في ظلال الحرب.. السودان تحت وطأة النزوح وشبح المجاعة
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
منظمة دولية للهجرة تقول إنه حالة عدم الحصو على التمويل المناسب للقيام بأنشطتنا، فسنضطر إلى التقليل بشكل كبير من أنشطة المنظمة داخل السودان قبل نهاية شهر أبريل، وأتكلم هنا عن مصفوفة تتبع النزوح التي تتعقب أعداد النازحين بشكل دقيق داخل السودان
التغيير: وكالات
يواجه السودان فصلاً كئيباً آخر في تاريخه المضطرب بعدما تسببت الحرب التي اندلعت بين الجيش القومي وقوات الدعم السريع منذ عام في أكبر أزمة نزوح في العالم، والتي شهدت تجاوز عدد النازحين داخل وخارج البلاد 8.
ويقول المدير الإقليمي للمنظمة، عثمان البلبيسي، إن واحداً من كل 8 نازحين على مستوى العالم من السودان، وإن أزمة السودان لا تحظى بالاهتمام المناسب على مستوى الدعم اللوجيستي والاقتصادي.
وأضاف، «نتحدث الآن عن أزمة غذائية حقيقية، فما يزيد على 18 مليون سوداني يعانون سوء التغذية، ومنهم 5 ملايين شخص على حافة المجاعة، ونسبة كبيرة من هذا العدد هم من النساء والأطفال.
أعلنت الأمم المتحدة أن السودان يحتاج إلى مساعدات بقيمة 2.7 مليار دولار للوصول إلى 14.7 مليون شخص من أصل 24.8 مليون شخص بحاجة ماسة للمساعدات.
وأوضح البلبيسي أن ما وصل حتى الآن يمثل 5 في المئة فقط؛ مما طلبته منظمات الأمم المتحدة، وذلك بسبب «الخطط المالية لكثير من الدول، واختلاف الأولويات، وزيادة عدد الأزمات في العالم، لهذا نتمنى أن يكون مؤتمر باريس القادم فرصة مناسبة لجميع الدول للقيام بواجبها نحو السودان وإعطاء الأزمة السودانية ما تستحقه من اهتمام، وينعكس هذا في حجم التمويل المتناسب مع الاحتياجات»، على حد قوله.
ويعتبر قطاع الاستجابة للاجئين أهم قطاع يحتاج إلى المساعدات، ويصل حجم المساعدات المطلوبة للقطاع إلى 631.2 مليون دولار، بحسب تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وعلى الرغم من الاحتياجات الإنسانية الهائلة في جميع أنحاء السودان، فقد تم تخفيف المتطلبات المالية لتلبية تلك الاحتياجات؛ بسبب بيئة العمل المقيدة وعدم وجود ممرات آمنة.
نقص التمويل
وحذّر البلبيسي قائلاً، «نحن كمنظمة دولية للهجرة إذا لم نحصل على التمويل المناسب للقيام بأنشطتنا، فسنضطر إلى التقليل بشكل كبير من أنشطة المنظمة داخل السودان قبل نهاية شهر أبريل، وأتكلم هنا عن مصفوفة تتبع النزوح التي تتعقب أعداد النازحين بشكل دقيق داخل السودان، إلى جانب الرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي، بالإضافة إلى المساعدات غير الغذائية والمساعدات العينية، فهذه الأنشطة ستتأثر إلى حد بعيد».
لم يتعافَ الاقتصاد السوداني من الأزمات المتلاحقة التي ألمّت بالبلاد خلال السنوات الماضية، وخصوصاً بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير وما تلا ذلك من جائحة كورونا وتأثيرها في الاقتصاد المحلي والعالمي، ثم أحداث أكتوبر تشرين الأول 2019 وتولى رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان الحكم، وأخيراً الآثار الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية.
وأدى تراكم هذه العوامل إلى ارتفاع معدل التضخم إلى أعلى مستوياته على الإطلاق ليصل إلى 359.1 في المئة في عام 2022.
رغم ذلك، توقع صندوق النقد الدولي أن يشهد السودان نمواً بنسبة 1.2 في عام 2023 بعد انكماش اقتصادي امتد لسنوات.
لكن أحدث إحصائيات البنك الدولي تشير إلى انكماش الاقتصاد السوداني بنسبة 12 في المئة، كما يتوقع صندوق النقد انخفاض الناتج المحلي بنسبة تقارب 18 في المئة.
ويحذّر البلبيسي من أن هذه المعدلات «مرتفعة للغاية» وتعكس حجم الأزمة الحالية في السودان.
وقال البلبيسي إن هذه الزيادات لم يواكبها أي زيادة في دخل المواطنين، بل خسر الكثير منهم موارد رزقهم، وهم الآن يضطرون للتعامل مع هذه الأزمة الاقتصادية، ومن انعكاسات هذه الأزمة أن ما يقرب من 18 مليون شخص يعانون سوء التغذية حتى الآن، منهم 5 ملايين على حافة المجاعة.
ويواجه أكثر من ثلث السكان انعدام الأمن الغذائي، بحسب برنامج الأغذية العالمي، ما يجعله أحد أكثر مجالات الدعم إلحاحاً.
وفي 2022، قدّرت الأمم المتحدة احتياجات الأمن الغذائي في السودان بمبلغ 437.9 مليون دولار لعام 2023، وارتفع هذا الرقم إلى 581.2 مليون دولار لعام 2024 بسبب تداعيات الحرب.
ونتيجة للاشتباكات، أُغلقت العديد من محلات البقالة والمخابز والمطاحن، ما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في البلاد، كما نُهبت المساعدات الغذائية من مخازن المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية شؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي وغيرها من المنظمات الدولية غير الهادفة للربح.
وما زاد الطين بلّة أن الأزمة الاقتصادية التي كان يمر بها السودان قبل الصراع الأخير حَدّت من القدرة الاقتصادية للأفراد، وتسبّبت في تفاقم حاد في أسعار معظم السلع الأساسية مثل الوقود والسلع المنزلية والغذاء، في حين ارتفعت الأسعار بنسبة 33 في المئة منذ بداية الحرب عام 2023.
وفي ظل الظروف الراهنة، يواجه السودان تحديات جسيمة وسط أزمة إنسانية متفاقمة لا تجد الاهتمام الكافي على الصعيد الدولي، ما يعيق جهود توفير الدعم اللوجيستي والاقتصادي الضروري لمواجهتها، ومع حاجة السودان الماسّة إلى المساعدات لتلبية احتياجات الملايين يبرز التحدي الأكبر المتمثل في تأمين التمويل اللازم والضغوط الاقتصادية المتزايدة، والذي يؤدي إلى تفاقم معاناة الشعب السوداني.
الوسومآثار الحرب في السودان الحرب المساعدات الإنسانية حرب الجيش و الدعم السريع منظمة الهجرة الدوليةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الحرب المساعدات الإنسانية حرب الجيش و الدعم السريع منظمة الهجرة الدولية الأمم المتحدة داخل السودان ملیون شخص فی المئة
إقرأ أيضاً:
الجوع يهدد 4 ملايين لاجئ سوداني في دول الجوار
قال برنامج الأغذية العالمي، اليوم الاثنين، إن أكثر من 4 ملايين لاجئ سوداني فروا إلى دول الجوار بحثا عن الغذاء والمأوى والأمان، منذ اندلاع الحرب الداخلية في أبريل/نيسان 2023، محذرا من مواجهتهم خطر الانزلاق نحو مزيد من الجوع وسوء التغذية.
وجاءت تحذيرات برنامج الأغذية العالمي في سياق تشهد فيه المساعدات الغذائية المنقذة للحياة انخفاضا كبيرا جراء أزمات التمويل.
وسجل البرنامج، في بيان، أن عائلات اللاجئين السودانيين غالبا ما تصل وهي تعاني من الصدمة وسوء التغذية، ولا تملك سوى القليل إلى جانب ما يرتدونه من ملابس.
وأكد المصدر ذاته الحاجة إلى تقديم المساعدات الطارئة للاجئين الفارين إلى 7 دول مجاورة للسودان، ينشط فيها البرنامج العالمي، هي جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا، بالإضافة إلى ليبيا وأوغندا وجنوب السودان.
وأشار البرنامج إلى أنه وسع مجال دعمه ليشمل المجتمعات المضيفة التي رحبت باللاجئين السودانيين وكانت سخية معهم رغم معاناتها أصلا من انعدام الأمن الغذائي.
وحذر البرنامج الأممي من أنه إذا لم تتوفر موارد جديدة، فإن المساعدات التي يقدمها للاجئين السودانيين في جمهورية أفريقيا الوسطى ومصر وإثيوبيا وليبيا "قد تتوقف خلال الأشهر المقبلة".
تقليص الوجبات
وأفاد بأن أوغندا يعيش فيها العديد من اللاجئين المستضعفين على أقل من 500 سعرة حرارية في اليوم، أي ما يمثل أقل من ربع الاحتياجات الغذائية اليومية، في حين تدفع الموجات الجديدة من الوافدين أنظمة دعم اللاجئين إلى حافة الانهيار.
أما في تشاد، التي تستضيف نحو ربع إجمالي اللاجئين الفارين من السودان، فأكد البرنامج أنه سيتم تقليص الحصص الغذائية خلال الأشهر المقبلة، ما لم يتم الحصول على مساهمات إضافية قريبا.
وقال منسق عمليات الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي لأزمة السودان الإقليمية شون هيوز: "نحن أمام أزمة إقليمية كاملة الأبعاد تتفاقم في بلدان تعاني أصلا من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي والصراعات".
إعلانوأضاف أن ملايين الفارين من السودان يعتمدون بشكل كامل على دعم البرنامج، ولكن من دون تمويل إضافي سيُجبر البرنامج على إجراء مزيد من التخفيضات "مما سيترك العائلات الأكثر ضعفا؛ خاصة الأطفال، في مواجهة خطر متزايد من الجوع وسوء التغذية".
واعتبر البرنامج العالمي أن الأطفال يمثلون الفئات الأكثر عرضة لـ"تأثيرات انعدام الأمن الغذائي الممتد"، إذ تجاوزت معدلات سوء التغذية الحاد العالمي بين الأطفال اللاجئين في مراكز الاستقبال في أوغندا وجنوب السودان عتبة الطوارئ، ويعاني الكثير منهم من سوء التغذية حتى قبل وصولهم لتلقي المساعدات.
ويقدر البرنامج حاجياته من التمويل إلى ما يزيد عن 200 مليون دولار لمواصلة الاستجابة الطارئة للاجئين السودانيين في دول الجوار خلال الأشهر الستة المقبلة، كما يحتاج إلى 575 مليون دولار إضافية لتنفيذ عملياته المنقذة للحياة داخل السودان.