حرب غزة تكلّف إسرائيل 73 مليار دولار وتكبّد اقتصادها خسائر فادحة
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
إسرائيل – ألحقت الحرب على غزة أضرارا جسيمة باقتصاد إسرائيل، وكبدت مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والأسواق وفروع العمل خسائر مالية فادحة، بسبب الإجراءات الاقتصادية المختلفة وسياسات حكومة بنيامين نتنياهو خلال هذه الحرب.
وتسببت الحرب في إجلاء ما يقارب 250 ألف إسرائيلي من منازلهم من الجنوب والشمال -حوالي 40% منهم لم يعودوا إلى منازلهم حتى اليوم حيث تم إيواؤهم في 438 فندقا ومنشأة إخلاء، وهو ما كلف الوزارات الحكومية 6.
وبمرور نصف عام على الحرب يقف الاقتصاد الإسرائيلي أمام مفترق طرق، مع انهيار وشلل شبه تام وخسائر فادحة بقطاع البناء والعقارات، وبالصناعات والزراعة والسياحة الداخلية، وذلك مع استمرار الارتفاع في كلفة الحرب وتداعياتها على الموازنة العامة لإسرائيل، التي تعاني عجزا بقيمة 6.6% من الناتج المحلي، بحسب ما أفاد تقرير بنك إسرائيل.
من وجهة نظر محلل الشؤون الاقتصادية في صحيفة “كلكليست” أدريان بيلوت، فإن الحكومة الإسرائيلية تتصرف بتهور وبانعدام مسؤولية في كل ما يتعلق بنفقات الحرب وتداعياتها على الاقتصاد الإسرائيلي.
بيلوت أشار إلى أن محافظ بنك إسرائيل البروفيسور أمير يارون يعتمد سياسات الإبقاء على سعر الفائدة في الاقتصاد دون تغيير عند 4.5%، على الرغم من تباطؤ التضخم الذي بلغ 2.5%، ويتوقع أن يبلغ 2.7% بنهاية 2024.
ويعتقد المحلل الاقتصادي أن تركيبة العجز المتفاقم في الموازنة الذي وصل بالفعل إلى 6.2%، من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن يصل 6.6% بنهاية 2024- تظهر أن القفزة في الإنفاق الحكومي لا تتعلق فقط بالحرب، وإنما أيضا بالسياسات الاقتصادية الخاطئة للحكومة.
وأوضح بيلوت أن بنك إسرائيل وبسبب تداعيات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، يتوقع ارتفاع التضخم المالي، وتفاقم العجز بالموازنة للعام 2024 والديون العامة للحكومة، التي لا تكلف نفسها عناء إشراك المحافظ في مباحثاتها وسياساتها الاقتصادية.
ويقول المحلل الاقتصادي إن “الوضع أسوأ بكثير مما بدا، حيث تحدث محافظ بنك إسرائيل كثيرا عن المخاطر الجديدة للتضخم المالي، بسبب تطور الحرب وتأثيرها على النشاط الاقتصادي، وانخفاض قيمة الشيكل، والقيود على النشاط بسوق العمل خاصة بفرع البناء والعقارات”.
وأشار إلى أنه لا يزال هناك طريق طويل لتحقيق التعافي الكامل للاقتصاد الإسرائيلي بسبب الحرب.
يعاني الاقتصاد الإسرائيلي من تداعيات الحاجة إلى تجنيد الجيش الإسرائيلي مئات الآلاف من جنود الاحتياط، إلى جانب إجلاء مئات الآلاف من الإسرائيليين من منازلهم في مستوطنات “غلاف غزة”، والنقب الغربي، والحدود اللبنانية، وتعطيل العمل بالمدارس والجامعات، والمرافق الاقتصادية، بما في ذلك السياحة والمطاعم والمقاهي وأماكن الترفيه.
وكانت الضربة الاقتصادية محسوسة بشكل جيد في مطار بن غوريون، وذلك في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى مارس/آذار 2024، حيث مرت عبره حوالي 38 ألفا و500 رحلة دولية، مقارنة بحوالي 70 ألفا في الفترة المقابلة من 2023/2022، بحسب سلطة المعابر والمطارات الإسرائيلية.
ومع اندلاع الحرب علّقت عشرات شركات الطيران العالمية عملها في إسرائيل، وألغت مئات الرحلات اليومية إلى مطار بن غوريون، حيث لوحظ التراجع الحاد في الحركة والتنقل في المطار الإسرائيلي، إذ بلغ أعداد الركاب نحو 4.3 ملايين مسافر منذ بداية الحرب، مقابل نحو 10.1 ملايين بين أكتوبر/تشرين 2022 ومارس/آذار 2023.
ومع إعلان حالة الطوارئ عقب معركة “طوفان الأقصى”، شهدت الغالبية العظمى من المرافق الاقتصادية والمصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة في إسرائيل ركودا، حيث حولت ووظفت جميع الموارد والميزانيات الحكومية لأغراض الحرب.
تعطل الاقتصاد الإسرائيلي وتكبد خسائر فادحة، حيث أظهرت معطيات بنك إسرائيل ووزارة المالية الإسرائيلية أن تكلفة الحرب منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى نهاية مارس/آذار 2024، بلغت أكثر من 270 مليار شيكل (73 مليار دولار).
وبحسب بيانات وزارة الأمن الإسرائيلية، فإن كلفة الحرب اليومية منذ 7 أكتوبر حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2023، بلغت مليار شيكل يوميا (270 مليون دولار)، قبل أن تنخفض خلال العام 2024 لتصل إلى 350 مليون شيكل (94 مليون دولار).
وجراء التداعيات والعواقب الاقتصادية للحرب، اضطرت الحكومة الإسرائيلية إلى توسيع الموازنة العامة للعام 2024، حيث بلغت 584 مليار شيكل (158 مليار دولار)، بزيادة قدرها حوالي 14% مقارنة بحد الإنفاق الأصلي الذي تم تحديده في العام الماضي كجزء من ميزانية السنتين 2023-2024.
ولمواجهة التكلفة الباهظة للعملية العسكرية وبغية منع العجز التراكمي بالموازنة العامة لوزارة الأمن، تمت زيادة الميزانيات المخصصة لوزارة الأمن، بإضافة 30 مليار شيكل (8.1 مليارات دولار)، وبذلك بلغ الحجم الإجمالي لميزانية الأمن خلال الحرب حوالي 100 مليار شيكل (27 مليار دولار).
وبسبب الإنفاق العسكري والخسائر المباشر للاقتصاد الإسرائيلي، حدث ارتفاع في تكاليف ديون الدولة لتصل إلى 62% من الناتج المحلي الإجمالي للاحتلال بعد أن كانت 59% في العام 2023/2022.
وبلغ حجم عجز الموازنة حتى نهاية مارس/آذار الماضي 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن يستمر العجز بالنمو ليبلغ حوالي 6.6% بنهاية العام 2024، بحسب بيانات المحاسب العام بوزارة المالية الإسرائيلية.
منذ بداية العام الحالي تم تسجيل عجز تراكمي بالموازنة العامة بقيمة 26 مليار شيكل (7 مليارات دولار)، علما أنه في الأشهر الـ12 الأخيرة وصل هذا العجز إلى رقم قياسي جديد قدره 117.3 مليار شيكل (31.7 مليار دولار)، وهو الأعلى في تاريخ البلاد.
وبخصوص الأضرار والخسائر الناجمة عن تعرض الجبهة الداخلية الإسرائيلية لقصف صاروخي، أظهرت تقديرات سلطة الضرائب الإسرائيلية أن حجم الأضرار المباشرة للمباني والمنشآت التي تكبدتها مستوطنات “غلاف غزة” بلغت 1.5 مليار شيكل (405 ملايين دولار)، بحسب بيانات سلطة الضرائب الإسرائيلية.
ويُستدل من تقارير سلطة الضرائب أن قيمة الأضرار غير المباشرة والتعويضات للمتضررين في مستوطنات الغلاف والنقب الغربي وصلت 12 مليار شيكل (3.35 مليارات دولار)، حيث تشمل الخسائر والأضرار التي تكبدتها فروع الزراعة، والسياحة الداخلية، والترفيه والمطاعم والمقاهي، والصناعات الخفيفة.
أما بخصوص الأضرار والخسائر في الجليل الأعلى والغربي والبلدات الإسرائيلية الحدودية مع لبنان والجولان المحتل، لا يوجد هناك بيانات رسمية وجرد للإضرار من قِبل سلطة الضرائب، وذلك بسبب خطورة الأوضاع والقتال مع حزب الله.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الخسائر الأولية في شمال البلاد جراء صواريخ حزب الله، تقدر بحوالي ملياري شيكل (540 مليون دولار)، حيث تضررت أكثر من 500 منشأة سكنية زراعية وصناعية وتجارية، على ما أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” التي لا تستبعد أن يكون حجم الخسائر والأضرار مضاعفا.
وأظهرت معطيات مؤسسة التأمين الوطني أن 65 ألفا و32 إسرائيليا فتحت لهم ملفات تعويضات بالمؤسسة، وذلك جراء إصابتهم بما يسمى “أعمال حربية وعدائية”، حيث تم تحويل حوالي 22 مليار شيكل (6 مليارات دولار) مخصصات تعويضات للمدنيين المصابين، وكذلك دفع 4.2 مليارات شيكل (1.1 مليار دولار)، زيادة إضافية في كلفة خدمة الاحتياط بسبب التغيب عن أماكن العمل.
وأنفقت الحكومة الإسرائيلية في شهر مارس/آذار الماضي 56.5 مليار شيكل، ومنذ بداية العام بلغت النفقات 147 مليار شيكل (39.7 مليار دولار)، مقارنة بـ106.5 مليارات فقط (28.7 مليار دولار)، في الربع الأول من عام 2023، وهي زيادة تراكمية قدرها 38.1%.
وبلغت تقديرات نفقات الحرب منذ بداية عام 2024، 27.6 مليار شيكل (7.5 مليارات دولار)، حيث بلغت الزيادة التراكمية في النفقات للحرب تحديدا 12.2%، وفقا لمعطيات نشرتها صحيفة “كلكليست” الاقتصادية.
وشهدت أعمال البناء والبنية التحتية في إسرائيل شللا شبه كامل بعد أن جمدت الحكومة الإسرائيلية تصاريح العمل لحوالي 80 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية، وتقدر خسائر فرع البناء حوالي 150 مليون شيكل يوميا (40 مليون دولار)، بينما تخشى شركات المقاولات من مصير القروض التي تقدر بنصف تريليون شيكل، بحسب ما أفادت القناة 12 الإسرائيلية.
وتسبب الشلل بفرع البناء والعقارات في خسائر للمصارف وتراجع أرباحها، حيث بلغ حجم القروض العقارية التي حصل عليها مشترو الشقق 71.3 مليار شيكل (19.2 مليار دولار) في عام 2023، وذلك وفقا لبيانات بنك إسرائيل.
وهذا يمثل انخفاضا بنسبة 39.6%، مقارنة بحجم القروض العقارية الجديدة الممنوحة في عام 2022، التي بلغت 117.6 مليار شيكل (32.7 مليار دولار).
ويعتبر حجم القروض العقارية الممنوحة في عام 2023 هو الأدنى منذ عام 2019، عندما بلغت القروض العقارية الجديدة 67.7 مليار شيكل (18.2 مليار دولار).
المصدر : الجزيرةالمصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الحکومة الإسرائیلیة الاقتصاد الإسرائیلی من الناتج المحلی القروض العقاریة الموازنة العامة ملیارات دولار بنک إسرائیل بحسب بیانات ملیار دولار ملیون دولار ملیار شیکل منذ بدایة مارس آذار عام 2024 عام 2023
إقرأ أيضاً:
تداعيات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية على الاقتصاد الحوثي في تقرير لمنتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية
أصدر منتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية، تقريرًا تحليليًا جديدًا بعنوان تداعيات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية على الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية "، تناول فيه التأثيرات العميقة التي أحدثها التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل على البنية الاقتصادية والمالية لجماعة الحوثي في اليمن.
وقال المنتدى في ملخصه التنفيذي إن الحرب أحدثت "تغيرًا جذريًا في البيئة الإقليمية التي اعتمدت عليها الجماعة الحوثية منذ نشأتها، واضعةً بنيتها الاقتصادية والسياسية أمام مأزق حقيقي"، مشيرًا إلى أن الضربات الإسرائيلية المكثفة على مراكز القيادة والسيطرة ومنشآت الحرس الثوري وشبكات تمويل إيران، أسفرت عن شلل واسع في قنوات الدعم اللوجستي والمالي التي تعتمد عليها الجماعة.
وأوضح التقرير أن الحوثيين يواجهون خطر انهيار متسارع في مصادر تمويلهم غير النظامية، بما في ذلك الحوالات المشفّرة، وشبكات غسل الأموال العابرة للحدود، التي كانت توفر ملايين الدولارات شهريًا عبر شركات صرافة وواجهات تجارية موالية في لبنان والعراق.
وأشار إلى أن هذه الانهيارات طالت أيضًا الإمدادات السلعية، كالوقود والأدوية والسلع الأساسية، ما أجبر الجماعة على البحث عن أسواق بديلة بتكاليف مرتفعة، وبالتالي فرض ضغوط إضافية على سعر الصرف وتهاوي الريال اليمني في مناطق سيطرتها.
كما حذر التقرير من تزايد المضاربة وتوسّع السوق السوداء، في ظل انعدام أي أدوات فاعلة للحوثيين لضبط الإيقاع النقدي، ما ينذر بانفلات اقتصادي واسع، وتدهور مستوى المعيشة، وانفجار اجتماعي محتمل، نتيجة تصاعد الاحتقان الشعبي والضغوط الاقتصادية.
وأكد منتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية أن الحرب كشفت هشاشة النموذج الاقتصادي للحوثيين، القائم على التبعية لإيران، والجباية القسرية، والتلاعب في السياسات النقدية، مشيرًا إلى أن استمرار الحرب وتكثيف الضربات على إيران "قد يفتح الباب لتحولات داخلية جوهرية في بنية الجماعة، ويضعها أمام أزمة وجود حقيقية تضعف من قدرتها على الاستمرار في السيطرة".
ودعا المنتدى المجتمع الدولي إلى "مواكبة هذه التحولات وتكثيف الضغط على الجماعة الحوثية من خلال تتبع قنوات تمويلها غير المشروعة، ودعم مؤسسات الدولة الرسمية لاستعادة الاستقرار النقدي والاقتصادي في اليمن".