جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-08@16:45:45 GMT

المشيئة الكتابية

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

المشيئة الكتابية

 

 

 

صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد

 

ها هي الورقة البيضاء بين يديك لتكتب فيها ما تشاء؛ هي لك في متناولك، اصنع فيها ما تشاء لتخطه على ورق.

حرية الرأي والتعبير مكفولة بالقانون، وهناك مسائل محظورة لا يجب التطرق إليها خارجة عن إطار حرية التعبير؛ لأنها عدوان وتهجم وتجاوز على القانون. ومنها التعدي على الذات الإلهية والذات السلطانية، وأيضًا كل ما من شأنه أن يُعرِّض سلامة الدولة أو أمنها الداخلي والخارجي للخطر، وكذلك المساس بالديانات والأخلاقيات العامة، وغيرها من محظورات واضحة ينص عليها القانون.

وما عدا ذلك، فبإمكان الكاتب أن يُعبِّر عن رأيه في إطار حرية التعبير، وهذا أبسط حقوقه حتى لا يشعر بالاختناق والانحباس الذاتي في بلده.

فماذا يتبقى إذا حصل ذلك، ووسائل النشر متاحة بحركة زر لتصل الكلمة إلى أي مكان وكل مكان دون رقيب؟!

يمكنك أيُّها الكاتب في ورقتك البيضاء أن تكتب عن النَّاس والأماكن والمواقف والحالات والظروف في إطار حرية التعبير؛ لأنك واثق من نفسك، مستقل مكتفٍ بما لديك مُدرك لحقوقك القانونية، لست ضعيفًا مُترددًا حبيس ذاتك؛ بل مُحق حر شجاع كالكلمة الشجاعة الواثقة التي تقولها.

والكلمة الذي يُخطّها الكاتب وتصل في كل مكان قد تُصحح المسار وتُغيِّر الحال، ويمكنك أن تكتب عن أشخاص في ورقتك البيضاء أو تمحهم كما كتبتهم هم أو غيرهم، وتكتب عن آخرين فيتواجدون في ورقتك البيضاء.

تختار في ورقتك البيضاء ما تكتبه؛ فينكتب بالأماكن والحالات والظروف الذي تريد. في ورقتك البيضاء تستطيع أن تُقدِّم الأشخاص أو تؤخرهم، تُبعدهم أو تُقرِّبهم، يُمكنك أن تحركهم أو توقفهم، تمنحهم أو تمنعهم، تستدعيهم أو تصرفهم. يمكنك أن تلغيهم أو تُبقيهم دون أن تُبدي الأسباب فيما كتبت ولماذا كتبت، فهي ورقتك البيضاء وعليها اسمك ورسمك. تكتبهم بخطوط قلمك، تخطهم بجرة قلمك ثم تتركهم هناك؛ حيث أردتهم يتبعون نمط السرد اللغوي.

يمكنك بكتاباتك في صفحتك البيضاء أن تتنقل في الأماكن، تكتب الرحيل فترحل، أو تكتب الحضور فتحضر! فيتحقق ما كتبت على الورق؛ فالقلم قلمك والورقة البيضاء بين يديك دون خوف أو تردد. تخلق عوالمك الكتابية، تختلط بها وتختلط بك تسرح في ملكوتها، ويبقى ما تكتب واقعًا تتفرع منه الأحداث والوقائع والحضور والغياب والذهاب والإياب والبُعد والقرب وما يكون وما لا يكون.

تُفصِّل أدوار الكتابة على مقاسك ومقاسات آخرين تُوجِدْهُم بقلمك فيتواجدون. يذهب أناس ويبقى آخرون، ويأتي أناس آخرون تمنحهم دورًا في ورقتك البيضاء، ممن تريد أن يكونوا في كتاباتك ولا شيء غير مشيئتك الكتابية تكون؛ فيتفاعل الشخوص مع الحالة، والحالة تتفاعل معهم، تتغير أحوالهم وظروفهم وأماكنهم ونفسياتهم وفق ما يخط قلمك. وتصيبهم الحالة بالأعراض الإنسانية التي تنال من واقعيتهم، ويصبحون هم الحالة، والحالة هُم، ويكتب القلم واصفًا وضعهم الذي تَغيَّر وشعورهم الذي تحول وأحوالهم التي تبدلت.

صفحة بيضاء وقلم تكتب عوالم كثيرة لتصبح سردية حياة، ترسم قصتك المختلفة المتنوعة التي تريد.

وإذا أردت أن تُحضِر شخصًا مغمورًا وتُظهِره في كتاباتك لتمنحه الدور الذي أردت دون أن تفسر ذلك في صفحتك البيضاء، فلا أحد سيسألك كيف أتى ومن أين أتى ولماذا أتى؟

وإذا بهذا الذي به أتيت يصبح واقعًا على ورق لأنك جئت به في صفحتك البيضاء، وإذا بمشهده يصبح متحركًا بعد أن كان مُتوقفًا، حاضرًا بعد أن كان غائبًا وظاهرًا بعد أن كان مُتواريًا.

وذلك الحاضر في صفحتك البيضاء إذا أردت أن تُبعده أو تُلغه، فسيُلغى، ولن يُصبح له ذكر أو وجود، وسيختفي ويتلاشى، لأنها ورقتك البيضاء ولك المشيئة الكتابية في كتابة ما فيها.

وأن يكون للمرء ورقة بيضاء يخط عليها كلماته التامات مسؤولية كبيرة لمن يفهمها.. كتابات أزلية ثابتة تبقى في محركات البحث الإلكتروني وسجلات الزمن، بعد أن كانت مجرد ورقة بيضاء ويفنى الإنسان وتبقى الكلمات.

فماذا ستكتب في قادم الأيام؛ فالورقة ورقتك، والقلم قلمك، وروايتك لا بُد أن تسردها حيثما توجد وتكون، هنا أوهناك أو في أي مكان! وأنت وحدك أيها الكاتب من ترسم كتاباتك كما تريد، لتظهر واقعًا مقروءًا، ولا يبقى إلّا ما تخطه يداك ليُكتب على ورقتك البيضاء. وأنت الحقيقي الباقي في المشهد الكتابي، وأنت من لا أحد يستطيع أن ينتزع ذلك منك، فبوركت من مكانةٍ وبورك من قلمٍ.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هند عصام تكتب: كاهن آمون الأكبر ماساهرتا

عودة سريعة لمجريات أحداث الأسرة الحادى والعشرون بعد الانشغال باحتفال أكبر حدث على مر التاريخ المتحف المصري الكبير الذى يضم أقدم وأعظم حضارة فى العالم ، الحضارة المصرية القديمة وبعد الإحتفال مازلنا غارقون نسبح فى بحر معرفة تاريخ مصر الفرعونية القديمة لكي نستكمل قصص وحكايات ملوك وملكات الأسرة الحادى والعشرون ووقع الاختيار على كاهن آمون الأكبر ماساهرتا


هذا الكاهن الذي اختلفت عليه  الآراء بين علماء الآثار في موضوع تولي ماساهرتا وظيفة الكاهن الأكبر لآمون. 


ويجب ألا نخلط بينه وبين سميه ابن حريحور الكاهن الأكبر والملك، فنجد أن بتري قد ذكر ماساهرتا بين أولاد الملك بينوزم الأول، ولكنه في الوقت نفسه لم يخصص له عنوانًا بوصفه كاهنًا أكبر لآمون ؛ وذلك لأنه قد ظن أنه مات قبل والده، وكذلك اعتمد الأستاذ «برستد» على ما جاء في لوحة «مونييه»  فأكد أن ماساهرتا قد مات قبل السنة الخامسة والعشرين من حكم والده الملك بينوزم. والواقع أنه عند هذا التاريخ كان أخوه الأصغر منخبر رع هو الكاهن الأكبر. وقد أبدى نفس هذا الرأي الأثري دارسي حيث يقول: إن بينوزم قد مهد لابنه البكر ليكون ملكًا بعده، ولكن بموته بين السنتين السادسة عشرة، والخامسة والعشرين من حكم والده حل محله كاهنًا أكبر أخوه «منخبر رع».

أما عن ماساهرتا وقصة الوساطه الالهية حيث كان المصريون يستعينون بالكائنات الإلهية للوساطه عند الرب الأعظم آمون
حيث استولي كهنة آمون علي صعيد مصر وأقاموا دولتهم .
ومن الواضح أن الاسم ماساهرتا مشتق من أصل سامى، أو أفريقي معناه «الابن الإله الوحيد».


والواقع أنه قد خلف بينوزم في وظيفة الكاهن الأكبر لآمون ابناه ماساهرتا ، ثم منخبر رع على التوالي. وقد بقي ماساهرتا مجهولًا لنا حتى عُثر على تابوته وموميته في خبيئة الدير البحري. ومن الواضح أنه قد تسمى باسم الابن السابع للفرعون «حريحور»، ولا غرابة فإنه يحدث كثيرًا أن يتسمى الحفيد باسم الجد.

و كان الكاهن الأعظم لآمون خلفا لوالده الكاهن الاعظم بينوزم الأولوكان بديناً ومصاب بأمراض عديده 
تزوج من الملكة تايوهرت
ويلقب على تابوتها: «أوزير» ربة البيت ومغنية «آمون رع» ملك الآلهة «تايوهرت» مرحومة.
وانجب  ابنته استخب والتى  تحمل الألقاب ابنة الكاهن الأكبر «لآمون» الحريم الكبير للإله «مين حورازيس

و وجدت مومياؤه في خبيئة الدير البحري 
ومن آثاره بردية كان كتبها في مرضه الى الاله المحلي 
ويفهم من مضمون الرسالة أن هذا الكاهن الأكبر «لآمون» 
الذي كان يعدُّ أقوى وأعظم إله في البلاد قد التجأ إلى إله محلي
في سقامه هذا، ولا بدَّ إذن أنه كان بينه وبين هذا الإله المحلي صلة تربطه به،
ولا يبعد أن يكون الإله المحلي للكاهن «ماساهرتا»،
يدل على ذلك أنه يقول له: إنه ابنه وطفله، 
وفي الوقت نفسه يتضمن في خطابه الدعاء لأخيه «منخبر رع»،
ومن ثم نعرف أن الأخير كان هو الأخ الوحيد للكاهن «ماساهرتا»،
وهذا ما بقي من الخطاب:
… بن-با-أهي … المرض. كن رحيمًا، ونَجِّهِ وأعد له الصحة، وأبعدْ عنه كل مرض فيه! ليت إله «بن-با-أهي» يرضى وينجي «ماساهرتا»، وليته يعيد إليه الصحة والحياة والعافية والصحة والعمر الطويل ويمنحه شيخوخة عظيمة، ويسمع صوت ماساهرتا ابنه وخلفه. وليته ينجي أخا خادمه هذا ويعيد إليه الصحة ويمنحه ثانية كما منحني  بسبب توسلي  كل شيء طيب فعله لي.
من هذا نري ان الوسيط بين الانسان والاله كان دائما موجودا في عقل وسلوك المصريين عبر كل العصور حتى بعد دخول كل الديانات .
في الديانه المسيحية  يتبركون بالقديسين و وفي الاسلام يتبركون بالاولياء واهل بيت النبي 
كما في الصوفية والطائفة الشيعية وغيرها 
تعلم المصريون من قدمائهم ان الاله يسمح بالواسطه 
من خلال الكائنات الالهية .

وقد وجد لوحة تحتوى على صورتين للإله «آمون» ظهرًا لظهر: الأول يُدعى آمون رع، والثاني آمون  ويلاحظ أن آمون الأخير يتسلم قربانًا من شخص واقف ومعه نقش نعرف منه أنه «ماساهرتا» وهو: عمله الكاهن الأكبر «لآمون رع» ملك الآلهة «ماساهرتا» المرحوم ابن الملك «مري آمون» بينوزم الأول.

والألقاب التي عصرها على تابوته هي إيقاعات عادية يتم خلالها عصرها الكاهن الأكبر «لآمون»، ومعها بعض الأغاني القوية. ولم يتمكن القائد العظيم للجيوش من الوجهين القبلي والبحري أو في الكون بأجمعها، بل كان العملاق الرئيسي للنصر. ولكن على الرغم من هذه الألقاب الطنانة، فإن القليل من الدلالات التي تعنيها شخصية يوحي هي نكرة، إذ لم يقم بدور هام في شؤون العالم في زمنه. والمعتقد أنه مكانه بجوار كان مكانة «بيعنخي» بجوار والده «حريحور»، ذلك أن «بينوزم» عندما تول عرش الملك ترك وظيفة الكهانة الكبرى «لآمون» لابنه «ماساهرتا» كما فعل من قبله «حريحور» مع ابنه «بيعنخيتا»، وبالتالي كان جيد «ماساهر» المكانة الثانية في «طيبة». والظاهر أنه مات في عهد والده.

وقد عُثر على تابوت الكاهن الأكبر «ماساهرتا»، وفيه موميته في بيئة «الدير البحري»، ولُقِّب على تابوت بالكاهن الأكبر «لآمون رع» ملك الآلهة، والقائد الأعلى الكبير في الوجهين القبلي والححري، كما لُقب «أوزير» السيد العظيم لمصر، والكاهن الأول «لآمون رع» ملك الآلهة «ماساهرتا» مرحوم. ورُسم على النسيج الذي صدره الإله «أوزير» بصورة كبيرة بالمداد «أوزير الطيب»، مرتكزًا على علامة الدالة على الغرب، ليبرال ومعها الكلمات: «رب الجبانة». وكان طول المومياء قبل فكها يبلغ حوالي 1.70 ملف متر.

وقد تم فحصها في 30 يونيو سنة ثمانية وثمانين وستة وثمانين، وقد تم تأمين في الحال أن لصوص الأحداث قد سرقوا ما عليها وما معنا من حلى وآثار. وكان «ماساهرتا» ثقيل الجسم بدينًا، وقد ارتخى جلده ووترهل في أثناء التحنيط، وظهرت تجعيد جسد غير دين، ويلاحظ أن الرأس كان غليظًا منتفخًا، حتى إنه لا يشبه في شيء رأس والده «بينوزم».

وقد وجد في خلاصة «الدير البحري» مستخلص جنازية باسم «ماساهرتا» يشبه الذي وجداه لوالده بينوزم.

طباعة شارك امون المتحف المصري الكبير مقالات صدى البلد هند عصام

مقالات مشابهة

  • د. هبة عيد تكتب: الهيبة التي تصنعها الأخلاق
  • حكم الغش ونسبة الأعمال الكتابية إلى غير كاتبيها
  • الدنمارك تريد حظر وصول الأطفال دون ١٥ عاما إلى وسائل التواصل الاجتماعي
  • يديعوت أحرونوت: إسرائيل تسعى لضمانات أميركية تمنحها حرية العمل بقطاع غزة
  • هند عصام تكتب: كاهن آمون الأكبر ماساهرتا
  • بالأرقام والتفاصيل.. كل ما تريد معرفته عن مشروع علم الروم بين مصر وقطر
  • كل ما تريد معرفته عن بطولة كأس السوبر المصري في الإمارات
  • مواصفات وسعر ساعة Pixel Watch 4 من جوجل 2025| كل ما تريد معرفته
  • خبر كالصاعقة.. صلاح عبدالله ينعى الكاتب أحمد عبدالله
  • عدم تحمل الفركتوز الوراثي.. كل ما تريد معرفته عن هذه الحالة الوراثية النادرة؟