من تقليل مسؤوليات محافظه إلى تقليص بعض المشاريع الكبرى ومراجعة النفقات عالية الكلفة، يهدف صندوق الاستثمارات العامة السعودي لإعادة تنظيم أولوياته خلال المرحلة المقبلة، وهي خطوة طبيعية في ظل التغيرات الاقتصادية الحاصلة حول العالم، وفقا لخبراء سعوديين.

وكانت وكالة رويترز نقلت عن مصادر مطلعة القول إن الصندوق، الذي يدير أصولا تصل قيمتها إلى نحو 925 مليار دولار، يدرس إعادة تنظيم من شأنها أن تشهد تحمل بعض المديرين بعض المسؤوليات الداخلية لمحافظ الصندوق ياسر الرميان.

أين ذهبت عشرات المليارات؟.. صندوق الثروة السعودي "الأكثر نشاطا" بالعالم أظهر تقرير جديد، نشر الاثنين، أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، صندوق الثروة السيادي في البلاد، أنفق نحو ربع المبالغ التي أنفقتها صناديق الثروة السيادية في أنحاء العالم، العام الماضي، والبالغة 124 مليار دولار تقريبا

وأضافت المصادر أن صندوق الاستثمارات العامة يهدف أيضا لزيادة تركيزه على الاستثمارات التي لها فرصة نجاح كبيرة، وذلك بعد تقليص بعض "المشاريع الكبرى" بسبب تزايد التكاليف.

بالإضافة لذلك يعمل الصندوق على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى بعض المشروعات ومراجعة بعض النفقات منها تلك الموجهة إلى مهام استشارية عالية التكلفة.

ووفقا للمصادر التي نقلت عنها رويترز فإن المناقشات حول هذه المسائل لا تزال مستمرة، وأن توقيت القرار المحتمل غير واضح.

وفي الوقت الذي لم يصدر بعد أي تعليق رسمي من قبل السلطات السعودية أو صندوق الاستثمارات العامة، يرى خبراء ومحللون سعوديون أن هذه الخطوات لو تمت فإنها "طبيعية" وتدخل ضمن مساعي "إعادة هيكلته".

لماذا خسر الصندوق السيادي السعودي 11 مليار دولار؟ سجلت الأنشطة الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة السعودي خسائر بلغت حوالي 11 مليار دولار العام الماضي، وذلك بعد سنة واحدة فقط من تحقيقه أرباحا قدرها 19 مليار دولار.

يقول الخبير الاقتصادي فهد بن جمعة إن الصندوق "استثمر في شركات كبيرة ومشروعات مهمة عجز القطاع الخاص عن الاستثمار فيها".

ويضيف بن جمعة، وهو عضو سابق في لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى السعودي، أن الصندوق ساهم بشكل كبير في "دعم الاقتصاد غير النفطي وساهم في تحقيق نمو قدره أربعة في المئة من الإيرادات غير النفطية".

ويرى بن جمعة في اتصال مع موقع "الحرة" أن صندوق الاستثمارات العامة "رتب الأولويات لتخدم الاقتصاد والمواطن من ناحية التوظيف"، مبينا أن "رأس ماله ارتفع من حوالي 150 مليار في عام 2015 إلى ما يقرب من 825 مليار دولار اليوم وسبب هذا كله هو الاستثمارات".

ويلفت بن جمعة إلى أن "هناك تغيرات تحدث في الاقتصاد وبالتالي فإن خطط واستراتيجيات الصندوق مرنة، كلما تغيرت الظروف الاقتصادية كلما رتب الأولويات من جديد وراعى هذه المتغيرات من أجل خفض أي مخاطرة في الاستثمار وتحقيق أكبر عوائد ممكنة".

وتنفذ المملكة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان استراتيجية تهدف إلى تنويع مصادر النمو الاقتصادي للبلاد بعيدا عن صادرات النفط والغاز، أطلق عليها رؤية 2030، تخطط في إطارها لزيادة الإنفاق من أجل دفع النمو الاقتصادي ودعم الناتج المحلي غير النفطي.

ويعد الصندوق الأداة الرئيسية لتنفيذ خطة ولي العهد لتقليل اعتماد الاقتصاد السعودي على إيرادات النفط، ويمتلك محفظة واسعة من الاستثمارات تمتد من مزارع التمر إلى المجموعات العملاقة متعددة الجنسيات.

وضخ ولي العهد مئات المليارات من الدولارات عبر الصندوق في مشاريع منها نيوم، وهو مشروع تنمية عمرانية وصناعية ضخم يعادل تقريبا مساحة دولة بلجيكا، ومن المقرر تشييده على طول ساحل البحر الأحمر. إلا أن المملكة قلصت طموحاتها في هذا المشروع وسط تحركات للبحث عن مصادر لتمويل مشاريع البناء المخطط لها.

السعودية تتراجع عن طموحاتها في مشروع الـ 1.5 تريليون دولار.. ومقاولون يفصلون العمال قلصت المملكة العربية السعودية طموحاتها المتعلقة بمشروع "نيوم"، الذي يعد الأكبر ضمن خطط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الرامية لتنويع اقتصاد البلاد بعيد عن النفط، وفقا لما نقلت وكالة "بلومبرغ" عن أشخاص مطلعين على الأمر.

وتقول المستشارة في التنمية الاقتصادية نوف الغامدي إن الصندوق يجري بين فترة وأخرى إعادة هيكلة لمهامه وأسلوبه الإداري، خاصة وأن الاستثمارات فيه أصبحت كبيرة جدا".

وتضيف الغامدي في حديث لموقع "الحرة" أن "أنشطة الصندوق باتت كبيرة وتشمل مجالات مختلفة، وخاصة الترفيه والألعاب"، مشيرة إلى أن الصندوق يركز في المرحلة المقبلة على "جذب المستثمرين الأجانب وتفعيل التبادل التجاري والشراكات البينية مع الدول".

الغامدي لفتت إلى أن "المملكة أعلنت منذ إطلاق رؤية 2030 أنه ستكون هناك مراجعة للمبادرات والبرامج، وتعاد هيكلتها بناء على المتغيرات الجديدة وتغيير حجم الأنشطة بالشكل الذي يتناسب مع المنجزات التي يتم الوصول إليها".

وستمثل التغييرات المتوقعة أكبر تغيير في الإدارة منذ أن قام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتعيين الرميان في عام 2015 بتفويض لدفع برنامج التحول الاقتصادي "رؤية 2030" باستخدام الأموال الضخمة لصندوق الاستثمارات العامة.

ومنذ ذلك الحين، أطلق الصندوق أو استثمر في شركات سعودية، لإنشاء شركات وطنية رائدة في قطاعات تتراوح من الخدمات المالية إلى الطيران والسياحة والصناعة.

كان الرميان رئيسا تنفيذيا لوحدة الخدمات المصرفية الاستثمارية في أحد البنوك المحلية، وقد جعله دوره في صندوق الاستثمارات العامة أحد أشهر مسؤولي الاستثمار في العالم وواحدا من أكثر الأشخاص نفوذا في المملكة العربية السعودية.

الرميان يعد واحدا من أكثر الأشخاص نفوذا في المملكة العربية السعودية

وهو عضو في مجالس إدارة العديد من الشركات التي يستثمر فيها صندوق الاستثمارات العامة، بما في ذلك المجموعة الهندية ريلاينس إندستريز، وتم تعيينه رئيسا لشركة النفط السعودية العملاقة أرامكو في عام 2019.

ويبين فهد بن جمعة أن "الرميان لديه العديد من الموظفين الكبار الذين يساعدونه، وبالتالي هذه التغييرات تواكب الفترة الحالية، خاصة إذا ما نظرنا لأحوال الاقتصاد العالمي".

ويتابع بن جمعة: "لا بد أن يواكب الصندوق هذه التغيرات من أجل تحقيق أكبر عوائد وخفض المخاطرة سواء حاليا أو مستقبلا".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: صندوق الاستثمارات العامة ملیار دولار ولی العهد بن جمعة

إقرأ أيضاً:

صندوق مكافحة الإدمان: أكثر من 7 آلاف نشاط توعوي خلال الثلث الأول من العام 2025

أصدر صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي تقريرًا شاملًا عن جهود التوعية التي تم تنفيذها خلال الثلث الأول من عام 2025، وذلك في الفترة من يناير وحتى نهاية أبريل، مستعرضًا الأنشطة والبرامج التي استهدفت مختلف الفئات المجتمعية لرفع الوعي بمخاطر تعاطي المواد المخدرة، وآليات الوقاية والاكتشاف المبكر والعلاج.

وأوضح التقرير، الذي تلقاه الدكتور عمرو عثمان، مدير الصندوق، أن إجمالي الأنشطة التوعوية التي تم تنفيذها بلغ 7184 نشاطًا، تغطي مختلف محافظات الجمهورية، وتنوعت ما بين حملات ميدانية، وندوات توعوية، وورش عمل فنية ورياضية ونفسية، بالتعاون مع جهات ومؤسسات حكومية وأهلية.

"حياة كريمة": توعية متكاملة في القرى الأكثر احتياجًا

من بين أبرز المحاور، نفذ الصندوق 807 نشاطات في 189 قرية من قرى المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، بالتعاون مع مؤسسة المبادرة. وشملت هذه الفعاليات زيارات منزلية للأسر بهدف التوعية بطرق الوقاية الأولية من الإدمان، وكيفية التعرف على علامات التعاطي في بداياته، وأهمية التواصل مع الخط الساخن 16023 للحصول على المشورة والعلاج المجاني بسرية تامة.

كما نُفذ دوري رياضي لأبناء القرى تحت شعار "أنت أقوى من المخدرات"، بهدف تعزيز التفاعل الأسري والمجتمعي في مواجهة ظاهرة الإدمان، إلى جانب عقد ورش حكي للأطفال لتنمية مهارات التفكير الإيجابي وحل المشكلات، وأنشطة فنية وتلوين كراسات تعليمية بأسلوب مبسط يتناسب مع المراحل العمرية الصغيرة.

"القرار قرارك": توعية في المؤسسات الحكومية

واصل الصندوق تفعيل مبادرة "القرار قرارك" داخل 405 مؤسسة حكومية، بهدف توعية العاملين بالجهاز الإداري للدولة بقانون شغل الوظائف والاستمرار فيها، خاصة ما يتعلق بالفحص الطبي وعدم تعاطي المخدرات. ووفّر الصندوق عبر الخط الساخن 16023 إمكانية العلاج المجاني والسري للموظفين الراغبين في التعافي دون مساءلة قانونية، بينما يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يثبت تعاطيه دون طلب علاج.

أنشطة توعوية بالمناطق المطورة ومراكز الشباب

كما تم تنفيذ برامج موسعة في مناطق "بديلة العشوائيات" مثل الأسمرات، المحروسة، حدائق أكتوبر، بشائر الخير، الخيالة، وتنوعت الأنشطة بين ندوات توعوية وورش تفاعلية للأطفال والأسر، إضافة إلى 710 نشاطًا داخل مراكز الشباب بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة.

واستُخدم في هذه الفعاليات أسلوب الحكي والفن وأدوات مثل كراسات "فكر ولون"، بهدف إيصال الرسائل التوعوية للأطفال والشباب بطريقة جذابة ومبسطة.

المبادرات الجماهيرية: خدعوك فقالوا
واصل الصندوق نشر مبادرة "خدعوك فقالوا" في الميادين العامة والمناطق السياحية والترفيهية (89 موقعًا)، بهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة حول المخدرات، ومنها الاعتقاد بأنها تُحسن التركيز أو تساعد على حل المشكلات الاجتماعية، أو اختيار الأصدقاء.

الجامعات والمدارس.. تثقيف الشباب والطلاب

تم تنفيذ 1012 نشاطًا توعويًا داخل الجامعات من خلال بيوت التطوع التابعة للصندوق، تضمنت محاضرات، مناقشات مفتوحة، ورد على استفسارات الطلاب، بالإضافة إلى توضيح خدمات الخط الساخن للعلاج.

وفي قطاع التعليم قبل الجامعي، تم تقديم برامج توعية مرئية في أكثر من 2900 مدرسة ومعهد أزهري في المرحلتين الإعدادية والثانوية، كما تم تنظيم 107 تدريبات للقيادات الشبابية في 12 محافظة لتأهيلهم كناشطين توعويين قادرين على نقل الرسالة داخل مجتمعاتهم.

خطوات مستمرة نحو الوقاية والعلاج

أكد الدكتور عمرو عثمان في ختام التقرير أن جميع البرامج تستهدف دمج كافة فئات المجتمع في جهود الوقاية من الإدمان، وتعزيز دور الأسرة كمفتاح رئيسي في الاكتشاف المبكر، مشددًا على أن الخدمات العلاجية متاحة مجانًا وبسرية تامة عبر الخط الساخن 16023، سواء في المراكز التابعة للصندوق أو تلك المتعاونة معه.

 

مقالات مشابهة

  • حسام هيبة: حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر 46.6 مليار دولار في 2024
  • صعود مثير للجنيه المصري أمام الدولار يفجر مخاوف من مراجعة صندوق النقد
  • يفتتح مكتباً لشركة تابعة في باريس.. «السيادي السعودي» يرسخ شراكاته الاستثمارية العالمية
  • 1000 مشارك في ملتقى مجالس الإدارة..الرميان: صندوق الاستثمارات يجعل من التحديات فرصاً للريادة والابتكار
  • إطلاق «صندوق الإمارات للنمو» بقيمة مليار درهم لتحفيز نمو الشركات الصغيرة
  • صندوق الاستثمارات يفتتح مكتبًا جديدًا لشركة تابعة في باريس
  • صندوق الاستثمارات العامة يفتتح مكتبًا جديدًا لشركة تابعة في باريس لتعزيز توسعه العالمي
  • صندوق الاستثمارات يفتتح مكتبًا لشركة تابعة في باريس لتعزيز التوسع العالمي
  • محافظ السيادي السعودي: سنضاعف استثماراتنا في أوروبا إلى 170 مليار دولار
  • صندوق مكافحة الإدمان: أكثر من 7 آلاف نشاط توعوي خلال الثلث الأول من العام 2025