جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-11@18:52:39 GMT

المشيئة الكتابية

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

المشيئة الكتابية

 

 

 

صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد

 

ها هي الورقة البيضاء بين يديك لتكتب فيها ما تشاء؛ هي لك في متناولك، اصنع فيها ما تشاء لتخطه على ورق.

حرية الرأي والتعبير مكفولة بالقانون، وهناك مسائل محظورة لا يجب التطرق إليها خارجة عن إطار حرية التعبير؛ لأنها عدوان وتهجم وتجاوز على القانون. ومنها التعدي على الذات الإلهية والذات السلطانية، وأيضًا كل ما من شأنه أن يُعرِّض سلامة الدولة أو أمنها الداخلي والخارجي للخطر، وكذلك المساس بالديانات والأخلاقيات العامة، وغيرها من محظورات واضحة ينص عليها القانون.

وما عدا ذلك، فبإمكان الكاتب أن يُعبِّر عن رأيه في إطار حرية التعبير، وهذا أبسط حقوقه حتى لا يشعر بالاختناق والانحباس الذاتي في بلده.

فماذا يتبقى إذا حصل ذلك، ووسائل النشر متاحة بحركة زر لتصل الكلمة إلى أي مكان وكل مكان دون رقيب؟!

يمكنك أيُّها الكاتب في ورقتك البيضاء أن تكتب عن النَّاس والأماكن والمواقف والحالات والظروف في إطار حرية التعبير؛ لأنك واثق من نفسك، مستقل مكتفٍ بما لديك مُدرك لحقوقك القانونية، لست ضعيفًا مُترددًا حبيس ذاتك؛ بل مُحق حر شجاع كالكلمة الشجاعة الواثقة التي تقولها.

والكلمة الذي يُخطّها الكاتب وتصل في كل مكان قد تُصحح المسار وتُغيِّر الحال، ويمكنك أن تكتب عن أشخاص في ورقتك البيضاء أو تمحهم كما كتبتهم هم أو غيرهم، وتكتب عن آخرين فيتواجدون في ورقتك البيضاء.

تختار في ورقتك البيضاء ما تكتبه؛ فينكتب بالأماكن والحالات والظروف الذي تريد. في ورقتك البيضاء تستطيع أن تُقدِّم الأشخاص أو تؤخرهم، تُبعدهم أو تُقرِّبهم، يُمكنك أن تحركهم أو توقفهم، تمنحهم أو تمنعهم، تستدعيهم أو تصرفهم. يمكنك أن تلغيهم أو تُبقيهم دون أن تُبدي الأسباب فيما كتبت ولماذا كتبت، فهي ورقتك البيضاء وعليها اسمك ورسمك. تكتبهم بخطوط قلمك، تخطهم بجرة قلمك ثم تتركهم هناك؛ حيث أردتهم يتبعون نمط السرد اللغوي.

يمكنك بكتاباتك في صفحتك البيضاء أن تتنقل في الأماكن، تكتب الرحيل فترحل، أو تكتب الحضور فتحضر! فيتحقق ما كتبت على الورق؛ فالقلم قلمك والورقة البيضاء بين يديك دون خوف أو تردد. تخلق عوالمك الكتابية، تختلط بها وتختلط بك تسرح في ملكوتها، ويبقى ما تكتب واقعًا تتفرع منه الأحداث والوقائع والحضور والغياب والذهاب والإياب والبُعد والقرب وما يكون وما لا يكون.

تُفصِّل أدوار الكتابة على مقاسك ومقاسات آخرين تُوجِدْهُم بقلمك فيتواجدون. يذهب أناس ويبقى آخرون، ويأتي أناس آخرون تمنحهم دورًا في ورقتك البيضاء، ممن تريد أن يكونوا في كتاباتك ولا شيء غير مشيئتك الكتابية تكون؛ فيتفاعل الشخوص مع الحالة، والحالة تتفاعل معهم، تتغير أحوالهم وظروفهم وأماكنهم ونفسياتهم وفق ما يخط قلمك. وتصيبهم الحالة بالأعراض الإنسانية التي تنال من واقعيتهم، ويصبحون هم الحالة، والحالة هُم، ويكتب القلم واصفًا وضعهم الذي تَغيَّر وشعورهم الذي تحول وأحوالهم التي تبدلت.

صفحة بيضاء وقلم تكتب عوالم كثيرة لتصبح سردية حياة، ترسم قصتك المختلفة المتنوعة التي تريد.

وإذا أردت أن تُحضِر شخصًا مغمورًا وتُظهِره في كتاباتك لتمنحه الدور الذي أردت دون أن تفسر ذلك في صفحتك البيضاء، فلا أحد سيسألك كيف أتى ومن أين أتى ولماذا أتى؟

وإذا بهذا الذي به أتيت يصبح واقعًا على ورق لأنك جئت به في صفحتك البيضاء، وإذا بمشهده يصبح متحركًا بعد أن كان مُتوقفًا، حاضرًا بعد أن كان غائبًا وظاهرًا بعد أن كان مُتواريًا.

وذلك الحاضر في صفحتك البيضاء إذا أردت أن تُبعده أو تُلغه، فسيُلغى، ولن يُصبح له ذكر أو وجود، وسيختفي ويتلاشى، لأنها ورقتك البيضاء ولك المشيئة الكتابية في كتابة ما فيها.

وأن يكون للمرء ورقة بيضاء يخط عليها كلماته التامات مسؤولية كبيرة لمن يفهمها.. كتابات أزلية ثابتة تبقى في محركات البحث الإلكتروني وسجلات الزمن، بعد أن كانت مجرد ورقة بيضاء ويفنى الإنسان وتبقى الكلمات.

فماذا ستكتب في قادم الأيام؛ فالورقة ورقتك، والقلم قلمك، وروايتك لا بُد أن تسردها حيثما توجد وتكون، هنا أوهناك أو في أي مكان! وأنت وحدك أيها الكاتب من ترسم كتاباتك كما تريد، لتظهر واقعًا مقروءًا، ولا يبقى إلّا ما تخطه يداك ليُكتب على ورقتك البيضاء. وأنت الحقيقي الباقي في المشهد الكتابي، وأنت من لا أحد يستطيع أن ينتزع ذلك منك، فبوركت من مكانةٍ وبورك من قلمٍ.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«مهرجان مسرح الجنوب» يكرم الكاتب الصحفي محمد السيسي

كرمت إدارة المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب، في دورته التاسعة، الكاتب الصحفي محمد السيسي، رئيس التحرير التنفيذي لبوابة الأسبوع، مدير تحرير الإصدار الورقي لجريدة الأسبوع.

وقال الناقد الفني هيثم الهواري، رئيس اتحاد المسرحيين الأفارقة، رئيس المهرجان، إن تكريم الكاتب الصحفي محمد السيسي، يأتي في إطار دوره الإيجابي في دعم المهرجان، من خلال إلقاء الضوء على تجارب شباب المسرحيين في جنوب مصر.

المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب

من جانبه، قال الكاتب الصحفي، محمد السيسي إن مهرجان مسرح الجنوب نجح في إثراء المسرح المصري من خلال دعم شباب الجنوب والاهتمام برعاية المواهب الجادة، وذلك في إطار الدور الكبير الذي تقوم به مؤسسات الدولة لتنمية وإثراء العمل الثقافي في محافظات الصعيد.

مهرجان مسرح الجنوب

يذكر أن فعاليات المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب، انطلقت هذا العام لأول مرة داخل المناطق الريفية بمحافظة قنا، حيث استضافت قرية المراشدة مجموعة من العروض والأنشطة الثقافية، وسط تفاعل لافت من أهالي القرية.

المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب

وأُقيم المهرجان، الذي ترأسه الناقد الفني هيثم الهواري، رئيس اتحاد المسرحيين الأفارقة، خلال الفترة من 15 إلى 20 أبريل الماضي، في دورته التاسعة، التي تحمل اسم الراحلة د.عايدة علام وتحتفي بالمسرح الفلسطيني تحت شعار «المسرح مقاومة»، برعاية عدد من الجهات، من بينها وزارة الثقافة، وزارة الشباب والرياضة، محافظة قنا، إضافة إلى مؤسسات ومبادرات مجتمعية.

وجاءت الفعاليات في قرية المراشدة، ضمن توجه المهرجان لدمج المجتمعات الريفية في الحراك الثقافي، وتوسيع نطاق الوصول إلى الفن المسرحي، خاصة في المناطق النائية والأقل حظًا من الخدمات الثقافية.

اقرأ أيضاًمحافظ قنا يشهد انطلاق فعاليات المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب

7 ورش تدريبية في الدورة التاسعة من المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب

مقالات مشابهة

  • بدء حفل تأبين الكاتب الراحل عادل درة بنقابة الصحفيين
  • حرية التعبير بين الحق والاختبار المجتمعي
  • هند عصام تكتب: الملك والذباب
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 52
  • كريمة أبو العينين تكتب: سرقة السعادة
  • إلهام أبو الفتح تكتب: الإيجار القديم بين العدالة والإنسانية
  • فتاة تبكي من شدة سعادتها بتوقيع الكاتب أسامة المسلم.. فيديو
  • «مهرجان مسرح الجنوب» يكرم الكاتب الصحفي محمد السيسي
  • واشنطن تؤكد: إيران لا تريد امتلاك أسلحة نووية
  • مصر ترحب بوقف إطلاق النار في اليمن وتأمل أن ينعكس إيجابا على حرية الملاحة