يعقد في كل عام في جامعة رايخمان في هرتسيليا – وهي الجامعة الخاصة الوحيدة في إسرائيل – مؤتمرٌ سياسيّ وأكاديميّ، يشارك فيه كبار السياسيين والأكاديميين الإسرائيليين، إلى جانب ضيوف من خارج البلاد لهم علاقة بالمواضيع المطروحة على أجندة المُؤتمر.

انعقد يومَي 24 و25 يونيو/حزيران 2024م المؤتمر الـ 21 تحت عنوان: "على طريق المفاجآت الإستراتيجية".

كما يشير العنوان، تمحورت الندوات والمحاضرات السياسية والأكاديمية حول قراءة واستقراء مستقبل إسرائيل في ظلّ الإخفاق الإسرائيلي يوم 7 أكتوبر/تشرين الأوّل، وما تلاه حتى انعقاد المؤتمر.

كما تمحورت النقاشات حول المرحلة المقبلة، خاصة محاولة فهم الإشكاليات والمعضلات التي تواجهها إسرائيل إثر تدهور علاقاتها الخارجية، والتنافر مع الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى إمكانات التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، واحتواء الأزمة مع حزب الله، أو فتح جبهة قتال واسعة قد تؤدي إلى حرب إقليمية تشارك فيها عدة جهات.

أهمية إعلامية

اكتسب المؤتمر الواحد والعشرون – كما العديد من المؤتمرات السابقة – أهمية إعلامية واسعة لمشاركة أصحاب القرار أو المقربين منهم في أعمال المؤتمر. وخلال يومَي المؤتمر، وفّرت بعض المحاضرات والنقاشات مادة إخبارية دسمة تناولتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية؛ لما لأقوالهم من أهمية في فهم وتحليل المشهد العام لجبهات القتال حاضرًا ومستقبلًا.

ومن بين المحاور الهامة، برز المحور العسكري والسياسي الذي تمحور حول إمكانات حدوث مفاجآت مستقبلية شبيهة بمفاجأة 7 أكتوبر/تشرين الأول. كما برز محور العلاقات المستقبلية مع الولايات المتحدة، وطرح سؤال النقاش: هل تستطيع إسرائيل العيش دون دعم الولايات المتحدة؟ وتلاه محور الملفّ النووي الإيراني، النظام العالمي، النظام الإقليمي وموقع إسرائيل، وملف اللاسامية، والمخطوفين والأمن الداخلي، وغيرها من القضايا.

وقد غابت عن أجندة المؤتمر قضية الاحتلال والاستيطان. وغياب هذا الملف الرئيسي يوضح الهروب الإستراتيجي الإسرائيلي من مواجهة لبّ الصراع، وعدم مواجهة الأكاديميا والسياسة للقضية التي تسببت في التناقضات داخل المجتمع الإسرائيلي، لذا غاب عن النقاش كل صوت يساري أو قريب من اليسار يطرح قضية إنهاء الاحتلال بصفتها القضية الأولى لإسرائيل والتي نتجت عنها عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول.

اكتسب حديث غادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق وعضو مجلس الحرب حتى استقالته قبل حوالي أسبوعَين، أهميةً خاصة، حيث كان في مركز القرار خلال وجود حكومة الطوارئ في إسرائيل. وبعد أن تحدث عن أسباب عدم إتمام صفقة التبادل مع حماس؛ بسبب مواقف رئيس حكومة إسرائيل الرافضة لإنهاء الحرب والذي يغير مواقفه حسب رغبة سامعيه وحسب مصالحه السياسية الشخصية، انتقل للحديث عن المستقبل الإستراتيجي لإسرائيل، ووجّه سؤالًا للسياسيين الإسرائيليين: "هل تقبلون أو ترفضون مبادرة السلام العربية لإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي والإسرائيلي – الفلسطيني؟".

يعتقد آيزنكوت أن السؤال الجوهري الذي يجب أن يشغل كل إسرائيلي وكل سياسي إسرائيلي، هو هذا السؤال الذي إذا قبلته إسرائيل، فسيتغير وجه المنطقة، وتبدأ مسيرة إستراتيجية جديدة في الشرق الأوسط، وضمنها إسرائيل.

خطوة جريئة

وفي خطوة جريئة وخارجة عن المألوف، وضع آيزنكوت المرآة أمام مجتمع يتّجه أكثر نحو اليمينية وحكومات أكثر تطرفًا تتبنّى سياسة العدوان والاحتلال والاستيطان بدلًا من قبول عرض السلام العربي، وإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة منذ 5 يونيو/حزيران 1967.

وشارك كذلك المفتّش العام للشرطة الإسرائيليّة، الذي تحدّث عما خشي الحديث عنه خلال فترة خدمته قبل أن يتخلّى عنه الوزير اليميني المتطرف بن غفير. هذا المفتش، المتهم بالتواطؤ مع وزيره ضد المتظاهرين وضد المواطنين الفلسطينيين، تحدّث عن وجوب استقلال الشرطة، ومنع إخضاعها لنزوات الوزير، حيث يجب أن تصون حريات المواطنين. تجاهل أنه داسَ على هذه القيم عندما خدم لمدة سنتَين تحت قيادة الوزير بن غفير.

وفي قضية عدم تحرير المخطوفين الإسرائيليين، دار نقاشٌ بين المشاركين في الندوة حول ما إذا كانت دولة إسرائيل قد نقضت "الاتّفاق بينها وبين مواطنيها". ووفقًا لهذا النقاش، فإن إسرائيل تعهّدت لمواطنيها بإنقاذهم من أي مأزق يتعرضون له أثناء تقديم أرواحهم للدفاع عن دولتهم. وحسب النقاش، فإن إسرائيل نقضت هذا التعهد، مما جعل المواطنين في حِلّ من عهدهم، ويحق لهم عدم الخدمة في جيش دولتهم. المسؤول عن هذا النقض مباشرة هو رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي فضل مصلحته الخاصة على مصلحة المواطنين وخاصة المخطوفين.

وفي هذا الملفّ، برزت نقطة نقاش حامية تزامنت مع قرار المحكمة العليا بوجوب تجنيد اليهود الحريديم، ومشاركتهم في تحمّل الأعباء أسوة بباقي اليهود. تشكّل هذه القضية محورًا أساسيًا في المجتمع الإسرائيلي، حيث يرفض الحريديم التخلّي عن نهج حياتهم الديني، ومعارضة الانخراط في مؤسّسات الدولة العلمانية. بعضهم رفع شعار: "نموت ولا نخدم في الجيش" أو "نرحل ولا نخدم"، وعدم التوصل لحلّ يرضي قيادات الحريديم الدينية والسياسية بالضرورة، سيطيح بحكومة نتنياهو، كما لم تستطع مواضيع أكثر حراجة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

رويترز: الإدارة الأمريكية تحذر الدول الأخرى من المشاركة في المؤتمر حول إسرائيل وفلسطين بنيويورك

أفادت وكالة "رويترز" بأن واشنطن تحث الدول الأخرى على عدم المشاركة في المؤتمر حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يراد منه تفعيل حل الدولتين، والمزمع عقده بمقر الأمم المتحدة.

وأشارت "رويترز"، يوم الأربعاء، إلى أن الولايات المتحدة وجهت مذكرة دبلوماسية إلى حكومات أخرى، أمس الثلاثاء، جاء فيها أن واشنطن ستنظر إلى الدول التي قد تتخذ ما وصفته بـ "الخطوات المعادية لإسرائيل" في أعقاب المؤتمر، على أنها تعمل ضد مصالح السياسة الخارجية الأمريكية، وقد تواجه عواقب دبلوماسية في هذا الصدد.

وقالت المذكرة، التي اطلعت عليها "رويترز": "نحث الحكومات على عدم المشاركة في المؤتمر الذي نراه غير بناء بالنسبة للجهود المستمرة الرامية إلى إنقاذ الأرواح لإنهاء الحرب في غزة وتحرير الرهائن".

وأضافت: "تعارض الولايات المتحدة أي خطوات للاعتراف بدولة فلسطينية مفترضة، ما يزيد من العقبات القانونية والسياسية الملموسة وقد يمارس الضغط على إسرائيل خلال الحرب، وبالتالي يدعم أعداءها".

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة "تعارض الدعم الضمني من جانب المؤتمر للخطوات المحتملة مثل المقاطعة أو عقوبات ضد إسرائيل، إضافة إلى إجراءات عقابية أخرى".

يذكر أن المؤتمر الذي من المقرر عقده الأسبوع المقبل في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، تم تنظيمه من قبل فرنسا والسعودية، اثنين من أبرز حلفاء الولايات المتحدة. ويهدف المؤتمر إلى وضع خارطة طريق لقيام الدولة الفلسطينية مع ضمان المصالح الأمنية لإسرائيل.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد تحدث في وقت سابق حول أن فرنسا قد تعلن اعترافها بدولة فلسطين قريبا، الأمر الذي أثار احتجاجا شديد اللهجة من جانب إسرائيل، التي استنكرت المؤتمر أيضا، معتبرة أنه يشكل "مكافأة" لحركة "حماس".

مقالات مشابهة

  • رويترز: الإدارة الأمريكية تحذر الدول الأخرى من المشاركة في المؤتمر حول إسرائيل وفلسطين بنيويورك
  • واشنطن للمشاركين في مؤتمر حل الدولتين: أي خطوة ضد إسرائيل ستكون لها عواقب
  • ما الذي يزعج أميركا من تقارب بريطانيا والصين؟
  • متحدث فتح: نسعى بكل ما نستطيع لإنقاذ الشعب الفلسطيني ووقف الحرب على غزة
  • خبير في الشؤون الإسرائيلية: إسرائيل تستعد لهجوم واسع على إيران
  • احتجاجات أميركا في عيون العرب.. ما الذي يحدث في لوس أنجلوس؟
  • مؤتمر الطوارئ الطبي بصحم يؤكد على أهمية تحديث المعرفة السريرية
  • ما هو النموذج الليبي الذي تريد إسرائيل تطبيقه مع إيران؟
  • الجزيرة تدين الهجوم الإسرائيلي على السفينة مادلين
  • أسعد أبو شريعة.. من هو القائد المقاوم الذي اغتالته إسرائيل في غزة؟