هذا الأمر له أثر عظيم في دوام العشرة بين الزوجين.. الأزهر للفتوى يوضحه
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
قال مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن التجمل ودوام المحافظة على حسن الهيئة له أثر عظيم في دوام العشرة بين الزوجين؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ، كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي الْمَرْأَةُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]».
وراعت الشريعة الإسلامية ما فُطِرت عليه النفس الإنسانية من ميول ورغبات، فجعلت سدَّ حاجات الإنسان فيما جُبِلتْ عليه نفسه من المقاصد الشرعية التي تحثه على السعي في تحصيلها دون إفراطٍ أو تفريط؛ قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14].
ومن الأمور التي فُطِرَت عليها النساء حبُّ الزينة، فشَرع لهنَّ لأجل ذلك من وسائلها ما لم يُشرع للرجال كالحرير والذهب، قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: 18].
وقال العلامة الواحدي في "التفسير الوسيط" (4/ 67، ط. دار الكتب العلمية): [قال المبرد: تقدير الآية: أوتجعلون له ﴿مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ﴾؟ يعني: البنت تنبت في الزينة] اهـ.
وحث الشرع الشريف الزوجة على التزين والتجمل للزوج وطلب الحُسْن في نظره؛ لما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «الَّتي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"؛ قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (5/ 2132، ط. دار الفكر): [(قال: التي تسره)؛ أي: زوجها، والمعنى تجعله مسرورًا (إذا نظر)؛ أي: إليها ورأى منها البشاشة وحسن الخلق ولطف المعاشرة، وإن اجتمعت الصورة والسيرة فهي سرور على سرور، ونور على نور] اهـ.
وقال الإمام المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 528، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [(إذا نظر) إليها؛ لأن ذَات الجمال عون لَهُ على عِفَّته ودِينه] اهـ.
وعن بَكْرَة بنت عقبة: أنَّها دخلت على أمِّ المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها وهي جالسةٌ في مُعَصْفَرَةٍ، فسألتها عن الْحِنَّاءِ؟ فقالت: "شَجَرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ". وسألتها عن الـحِفَافِ؟ فقالت لَها: "إِنْ كَانَ لَكِ زَوْجٌ فَاسْتَطَعْتِ أَنَّ تَنْزِعِي مُقْلَتَيْكِ فَتَصْنَعِيهِمَا أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا فَافْعَلِي" أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى".
وقول السيدة عائشة رضي الله عنها: "أَنْ تَنْزِعِي مُقْلَتَيْكِ فَتَصْنَعِيهِمَا أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا" نصٌّ في مشروعية استعانة المرأة بما من شأنه تجميل وجهها وتحسين هيئتها وإزالة ما قد لَحِقَ بها من أمور تؤثر في زينتها.
قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (20/ 193، ط. دار إحياء التراث العربي): [ولا يمنع من الأدوية التي تزيل الكلف وتُحَسِّن الوجه للزوج، وكذا أخذ الشعر منه، وسئلت عائشة رضي الله تعالى عنها عن قشر الوجه فقالت:.. إن كان شيء حدث فلا بأس بقشره] اهـ، وبمثله قال العلامة ابن الملقن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (25/ 45، ط. دار النوادر).
وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (1/ 161، ط. مؤسسة الرسالة): [ويتوجه وجه إباحة تحمير ونقش وتطريفٍ بإذن زوج فقط] اهـ
وفى فتوى سابقة لدار الإفتاء المصرية، وجهت نصيحة أسرية لكل اثنين من المتزوجين ، قائلة "لكل منكما حقوقٌ على الآخر، فلا ينشغل أحدكما بما له ويتناسى ما عليه".
وقالت دار الإفتاء في نصائحها للمتزوجين على صفحتها الرسمية، أن الزواج حقوق وواجبات مشتركة بين الزوجين، قال الله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ﴾ [البقرة: 228]؛ يعني: للمرأة حق على زوجها.
وللرجل حق على زوجته، فيجب على الزوج تلبية احتياجات زوجته النفسية: كالاحتواء والاحترام والشعور بالأمان والمشاركة في الرأي، وكذا الاحتياجات المالية: من نفقة وكسوة وطعام وشراب وغيرها، وكذا الاحتياجات الاجتماعية: كالسماح لها بزيارة والديها وأقاربها.
ويجب على المرأة أيضًا أن تراعي حقوق زوجها عليها، كالطاعة وحسن العشرة، وذلك حتى تستقيم الحياة بينهما وينعما بالاستقرار.
حق الزوجة على زوجهاقال الشيخ أحمد وسام، مدير إدارة البوابة الإلكترونية بدار الإفتاء، إن الأصل في العلاقة بين الزوجية أنها مبنية على المودة والرحمة، مشيرًا إلى قوله تعالى: « وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)»الروم.
وأضاف وسام، في فيديو بثته دار الإفتاء على يوتيوب، ردًا على سؤال: “ما هي حقوق الزوج على زوجته؟”، أن الله تعالى قال: « الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ»النساء، مشيرًا إلى أن الله تعالى فضل الرجال على النساء في أمور، وفضل النساء على الرجال في أمور أخرى، وأن الله تعالى عقب بـ "وبما أنفقوا" ليدل على أن النفقة حق من حقوق المرأة على زوجها.
وذكرت الإفتاء، أن النصوص الشرعية تقضي بأن لكل من الزوجين قِبل الآخر حقوقًا تجب مراعاتها والقيام بها؛ لتدوم رابطة الزوجية ولا تنفصم عراها، مؤكدة أنه من حق الزوج على زوجته: أن تطيعه فيما هو من شؤون الزوجية مما ليس فيه معصية لله تعالى، أما شؤونها الخاصة بها كأن يمنعها من التصرف في مالها أو يأمرها بأن تتصرف فيه على وجه خاص فلا تجب عليها طاعته فيه؛ لأنه ليس له ولاية على مالها.
الحقوق الزوجية للطرفينولفتت دار الإفتاء في فتوى لها، إلى أنه من حقه عليها أن تحفظ بيته وماله وأن تحسن عشرته وأن من حقه عليها أيضًا أن يمنعها من الخروج من بيته إلا لحاجة يقضي بها العرف، ولزيارة أبويها ومحارمها.
وتابعت دار الإفتاء أن له أيضًا أن يمنعها من إدخال أحد في بيته والمكث فيه (غير أبويها وأولادها ومحارمها فليس له منعها من إدخالهم ولكن له منعهم من المكث في البيت).
وأشارت إلى أن من حق الزوجة على زوجها أن يراعي العدل والإحسان في معاملتها وأن ينفق عليها ولو كانت غنية، منوهةً بأن من حقها أن يسكنها في بيت خالٍ عن أهله؛ لأنها تتضرر من مشاركة غيرها فيه وتتقيد حريتها إلا أن تختار ذلك؛ لأنها بهذا الاختيار تكون قد رضيت بانتقاص حقها.
وأردفت أنه كما يجب أن يكون المسكن خاليًا عن أهله؛ يجب أيضًا أن يكون خاليًا عن أهلها ولو ولدها من غيره؛ لما ذكر من التضرر وتقييد الحرية، وأن للزوج منع أهلها من السكنى معه في بيته.
واستطردت دار الإفتاء طبقًا لهذه النصوص: فلا يجوز شرعًا للزوجة أن تخرج عن طاعة زوجها، وأن تتصرف في المنزل بما تشاء مما لا يرضى عنه الزوج متخذة من مساعدته في المعيشة ذريعةً لذلك، مضيفة أنه لا يجوز لها شرعًا أيضًا أن تُسكِن في منزل الزوجية أحدًا من أقاربها أيًّا كانت درجة قرابتهم بغير رضا الزوج.
واسترسلت أن إنفاق الزوجة على أقاربها؛ فإن كان الإنفاق عليهم من مالها الخاص فليس للزوج منعها منه؛ لأنها حرة في التصرف في مالها، لافتةً إلى أنه إن كان الإنفاق عليهم من مال الزوج فإنه لا يجوز لها ذلك شرعًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الله تعالى الزوجة على على زوجها رضی الله أیض ا أن إلى أن حقوق ا
إقرأ أيضاً:
ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: يستعرض دلائل حديث الإعجاز القرآن عن الخيل
عقد الجامع الأزهر اليوم الأحد، ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني الأسبوعي تحت عنوان: "مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن خلق الخيل" وذلك بحضور كل من الدكتور محمد سليمان، وكيل كلية القرآن الكريم بطنطا، والدكتور مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم بجامعة الأزهر، وأدر الملتقى الإعلامي أبو بكر عبد المعطي.
في بداية الملتقى أشار فضيلة الدكتور محمد سليمان إلى أن حديث القرآن الكريم عن الخيل متعدد الجوانب، حيث ذكرها المولى سبحانه وتعالى في عدة آيات تركز في وصفها على أمرين: الأول كونها للزينة، كما في قوله تعالى: "والخيل المسومة"، وقوله: "والخيل والبغال والحمير لتركبوها"، مما يدل على اعتبارها من كرائم أموال العرب؛ والثاني كونها يعتمد عليها في الكر والفر، بوصفها مصدرًا للقوة وعاملًا للنصر، مستشهدًا بقوله تعالى: "ومن رباط الخيل"، موضحًا أن هذه الآية الكريمة هي أمر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالاستعداد لمواجهة العدو، وأن ذكر الخيل فيها دليل على دورها كعامل من عوامل القوة، ومن الآيات التي تدل على أنها للقوة :" " وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، ومنه قوله تعالى :"والعاديات ضبحًا"، وتشير الى الخيل التي تعدو وتحبس انفاسها في ملاحقة العدو، وهذا دليل قرآني اضافي على ما تتسم به الخيل من القوة والسرعة.
وبين فضيلته أن الخيل من دلائل الخير أيضا لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة"، وذلك من دلائل فضل الخيل، ومن الإعجاز القرآني في حديث القرآن عن الخيل الصفات الواردة عن الخيل في سورة العاديات، قال تعالى: "مشيراً الى عطف الفاء في سورة العاديات، حيث تدل الفاء في قوله تعالى: "ٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا فَٱلۡمُورِيَٰتِ قَدۡحٗا فَٱلۡمُغِيرَٰتِ صُبۡحٗا فَأَثَرۡنَ بِهِۦ نَقۡعٗا فَوَسَطۡنَ بِهِۦ جَمۡعٗا" وكل صفة لاحقة مترتبة على الصفة التي سبقتها مباشرة.
من جانبه قال فضيلة الدكتور مصطفى إبراهيم، الخيل تعد من الأشياء الفائقة في الجمال، وهو ما يفسر ورود وصفها في القرآن الكريم في قوله تعالى: "إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ" هذا الوصف القرآني للخيول بـالصافنات الجياد، يشير إلى قيمتها، حيث تعكس الصافنات الوقفة المهيبة للفرس التي ترفع إحدى حوافرها، بينما تشير الجياد إلى سرعتها وقوتها، لذلك، تمتلك الخيل أكبر رئة مقارنة بحجمها بين الحيوانات، وهذا التكيف ضروري لزيادة كفاءة تبادل الأكسجين بما يتناسب مع سرعتها العالية وقدرتها على العدو السريع والتحمل لمسافات طويلة.
وأضاف فضيلته أن الخيل تتميز بخصائص بصرية استثنائية، فهي ترى في النهار بنسبة ١٠٠%، وتمتلك قدرة على الرؤية بزاوية تقترب من ٣٦٠ درجة، هذه الميزة البصرية الواسعة تمنحها إحساسًا متفوقًا بالبيئة المحيطة، وتزيد من يقظتها وكفاءتها، لذلك، كانت الخيل الأداة الأنسب والأكثر فاعلية في الحرب، خاصة في الغارات المفاجئة عند الفجر، وهو ما يشير إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: "فالمغيرات صبحًا".
يذكر أن ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني يعقد الأحد من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى إلى إبراز المعاني والأسرار العلمية الموجودة في القرآن الكريم، ويستضيف نخبة من العلماء والمتخصصين.