حققت ثورة 30 يونيو طفرات غير مسبوقة في شتى المجالات، ومن بينها مجال الفن بشكل عام والسينما والدراما التليفزيونية بوجه خاص، ليخطو الفن خطوة كبيرة للانتقال بشكل تدريجي نحو الأفضل، ليستعيد رسالته من أجل الارتقاء بالذوق العام من خلال تناول عدد كبير من القضايا الهادفة والمهمة، إلى جانب إنتاج مجموعة من الأعمال الفنية الوطنية التي أبرزت حجم التضحيات التي قدمها رجال القوات المسلحة والشرطة من أجل الوطن.

وأكد الناقد الفني محمد قناوي، أن ثورة 30 يونيو أعادت تشكيل صورة المجتمع المصري بصفة عامة وصناعة السينما والدراما التليفزيونية بصفة خاصة، منوها إلى أن الدراما بشقيها «التليفزيوني والسينمائي» تعد من العناصر المهمة للحفاظ على الهوية المصرية، واستعادة الشخصية المصرية الأصيلة، والتي تعرضت لصدمة عنيفة عقب أحداث يناير مباشرة، حيث عانت الدراما من عثرات ودخلت في أزمات، لدرجة أنه تم اتهامها بأنها تعمل على طمس الهوية المصرية، بعد أن خرجت عن نطاقها الطبيعي بشكل كبير في محتوى النص، وما يحمله من نماذج اجتماعية غريبة عن مجتمعنا، مثل شخصيات «البلطجي والشرير والفاسد»، والتركيز على أوضاع الطبقة العشوائية، واستغل بعض صناع الدراما حالة الفوضى التي أعقبت ثورة 25 يناير في التركيز على تلك التوعية من المسلسلات والأفلام، ولكن ما أن جاءت ثورة 30 يونيو حتى أدركت منذ اللحظات الأولى أهمية الفنون بصفة عامة، والدراما بصفة خاصة كقوى ناعمة وأداة لتوصيل أفكارها وآرائها للجماهير، وإقناعهم بتوجهاتها الجديدة وإعادة تشكيل الوعي.

وأثنى الناقد الفني محمد قناوي، على الدور المهم الذي أخذته الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على عاتقها من أجل تطوير صناعة الدراما في مصر، حيث خاضت وما زالت تخوض معركة قوية في صناعة الوعي الاجتماعي والسياسي والارتقاء بالمواطن ثقافيا وفكريا، لذلك وضعت من البداية خطة لإعادة ضبط المشهد الدرامي، وبما يتناسب مع حرب الدولة ضد الإرهاب، وأيضا معركة البناء والتنمية، فبدأت بخطة ضبط حالة الارتفاع الجنوني في الميزانيات والأجور المبالغ فيها، ونجحت في ذلك ويمكن اعتبار عام 2018، هو البداية الحقيقية لحالة التغيير في المشهد الدرامي من خلال تقديم أعمال تخاطب الوعي وتتناول قضايا مهمة.

وأشار إلى أنه خلال الستة أعوام الأخيرة ظهر واضحا وجود خطة درامية متكاملة العناصر لتلعب الدراما الدور المهم والرئيسي في تشكيل الوعي، وذلك من خلال تقديم أعمال درامية تبرز بطولات الجيش والشرطة في مواجهة التطرف والإرهاب، وكشف الخطط والمؤامرات التي تحاك ضد الدولة، ومواجهة الغزو الفكري لعقول الشباب، فتم تقديم مسلسل «الاختيار» بأجزائه الثلاثة، حيث تطرق الجزء الأول منه لدور الجيش وتضحياته العديدة أمام مخططات الإرهاب وقوى الشر من خلال شخصية الشهيد أحمد منسي، وسلط الجزء الثاني من المسلسل، الضوء على أمور أخرى شائكة للغاية، والتفجيرات التي كان يدبرها الإرهابيون، في مختلف بقاع المحروسة، وكيف تصدت لهم أجهزة الدولة، ثم جاء الجزء الثالث من «الاختيار» ليكمل تلك الثلاثية، ويستمر حتى إيضاح كل شيء للمشاهدين بفيديوهات حقيقية عرضت للعلن للمرة الأولى، وهو ما كان بمثابة دليلا ماديا أمام الجميع على ما حدث من مؤامرات، حتى تطرقت الحلقات لثورة 30 يونيو.

وقال قناوي: «كما ناقش مسلسل «هجمة مرتدة»، الجهد الكبير الذي يبذله رجال المخابرات المصرية في حماية الأمن القومي، وكيفية الوصول للمعلومات بدقة من أجل حماية الأمن القومي المصري، والكشف عن المؤامرات التي تحاك ضد الوطن ومسلسل «القاهرة كابول»، وهو من أهم المسلسلات التي تعرضت لأفكار القيادات في التنظيمات الجهادية، ومسلسل «العائدون»، وهو من أبرز الأعمال التي تطرقت لمواجهة الدولة المصرية لتحديات كبيرة، وخطيرة للغاية، بعدما حاولت قوى الإرهاب جعلها مسرحا للأحداث، من خلال سلسلة من الهجمات تعاونت فيها كافة قوى الشر ومن بينها تنظيم «داعش الإرهابي».

وأشار إلى أن مسلسل «الكتيبة 101» أبرز جهود رجال الجيش المصري في تطهير سيناء من الإرهاب، كما تناول مسلسل «حرب» جهود رجال الشرطة في تصديهم للإرهاب، ومؤخرا مسلسل «الحشاشين» الذي كشف الجذور التاريخية للتطرف والإرهاب في العالم، بالإضافة إلى أعمال درامية أخرى ناقشت قضايا اجتماعية وحياتية حقيقية لتساهم بدورها في تشكيل الوعي وتعبر عن الواقع بشكل حقيقي.

ونوه قناوي إلى أنه عندما نجحت الدراما في استعادة قوتها محليا، فرضت نفسها على الشاشات العربية، وتصدرت الفضائيات العربية وكانت القنوات الفضائية العربية، تعرض ما بين ثلاثة وأربعة أعمال مصرية في ظاهرة لم تحدث منذ سنوات طويلة، لتؤكد على استعادة الدراما المصرية لقوتها وبريقها وريادتها عربيا.

وأوضح أنه في الوقت الذي نجح فيه صناع الدراما التليفزيونية في تعديل المسار، كان صناع السينما يسيرون على نفس «التراك" لإصلاح ما أصاب المنتج السينمائي من تراجع فكانت البداية بفيلم «جواب اعتقال" ثم «الخلية» ثم «الممر» وهو الفيلم الذي حقق نجاحا كبيرا، ومؤخرا فيلم "السرب" الذي تم عرضه مؤخرا، كما شهدت صناعة الفن تطورا ملحوظا على مستوى «التكنيك» والأداء جعل منها صناعة حقيقية.

وأضاف: «لا شك أن الأعمال الدرامية التي أنتجتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، في السنوات الماضية التي تنوعت ما بين دينية وثقافية وكوميدية وتاريخية، استهدفت في المقام الأول بناء الوعي لدى المواطنين بمختلف أعمارهم، لأنها تؤمن بأن الفن من أدوات القوى الناعمة للدولة المصرية التي توضح ملامحها وتسهم في الارتقاء بالذوق العام وتشكيل الوعي الوطني، الذي يهدف في النهاية لخدمة المجتمع المصري».

وتابع: «نحن في أشد الحاجة إلى الاستمرارية في تلك الأعمال سنويا، والتوسع أيضا في الأعمال التي تخاطب الملايين من المواطنين دوليا وإقليميا وليس محليا فقط، وأن تستعيد مصر الريادة في تقديم الأعمال المؤثرة كما كانت عليه في السابق سواء في الفن أو الغناء وغيرها من الأعمال».

من جانبها.. أكدت الناقدة الفنية ماجدة خير الله، أن الحركة الفنية في مصر استفادت بشكل كبير وإيجابي من ثورة 30 يونيو، من خلال إنتاج أعمال درامية ساهمت في تذكير المواطنين بتلك الحقبة وما سبقها، وما أدى إلى اندلاع ثورة 30 يونيو، مشيرة إلى أن تلك الأعمال ساهمت في ترسيخ الحقيقة في قالب درامي لدى الأجيال التي عاصرت الحدث، كما ساهمت في رفع درجة الوعي لدى الأجيال الجديدة التي لم تعاصر الحدث.

وقالت ماجدة خير الله، إن ثورة 30 يونيو ساهمت في إعادة البريق إلى الفن المصري بمختلف أشكاله، حيث تعد بمثابة مادة خصبة للمبدعين الذين عاصروها، لإنتاج العديد من الأعمال الفنية التي تناولت تلك الحقبة المهمة من تاريخ مصر، مشيرة إلى أن المبدعين الذين عاصروا الثورة هم أقدر من يتناول تلك الأعمال، حيث كان هناك دور واضح للدولة في دعم إنتاج تلك الأعمال الفنية، وهذا الدور ينبغي أن يستمر، خاصة أن الفن يمتلك أدوات وزوايا مختلفة في تناول أي أحداث تاريخية، وأكبر دليل على ذلك، أنه على الصعيد العالمي، ما زال إنتاج أعمال سينمائية ضخمة تتناول حقبة الحربين العالميتين الأولى والثانية مستمرا.

ودعت ماجدة خير الله إلى ضرورة دعم دور الفن والإبداع فيما يتعلق بثورة 30 يونيو، من أجل تقديم مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية، على مستوى الدراما والسينما، لزيادة الوعي لدى الأجيال الجديدة بتلك الحقبة المهمة من تاريخ مصر، التي انعكست إيجابا على الحركة الفنية في مصر، كما انعكست إيجابا على شتى المجالات.

اقرأ أيضاًرئيس الوزراء يهنئ الرئيس السيسي بالذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو

بورشة فنية وفيلم وثائقي.. أطفال الغربية يحتفلون بثورة 30 يونيو

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: ثورة 30 يونيو ثورة 30 يونيو الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ذكرى ثورة 30 يونيو 30 يونيو ثورة شعب احتفالات ثورة ٣٠ يونيو الأعمال الفنیة ثورة 30 یونیو تلک الأعمال تشکیل الوعی من الأعمال ساهمت فی من خلال إلى أن من أجل

إقرأ أيضاً:

وفد أميركي يطلع على الأعمال الفنية المصاحبة لمهرجان الفنون الإسلامية

الشارقة (وام)
زار وفد من القنصلية الأميركية برئاسة سعادة روبرت رينز القنصل العام للولايات المتحدة الأميركية في دبي والإمارات الشمالية، اليوم، متحف الشارقة للفنون وذلك ضمن الزيارات الثقافية لمهرجان الفنون الإسلامية في دورته السادسة والعشرين المقام تحت شعار «سِراج». وكان في استقبال الوفد محمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية بالدائرة ومدير المهرجان، وخالد مسلط رئيس اللجنة الإعلامية للمهرجان.واستعرض القصير أبرز ملامح المهرجان هذا العام، وما يقدّمه من برامج ومعارض تُبرز مكانة الشارقة كحاضنة للفن الإسلامي المعاصر ووجهة عالمية للإبداع.
من جانبه أشاد القنصل العام برؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ودعمه المتواصل لمسيرة الإبداع الثقافي والفني في الإمارة، بما يسهم في ترسيخ مكانة الشارقة مركزاً عالمياً للحوار الفني والثقافي ووجهة للمبدعين من مختلف دول العالم.
واطّلع القنصل الأميركي والوفد على مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية المشاركة في المهرجان من جداريات ومعارض فردية وجماعية، حيث عبّر عن إعجابه بالمستوى المهني الرفيع للفنانين، وبالطروحات البصرية التي تعيد قراءة الفن الإسلامي من منظور معاصر مع الحفاظ على أصالته وجذوره الجمالية.
ونوّه بالأثر الثقافي الكبير لمهرجان الفنون الإسلامية، مؤكداً دوره الحيوي في صون الهوية الفنية الإسلامية، وإبراز قدرتها على التطوّر والتجدّد عبر أعمال تتفاعل مع الزمن، وتستجيب لذائقة الأجيال الجديدة، مما يعزز حضور الفن الإسلامي كمكوّن أساسي في المشهد الفني العالمي.
وأكد القنصل الأميركي أنّ العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية تتجاوز التعاون الاقتصادي والدبلوماسي، لتشمل شراكة ثقافية وإنسانية راسخة تقوم على الاحترام المتبادل والتقدير المشترك لقيم الفن والإبداع، مشيراً إلى أهمية استمرار هذا التعاون وتوسيعه عبر مبادرات مشتركة تسهم في تعزيز التبادل المعرفي ودعم الفنون بجميع أشكالها.
وأشاد بالدور الذي تقوم به دائرة الثقافة في الشارقة، وما تقدّمه من جهود نوعية في تنظيم الفعاليات الفنية والثقافية، مؤكداً تطلعه إلى مزيد من التعاون المستقبلي في مجالات الثقافة والفنون.

أخبار ذات صلة برعاية أم الإمارات، «الإمارات للإفتاء» ينظم مؤتمر الأسرة في سياق فقه الواقع 15-16 ديسمبر «الفارس الشهم 3» تبدأ تحميل «سفينة محمد بن راشد الإنسانية» لدعم غزة

مقالات مشابهة

  • انطلاق مرحلة التصويت لجوائز Joy Awards 2026 بمشاركة أبرز نجوم السينما والدراما والموسيقى والرياضة والمؤثرين
  • وزير الثقافة يعلن انطلاق المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته الـ37 بالعريش 26 ديسمبر الجاري
  • وزير الثقافة يعلن موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته الـ37
  • رويترز: الولايات المتحدة تستعد لاعتراض السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • وفد أميركي يطلع على الأعمال الفنية المصاحبة لمهرجان الفنون الإسلامية
  • تعاون جديد بين قطاع الأعمال والتضامن لدعم الصناعة والتمكين الاقتصادي للمرأة
  • وزيرا التضامن وقطاع الأعمال العام يبحثان تعزيز التعاون المشترك
  • “السينما.. تأثير في كل المنصات”.. عروض إثرائية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي ضمن “حديث إمباك”
  • «قمة بريدج 2025».. حوار عالمي حول مستقبل صناعة السينما ودعوة لحماية السرد الإنساني
  • 7 آلاف ساعة درامية و400 فيلم.. إرث ممدوح الليثي الذي لا يُنسى