حمد الصبحي

المستقبل لا يحده زمان ولا مكان، فهو أشبه بأصابع تحفر في الحجر، ليخرج الماء، المستقبل أمل محشو بالخطوات، هذه الخطوات التي تسبق الظل.

تخيّل شابًا عمانيًا أنهى دراسته الجامعية، يحمل بين يديه شهادة أكاديمية وكمًّا من الطموحات، لكنه يتساءل: هل تكفي هذه الشهادة وحدها لتفتح له أبواب سوق العمل؟ هنا يأتي مشروع الاعتماد المهني ليكون الجواب، وليمنحه أداة رسمية تعترف بمهاراته وتؤكد كفاءته وتجعله أكثر استعدادًا للمنافسة.

هذه ليست قصة فردية، بل هي صورة لمُستقبل سوق العمل في عُمان الذي دخل مرحلة جديدة مع تدشين وزارة العمل في مايو 2025 الاستراتيجية الوطنية للمعايير المهنية، إيذانًا بانطلاق رحلة وطنية هدفها الارتقاء بالموارد البشرية وتنظيم المهن بما يخدم الاقتصاد ويحقق رؤية "عُمان 2040".

الاعتماد المهني ليس مجرد إجراء إداري؛ بل هو تحول ثقافي وفكري في مفهوم العمل ذاته، فهو يربط التعليم بسوق العمل، ويجعل من المهارة والكفاءة معيارًا أساسيًا، ويحمي المهن من الممارسات غير المؤهلة، ويمنح الأفراد شعورًا بالفخر والاعتزاز بمكانتهم المهنية. إنه ببساطة شهادة ثقة لكل من يعمل بجدارة، ورسالة طمأنة للمجتمع وأصحاب الأعمال بأن ما يقدم لهم من خدمات وأداء يستند إلى معايير واضحة وموثوقة.

وقد انطلقت وزارة العمل بخطوات مدروسة، بدءًا من دراسات معمقة لسوق العمل العُماني بالتعاون مع وحدات المهارات القطاعية والجهات الأكاديمية والخاصة، وصولًا إلى صياغة معايير مهنية وطنية تحدد بوضوح المعارف والقدرات والمهارات المطلوبة لكل مهنة. ومن ثم جاء التطبيق العملي في 4 قطاعات حيوية تمثل عصب الاقتصاد الوطني: الطاقة والمعادن، واللوجستيات، والهندسة، والمحاسبة والمالية والتدقيق. وقد شهدت المنصات الإلكترونية للتسجيل إقبالًا واسعًا، يعكس حالة الوعي المجتمعي المتنامي بأهمية المشروع، فيما أشادت الشركات والمؤسسات باعتباره خطوة جوهرية لضبط التوظيف وتطوير الكفاءات ورفع الإنتاجية.

ولأنَّ الطموح لا يعرف حدودًا، تتجه الوزارة في المرحلة المقبلة إلى قطاع الصناعة باعتباره قطاعًا واعدًا، على أن تشمل الخطة قطاعات أخرى مثل السياحة وتكنولوجيا المعلومات والخدمات، لتبني منظومة متكاملة تجعل من الاعتماد المهني قاعدة راسخة لسوق عمل منظم ومستدام.

اليوم، ومع كل شهادة اعتماد تُمنح لعُماني أو عُمانية، تتجدد الثقة بأن عُمان تمضي في الطريق الصحيح نحو إعداد جيل من المهنيين القادرين على مواجهة تحديات العصر والمنافسة في أوسع الساحات. إنَّ مشروع الاعتماد المهني ليس وثيقة تُعلق على الجدار؛ بل ثقافة جديدة، ومعيار جودة، وخطوة ثابتة نحو مستقبل لا يقبل إلّا بالكفاءات الحقيقية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

صحة الشرقية تنظم أول رحلة ترفيهية للعاملين دعمًا لروح الانتماء

 نظمت إدارة العلاقات العامة بمديرية الشؤون الصحية في محافظة الشرقية أول رحلة ترفيهية للعاملين إلى محافظة بورسعيد، بدعم من الصندوق المالي المخصص لذلك بالمديرية، وذلك في إطار اهتمام الدولة برفع الروح المعنوية للعاملين بالقطاع الصحي، وحرص المديرية على تعزيز روح الولاء والانتماء بين فرق العمل المختلفة.

جاءت هذه المبادرة في ظل توجه المديرية إلى دعم التواصل الإنساني والاجتماعي بين العاملين، وخاصة الفرق التي تبذل جهودًا متواصلة في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين على مدار الساعة، حيث استهدفت الرحلة إلى توفير يوم ترفيهي يساعد على تجديد النشاط ورفع المعنويات تقديرًا لدورهم الحيوي في تطوير المنظومة الصحية بالمحافظة.

وقدمت إدارة العلاقات العامة والعاملون المشاركون في الرحلة بخالص الشكر والتقدير للدكتور أحمد البيلي، وكيل وزارة الصحة بالشرقية، على دعمه وموافقته على تنفيذ هذه المبادرة الأولى من نوعها داخل المديرية، معربين عن تقديرهم لاهتمامه بالعاملين وحرصه الدائم على توفير بيئة عمل محفزة تقوم على التقدير والاحترام المتبادل.

وأكد الدكتور أحمد البيلي، وكيل وزارة الصحة بالشرقية، أن العاملين بالقطاع الصحي يمثلون الركيزة الأساسية لتقديم الخدمات الطبية للمواطنين، وأن الاهتمام بالجوانب النفسية والاجتماعية للعاملين يُعد جزءًا لا يتجزأ من خطة التطوير التي تتبناها المديرية لتحسين بيئة العمل ورفع كفاءة الكوادر البشرية. 

وأوضح أن دعم العاملين وتقدير جهودهم ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى في جميع المنشآت التابعة للمديرية.

من جانبه، أوضح محمود عبد الفتاح، مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بالمديرية، أن الرحلة شهدت تفاعلًا كبيرًا من المشاركين وأجواء من الألفة والتعاون بين الزملاء، مما يعزز روح الفريق الواحد داخل القطاع الصحي بمحافظة الشرقية. وأشار إلى أن برنامج الرحلة تضمن فقرات متنوعة ومسابقات ثقافية وترفيهية، إلى جانب تقديم وجبات إفطار وغداء في أجواء مميزة نالت إعجاب جميع المشاركين، الذين عبروا عن سعادتهم بهذه اللفتة الطيبة من قيادة المديرية واهتمامها المستمر بالعاملين.

ولفت وكيل وزارة الصحة إلى أن المديرية مستمرة في تبني مثل هذه الأنشطة الاجتماعية لما لها من أثر إيجابي في تحسين بيئة العمل وتحفيز العاملين على تقديم المزيد من الجهد والعطاء لخدمة المرضى والمواطنين بمحافظة الشرقية، مشيرًا إلى أن الاهتمام بالعنصر البشري هو أساس نجاح المنظومة الصحية.

مقالات مشابهة

  • حسين الشيخ يتحدث عن مستقبل غزة والقوة الدولية
  • صحة الشرقية تنظم أول رحلة ترفيهية للعاملين دعمًا لروح الانتماء
  • العمل في إسبوع.. تمكين ذوي الهمم.. ضبط سوق العمل.. تطوير التدريب المهني
  • دراسة إسرائيلية: مستقبل غزة سيُحسم في تركيا ودول خليجية بارزة
  • الغيرة والحسد المهني أمراض سامة في بيئة العمل
  • «كاستنج جامعات».. Watch it تبدأ رحلة البحث عن مواهب جديدة
  • واشنطن تضيف النحاس والفحم المعدني لقائمة المعادن الاستراتيجية لتقليل الاعتماد على الصين
  • «GInI» يمنح التعليم العالي شهادة «المنظمة الحكومية المبتكرة المعتمدة»
  • حلقة عن الوعي المهني ودعم بيئة العمل بشمال الباطنة