سودانيون بين صراعين.. قتال ضد السرطان وحرب تزيد المعاناة
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
تحتاج زوجة السوداني، محمد الجنيد، المصابة بالسرطان إلى علاج بالأشعة، لكن بعدما مزقت الحرب السودان ودمرت بناه التحتية ومرافقه، بات يتطلب الأمر سفرها مسافة ألف كيلومتر تقريبا للوصول إلى المستشفى الوحيد الذي يقدم هذه الرعاية.
ويقول الزوج البالغ من العمر 65 عاما، لوكالة فرانس برس من ولاية القضارف شرقي السودان، إلى حيث لجأ مع زوجته هربا من الحرب، "حتى لو وصلنا إلى مروي (في الشمال)، سيتعين علينا أن ننتظر دورنا لتلقي هذه الرعاية".
ويشهد السودان منذ 15 أبريل العام الماضي حربا عنيفة بين القوات المسلحة النظامية بقيادة، عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة، محمد حمدان دقلو، أعقبتها أزمة إنسانية عميقة.
ودمرت الحرب إلى حد كبير البنية التحتية وخرج 70 بالمئة من المرافق الصحية في البلاد من الخدمة، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة.
وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندميير، "20 إلى 30 بالمئة من المرافق الصحية في البلاد لا تزال في الخدمة ... وتعمل بالحد الأدنى"، مشيرا إلى أن الإمدادات الطبية "لا تلبي سوى 25 بالمئة من الاحتياجات".
وتدفق مئات الآلاف من الأسر إلى ولاية القضارف بعدما نزحت من الولايات التي طالتها الحرب، وسط معاناة من نقص في المواد الغذائية ومياه الشرب والمرافق الصحية.
ويصطف مرضى السرطان في انتظار دورهم داخل مركز "الشرق" لعلاج الأورام الوحيد المخصص لذلك. لكن لا يتوافر في هذا المركز علاج بالأشعة، لذلك يلجأ المرضى إلى مستشفى مروي في الشمال الذي يبعد حوالى ألف كيلومتر عن القضارف.
كانت زوجة الجنيد تتلقى علاجها في مستشفى ود مدني بولاية الجزيرة في وسط السودان قبل إغلاقه بسبب اندلاع المعارك، ما دفع أسرتها إلى الفرار إلى القضارف.
ويوضح الجنيد بقوله: "اليوم يرى الأطباء أنها تحتاج مجددا إلى الخضوع للعلاج الإشعاعي، وهو في مروي فقط".
وبسبب طول الرحلة بين الولايتين وكثرة الحواجز الأمنية، طلب السائق الذي وافق على اصطحاب الجنيد وزوجته إلى مروي مبلغ 4 آلاف دولار، وهو ما لم يقدر الجنيد على دفعه فألغيت الرحلة.
27 سريرا فقط ومئات المرضىبسبب الحرب أغلق مركزا الأورام الكبيران في الخرطوم وفي ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة الجنوبية. ومنذ ذلك الحين يكتظ مركز القضارف بمرضى السرطان على الرغم من سعته الضئيلة.
ويضم المركز 27 سريرا فقط، بينما "يحتاج إلى 60 سريرا على الأقل"، على ما يقول مديره، معتصم مرسي، لوكالة فرانس برس.
ويوضح مرسي: "العام الماضي استقبلنا نحو 900 مريض جديد"، مقارنة بحوالى "300 أو 400 مريض" في الأعوام الماضية.
وفي الربع الأول فقط من العام 2024، استقبل المركز 366 مريضا. إلا أن مرسي أكد أن الأدوية لا تزال متوافرة "إلى حد كبير"، على الرغم من "بعض النقص" المسجل من قبل بدء الحرب.
وعلى سرير في مركز القضارف حيث يتقاسم المرضى الغرف بسبب الازدحام، تقول المعلمة السودانية، فتحية محمد، لوكالة فرانس برس "عاد المرض (السرطان)، واضطررت إلى استئناف العلاج".
كانت محمد تتلقى علاجها أيضا مثل زوجة الجنيد بمستشفى ود مدني قبل النزوح إلى ولاية القضارف.
وقالت بحسرة: "هنا لا يوجد علاج إشعاعي ... إنه متوافر في مروي لكنه يكلف مليارات الجنيهات السودانية".
وتحتاج المعلمة السودانية إلى علاج بالأشعة بشكل دوري وهو ما يعد "مكلفا للغاية" خصوصا وأنها لم تتقاضَ سوى راتب 3 أشهر فقط من العام المنصرم بسبب اندلاع الحرب، حسبما تقول.
"تحمل الألم الشديد"وفي أواخر مايو، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن "نظام الرعاية الصحية في السودان ينهار، خصوصا في المناطق التي يصعب الوصول إليها".
وأضافت: "تدمر المرافق الصحية وتتعرض للنهب وتعاني من نقص حاد في الموظفين والأدوية واللقاحات والمعدات والإمدادات".
وفي أكتوبر، حذر مقال نشره أطباء سودانيون بمجلة "إيكانسر" البريطانية من أن "محدودية الوصول إلى خدمات علاج الأورام خلال الحرب الحالية يعرض حياة أكثر من 40 ألف مريض سوداني بالسرطان للخطر".
وأشار المقال إلى أن "التكاليف المرتبطة بالعلاج الإشعاعي والنقل والسكن تجعلها غير متاحة للكثير من المرضى، ما يجبرهم على مواجهة الموت في المستقبل من دون رعاية كافية".
وبحسب المقال، فقد عطّلت الحرب "سلاسل التوريد وتوافر المسكنات"، الأمر الذي يدفع المرضى إلى "تحمل الألم الشديد".
في مروي يقول أحد الأطباء الذي تحدث طالبا عدم ذكر اسمه: "يعمل لدينا جهازان للعلاج الإشعاعي على مدار 24 ساعة يوميا".
وأضاف: "إذا تعطل أحد الأجهزة ويتطلب الصيانة، يتسبب ذلك في تكدس المرضى الذين يأتون من جميع أنحاء السودان".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
خطوات تنظيم أمريكية للتعامل مع قضية الحرب في السودان
■ إلغاء إجتماعات الرباعية بشأن الحرب في السودان تقف وراءه أجندة أمريكية بعضها ظاهر .. والآخر مُستتر .. الخارجية الأمريكية تريد توسعة المشاركة وتضخيم الحدث .. كبير المستشارين الأمريكان في الشأن الأفريقي يري غير ذلك .. أن تكون المشاركة محدودة يعود فيها الفضل لأمريكا وحدها كما حدث بين رواندا والكونغو ..
■ إلغاء إجتماعات الرباعية يزيح الستار عن خطوات تنظيم أمريكية للتعامل مع قضية الحرب في السودان .. من خلال تجربة الأشهر السابقة اتضح أن أمريكا ستعيد النظر في خططها المتعلقة بالسودان .. خطوات تنظيم لترتيب الأوراق .. واشنطن لا تملك كل خيوط قضية الحرب في السودان .. وليس من مصلحتها الدخول في حلول عنيفة ستكون عواقبها مكلفة علي المدي الطويل..
■ أمريكا تبحث عن مكاسب اقتصادية وسياسية من طي ملف الحرب في السودان ولن تقبل أن يكون هنالك شركاء يتقاسمون معها الكيكة في ظل هوس ترامب بالحصول علي جائزة نوبل للسلام ..
■ أكبر الخاسرين من تأجيل إجتماعات الرباعية هي مليشيا التمرد وكلاب صيدها الذين ملأوا أشرعة أحلامهم وأتجهوا صوب واشنطن وقد رفعوا سقف توقعاتهم إلي العلالي .. بعد تأجيل الرباعية فوجئوا بالموقف القوي للإتحاد الأفريقي .. لقد عادوا خائبين .. عادوا إلي نادي العُراة يتحاشون النظر إلي بعضهم .. خاب المسعي وضلّ الطريق ..
عبد الماجد عبد الحميد
إنضم لقناة النيلين على واتساب