الولايات المتحدة والصين: يجب الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
سافر الوزير أنتوني بلينكن، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية إلى مدينة شنغهاي والعاصمة بكين في جمهورية الصين الشعبية لعقد اجتماعات مع الرئيس شي جين بينغ ومدير لجنة الشؤون الخارجية المركزية للحزب الشيوعي الصيني وكذلك وزير الخارجية وانغ يي ووزير الأمن العام وانغ شياو هونغ وأمين الحوب في شنغهاي تشن جبينغ.
وأجرى الجانبان مناقشات عميقة وكذلك موضوعية وبناءة بشأن الأولويات الرئيسية في العلاقات الثنائية وبشأن مجموعة من القضايا الإقليمية والعالمية.
وشدد الوزير بلينكن على أن الولايات المتحدة ستواصل استخدام الدبلوماسية لتحقيق تقدم في مجالات الاختلاف ومجالات التعاون التي تهم الشعب الأمريكي والعالم كجزء من إدارة المنافسة على نحو مسؤول مع جمهورية الصين الشعبية.
وشدد الوزير على مواصلة التقدم في تنفيذ التزامات القادة في قمة وودسايد بشأن القضايا الرئيسية، بما في ذلك تعزيز التعاون في مكافحة المخدرات لوقف التدفق العالمي للمخدرات الاصطناعية، بما في ذلك الفنتانيل وسلائفه الكيمياوية، إلى الولايات المتحدة وتعزيز التواصل بين الجيشين لتجنب سوء التقدير والصراع وكذلك إطلاق محادثات بشن إدارة المخاطر وتحديات السلامة التي تفرضها الأشكال المتقدمة من الذكاء الاصطناعي.
كما ناقش الجانبان أهمية تعزيز العلاقات بين شعبي الولايات المتحدة والصين، وشدد الوزير بلينكن على أهمية السياسات المسؤولة والمتبادلة لتسهيل التبادلات الموسعة بين الطلاب والباحثين والشركات.
وتتطرق الوزير إلى السياسات والممارسات الاقتصادية غير السوقية التي تنتهجها جمهورية الصين الشعبية والتي تشوه التجارة أو تهدد أمن الولايات المتحدة القومي، وكذلك آثار المخاوف بشأن العواقب الاقتصادية العالمية المترتبة على القدرة الصناعية الفائضة لجمهورية الصين الشعبية،ودعا إلى المعاملة وتكافؤ الفرص للعمال ورجال الأعمال الأمريكيين.
كما أكد الوزير مجدد أن الولايات المتحدة ستواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن مصالحها وقيمها، وكذلك حلفائها وشركائها، بما في ذلك منع استخدام التكنولوجيات الأمريكية المتقدمة لتقويض أمنها القومي واقتصادها دون تقييد التجارة أو الاستثمار على نحو غير مبرر.
وشدد الوزير على أن حل قضايا المواطنين الأمريكيين المحتجزين ظلما أو الخاضعين لحظر الخروج في الصين يظل أولوية قصوى، وأثار مخاوف بشأن تآكل الحكم الذاتي والمؤسسات الديمقراطية في هونغ كونغ وانتهاكات جمهورية الصين الشعبية لحقوق الإنسان في شينجيانغ والتبت، فضلا عن القمع العابر للحدود الوطنية والحالات الفردية المثيرة للقلق.
كما آثار الوزير مخاوف جدية بشأن دعم جمهورية الصين الشعبية للقاعدة الصناعية الدفاعية الروسية التي تمكن روسيا من مواصلة حربها ضد أوكرانيا وتقويض الأمن الأوروبي وعبر الأطلسي.
وشدد الوزير على أهمية الحفاظ على السلامة والاستقرار عبر مضيق تايوان وأكد مجددا أنه لم يطرأ أي تغيير على سياسة الصين الواحدة التي تنتهجها الولايات المتحدة، والتي يسترشد بها قانون العلاقات مع تايوان وكذلك البيانات المشتركة الثلاثة والضمانات الستة.
وأعرب عن مخاوفه بشأن تصرفات جمهورية الصين الشعبية المزعزعة للاستقرار في توماس شول الثاني وكذلك أهمية دعم سيادة القانون وحرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي. كما ناقش الوزير ضرورة منع تصعيد الأزمة في الشرق الأوسط. وشدد على التزام الولايات المتحدة الدائم بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية على نحو كامل.
كما أكد الجانبان من جديد أهمية الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة في جميع الأوقات واتفقا على مواصلة الدبلوماسية والتفاعلات رفيعة المستوى في الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية في الفترة المقبلة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الخارجيه الولايات المتحدة الولايات المتحدة الامريكية أمريكي الصين الرئيس وزير الخارجية أمريكية جمهوریة الصین الشعبیة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الصين تكسب الحرب التجارية
ترجمة: قاسم مكي -
في يناير أعلن الرئيس دونالد ترامب حربا تجارية على الصين. لا يسعدني القول: إن الصين - عدو أمريكا - تكسبها، لكن لا مهرب من الأدلة التي تؤكد ذلك.
يمكنكم أن ترونها في الأرقام الاقتصادية؛ فاقتصاد الصين حقق في المتوسط نموا بنسبة 5.3% في النصف الأول من هذا العام واقتصاد أمريكا 1.25%، ويمكنكم أن ترونها أيضا في فشل ترامب في انتزاع تنازلات مهمة من بكين. فعلى الرغم من إذعان معظم البلدان للتنمُّر التجاري الأمريكي لم تفعل الصين ذلك.
في أبريل رفع ترامب معدل الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 145%. ردت الصين برسوم بلغت نسبتها 125% على السلع الأمريكية. ثم صعَّد الرئيس شي جينبينج الضغط بتقييد صادرات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة، وهو ما يهدد بوقف إنتاج السيارات، والطائرات المقاتلة، ومنتجات أخرى.
كان لزاما على ترامب التراجع، والقبول بخفض الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 30% فيما خفضت الصين رسومها على السلع الأمريكية إلى 10%. ولا زالت الرسوم مجمدة عند هذه المستويات على الرغم من جولات المفاوضات العديدة بين واشنطن وبكين.
حاول ترامب تسويق هذه الاتفاقية باعتبارها «انتصارا تجاريا تاريخيا»، لكنها كانت ببساطة هدنة؛ فهي لم تفعل شيئا تجاه الشكاوى الأمريكية المتطاولة حول إغراق الصين سوق العالم بمنتجاتها، وسرقة الملكية الفكرية، ومخالفات أخرى.
الرسوم الجمركية غير المتكافئة على الواردات الصينية قد لا تبدو سيئة إلى أن تدركوا أنها ستعني ارتفاع الأسعار للمستهلكين الأمريكيين، لكن من الواضح أن إدارة ترامب -كجزء من الاتفاقية التي لم يُكشَف أبدا عن تفاصيلها- جمَّدت القيود المفروضة على تصدير تقنية حساسة للصين.
في يوليو صادقت الإدارة الأمريكية على بيع شركة «أنفيديا» رقائق «أتش 20» المتقدمة للصين والتي لديها تطبيقات عسكرية إلى جانب استخداماتها المدنية. ووقعت جماعة من صقور الأمن القومي الجمهوريين والديمقراطيين -من بينهم المسؤولان السابقان في إدارة ترامب مات بوتينجر، وديفيد فايث- خطابا عبرت فيه عن غضبها. جاء في الخطاب «نحن نعتقد أن هذه الخطوة زلَّة استراتيجية، وتعرِّض للخطر التفوق الاقتصادي والعسكري للولايات المتحدة في الذكاء الاصطناعي. إنه مجال يعتبر باطراد حاسما في قيادة العالم في القرن الحادي والعشرين». بيع رقائق أنفيديا أحدث مؤشر على تراجع ترامب عن مواجهته مع الصين. كما حالت الإدارة الأمريكية أيضا دون زيارة رئيسة تايوان ورئيس وزرائها للولايات المتحدة بعد اعتراض بكين.
وفي حين يسعى ترامب إلى استرضاء بكين ظل يعكر صفو العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادي الآسيوية بتهديداته المتقلبة بفرض الرسوم الجمركية على صادراتها.
آخر البلدان المتضررة هي الهند الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في مواجهة الصين؛ فقد أعلن ترامب يوم الأربعاء 30 يوليو أنه سيفرض رسوما بنسبة 25% على الهند تعقبها عقوبات إضافية؛ لمعاقبتها على شراء النفط والغاز من روسيا. (رفع ترامب نسبة الرسوم على الهند إلى 50% بعد إضافة 25% أخرى يوم الأربعاء 6 أغسطس- المترجم.)
من المعقول الضغط على الهند؛ لتقليص علاقتها الاقتصادية مع روسيا، لكن هذه الرسوم الجمركية الخرقاء تهدد بالقضاء على جهود بذلت على مدى عقود بواسطة الإدارات الأمريكية المتعاقبة بما في ذلك إدارة ترامب الأولى؛ لجذب الهند إلى مدار الولايات المتحدة. والآن هنالك مؤشرات على مصالحة بين نيودلهي وبكين.
عقد ترامب اتفاقيات مع شركاء رئيسيين آخرين للولايات المتحدة في المنطقة؛ لفرض رسوم على صادراتها بمعدلات أقل من الرسوم التي هدد بها في أبريل. لكنها تظل أعلى كثيرا من تلك التي كانت قائمة في بداية العام؛ فقد فرض ترامب رسوما بنسبة 20% على فيتنام وتايوان و19% على إندونيسيا وماليزيا وتايلاند والفلبين، و15% على اليابان وكوريا الجنوبية.
أستراليا وهي أحد أوثق حلفاء أمريكا تحصل على رسم جمركي أساسي بنسبة 10%، لكن ترتفع النسبة إلى 50% على الصلب والنحاس والألمونيوم، وإلى 25% على مركبات معينة. وكجزء من مفاوضاته التجارية انتزع ترامب وعودا غامضة من اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي باستثمار مئات البلايين من الدولارات في الولايات المتحدة.
البلدان التي أبرمت اتفاقيات تجارية مع ترامب يمكنها تنفس الصعداء؛ فهي تعلم أن وضعها ربما سيكون أسوأ، لكن تنمّر ترامب يخلِّف وراءه مشاعر مريرة. لقد وصف مسؤول تجاري ياباني سابق الاتفاقية الأمريكية بالمذلة، وقال عنها اقتصادي ياباني: «إنها غير مقبولة تماما لليابان»، فتلك طريقة غريبة للتعامل مع حلفاء تحتاج إليهم الولايات المتحدة لاحتواء الصين.
بشكل عام؛ ترامب يساعد الصين بتخفيضاته، وتقليصاته في الدبلوماسية الأمريكية، والعون الأجنبي، والاستثمار في البحث العلمي. بل مضى وزير الخارجية ماركو روبيو حتى إلى إقالة موظفي الوزارة الذين ينسقون الرد الدبلوماسي على اعتداءات الصين في بحر الصين الجنوبي.
إلى ذلك؛ محاولات ترامب إغلاق هيئة البث الدولية «صوت أمريكا» هدية أخرى لبكين؛ فمن إندونيسيا إلى نيجيريا تملأ وسائل الإعلام الصينية الفراغ الذي يخلفه صوت أمريكا وراءه. كما فتح قرار ترامب بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية واليونسكو الباب واسعا للصين لزيادة نفوذها في هذه المنظمات الدولية.
ثم هنالك خطط ترامب لخفض الدعم الفيدرالي للبحث العلمي بأكثر من 30% ووضْعِ العراقيل أمام الطلاب الأجانب للدراسة بالجامعات في الولايات المتحدة. يحدث هذا فيما تضخ الصين بلايين إضافية في أحدث أنشطة البحث والتطوير؛ فالصين تتقدم على الولايات المتحدة في معظم التقنيات الرائدة بما في ذلك البطاريات، والألواح الكهروضوئية، والسيارات الكهربائية، والطائرات المسيرة، وأنظمة الاتصالات البصرية المتقدمة، وتعلم الآلات والحواسيب عالية الأداء.
رسوم ترامب لن تفعل أي شيء لوقف هذه التطورات، وليس من شأن تخفيضاته للإنفاق على البحث والتطوير، وقيوده على الطلاب الأجانب سوى تسريعها.
«كعب أخيل» الصين منذ مدة طويلة هو الخوف الذي تثيره بسلوكها، وعدم تقديرها للبلدان الأخرى. أمريكا الآن تشبه كثيرا الصين في تصرفاتها، وتدفع الثمن في موقف الرأي العام العالمي منها. لقد وجد استطلاع أجراه مركز «بيو» للأبحاث مؤخرا في 24 بلدا أن «الآراء عن الولايات أصبحت أكثر سلبية بشكل ملحوظ خلال العام الماضي فيما أصبحت أكثر إيجابية بقدر طفيف تجاه الصين»، وفي بلدان الدخل المرتفع التي شملها الاستطلاع 32% من الآراء الآن محبذة للصين مقارنة بحوالي 35% لأمريكا. هذا التقارب في النظرة إلى البلدين صادم بالنسبة لنا نحن الذين اعتدنا على الاعتقاد بأن أمريكا هي «البلد الطيب» .من الجيِّد أن ترامب يتراجع الآن على الأقل عن حربه التجارية باهظة التكلفة مع الصين وقبل أن تُلحِق ضررا بالغا باقتصاد الولايات المتحدة. وما يُحسَب له أنه يواصل التعاون العسكري، بل يعززه مع حلفاء الولايات المتحدة في آسيا.
لكن هدنة الحرب التجارية تَحِدّ فقط من ضرر سياسات ترامب؛ فهي لا تتحدى النفوذ المتنامي للصين، أو تعزز تنافسية الولايات المتحدة. واقع الحال أن قفزات رسوم ترامب، وتخفيضاته في الموازنة، وقيودُه على الهجرة تُضعِف أمريكا، وتُقَوِّى دون قصد منافستَها الرئيسية.
ماكس بوت زميل أول بمجلس العلاقات الخارجية. أحدث كتبه بعنوان «ريجان: حياته وأسطورته»
الترجمة عن «واشنطن بوست».