الوصل والنصر.. «معركة السيطرة»!
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
عمرو عبيد (القاهرة)
أخبار ذات صلة
يُمكن القول إن مواجهة «الإمبراطور» و«العميد» في نهائي أغلى البطولات، بمثابة «معركة من أجل السيطرة»، إذ يملك الفريقان قدرات متقاربة، فيما يتعلق بالاستحواذ على الكرة، وهو ما ظهر بوضوح خلال منافسات «دوري أدنوك للمحترفين»، حيث بلغ متوسط نسبة امتلاك الكرة بالنسبة لفريق «القلعة الزرقاء» 55%، مقابل 53% لـ«العملاق الأصفر»، ويُمكن العودة إلى المبارزة التكتيكية التي جمعتهما في مباراتهما بالدوري، التي استحوذ فيها النصر بنسبة 51.
ولا يختلف الوضع كذلك في مسألة دقة تمرير وغزارتها لكلا الفريقين، حيث بلغ متوسط نسبة دقة تمريرات «العميد» خلال الموسم الحالي ما يقارب 84%، مقابل 83% لـ«الإمبراطور»، والمثير أن تلك النسب تحققت على أرض الواقع فعلياً خلال مواجهتهما في «الجولة 13» من «دورينا» خلال فبراير الماضي.
وعلى الصعيد التكتيكي، يبدو «الإمبراطور» أكثر خطورة هجومية، خاصة على الطرف الأيسر «الطائر» وكذلك امتلاكه قوة لا يُستهان بها هذا الموسم في العمق الهجومي، حيث سجّل عبر الأول 35% من أهدافه مقابل 36.8% بواسطة الثاني، في حين أن العمق الهجومي لـ«العميد» يظهر أبرز نقاط قوته الهجومية في الآونة الأخيرة، حيث أحرز بواسطته 46% من أهدافه، ثم تأتي بعده الجبهة اليُمنى التي أسهمت في تسجيل 32% منها، ويملك «الفهود» أفضلية في تسجيل الأهداف عبر التسديدات بعيدة المدى وكذلك ألعاب الهواء بنسب تصل إلى الضعف تقريباً.
ويجيد كلا الفريقين تسجيل الأهداف بواسطة الركلات الثابتة بنسب جيدة جداً، حيث تبلغ 33.3% للوصل و30% للنصر، وتبرز الركنيات والركلات غير المُباشرة في واجهة تلك الألعاب، مع وجود تفوق لـ«الإمبراطور» أيضاً في استغلال الركلات الركنية، التي أنتجت ثُلثي أهداف «الثابتة»، أما أهداف «الحركة» فقد حقق «الفهود» توازناً واضحاً بتسجيل 47% من الأهداف عبر الهجمات المنظمة هادئة الإيقاع، مقابل 53% لأهداف السُرعة والمرتدات والضغط العالي، في حين يبدو الوضع «معكوساً» لدى «العملاق الأزرق» الذي أحرز 54% من الأهداف بواسطة السرعة مقابل 46% للهجمات الهادئة.
دفاعياً، ارتكب الخط الخلفي لـ«الإمبراطور» أخطاءً مباشرة تسببت في اهتزاز شباكه بنسبة 26%، خاصة بعد المباراة الأخيرة في الدوري، في حين بلغت نسبتها لدى «العميد» 29%، ويُعد العمق الدفاعي للفريقين هو الأكثر تأثراً أمام هجمات المنافسين، حيث تسبب في استقبال مرمى الوصل 43.5% من الأهداف، مقابل 48.3% للنصر، وإذا كان دفاع «الأصفر» يتعامل بصورة جيدة مع التسديدات البعيدة التي لم تصل إلى شباكه إلا بنسبة 8.7%، فإنها تسببت في اهتزاز شباك «الأزرق» بنسبة 22.5%، ويتفق الفريقان على قوة دفاعاتهما في مواجهة ألعاب الهواء والتسديدات الرأسية، كما يجيدان التعامل مع الركلات الثابتة بنسب تكاد تكون متطابقة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: دوري أدنوك للمحترفين كأس صاحب السمو رئيس الدولة الوصل النصر
إقرأ أيضاً:
العميد محمد احمد جمعة 1930–2009 (2–7 )
ms.yaseen5@gmail.com
لم يكن سياسيا يمارس الاكاذيب والمخاتلة واهتبال الفرص وكان يمقت عشرة السياسيين ومجالستهم فقد جمع في مخياله الكثير من حكاوي الساسة والسياسيين فقد رآهم يحملون جوالات السكر وطاقات الدمورية يوزعونها لاهل القرية املا في كسب ودهم واستمالتهم في ايام الانتخابات فيملؤون الفضاء اوهاما واكاذيب واماني خلب يدغدغون بها قلوب العامة والسوقة والسذج ولم يكن شخصاً منظماً سياسياً أو له أي التزام حزبي كنا نحن في ميعة الصبا حين تفتحت اعيننا علي الحياة كنا نراه افنديا شديد الالتزام بمهنته كان كثير الصمت دائم التفكير كان حياؤه وادبه جعله محبوبا عند الجميع فقد كانت لاناقته وطريقة مظهره الجاذبة نصيب من حديثه وقديما قيل جمال لسان الرجل بجمال ثيابه ومظهره وكانت العرب اذا رات رجلا جميل الثياب يتحدث حديثا قبيحا يقاطعونه ويقولون له تحدث علي قدر ثيابك
كان العميد هو احد عقاقيرارواحنا المتعطشة للمعرفة والتعلم كنا نحن الاربعة في مقعد واحد في السنة الاولي يجلس من اليمين الاخ ابوذر احمد ابوالبشر وشقيقة ضياء الدين وثالثهم شخصي ثم الاخ الفاضل احمد جمعة وهو اخ العميد فكثير ما كان يستدعينا في المكتب ويوبخنا لسؤ تصرفاتنا واهمالنا لواجباتنا كنا ننصت اليه وبصوته الوقور يا أولاد احسن تبطلو ا الاهمال والشغب والازعاج داخل الفصل فيعاقبنا بكتابة الحرف ( س ) وتكراره علي النوته وعلي صفحاتها الثلاثة كان عقابا قاسيا نبدأ في تنفيذه منذ نهاية الدوام وحتي فجر اليوم الثاني فقد كنت استعجل كتابة الحرف وفي احيانا كثير انسي احدي نبرات الحرف سين فاكتبها بواحدة فيعاقبني بتكرارها مرات ومرات كان العميد رحمه الله لايؤمن بالعقوبة البدنية ولا يستخدمها ولم اره يوما يعاقب تلميذ ويجلده كما كان يردد علي مسامعنا بقية الاساتذة ( الضرب ينفعكم والعلم يرفعكم ) كنت وأثناء مرور العميد بنا ونحن جلوس في الهواء الطلق نكتب الحروف ونمسحها كان يمر علينا ونحن في الدائرة جلوس يراقب ماكتبناه فيقف خلفي ويمسك با اصبعي ويستكتبني الحرف فقد كنت غير ابه بما يكتبه اصبعي فقد كنت اتعجب من ساعته الفاخرة ماركة ( السيكو فايف) ولونها مينتها الازرق الذي ينعكس مع اشعة الشمس وقد همت بتلك الساعة وماركتها وتمنيت ان اقتني ساعة (السيكو فايف ) او احدي صويحباتها من ماركة (رومر او چوڤيال ) وطالما ان المنايا لقايا فقد اقتنيتها في احدي الايجازات المدرسية وانا في المرحلةالوسطي فقد عملت فيها كعامل رش في فترة الخريف بادارة الصحة الوقائية فقد منحي مدير الصحة بالمنطقة ( ابراهيم حسب الله )هذه الوظيفة وكنت اقوم برش الزيوت في البرك والمستنقعات في شرق امكدادة وكنت مسئولا عن القطاع الشمال الشرقي الذي يبدا من فولة اوحفير قرية ام ستوية ورهد الركبة ورهد قرية شق التبلدي وبعض البرك الموجودة علي سطوح الجبال الشرقية وكنا نعمل بالاجر اليومي اذا نكسب ثلاثون قرشا في اليوم فوفرت مبلغ عشرة جنيها اشتريت بها ساعة جوڤيال وهي ماركة عالمية قريبة من ماركة السيكو فايف
لم يحترف العميد السياسة في سني عمره الباكر لكنه كان مُلماً بتعقيدات المَشهد السياسي في البلاد مثله ومثل عامة الناس يحملُ على عاتقهِ ومن موقعهِ الوظيفي هموم التعليم والمعلم كان يحمل اثقال وهموم المنطقة
كان كلما شاهد موقفا يستحق تدخله عالجه وقومه حتي وان لم تطال مسؤليته فقد تعلم في بخت الرضا ان المعلم ليست تنحصر مسؤليته داخل الفصل فقط
كان العميد شديد الايمان باهمية دور المعلم في خدمة مجتمعه فقبل ان يدخل وينخرط في عالم السياسة كان يقود المبادرات الطوعية التي تعزز قيم التعاون والتضامن لتحقيق تاثير ايجابي حول المجتمع الذي يعيش فيه واستطاع ان يترك تاثيرا ايجابيا علي التلاميذ ومجتمعاتهم المحلية وذلك بفضل الجهود الاستثنائية التي بذلها لتطوير قدرات الطلاب
كان من أوائل المعلمين السودانيين الذين عملوا بجنوب السودان في منطقة انزارا في تلك السنين الغابرة، فقد استطاع أن يخترق الحواجز النفسية التي خلقها الاستعمار بين السودانيين الشماليين والجنوبيين، لا بخطب رنانة ولا بشعارات سياسية، بل بتواضعه الجم، وإنسانيته الصافية، وإيمانه العميق بوحدة الإنسان قبل وحدة الجغرافيا.
كانت الأستاذ سر الختم الخليفة رئيس الوزراء هو مدير التعلم بجنوب السودان فالتقي به العميد وعرفه بنفسة فطلب منه ان يتعلم لغة الدينكا حتي يستطيع ان يتواصل مع المجتمع المحلي وقد ذكر الأستاذ عمر تريبو وهواحد زملائه الذين عملوا سويا في انذارا بجنوب السودان ان العميد استطاع في فترة وجيزة ان يتقن لغة أهل المنطقة بل تجاوزها ووضع منهجا للتلاميذ زاوج فية بين اللغة العربية ولغة أهل المنطقة فاكتسبت محبة أهل المنطقة واحترامهم له وكان يقضي معظم وقته مع التلاميذ في المدرسة ويمارس معهم الأنشطة الرياضية والثقافية
ذكر لي الأستاذ عمر تريبو ان شخصة العميد وطوله الفارع وسمرته وسماته الشخصية هي التي أكسبته حب التلاميذ وأولياء امورهم
بني جسورا من المحبة. لم يكن أهل المنطقة معتادين عليها فقد قد اعتادوا على أن يأتيهم معلم مثل رجل جامع الـضرائب او كمندوب للحكومة البريطانية الذي يحمل بين بردية عجرفة البيض الذين يمارسون الأبرتهايد فاهل انزارا مازالوا حديث عهد بالاستعمار ولم يمضي علي استقلال البلاد ساعتئذ إلا اشهر قلائل فصورة الرجل الأبيض وجبروته ماثلا في مخيلتهم ولأول مرة شعر التلاميذ وأهل إنذار ان معلما جاء ليشاركهم الحياة ويمسح عنهم درن الجهالة لا ليُعلمهم فحسب بل ليرتقي بحياتهم وطرق كسب عيشهم كانّ يناقشهم ويقنعهم بأهمية تغير ملابسهم وفي ذلك العام وقبل نهايته زار سر الختم الخليفة المدرسة ووجد التلاميذ قد تغيرت اشكالهم وملابسهم فاعجب بجهود العميد وقد كتبت صحيفة الرأي العام عن الجهود التي بذلها العميد حتي استطاع ان يغير البيئة الدراسية والاجتماعية للتلاميذ والمجتمع فقد جلس على الحصير مع الأطفال وشارك الأهالي أكل كسرة الباخرة والسمك المجفف، وساعدهم في جني المحاصيل حتى صار جزءًا من النسيج اليومي للقرية. كانت دروسه تبدأ بالحكايات وتنتهي بالأغاني يُعلّمهم الحساب عبر عدّ حبات المانجو ويشرح الجغرافيا من خلال رسم مجرى النيل وبركه المتقطعة امامهم
وشيئًا فشيئا بدأ الطلاب يرونه أبًا ثانيًا وأضحى اسمه يتردد في أفراحهم ومجالسهم بل لأول مرة في تاريخ إنذار وجنوب السودان يطلق الجنوبيون اسم جمعة علي موالديهم في ذلك العام فكان سلاطين الدينكا يرونه كما لو كان واحدًا من أبنائهم ونواصل