القرار يجب ألا يركزوا فقط على برنامج إيران النووي، بل يجب أن يطرحوا أسئلة أعمق حول مصالح أمريكا الحقيقية في هذا الأمر، مدى تأثير طابع النظام الإيراني على حياة المواطنين الأمريكيين العاديين، وكيفية تأثير التغيير القسري للنظام على طابع الديمقراطية الأمريكية نفسها وعلى نظرة شعوب المنطقة للولايات المتحدة".

مقالات مشابهة

  • هل حان وقت تذكر الولايات المتحدة لخطورة سياسة تغيير الأنظمة وفشلها تاريخيا؟
  • بعد ضربه إيران.. ترامب أخرج الولايات المتحدة من صدمات العراق
  • ترحيل مصري من الولايات المتحدة بسبب كلب.. هذا ما فعله في المطار
  • التاريخ المعقّد للعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران: تسلسل زمني
  • الولايات المتحدة والكيان الصهيوني: تحالف المصالح وحدود الجغرافيا
  • سيناتور أميركي: أي اتفاق مع إيران يتطلب اعترافها أولا بإسرائيل
  • الولايات المتحدة تبلغ مجلس الأمن أن الضربات ضد إيران استهدفت قدراتها النووية
  • الولايات المتحدة: ملتزمون بدعم السلام في السودان و ليبيا و منطقة الساحل
  • الصين تؤكد التوصل إلى تفاصيل الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة
  • اتفاق أميركي صيني لتسريع شحن المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة