بوابة الوفد:
2025-05-14@09:05:47 GMT

(الذوق) فى الفن والأدب

تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT

كثيراً ما نسمع أو نقرأ عبارة (إنه اختلاف الأذواق) من أحد الذين لم ينفعل برواية أو فيلم أو أغنية، مبرراً عدم الانفعال هذا بتلك العبارة (اختلاف أذواق).

فهناك من لا يطيق غناء أم كلثوم، أو ينزعج من شعر شوقى، أو تضجره رواية لمحفوظ أو ماركيز، وعلى الفور، ومن باب الأدب، يعلن هؤلاء الرافضون: صحيح أن أم كلثوم عظيمة ومحفوظ عبقرى وشوقى شاعر فذ، لكننى لا أحب أعمالهم.

.. إنه (مجرد اختلاف أذواق).

الحق أن كلمة (الذوق) فى دنيا الأدب والفن فى حاجة ماسة إلى شرح وتفصيل وتفسير وتحرير. ولنبدأ هكذا: مم يتكون الذوق؟ وكيف؟ وما الفرق بين (الذوق العام)، (والذوق الرفيع)؟.

فى ظنى أن (الذوق) بصورة عامة يتشكل من عدة عوامل أبرزها: حساسية الإنسان فى التعامل مع الآداب والفنون، فهل ولد المرء مزوداً بحساسية خاصة تجاه عالم الإبداع، أم أنه ولد محروماً من تلك الحساسية اللطيفة؟ هل جيناته تتفاعل بيسر مع الموسيقى والكلمة واللوحة، أم أنها لا تتأثر بهذه الأمور؟.

العامل الثانى يتمثل فى مستوى ثقافة الفرد، والمدى الذى بلغه فى التحصيل المعرفى منذ كان طفلاً، وهل وهبته المقادير نعمة النشأة فى بيئة اجتماعية (الأسرة/ المدرسة/ المجتمع) تحترم الآداب والفنون وتثمن دورها فى إسعاد الناس وإغناء أرواحهم أم لا؟.

أما العامل الثالث، فيتجلى فى قدرة المرء على تطوير مهاراته فى استقبال الفن والأدب، والانفعال بهما والتأثر بما يقرؤه ويراه وينصت إليه من كلمة ومشهد ولوحة وأغنية.

ولأضرب لك مثلاً... هل الصبى الذى يبلغ 11 عاماً يملك القدرة على استيعاب قصيدة لشوقى والتمتع بأبياتها؟ بالتأكيد لا، لأن خبراته الحياتية ومحصوله اللغوى لا يسمحان له باكتشاف عبقرية الفن الشعرى، الأمر نفسه يتكرر إذا تحدثنا عن إنسان محروم من نعمة الإنصات إلى الموسيقى بتنوعاتها الخلاقة، لذا نراه ينفر من غناء عبدالوهاب وأم كلثوم وتزعجه موسيقى بيتهوفن وموزارت.

أما الإنسان الذى اكتفى من الروايات بمجموعة من الأعمال التى تخاطب الفتيان وعقولهم البسيطة وخبراتهم الحياتية المحدودة، فظنها هى الأمثل، وتوقف عن القراءة بعدها، فلن يطرب لمحفوظ ولن يسعد بماركيز.

لذا يمكن القول إن (اختلاف الأذواق) عبارة تصلح نسبياً فى مسائل الطعام والأزياء، رغم أن مستوى الثقافة يتحكم أيضاً فى تلك الأمور.

لكن عند الحديث عن الأدب والفن، علينا أن ننتبه جيداً، إذ إن الأمر مرتبط بمستوى الثقافة العامة لدى المتلقى، علاوة على مدى علاقته وعمقها بالآداب والفنون.

أما الأمر البالغ الأهمية، فهو الدور الذى يلعبه الترويج/ التسويق فى فرض ذوق أدبى أو فنى معين على الغالبية، خاصة فى الأعوام الأخيرة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى مثل فيسبوك ويوتيوب وانستجرام وواتساب وغيرها. إذ نرى أعمالاً أدبية وفنية محدودة القيمة وفقاً لمعايير (الذوق الرفيع)، لكنها شائعة بمنطق (الذوق العام البسيط) الذى يروج لمقولة (اختلاف الأذواق).

ما العمل إذن؟

أظن أن الأمر فى حاجة إلى مقال آخر.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ناصر عراق حاجة ماسة الأدب والفن

إقرأ أيضاً:

الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا

ما أهم درس فى المواجهة العسكرية الأخيرة بين الهند وباكستان، والتى انتهت بقبول الطرفين وقف إطلاق النار بعد حرب خاطفة ومحدودة ومنضبطة الى حد ما، استمرت نحو خمسة أيام؟!

‎الدروس والعبر والعظات كثيرة، لكن سوف أركز اليوم على درس واحد وهو أنه حينما تكون قويا فإن الجميع يخافك ويقدرك بل ويحترمك حتى لو كنت عدوه، والعكس صحيح تماما.

‎لأنه حينما تكون ضعيفا فسوف يتجرأ عليك الجميع ويحولونك إلى «ملطشة».

‎لمن لم يتابع تفاصيل الصراع فإن هجوما وقع فى بلدة باهالغام، فى الجزء الذى تسيطر عليه الهند فى كشمير قتل فيه ٢٦ شخصا معظمهم من السائحين الهندوس.

‎الهند اتهمت جماعة «ريزستنس فرونت» أو جبهة المقاومة المدعومة من باكستان بالمسئولية، وهو ما نفته الأخيرة تماما وطالبت بتحقيق دولى، لكن الهند شنت عملية عسكرية فى ٧ مايو الجارى استهدفت خلالها مواقع باكستانية قالت إنها تخص ما وصفته بـ«الجماعات الإرهابية» خصوصا «جيش محمد» و«لشكر طيبة» إضافة إلى مواقع تخص الجيش الباكستانى.

‎لكن باكستان ردت على الهجوم الهندى بعملية «البنيان المرصوص» وقالت إنها تمكنت من إسقاط مقاتلات هندية من طراز رافال فرنسية الصنع وروسية من طراز ميج وسوخوى ومسيرات وادعى كل طرف أنه دمر مواقع للطرف الثانى، وأن معظم الضحايا لديه من المدنيين.

‎لكن ربما الأخطر هو أن المواجهة أدت إلى تعليق معاهدات واتفاقيات طويلة المدى، خصوصا معاهدة مياه نهر السند التى تنظم توزيع المياه القادمة من المنابع الهندية إلى المصبات الباكستانية وكذلك اتفاقية سملا الموقعة بين البلدين فى ٢ يوليو ١٩٧٢بعد حرب صعبة بين البلدين وقتها، وتنص على احترام سيادة كل طرف وحل النزاعات بالطرق السلمية ورسم خط لوقف إطلاق النار فى كشمير، وعودة الأسرى والتطبيع بين الطرفين.

‎المهم بعد ٥ أيام من القتال بكل أنواع الأسلحة، وخصوصا المقاتلات والمسيرات والصواريخ وسقوط أكثر من ٦٠ قتيلا ونزوح مئات الآلاف فى كشمير وقرب حدود البلدين، تم وقف إطلاق النار فى وساطة قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن بلاده هى التى سعت إليها، فى حين أن ٣٠ دولة سعت للوساطة أيضا كما قال مسئول وزير خارجية باكستان إسحاق دار.

‎المهم أن القتال توقف وهو خبر طيب ومفرح للبلدين وللمنطقة وللعالم بأكمله.

السؤال هل كانت الهند ستقبل بوقف إطلاق النار إلا بعد أن شعرت أن باكستان قوية ويمكنها أن ترد الهجوم بهجوم مماثل وربما بصورة أكبر؟!

‎المؤكد أن الإجابة هى لا قاطعة.

‎والسبب أن لدينا نموذجا فى منطقتنا اسمه إسرائيل، فهى تواصل البلطجة فى المنطقة منذ عام ١٩٤٨، ولم يردعها أحد إلا باستثناءات قليلة كما حدث فى الانتصار المصرى العظيم فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣، لكن ومنذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ فإن إسرائيل تعربد فى المنطقة كما تشاء بدعم أمريكى كامل وفاضح!

‎هى ترتكب جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة وتتهيأ لضم الضفة الغربية، وتحتل مناطق مهمة فى لبنان، واحتلت مناطق جديدة فى سوريا بعد أن دمرت معظم قدراتها العسكرية، كما تقصف فى اليمن وإيران، وتقول إن يدها تطال كل مكان فى المنطقة، وتتحدى المجتمع الدولى والأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية.

‎أتصور أن الهند ربما حاولت استغلال عملية «باهالغام» مثلما استغلت إسرائيل عملية «طوفان الأقصى». لكن الفارق أن الرد الباكستانى كان مقنعا للهند لكى تقبل بوقف إطلاق النار، فحينما بدأت الهند هجومها وجدت ردا مماثلا من باكستان وربما أقوى، الصاروخ بالصاروخ والمسيرة بالمسيرة والمقاتلة بالمقاتلة.

‎والأهم أن السلاح النووى الذى تمتلكه باكستان رسميا منذ ٢٨ مايو ١٩٩٨ هو الذى يجعل الهند تفكر مليون مرة قبل أن تشن هجوما شاملا على باكستان، وهى التى امتلكت القنبلة النووية نظريا عام ١٩٧٤ ثم أجرت فى مايو ١٩٩٨ خمس تجارب نووية إضافية بعد أيام من الإعلان الباكستانى.

‎السلاح النووى قاتل ومدمر وخطر على البشرية، لكن فى عالم الغابة الذى نعيشه الآن، هو الذى يجعل صديقك يتودد إليك وخصمك يخشاك.

‎القوة الخشنة - وليست الناعمة - هى التى تمنع الآخرين من التجرؤ عليك واستضعافك، فهل يعى العرب هذا الدرس البديهى، ويفكرون فى استغلال ما لديهم من أوراق وهى كثيرة ولكنها معطلة؟!



مقالات مشابهة

  • حفل أغاني أم كلثوم على مسرح ساقية الصاوي فى هذا الموعد
  • حزب الإصلاح والنهضة يُكلف الدكتورة ولاء بلال بمنصب أمينة الثقافة والفنون
  • "البحوث الفلكية" يكشف تفاصيل الزلزال الذى ضرب مصر
  • مناهج التعليم.. مناكد الأدب
  • حبيسة الأحلام  
  • صنع الله إبراهيم بين المحنة والاهتمام الرئاسي.. دلالات ومغزى
  • ملتقى “إجادة”.. 18 فعالية لتعزيز جاهزية خريجات التصاميم والفنون للعمل
  • الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا
  • ثيلا في مرآة نوبل.. ماذا قالت الأكاديمية السويدية عن أعماله؟
  • ثقافة المنوفية تنظم 35 نشاط وفاعلية فنية خلال مايو لإثراء الوعي