يلقي كثير من الأمهات باللوم على قطعة الحلوى التي تناولها طفلها للتو، وتتهمها بالتسبب في تحوّل سلوكه والزيادة من فرط نشاطه حتى قبل أن يكمل أكل القطعة.

وفي حين ينتشر اعتقاد بأن السكر يسبب فرط النشاط لدى الأطفال على نطاق واسع ويؤمن به كثير من الأمهات، فإن العلم لم ينجح حتى الآن في إثبات الصلة بين تناول السكر وفرط النشاط.

فكيف بدأت تلك "الأسطورة"؟ ولماذا تحولت إلى يقين؟

لم يثبت العلم علاقة بين تناول الأطفال للسكر وتحوّل سلوكهم وزيادة فرط نشاطهم (غيتي إيميجز) كيف ظهرت الأسطورة؟

أشارت أصابع الاتهام إلى السكر كأحد مسببات سوء سلوك الأطفال، لأول مرة، في الأدبيات الطبية في عام 1922، لكن تلك النظرية اكتسبت شعبية فيما بعد خلال السبعينيات، عندما كان الباحثون يحاولون لأول مرة فهم وعلاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.

في عام 1973، نشر الطبيب الأميركي، اختصاصي أمراض الحساسية بنجامين فينغولد، نظريته حول تأثير الطعام على السلوك، وربط لأول مرة بين تناول النكهات والألوان الاصطناعية والساليسيلات من جهة، وفرط النشاط لدى الأطفال من جهة أخرى.

حينها دعا فينغولد إلى اتباع نظام غذائي حمل اسمه للسيطرة على أعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، وعسر القراءة، وصعوبات التعلم الأخرى لدى الأطفال.

وينطوي ذلك النظام على تجنب بعض الأطعمة التي يعتقد بأنها تجعل الأعراض أسوأ، مثل النكهات الاصطناعية وألوان الطعام وكذلك الأطعمة التي تحتوي على الساليسيلات، وهو مكون رئيسي في بعض الأدوية، وتحتوي عليه بعض الأطعمة بشكل طبيعي مثل التفاح والمشمش والمخلل والعنب.

وفي العام 1975، نشر فينغولد كتابا بعنوان "لماذا يكون طفلك مفرط النشاط" (Why your child is hyperactive)، فاستحوذت الفكرة على عقول الكثير من الأمهات.

ورغم أن نظام فينغولد الغذائي لم يشر إلى السكر كأحد مسببات فرط النشاط، فإن كثيرات ربطن بين السكر الذي تحتويه الحلوى وفرط النشاط على اعتبار أنه يحتوي عادةً أصباغا ومواد مضافة أخرى، وهكذا انتشرت الأسطورة.

ينصح بتقليل كميات السكر التي يتناولها الطفل للحد من الآثار السلبية على صحته (غيتي إيميجز) لماذا شاعت؟

لم تظهر أي دراسة تأثير السكر على زيادة نشاط الطفل، ومع ذلك، انتشرت الأسطورة على نطاق واسع. وجعل ذلك الباحثين يتساءلون عن ربط الأمهات بين السكر وفرط النشاط، وقاموا بالعديد من الدراسات في هذا الصدد.

وفي دراسة أجريت عام 1994 ونشرت في مجلة "علم نفس الطفل ذي الاحتياجات الخاصة"، أحضر الباحثون مجموعة من الأمهات والأبناء الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 7 سنوات، وفصلوهم إلى مجموعتين. أخبروا المجموعة الأولى أن أطفالهم سيتلقون جرعات عالية من السكر، في حين أخبروا المجموعة الثانية أن الأطفال سيتناولون نوعا من الدواء. ثم طلب من الأمهات تقييم سلوك أطفالهن.

وصنفت الأمهات في المجموعة الأولى سلوك أطفالهن على أنه مفرط النشاط، على الرغم من أن الأطفال، في الحقيقة، لم يتلقوا أي سكر على الإطلاق.

وخلص الباحثون إلى أن مجرد توقع تأثير السكر على الطفل يمكن أن يؤثر على كيفية تفسير ما يراه الشخص. والأمهات اللاتي اعتقدن أن السكر يؤثر على سلوك أطفالهن سوف يعتقدن أن أطفالهن أصبحوا أكثر نشاطا بعد تناول الأطعمة السكرية.

الأمر كله يكمن في الاعتقاد والتوقع. وقد تعتقد الأم أن طفلها أصبح مفرط النشاط بعد تناول السكر، لأنها فقط تبحث عن الحركة والنشاط غير المعتاد.

وفي الحفلات وأعياد الميلاد وغيرها، قد تعتقد الأم أن الطفل مفرط النشاط بسبب الحلوى التي تناولها، لكن الحقيقة أن الطفل يكون أكثر حماسة بسبب المناسبة أو بسبب أنه سيتناول شيئا يحبه ويظهر نشاط مفرط نتيجة لذلك.

أضرار السكر على الطفل

في العام 1995، أجرت مجلة الجمعية الطبية الأميركية مراجعة الدراسات المختلفة حول تأثير السكر على سلوك الأطفال، وخلصت إلى أن السكر لا يؤدي إلى فرط النشاط ولا يؤثر على السلوك أو الأداء المعرفي.

وفي الوقت نفسه، أظهرت بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن الأبحاث لا تدعم وجهات النظر الشائعة بأن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يحدث بسبب تناول الكثير من السكر، أو مشاهدة الكثير من التلفاز، أو تربية الآباء، أو المشكلات الاجتماعية والبيئية، والعوامل مثل الفقر أو الفوضى الأسرية.

ورغم "براءة" السكر من فرط نشاط الطفل، فإن ذلك لا يعني أن السماح له بتناوله بدون ضوابط، حيث إن هناك أضرارا أخرى لتناول الكثير من السكر والحلوى بحسب موقع "فيري ويل فاميلي"، منها:

ارتفاع نسبة السكر في الدم مع مرور الوقت. ارتفاع خطر مقاومة الأنسولين ومرض السكري ومرض السكري من النوع الثاني. تسوس الأسنان. زيادة الوزن وما يصاحبه من أمراض ومخاطر صحية مثل أمراض التنفس والقلب. أمراض السمنة والسرطان وزيادة دهون الكبد. اعتماد نظام غذائي غير صحي وغير متوازن منذ الصغر. مشاكل نفسية تتعلق بانعدام الثقة في النفس وتدني احترام الذات، خاصة مع ضغط الأقران ومواجهة التنمر. مشاكل اضطرابات الطعام. كيف تقدمين طعاما صحيا للطفل؟

لا شك أن غالبية الأطفال يحبون تناول الحلوى والسكريات، لكن على الأم أن تتعامل مع هذا الأمر بفطنة وذكاء حتى يعتاد الطفل على تقليل السكر واتباع نظام صحي في أغلب الأوقات.

ويمكن اتباع عدد من الخطوات لضمان تقليل السكر في الوجبات اليومية للطفل، منها:

الاعتدال والتوازن: لا يجب قطع السكر تماما عن الطفل، لأن عدم التوازن سيجعله يلجأ إلى السكر بشكل مفرط في مرحلة ما. ومن الأفضل تربيته على التنظيم الذاتي وتحديد كمية معينة من الحلوى يتم تناولها يوميا دون زيادة. التحدث مع الطفل: من الضروري تفعيل آلية النقاش مع الطفل حول نظامه الغذائي الصحي، وتحديد مخاطر الإكثار من السكر وأضراره. البدائل الصحية: يمكن الاستغناء عن العصائر المحلاة وصنعها في المنزل بالفواكه الطبيعية، وكذلك صنع الحلوى ببدائل صحية. الملصقات الغذائية: تدريب الطفل على قراءة الملصقات الغذائية وكميات السكر الموجودة في كل منتج ومقارنتها بأخرى أكثر صحية، لدفعه للمساهمة في اختيار ما يتناوله بوعي وإدراك. استخدام المحليات الطبيعية: يمكن صنع وجبات خفيفة صحية باستخدام الفاكهة أو العسل والمحليات الطبيعية. تجنب السكر في بداية اليوم: تجنب جعل السكر عنصرا رئيسيا في وجبة الإفطار حتى لا يحفز رغبته في تناول السكر طوال اليوم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات وفرط النشاط من الأمهات فرط النشاط الکثیر من السکر على من السکر فرط نشاط

إقرأ أيضاً:

برنامج توعوي بحقوق الطفل في ولاية البريمي

العُمانية: نفّذت اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان بالتعاون مع جمعية الأطفال أولًا، البرنامج التوعوي بحقوق الطفل «قيم وانتماء» في ولاية البريمي، وذلك في إطار جهودها الرامية إلى تعزيز ثقافة حقوق الطفل ونشر الوعي المجتمعي بأهمية حمايته.

ويهدف البرنامج إلى نشر الوعي بحقوق الطفل وفقًا للمواثيق والاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية، ورفع مستوى الوعي بأهمية حماية الأطفال من جميع أشكال الإساءة والعنف، إلى جانب تعزيز الهوية الوطنية وترسيخ قيم الانتماء لدى الأطفال.

وتضمّن البرنامج، الذي أُقيم بجامعة البريمي تحت رعاية سعادة هلال بن راشد الغيثي، عضو مجلس الشورى ممثل ولاية البريمي، تقديم ثلاث أوراق عمل تناولت حقوق الطفل في التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية، ودور الأسرة والمؤسسات التعليمية في تنشئة الطفل على القيم والحقوق، إضافة إلى آليات حماية الطفل من الإهمال والاستغلال، وسبل الوقاية وتعزيز بيئة آمنة تسهم في نمو الطفل وتطوره السليم.

كما شمل البرنامج عرض مجموعة من المواد المرئية الهادفة إلى غرس قيم المواطنة، والتوعية والتثقيف بأشكال التنمر والإساءة، إلى جانب توزيع عدد من الكتب والإصدارات التوعوية المخصصة لفئة الأطفال، بما يعزز رسائل البرنامج وأهدافه التربوية.

مقالات مشابهة

  • برنامج توعوي بحقوق الطفل في ولاية البريمي
  • لأمهات.. 3 كشوفات مهمة تساعد على معرفة قصر القامة عند الأطفال- (فيديو)
  • بـ 10 حيل مجرّبة.. كيف تزيد من شغف الأطفال بالمذاكرة؟
  • الإفراط في تناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة.. دراسة تكشف السبب
  • نشاط ثقافي للمشاركين في بطولة القوس والسهم
  • هند الخالدي.. حكاياتها ملهمة للأجيال
  • حكم اصطحاب الأطفال لصلاة الجمعة.. الأزهر للفتوى يوضح
  • دراسة: الأنظمة الغذائية النباتية قد تكون صحية للأطفال.. ولكن بشروط
  • أفضل طرق لتدفئة الأطفال في برد الشتاء
  • كمادات الأمان.. سر خفض حرارة الأطفال دون مخاطر