لبنان ٢٤:
2025-05-14@03:26:29 GMT

ليست الحرب...هذا ما سيدمّر لبنان

تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT

ليست الحرب...هذا ما سيدمّر لبنان

ماذا يعني أن يكون صيف لبنان حارًّا؟ وماذا يعني استمرار الحرب غير المعلنة في الجنوب؟ وماذا يعني أن يبقى مصير لبنان مع كل مشاكله مربوطًا بمصير غزة؟ وماذا يعني أن يبقى لبنان معلّقًا على حسابات الآخرين؟ وماذا يعني أن يُترك هذا البلد الصغير بحجمه يقّلع أشواكه بيديه العاريتين؟ وماذا يعني أن تبقى الجمهورية من دون رئيس؟ وماذا يعني أن يبقى النازحون السوريون حيث هم من دون أن تلوح في الأفق بوادر حلول ممكنة وعملية؟ وماذا يعني أن يتخانق اللبنانيون كلما دقّ الكوز بالجرّة؟ وماذا يعني ألا يتفقوا حتى على انقاذ بلدهم من الغرق؟ وماذا يعني لكل الأحزاب السياسية الارتطام الكبير؟ وماذا يعني أن يبقى الأفرقاء السياسيون يتناتشون ما تبقى من "خيرات" الدولة، ويتناوشون في غارات وهمية تُشّن ضد بعضهم البعض تحت عناوين ومسميّات خالية من المضامين المفيدة؟
فإذا أراد من لا يزال لديهم قدرة على التحليل المنطقي الإجابة عن كل هذه الأسئلة لأستلزم ذلك وقتًا طويلًا، مع العلم أن المهمة لن تكون سهلة.

والصعوبة تكمّن في أنه حتى ولو تمكّن أولياء الأمر من ايجاد الإجابة المناسبة عن كل هذه الأسئلة يبقى المهم إيجاد آليات تطبيقية لما نسبته عشرة في المئة كحدّ أقصى يمكن الوصول إليه في حال توافرت الإرادة الصلبة لتحقيق ما لم يتحقّق حتى الآن. وهذه النسبة على ضاءلتها تبقى أفضل من لا شيء، وتبقى مجرد بداية لمسيرة إصلاحية لن تكون مجدية إن لم تلحظ ما يعانيه لبنان أخلاقيًا قبل أي أمر آخر.
ولأن الشيء بالشيء يُذكر لا أنسى كلامًا سمعته قبل ما يقارب الأربعين سنة من أحد كبار السن، وهو يُعتبر في المقاييس العلمية عاملًا بسيطًا في محلّه، وهو من أبناء الجالية الأرمنية الكريمة، إذ صودف مرور شاب على دراجته النارية من أمام محل البارون غارو، حيث كنا واقفين، ومارس بطولاته البهلوانية على مسافة لا تتعدّى المتر الواحد بالقرب منا، وكاد يدهسنا بدراجته الضخمة. فما كان من البارون غارو إلا أن يرشقه بعبارات أرمنية لم أفهم منها شيئًا، لكن تعابير وجهه أوحت لي بأنه انهال عليه بوابل من المسبّات من العيار الثقيل، ثم التفت إلي، وقال لي بلهجته الأرمنية المحبّبة: "بابا شايف هيدا كلو دمار بكرا كلو بيتعمّر. بس هيدا جيل حرب كيف بدّك بيعمرو بابا؟
ويُضاف إلى كلام البارون غارو العميق والبسيط في آن كلام آخر قاله أحد المبعوثين البابويين إلى لبنان، حين قال في جلسة مغلقة وبعد جولة له على المسؤولين اللبنانيين، رسميين ورؤساء أحزاب، بما معناه: حاول أعداء لبنان أخذه على حين غرّة بزرع الشقاق بين أبنائه في حرب أُطلقت عليها تسميات كثيرة وطالت البشر والحجر فلم يستطيعوا أن يُركعوه أو أن يُخضعوه لإرادتهم. وعندما فشلوا بالمدفع حاولوا أخذه عن طريق الضغط على اللبنانيين بالاقتصاد وبمعيشتهم، ولكنهم فشلوا أيضًا. ولكنهم قد ينجحون عندما تبدأ حربهم الجديدة عن طريق بث الأفكار الغريبة عن العادات والتقاليد اللبنانية، وعندما يصلون إلى حدّ المسّ بالأخلاق، "وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا". هذا ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي. وهذا ما يقوله من يخاف على مستقبل لبنان.
فما نشهده هذه الأيام مما يُشاع على مواقع التواصل الاجتماعي من تفلت أخلاقي لا حدود له يفوق بخطورته ما تعرّض له لبنان على مدى نصف قرن من الحروب والأزمات.
   

المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

في الذكرى الثالثة لاغتيالها.. شيرين أبو عاقلة أيقونة لا تنسى

في صباح قاتم من يوم الأربعاء 11 مايو/أيار 2022، انطفأت عين الحقيقة التي طالما رصدت معاناة الفلسطينيين، حين انطلقت رصاصة غادرة أطلقها قناص إسرائيلي، لتنهي حياة واحدة من أبرز الصحفيات العربيات وأكثرهن تأثيرا، شيرين أبو عاقلة.

تمر اليوم الذكرى الثالثة على تلك اللحظة التي هزت وجدان الملايين، حين سقطت شيرين على مدخل مخيم جنين أثناء قيامها بواجبها المهني.

لم تكن مجرد ضحية عابرة، بل كانت تلك اللحظة إيذانا ببداية مرحلة جديدة من التربص الممنهج بالصحفيين، بلغت ذروتها في الحرب المستعرة على قطاع غزة والاعتداءات المتكررة في الضفة الغربية.

3 سنوات مرت، والشوق لا يخبو والسؤال لا يفتر: أين وجهها الذي اعتادت الملايين رؤيته عبر الشاشات؟ أين صوتها الهادئ الذي كان يخترق قصف المدافع ليروي الحقيقة؟ ماذا كانت ستقول اليوم عن أطفال غزة، عن جوع النساء وخذلان الرجال؟ كيف كانت ستصِف فلسطين وهي بين إبادة وحصار ومقاومة؟

وفي مفارقة قدَرية، كشف تحقيق استقصائي أميركي أن قاتلها، الجندي الإسرائيلي "ألون سكاجيو"، لقي حتفه في يونيو/حزيران الماضي بعبوة ناسفة في نفس المكان الذي اغتالها فيه (مخيم جنين). عاش بعدها عامين محتلا ومستوطنا، بينما تحولت هي إلى زهرة خالدة للحرية والوطن، وأيقونة لا تُنسى.

إعلان منظومة كاملة

لكن الحقيقة الصارخة تبقى أن من قتل شيرين حقا لم يكن فردا أو بندقية أو حتى طائرة، بل منظومة كاملة دعمت الجريمة وتسترت عليها، منظومة الإفلات من العقاب التي جعلت من قتل الصحفيين ممارسة تجري على الهواء مباشرة دون خشية من محاسبة.

لم تكن شيرين كثيرة الصخب في حياتها المهنية، لكنها كانت كالماء في تأثيرها، هادئة لكن عميقة، وما إن غابت حتى تجلت سطوة حضورها الطاغي.

3 سنوات مرت، ولم يستطع أحد أن يملأ مكانها في الصحافة والوجدان، يغيب زملاء فيأتي آخرون، لكن شيرين تبقى حالة استثنائية لا تتكرر.

ليست الصحافة جريمة، هذه بديهية لا تحتاج لبرهان، بل الاحتلال وقتل الصحفيين والإفلات من العقاب هو الجريمة الحقيقية، وعلى دربها يسير السائرون، يد تسلم يدا وصوت ينبعث من صوت.

في الذكرى الثالثة لاستشهادها، تبدو شيرين كأنها ما زالت ترقب من بعيد، تنتظر أن تختم تقريرا لم يكتمل بعد، لكن الحقيقة التي طالما سعت لكشفها تبقى حية: ما ضاع حق وراءه مطالب، ولا حقيقةٌ وراءها مَن هم مثلها، صحفيون يحملون شعلة الكلمة والحقيقة رغم المخاطر.

3 سنوات مضت، والنداءات لا تهدأ بالمحاسبة وإنهاء إفلات القتلة من العقاب، بينما يتزايد عدد الصحفيين الذين يسقطون في فلسطين، في ظل ظروف بالغة الخطورة زادت من مرارة غياب شيرين وافتقادها.

مقالات مشابهة

  • شاهد | كلام للبيع بترليون دولار .. ترامب في السعودية
  • علي جمعة: كلام الله ليس محل نقاش.. وأوهام «الفيل الوردي» ليست فكرًا
  • حماس: قصف مستشفى الأوروبي جريمة لإخراج ما تبقى من النظام الصحي عن الخدمة
  • ما أجندة زيارة ترامب للسعودية وماذا تريد الرياض منها؟
  • هدنة الرسوم بين أميركا والصين.. الرابحون والخاسرون وماذا بعد؟
  • في الذكرى الثالثة لاغتيالها.. شيرين أبو عاقلة أيقونة لا تنسى
  • دعاء الحر الشديد وماذا كان يقول النبي؟ كلمات نبوية مجربة
  • محمد سامي لـ متابعيه: لما تكون مراتك مي عمر يبقى دا فطارك!
  • فضل الحج والعمرة وشروط وجوبهما.. أحكامهما وماذا يقصد بالاستطاعة؟
  • صيادو غزة ومزارعوها يأكلون الأعشاب والسلاحف مع تفاقم المجاعة