لجريدة عمان:
2025-11-08@18:00:08 GMT

تحليل :هل عادت التجارب النووية؟

تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT

تحليل :هل عادت التجارب النووية؟

واشنطن"د ب أ": أشارت الباحثة اندريا ستريكر إلى تصريحات كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومدير وكالة الاستخبارات الأمريكية جون راتكليف التي أفادت بأن خصوم أمريكا يجرون تجارب نووية على مستوى منخفض ويحصلون على ميزة على الولايات المتحدة في تحديث ترساناتهم. وقالت ستريكر ، هي نائبة مدير برنامج منع الانتشار والدفاع البيولوجي وزميلة باحثة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، إن الولايات المتحدة تعتبر هذه التجارب من جانب روسيا والصين انتهاكا للوقف الطوعي للتجارب النووية ذات العائد الصفري الذي التزمت الدول التي تملك أسلحة نووية بالتقيد به منذ حقبة تسعينيات القرن العشرين.

وفي رد جزئي على الأقل ،أعلن الرئيس الأمريكي في 29 أكتوبرعن تجارب نووية أمريكية جديدة. وبينما يمكن أن يمثل إعلان ترامب تغييرا جذريا في موقف الولايات المتحدة، فإن الأنباء عن الأعمال السيئة من جانب موسكو وبكين ليست بالشئ الجديد. وأشارت تقارير وتقييمات الحكومة الأمريكية منذ عامي 2019 و2020 على الأقل، على التوالي، إلى أنه من المرجح أن روسيا والصين تقومان بتجربة أسلحة نووية على مستوى منخفض ، بما يتطابق مع النتائج الأخيرة التي توصلت إليها وكالة المخابرات المركزية. ومن ثم ،أوضح وزير الطاقة كريستوفر رايت أن التجارب الأمريكية لن تشمل تجارب مشابهة على مستوى منخفض، تتضمن تفاعلات نووية متسلسلة وتنفجيرات قصيرة أو مستمرة . ومع ذلك، يبدو أن روسيا تأخذ إعلان ترامب على محمل الجد. وفي الخامس من نوفمبر الجاري ، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المسؤولين بإعداد خيارات لاختبار الأسلحة النووية التي لدى موسكو . ونظرا لأنه يبدو أنه لم يتم حسم هذه المسألة ــ التي تثير اضطرابا بين خصوم الولايات المتحدة وحلفائها على حد سواء ــ فإنه يجب على الولايات المتحدة أن توضح ما إذا كانت تتحول صوب التخلي عن التزامها القائم على مدار أكثر من ثلاثة عقود بالامتناع عن التجارب النووية منخفضة المستوى.

وياتي هذا الارتباك من منشور لترامب في 29 أكتوبرالماضي على موقع "تروث سوشيال"، قال فيه" بسبب برامج الدول الأخرى الخاصة بالاختبارات ، أصدرت تعليماتي لوزارة الحرب بالبدء في اختبار أسلحتنا النووية على قدم المساواة"، في إشارة بصفة خاصة إلى الأنشطة النووية التي تقوم بها روسيا والصين.

وفي مقابلة مدتها 60 دقيقة، أوضح ترامب أنه بينما يفضل "نزع السلاح النووي" - مشيرا على الأرجح إلى تخفيضات في حجم الأسلحة النووية - فإنه لا يريد أن تكون الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي لا تجري تجارب. وقال ترامب : "روسيا تجرى تجارب والصين تجري تجارب، لكنهما لا تتحدثان عن ذلك ". وأضاف: "إنهما تجريان تجاربهما تحت الأرض، حيث لا يعلم أي شخص ما يحدث بالضبط"، كما حدد كل من باكستان وكوريا الشمالية كدولتين تجريان مثل هذه التجارب. وأكد على أنه يتعين على الولايات المتحدة أيضا أن تجرى تجارب على الأسلحة النووية لضمان قدرتها وفعاليتها.

ونظرا لآنه لم تجر أي دولة سوى كوريا الشمالية تجارب نووية على نطاق واسع منذ حقبة تسعينيات القرن الماضي، فإن من المرجح أن ترامب كان يشير إلى تجارب سرية تحت الأرض، منخفضة الطاقة ، تحدث تفاعلا نوويا متسلسلا قصيرا أو مستمرا، وانفجارا ضئيلا، وهو ما أكده راتكليف على ما يبدو.

ومن غير المرجح أن يتم اكتشاف هذه التجارب من خلال الشبكة العالمية لأجهزة الاستشعار الزلزالي وغيرها من أجهزة الاستشعار المصممة لرصد الانفجارات النووية وتطبيق معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية المبرمة عام .1996

ومن بين الدول الخمس المعروفة بامتلاكها أسلحة نووية، وقعت الولايات المتحدة والصين على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، لكنهما لم تصادقا عليها، بينما صادقت عليها روسيا ثم سحبت مصادقتها عام .2023 وصادقت المملكة المتحدة وفرنسا بالكامل على المعاهدة؛ ومع ذلك، ونظرا لعدم كفاية المصادقات ، بما في ذلك مصادقات الدول المسلحة نوويا في الواقع ودول أخرى، فإن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لم تدخل حيز التنفيذ بعد. وبموجب بروتوكول عام 1990 لمعاهدة حظر التجارب النووية، يتعين على روسيا والولايات المتحدة أيضا إخطار كل منهما الأخرى والسماح بالتحقق من أنشطة تجارب التفجير النووي . وقال وزير الطاقة رايت في الثاني من نوفمبر، في إشارة إلى اختبارات التصميمات النووية الأمريكية الحديثة: "إن الاختبار الذي سنجريه سيتم على أنظمة جديدة".

وأضاف: "هذه ليست انفجارات نووية، بل ما نسميه انفجارات غير حرجة، أي أننا نختبر جميع الأجزاء الأخرى من السلاح النووي للتأكد من فعاليتها". ولن تتجاوز مثل هذه الاختبارات من الناحية الظاهرة عتبة اختبارات العائد الصفري الأمريكية الحالية. ولكن بدلا من ذلك سوف تهدف إلى ضمان فعالية وسلامة المخزون النووي الأمريكي مع المتفجرات بدون إحداث تفاعل متسلسل و انفجار نووي، على عكس ما تشتبه واشنطن في أن بكين وموسكو تقومان به وتعتمد الولايات المتحدة على أجهزة الكمبيوتر العملاقة، وعمليات المحاكاة، وغيرها من الأساليب التجريبية لإجراء مثل هذه الاختبارات ذات العائد الصفري. وهناك نقاش طويل الأمد داخل مؤسسة الأمن القومي الأمريكية حول مزايا استئناف التجارب النووية منخفضة المستوى، كما يفعل الخصوم، مقابل الحفاظ على وقف التجارب النووية ذات العائد الصفري لمنع تصعيد التجارب العالمية. ويسعى مؤيدو الاختبارات النووية منخفضة المستوى إلى مواكبة البيانات الخاصة بالرؤوس الحربية التي يمتلكها الخصوم لتعزيز الترسانة النووية الأمريكية المتقادمة وتعزيز قوة الردع. وعلى سبيل المثال، اعترفت الأكاديمية الوطنية للعلوم في تقرير صدر عام 2002 بأنه بأنه رغم أن التجارب النووية ليست جوهرية ، يمكن أن يكون الاختبار بمثابة شهادة على "أداء التصاميم الجديدة على مستوى الثقة المرتبطة بالأسلحة المخزونة حاليا".

ومع ذلك، أكدت الإدارة الوطنية للأمن النووي في الولايات المتحدة ثقتها في أن التقنيات التكنولوجية الأمريكية واكبت التقدم لضمان موثوقية الترسانة النووية ــ بما في ذلك التصاميم الأحدث ــ دون إجراء تجارب نووية تتجاوز العائد الصفري.

وعلاوة على ذلك، فإن الصين، التي أجرت أقل من 50 تجربة قبل وقف التجارب النووية في حقبة تسعينيات القرن الماضي - مقارنة بأكثر من 700 تجربة أجرتها روسيا و1000 تجربة أجرتها الولايات المتحدة - ولديها خطة طموحة للتحديث النووي، سوف تستفيد أكثر من غيرها من التجارب النووية المفتوحة منخفضة المستوى. وسوف تتكلف التجارب الأمريكية مئات الملايين إلى عدة مليارات وسط التأخيرات الطويلة والمكلفة في التحديث النووي الأمريكي. ونظرا لأن مسألة التجارب النووية تؤجج التوترات بالفعل، ينبغي على وزارة الطاقة أن تستمر في توضيح المعايير الفنية للتجارب الأمريكية الجديدة، وما إذا كانت الإدارة تعتزم التخلي عن سياسة العائد الصفري. وترى ستريكر أنه يجب على واشنطن تبرير الفوائد الفنية لاستئناف التجارب على مستوى منخفض مقابل المخاطر للوقف العالمي للتجارب ، بما في ذلك احتمال التسبب في إنطلاق تجارب واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم وزيادة انتشار الأسلحة النووية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأسلحة النوویة للتجارب النوویة التجارب النوویة على مستوى منخفض تجارب نوویة نوویة على

إقرأ أيضاً:

لماذا تلوّح موسكو باستئناف التجارب النووية؟

موسكو- في مؤشر جديد على تعمُّق الأزمة بين روسيا والغرب، جاء قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إمكانية بدء العمل للتحضير لتجارب الأسلحة النووية، بعد أسبوع من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ستبدأ تجاربها النووية "فورا".

وجاءت تصريحات بوتين بعد أن اقترح وزير الدفاع أندريه بيلوسوف، خلال جلسة لمجلس الأمن الروسي، الاستعداد لإجراء تجارب نووية شاملة في نوفايا زيمليا، وهو أرخبيل روسي في المحيط المتجمد الشمالي.

وأكد الوزير الروسي، أن ما وصفها بـ"تصرفات" واشنطن تشير إلى حشد نشط للأسلحة الهجومية الإستراتيجية الأميركية وأن قواتها أجرت تدريبات للتحضير لضربة نووية استباقية ضد روسيا.

منعطف جديد

وبالرغم من مسارعة المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إلى التوضيح بأن بوتين لم يُصدر أمرا بالتحضير لتجربة نووية؛ بل كان الهدف هو "دراسة مدى صواب بدء التحضيرات لمثل هذه التجارب"، إلا أن تجدد الخطاب المُتعلق بتجارب الأسلحة النووية بين موسكو وواشنطن يشكل في كل الأحوال منعطفا جديدا في الأزمة بين روسيا والغرب، لا سيما في بعدها النووي.

ولم تُجرِ روسيا أيّ تجربة نووية شاملة طوال تاريخها ما بعد الاتحاد السوفياتي (آخرها كان عام 1990)، ولم تُجرِ الولايات المتحدة مثل هذه التجارب منذ عام 1992، والصين منذ عام 1996.

وتكمن خطورة العودة لإجراء التفجيرات النووية في أنها قد تفكّ التجميد الفعلي للتجارب النووية التفجيرية المُطبّق منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، ما يُهدد بنشوء دورة من الفعل ورد الفعل قد تشمل دولا أخرى مُسلحة نوويا.

كما أنها قد تُقوّض إطار معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، حتى في غياب التصديق الرسمي من الأطراف الرئيسية.

ووفق مراقبين، يُشكل موقف بوتين أحدث إشارة على أن الدولتين اللتين تمتلكان أكبر ترسانة نووية في العالم تقتربان من مرحلة قد تؤدي إلى تصعيد حاد في التوترات الجيوسياسية، وأن استئناف أي من القوى النووية للتجارب النووية سيثير رد فعل مماثلا من دول أخرى.

إعلان

كما يأتي في وقت تدهورت فيه العلاقات بين موسكو وواشنطن بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة منذ أن ألغى ترامب "المحبَط" من عدم إحراز تقدم في محادثات السلام الأوكرانية، قمة مقررة في بودابست وفرض عقوبات جديدة على موسكو.

صاروخ باليستي روسي عابر للقارات أثناء إطلاقه أخيرا ضمن مناورة عسكرية للقوات النووية الروسية (رويترز)إحياء سباق التسلح

حسب المختص في العلاقات الدولية، ديميتري كيم، فإن قرار بوتين بتقييم جدوى إجراء تجارب نووية لم يكن مفاجئا للغرب، "لأن روسيا دائما ما ترد بالمثل".

ويوضح للجزيرة نت، بأن روسيا أجرت آخر تجاربها النووية عام 1990 في موقع تجارب نوفايا زيمليا، ومنذ ذلك الحين استمر استخدامه، ولكن لاختبار إطلاق أسلحة أخرى.

ويتابع بأنه في حال قررت روسيا إجراء تجارب نووية جديدة، سيتطلب الأمر بذل جهود كبيرة لتجهيز موقع التجارب النووية مرة أخرى، لكنه يشير إلى أن الأميركيين أيضا سيحتاجون إلى وقت أطول بكثير لإعادة ترميم موقع تجارب نيفادا، الذي أصبح في حالة سيئة، حسب قوله.

ووفقا للمتحدث ذاته، فإن تصريح ترامب، حتى لو كان مجرد خدعة، فإنه سيدفع الكرملين لأخذه على محمل الجد والبدء على الأقل بالأعمال التحضيرية، حتى لا يأتي الرد الروسي متأخرا.

كما أنه إذا تقرر إجراء التجارب النووية في نوفايا زيمليا، فإن الظروف المناخية هناك معقدة للغاية، ولا يمكن العمل على إعداد التجارب النووية إلا لبضعة أشهر سنويا.

علاوة على ذلك، يؤكد الخبير كيم أن تصريحات ترامب بأن بلاده ستبدأ تجاربها النووية "على الفور"، لن تُعزز فقط مواقف روسيا والصين على الساحة الدولية، بل ستدفع العالم لأن يجد نفسه منجرفا إلى مرحلة جديدة من سباق التسلح.

سيناريوهات الفعل والرد

من جانب آخر، يتوقع محلل الشؤون العسكرية، يوري كنوتوف، أن تزداد الضغوط على ترامب داخل الولايات المتحدة، إذ يدرك كثيرون داخل النخبة السياسية الحاكمة في واشنطن خطورة هذا المسار.

ويضيف للجزيرة نت، أنه إذا بدأت أميركا تجارب واسعة النطاق، وحذت روسيا حذوها، فإن نظام وقف التجارب النووية قد ينهار بأكمله.

وحسب اعتقاده، فإن إعلان الولايات المتحدة عن تجارب أسلحة نووية قد يكون لها عدة سيناريوهات:

اختبار مركبات الإطلاق فقط، وهذه المشكلة ستتلاشى بمرور الوقت. اختبار الرؤوس الحربية باستخدام محاكاة حاسوبية، دون إجراء انفجارات واسعة النطاق في موقع الاختبار. في هذه الحالة، سيحدث أيضا تهدئة. والخيار الثالث هو إجراء تجارب فعلية، وفي هذه الحالة، سيتطلب الأمر ردا متكافئا.

ويخلص المحلل كنوتوف إلى أن ترامب يُعرف بتذبذبه وميله إلى التصريحات المتطرفة، وعليه، قد يتجلى الموقفان الروسي والأميركي بوضوح أكبر في غضون بضعة أسابيع أو أشهر.

مقالات مشابهة

  • عاجل. لافروف: موسكو تتحرّك بناءً على توجيهات بوتين لبحث إمكانية إجراء تجارب نووية
  • موسكو: تصريحات ترامب حول تجارب الأسلحة النووية خطيرة للغاية
  • يجب أن نكون مستعدين.. روسيا تحذر من عواقب استئناف التجارب النووية الأمريكية
  • موسكو: تصريحات ترامب حول تجارب الأسلحة النووية «خطيرة للغاية»
  • لماذا تلوّح موسكو باستئناف التجارب النووية؟
  • ردًا على ترامب.. بوتين يأمر بالاستعداد لإجراء تجارب نووية
  • مدفيديف: لا أحد يعلم ما قصده ترامب بـ”التجارب النووية” وربما هو نفسه لا يعلم
  • مدفيديف: تصريحات ترامب عن “التجارب النووية” غامضة وربما هو نفسه لا يعرف
  • ردا على واشنطن.. موسكو تؤكد استعدادها لإجراء تجارب نووية