إدلب- لا تجد صبحية الخلوف "الكفيفة" ما تفطر به بعد صيام يوم شاق تقضيه تحت قماش الخيمة مع ابنتيها الكفيفتين، وزوج مسن مُقعد في مخيم "السكة" بريف إدلب على سكة القطار، التي تعطلت عن العمل منذ بداية الحرب في سوريا، لتتعطل معها حياة هذه العائلة التي تواجه كل تفاصيل القهر تحت أروقة هذه الخيمة القماشية.

رمضان بلا فطور

تغلب دموع "صبحية" على كلماتها بعد أن أقسمت "لا يوجد لدينا طعام للفطور، ولم نتناول طعام السحور اليوم"، وهذا ليس مجرد كلام، إنما واقع تعيشه مع عائلتها في ظل انقطاع السلال الإغاثية عنهم منذ أشهر، وعدم توفر فرصة عمل لهم بسبب الوضع الصحي الذي تعاني منه مع ابنتيها "مروة وخديجة" وزوجها المسن المريض، وطفلها الصغير الذي يبلغ من العمر ثماني سنوات.

صبحية الخلوف تعاني من ضعف بالنظر بسبب اعتلال عصبي أُصيبت به منذ الولادة، فخلال ساعات النهار لا تستطيع رؤية الأشخاص كما هم، إنما كخيال بنسبة لا تتجاوز الـ5%، وأما في ساعات الليل لا تستطيع الرؤية مطلقا، وهذا ما ورثته عنها ابنتاها "مروة ذات الثمانية عشر عاما وخديجة أحد عشر عاما"، وزوجها المسن يعاني من إعاقة فقدان السمع والعجز، ليبقى طفلها "علي" ذو الثماني سنوات المساعد الوحيد لهم، والذي يساعد بشكل كبير في أداء واجبات المنزل والعمل به من طبخ وغيره رغم صغر سنه.

صبحية الخلوف تعاني من ضعف بالنظر بسبب اعتلال عصبي أُصيبت به منذ الولادة (الجزيرة) كفيفة في الخيمة

تروي صبحية للجزيرة نت تفاصيل أول يوم لها في خيمة النزوح، فقالت إنه كان يوما ممطرا والضباب كثيفا، حيث خرجت "خديجة" ليلا من الخيمة لقضاء حاجة وهي لا ترى، فسقطت وكُسرت قدمها، وأضافت "بقينا حينها في المشفى أربعة أيام، ونحن بوضع صحي لا يسمح لنا أن نعيش في خيمة، لكن هذا قدرنا ولا يوجد لدينا بديل آخر، وهذا الأمر خارج عن إرادتنا بعد تهجيرنا من منازلنا من قِبل قوات النظام، التي دمرت قريتنا وسيطرت عليها، وخرجنا منها بأرواحنا لنهرب من براميل وصواريخ الموت".

الحلم.. طبيبة عيون

أما ابنتها مروة ذات الثمانية عشر عاما، فقد خضعت بدورها لعملية جراحية بهدف تصحيح الرؤية، لكن العملية فشلت، فقد كانت الفرحة تغمر مروة قبل ساعات من العملية وهي تعد الدقائق لليوم التالي الذي ستنتقل من خلاله لحياة جديدة، ليست مجرد أحلام كانت تعيشها، فقد كانت تحلم بالعودة إلى مقاعد الدراسة.

صبحية الخلوف وابنتاها خديجة ومروة داخل خيمة النزوح (الجزيرة)

لم ترغب بالحديث عن الصعوبات التي تعيشها والحقوق التي حرمت منها مقارنة بمثيلاتها من الفتيات، لتقول: "حلمي فقط أن أذهب إلى المدرسة وأتعلم، ولكن الحلم مع وضعي الصحي مستحيل، ولا توجد مدرسة هنا في هذا المخيم، ولكن ذاك اليوم الذي خضعت فيه لعملية جراحية، عشت شعور السعادة الحقيقية لأول مرة في حياتي، قبل ساعات منها كنت أرقص فرحا، سوف يتحقق الحلم وسأكمل دراستي وأصبح طبيبة عيون، وأقدم العلاج المجاني لكل من يعيش حالة الفقر والتشرد والنزوح، وأجد علاجا لمن وضعه الصحي كما حالتي أنا وأمي وأختي، ولكن هذا الحلم كان عبارة عن كابوس بعد صدمة فشل العملية"، واختنقت مروة بالدموع فأنهت حديثها "لا أستطيع التكلم أكثر".

قلب الأم

"أملي أن أرى ابنتي مبصرتين كما كل الفتيات من حولهن"، هكذا تلخص صبحية حلمها، فقد أكد بعض الأطباء على إمكانية علاج ابنتيها، لكنها لا تملك قوت يومها، ومن ثم لا تملك ثمن علاجهما.

رغم معاناتها صبحية تقوم بواجباتها الأسرية في إعداد الطعام لأسرتها (الجزيرة)

حالة صبحية وابنتاها هي واحدة من آلاف الحالات التي تعيش قصصا من القهر والفقد والحرمان تحت الخيمة القماشية بعد إخراجهم من ديارهم قسرا، وفقدهم كل ما يملكون خلال سنوات النزوح الطويلة التي تنقلوا بها من مكان إلى آخر، لينتهي بهم المطاف في خيمة دون أن يملكوا أدنى مقومات الحياة، أو أن يستطيعوا تأمين الحاجيات الضرورية اللازمة لحياتهم اليومية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف مثل هذه العمليات الجراحية للعين في مناطق شمال غرب سوريا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

بمشاركة واسعة وغياب أمريكي.. انطلاق المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية في نيويورك

انطلقت في مقر الأمم المتحدة بنيويورك أعمال المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية وحل الدولتين، برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا، وبمشاركة دولية واسعة تشمل وزراء خارجية ونوابهم من مختلف البلدان، على رأسهم نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين.

ووصفت وزارة الخارجية الأمريكية المؤتمر الدولي الخاص بتسوية القضية الفلسطينية الذي انطلق في نيويورك بأنه “هدية لحماس التي ترفض مقترحات وقف إطلاق النار”، مؤكدة أن واشنطن صوتت ضد دعوة الجمعية العامة لعقد المؤتمر ولن تدعم أي إجراءات قد تقوض جهود التوصل لحل سلمي.

في المقابل، أعلنت بعثة إسرائيل في الأمم المتحدة أنها لن تشارك في المؤتمر، مبررة ذلك بعدم تركيزه على إدانة حماس أو على قضية إعادة الرهائن.

من جهتها، أكدت فرنسا تمسكها بموقفها الداعم لحل الدولتين، رغم الاستياء الإسرائيلي من إعلان باريس نيتها الاعتراف بدولة فلسطين.

وقال مستشار الرئيس الفرنسي لقناة “الجزيرة” إن رسالة فرنسا لإسرائيل واضحة: “يجب أن تتوقف الحرب وأن تدخل المساعدات إلى قطاع غزة”.

ويأتي المؤتمر وسط تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة، في ظل مجاعة تزداد حدة، وفي توقيت يتزامن مع جهود دولية تقودها الولايات المتحدة ومصر وقطر للتوصل إلى هدنة دائمة.

وأكد المؤتمر دعمه لحل الدولتين عبر إقامة دولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الموقف الذي تؤيده روسيا وعدد من الدول المشاركة.

ومع ذلك، يتغيب الداعم الرئيسي لإسرائيل، الولايات المتحدة، عن هذا المؤتمر، فيما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتزام بلاده الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، ما يعكس تحركاً أوروبياً متزايداً نحو دعم القضية الفلسطينية.

وتُعَد فلسطين معترفاً بها من قبل 147 دولة، بينما ترفض الولايات المتحدة الاعتراف الكامل بها، واستخدمت حق النقض (الفيتو) ضد عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة عام 2024.

إيران تدعو لاجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي حول غزة وترفض تفعيل “آلية الزناد” الأوروبية

دعت إيران لعقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي لوقف الجرائم الإسرائيلية وتقديم مساعدات عاجلة للفلسطينيين في قطاع غزة، ووصفت الحصار الإسرائيلي المتواصل بأنه جريمة حرب.

كما أكدت الخارجية الإيرانية رفض طهران الرسمي لتفعيل “آلية الزناد” الأوروبية المتعلقة بإعادة فرض العقوبات، مشددة على أن محادثات رفع العقوبات النووية تقتصر على ملف البرنامج النووي فقط، دون التطرق إلى قضايا أخرى. إيران أكدت تمسكها بتعزيز قدراتها الدفاعية وعدم خوض أي مفاوضات حولها.

مقالات مشابهة

  • طالبة سورية تعدل مشروع تخرجها في هولندا لتسهم بإعادة إعمار حي جوبر الذي دمره النظام البائد
  • بين حرية جورج وغياب زياد
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • لقاء سيدة الجبل: الازدواجية التي يعيشها لبنان باتت تعيق حياة كل لبناني
  • بمشاركة واسعة وغياب أمريكي.. انطلاق المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية في نيويورك
  • “سم لا ترياق له”.. معلومات جديدة قد تحل لغز مأساة حصدت حياة أسرة مصرية
  • أسرة المتهم بقتل صديقه وتقطيع جثته فى عين شمس: سلوكه عدوانى منذ الطفولة
  • الحكم على 3 أطفال لاتهامهم بإنهاء حياة آخر بسلاح نارى
  • كيف وأين قُتل علي عبدالله صالح؟ نجل صالح يكشف عن اللحظة الأخيرة في حياة والده وينفي مقتله داخل منزله وسط صنعاء
  • ما الذي يطبخه توماس باراك بين سورية ولبنان؟