الأسبوع:
2024-05-20@05:20:59 GMT

شمال قبرص.. والممر البحري.. واستعمار من نوع جديد

تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT

شمال قبرص.. والممر البحري.. واستعمار من نوع جديد

يحدث في بعض الأحيان أن تطالعك الصحف، ووكالات الانباء بأخبار مبهمة، لا من تفسير لها، ولا دلالة ظاهرة، فيستغربها البعض، ويقفون عند حدود الاستغراب.. لكن هنالك من يرى غرابتها سببا كافيا، للاحتفاظ بها، رغم أن التوقف أمامها والتأمل فيها، لا يعود عليهم بأي سبب أو تفسير مقنع.

ذلك ينطبق تماما مع خبر يعود تاريخه إلى شهر مارس من عام 2006، حينما ذكرت وسائل الإعلام القبرصية أن حاخاما اسمه (حاييم هيليل عظيموف)، كان يتزعم طائفة (حاباد اليهودية الحسيدية) في المنطقة، وكان يستخدم منزله في (كيرينيا) كمكان للعبادة، غادر شمال البلاد مع زوجته، وأولاده الخمسة، وأنهم توجهوا إلى الولايات المتحدة نتيجة تصاعد حدة كراهية القبارصة لهما، بسبب شرائهما لعدد من العقارات.

البعض ممن ورطهم الزمان في مهنة البحث عن المتاعب، لا يمكن أن يمر عليهم خبر كهذا مرور الكرام، يتساءلون بداية عما إذا كان للأمر علاقة بمعاداة السامية)؟

يتساءلون عن أخلاقيات الحاخام وزوجته؟ عن خلافات مالية أو تعاقدية مع متنفذين قبارصة؟

لماذا الشراء في شمال قبرص حيث المنطقة التي تعدها تركيا امتدادا عضويا له، وتعتبرها نيقوسيا منطقة متمردة، ولا تعترف بها إلا تركيا، ويترأسها (إرسين تتار)؟

فلا يجد لأي من هذه التساؤلات الافتراضية محلا من الإعراب.. حتى يستوقفهم بعد ذلك خبرا مفاده أن الحاخام (عظيموف) كان يقوم بعمليات شراء للعقارات في شمال قبرص كان بالتنسيق مع المخابرات الإسرائيلية!

هنا تزداد علامات التعجب والاستفهام، من دون جدوى، فتكتفي بوضع الخبرين في الأرشيف.

وتمر السنوات، ويلتهب العالم بالكثير من القضايا والمشاحنات، والصراعات.. وعلى الهامش، يكبر أرشيف الخبرين الغامضين، ويتحول إلى سيناريو مريب.. أغرب ما فيه أنه بقى لنحو 18 عاما لينفجر مع طوفان الأقصى، وبالتحديد عند الإعلان عن ممر بحري تقيمه الولايات المتحدة بالتنسيق مع العدو الصهيوني، وأطراف أخرى، ليربط بين شاطيء نابلس، وقبرص، ويكون هو بوابة النقل، والانتقال من وإلى غزة، أما ذروة المشهد فيلخصها خبر يقول: ( إن عقارات وأراض مساحتها 35 تتعدى 3400 كيلو مترا في شمال قبرص، اشتراها 35 ألف إسرائيلي، في (دويلة) لا يتجاوز عدد سكانها 380 ألف نسمة.

هنا تتفكك العديد من علامات الاستفهام، ويصبح أمام المتابع حقائق لا مناص منها:

-الممر البحري بين غزة وقبرص مشروع يسبق قراره طوفان الأقصى بنحو ربع قرن.

-هذا الممر لا يمكن المضي فيه من دون سيطرة صهيونية كاملة على جزء كبير داخل غزة، وعلى شواطئها.

-السيطرة الصهيونية داخل غزة، ينبغي أن تكون في بقعة يكون للصهاينة خبرة بها، وبالتالي، لن يكون هناك أنسب من مكان المستوطنة السابقة (نيتساريم).

-تلك السيطرة الصهيونية، يجب ان تكون في مأمن من الغزاويين، وبالتالي يحب تفريغ المنطقة ومحيطها بالكامل من أهلها.

-لا طائل ولا فائدة من وجود الممر البحري، مع وجود معبر رفح، وبالتالي يجب إضعاف هذا المعبر، وحبذا لو تم تجريده تماما من أسباب وجوده، وفاعليته، وأمنه، وأمانه.

-تجريد معبر رفح من مهامه، سيؤدي إلى مكسب صهيوني أكبر وأهم، وهو التأثير السلبي المدمر على دور مصر في الصراع، وعلى علاقتها العضوية بفلسطين.

تلك البديهيات، لابد وأن تقودنا إلى ضرورة الربط بينها وبين شمال قبرص وشراء الصهاينة للأراضي والعقارات هناك؟!

الاستنتاج البديهي، هو أن الصهاينة يعدون العدة لإنشاء مستوطنة ضخمة في شمال قبرص، على مساحة تزيد على عشرة أمثال مساحة غزة، وهذه المساحة يفترض أنها ستتحكم مع المعبر، ليس فقط في غزة جيوسياسيا، ولكن أيضا ثرويا، فغزة تعوم، وفق التقديرات، على كنز من الغاز الطبيعي، والنفط، حيث تقدر احتياطيات النفط والغاز هناك بنحو 1.5 مليار برميل من الخام و1.4 تريليون قدم مكعب من الوقود الأزرق، حسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD).

شمال قبرص، سيكون بمثابة الوطن البديل لليهود، والصهاينة غير الراغبين في الحياة في فلسطين، خوفا وقلقا من شعبها ومقاومته.

أيضا، سيكون شمال قبرص، يطرح ويروج له ليكون مثابة الوطن البديل لأهل غزة، الذين ترفض مصر ترحيلهم.. لكن أمريكا، والصهاينة يتعاونان لتحويل غزة إلى قطاع تستحيل معه الحياة، لا في مدن ومساكن، ولا حتى في خيم ومخيمات. ولن يعدم الطرفان الفرص للعثور عن بضعة آلاف، أو حتى مئات من الفلسطينيين الذين تقطعت بهم السبل، ولن يمانعوا من الذهاب إلى قبرص، وبالتأكيد سيكون هؤلاء، أكبر ترويج ودعاية لتشجيع آخرين على اللحاق بهم، ليس من غزة فحسب، وإنما من الضفة أيضا، وربما من أراضي 1948.

داهية أخرى يخبئها ملف شمال قبرص، والذي لن يقف الدور الذي يرسم له فقط عند حدود أهل غزة، بل سيمتد حتما إلى النازحين السوريين، وبخاصة في لبنان، والذين يتم استهدافهم اليوم من قبل أطراف لبنانية شجعتهم على النزوح إلى لبنان، واستفادت ماديا، وسياسيا من وجودهم ووظفت بعضهم ضد حكم الرئيس بشار الأسد، وحالت كثيرا ضد عودتهم، حتى لا تمثل هذه العودة نقطة لصالح الحكم في سوريا.. واليوم، وبالتوازي مع ملف شمال قبرص، انقادت هذه الأطراف، وباتت تتحدث بلغة قميئة عن (احتلال سوري) بنفس درجة قماءة حديثهم عن احتلال إيراني..

المخطط الجديد لا يقف ازعاجه عند حدودنا، لكنه يشمل بطبيعة الحال قبرص، التي سيزور رئيسها (نيكوس خريستودوليديس) لبنان خلال زيارة مشتركة ستضم أيضا رئيسة المفوضية الأوروبية (أورسولا فون ديرلاين)، وسيكون موضوع اللاجئين السوريين، ومخطط نقلهم إلى قبرص على رأس جدول الأعمال.

الخلاصة، هي أننا على أعتاب مرحلة جديدة، وشكل (مبتكر) من أشكال الاستعمار، ولا يبدو في الأفق، أننا كعرب نمتلك أسس وقواعد، وآليات هذا الاستعمار، لكننا مع ذلك نمتلك فرصة ذهبية قادرة على إرباك من يقفون خلف هذه المخططات، تلك الفرصة الذهبية تكمن في استمرار المقاومة بما هو متاح من أدوات وأسلحة، حتى لو لم يبق في مخازننا سوى الحجر.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الفرصة الذهبية الممر البحري شمال قبرص فی شمال قبرص

إقرأ أيضاً:

قبرص تُحذّر: عواقب انهيار لبنان لا تُحصى على أوروبا.. 8 دول أوروبّية تدعم خطّة لإعادة اللاجئين السوريين

كشفت قبرص أمس أنها من بين 8 دول أعضاء على الأقلّ في الاتحاد الأوروبي تُريد إعلان «مناطق آمنة» في أجزاء من سوريا للسماح بإعادة اللاجئين السوريين، محذّرةً من أن عواقب إنهيار لبنان لا تُحصى على الاتحاد الأوروبي.

واستضافت الجزيرة المتوسطية، وهي أقرب دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، مؤتمراً للدول الأعضاء التي تدعم اقتراحها، بعد أيّام فقط من توقيع الكتلة المكوّنة من 27 عضواً على إصلاح شامل لسياسات الهجرة واللجوء.

المشاركون الآخرون هم النمسا وجمهورية التشيك والدنمارك واليونان وإيطاليا ومالطا وبولندا. والدول الثماني هي جزء من مجموعة أوسع تضمّ 15 دولة عضواً، دعت الأربعاء إلى «طرق جديدة» للتعامل مع المهاجرين غير الشرعيين، بما في ذلك إرسال بعضهم إلى دول ثالثة، حيث تُخطّط الكتلة لكيفية تنفيذ إصلاحها الشامل لسياسة اللجوء.

وأوضح وزير الداخلية القبرصي كونستانتينوس يوانو أن الحكومات الثماني تعتقد أنه بعد 13 عاماً من الصراع، يحتاج الاتحاد إلى إعادة تقييم الظروف الأمنية المتغيّرة في سوريا، معتبراً أن الوقت حان للاتحاد الأوروبي ليُعيد تحديد موقفه في شأن سوريا.

وقال يوانو: «لم تتمّ استعادة الاستقرار في البلاد بشكل كامل... لكن يجب علينا تسريع العمليات لاتخاذ كلّ التدابير اللازمة لتهيئة الظروف التي تسمح بعودة الأفراد إلى سوريا».

وتؤكد قبرص أنها تشهد تدفّقاً متزايداً للمهاجرين السوريين غير الشرعيين من لبنان. ولجأت نيقوسيا إلى تعزيز الدوريات البحرية وإلى تعليق معالجة طلبات اللجوء للسوريين، ما حرم الوافدين من الحصول على مزايا.

وفي هذا الصدد، دعا يوانو إلى تقديم المزيد من الدعم المالي للبنان، محذّراً من أنّه «إذا تُرك لبنان ينهار، فإنّ العواقب على الاتحاد الأوروبي بأكمله ستكون لا تُحصى»، في وقت يرزح فيه لبنان تحت عبء استضافة أكثر من مليوني سوري أنهكوا بناه التحتية وباتوا يُشكّلون «قنبلة ديموغرافية» موقوتة تُهدّد مصالح بلاد الأرز الوجودية.
وكتبت" البناء": تحت تأثير ما صدر عن الجلسة النيابية وما أظهرته من ضيق لبناني بالموقف الأوروبيّ القائم على نية تحويل لبنان الى خزان استقبال للنازحين السوريين ليتحمل في أمنه أثمان قرار أوروبا والغرب بتجويع السوريين، بدلاً من أن تتحمّل أوروبا باستقبال النازحين تبعات قرارها. ويبدو أن صرخة لبنان قد وصلت كما يجب الى الأسماع الأوروبية، وجاء أول الغيث على لسان وزير خارجية قبرص، كونستانتينوس يوانو الذي كشف أن بلده من ضمن ثماني دول أوروبية «تريد إعلان مناطق آمنة في أجزاء من سورية للسماح بإعادة اللاجئين من الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن».
 

مقالات مشابهة

  • بقذيفة ياسين 105 .. القسام تنسف دبابة ميركفاه في مخيم جباليا شمال القطاع
  • المقاومة تقصف قيادة العمليات الإسرائيلية شرق جباليا
  • الأمم المتحدة: المجاعة في شمال غزة وشيكة
  • الاحتلال دمر 300 منزل بالعملية المستمرة على جباليا
  • القسام تستهدف طائرة أباتشي بصاروخ من نوع سام 7 في شمال القطاع
  • قبرص تُحذّر: عواقب انهيار لبنان لا تُحصى على أوروبا.. 8 دول أوروبّية تدعم خطّة لإعادة اللاجئين السوريين
  • البيت الأبيض: مساعدات إضافية تصل قبرص من أجل تسليمها لغزة
  • قبرص تحذر من إنهيار لبنان: العواقب ستكون لا تحصى على أوروبا!
  • إخلاء مدارس في قبرص بعد تهديدات بشن هجمات بقنابل
  • الاتحاد الأوروبي يطلق شحنة مساعدات جديدة من قبرص إلى غزة عبر الممر البحري