شرور الديكتاتورية وترياق الأدب.. رحيل كاتب ألبانيا الكبير إسماعيل قدري
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
توفي صباح اليوم الاثنين الكاتب والأديب الألباني الكبير إسماعيل قدري، عن 88 عاما، بحسب ما أفادت الدار الناشرة لأعماله ومستشفى تيرانا بالعاصمة الألبانية.
وأقام الروائي الألباني الراحل، المحاور الأساسية لإبداعه الروائي على ثلاثية: محاربة الدكتاتورية الشمولية، واستقراء تاريخ وتراث البلقان وألبانيا -التي حكمها نظام الزعيم الشيوعي أنور خوجة لـ4 عقود بقبضة من حديد- بوجه خاص، والتنديد ببشاعة الجريمة السياسية المرعبة.
ولم ينفرد الأديب الراحل بمضمون يزداد صدقية من يوم لآخر فحسب، بل أغنى الإبداع الروائي بقالب شاعري قائم على توليفة الأسلوب التراجيدي والكوميدي، والتوظيف المدهش للميثولوجيا الإغريقية وللدراما الشكسبيرية، وعرف عنه قوله عن صاحب ماكبث وهاملت وعطيل "لو عاش شكسبير زمن الشمولية الشيوعية لما جعل من ممالك أسكتلندا والدانمارك مصدرا لكتاباته عن الجريمة السياسية".
وأعلنت إدارة مستشفى أنّ قدري توفي إثر أزمة قلبية، موضحةً أنّه وصل إلى المستشفى "من دون أي علامات على أنه لا يزال على قيد الحياة"، فحاول الأطباء إنعاش قلبه، لكنه "توفي قرابة الساعة 6:40 صباحا بتوقيت غرينتش" (8:40 بالتوقيت المحلي).
واستكشف إسماعيل قدري أساطير بلده وتاريخه، لتفنيد آليات النهج الشمولي بوصفه شرًّا عالميًّا.
وحكم أنور خوجة (1908 – 1985) ألبانيا في ظل نظام دكتاتوري يُعدّ من أكثر الأنظمة انغلاقا في العالم، ودخلت البلاد في تلك الحقبة عزلة تامة عن العالم ووصف نظامها -الذي وصف نفسه بأنه "أول دولة ملحدة في العالم"- باعتباره الأكثر قمعا ودموية في تاريخ أوروبا الحديث.
"الجحيم الشيوعي، مثل أي جحيم آخر، خانق. لكن في الأدب، يتحوّل إلى قوة حياة، قوة تساعدك على البقاء والتغلّب مرفوع الرأس على الدكتاتورية"
وكان الكاتب قال لوكالة الصحافة الفرنسية في إحدى مقابلاته الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إنّ "الجحيم الشيوعي، مثل أي جحيم آخر، خانق. لكن في الأدب، يتحوّل إلى قوة حياة، قوة تساعدك على البقاء والتغلّب مرفوع الرأس على الدكتاتورية".
"أعطاني الأدب كل ما أملكه اليوم، أضفى مغزى لحياتي، منحني الشجاعة لأقاوم، والسعادة، والأمل في التغلب على الصعاب"
وقال قدري متحدثا من منزله في تيرانا حينما بدأت صحّته تتدهوّر، "أعطاني الأدب كل ما أملكه اليوم، أضفى مغزى لحياتي، منحني الشجاعة لأقاوم، والسعادة، والأمل في التغلب على الصعاب".
أديب ألبانياقدري هو نفسه الذي بيّن في رواية "العشاء الزائد" عام 2009 كيف ذهب الدكتور غوراميتو جاره الحقيقي ضحية حكم قمعي، يتجسس فيه الجميع على الجميع، ويعدم فيه كل أنواع المعارضين، ولأنه بلقاني الانتماء وإنساني النزعة، فقد عاد في كتابه الجديد "الاستفزاز وأشياء أخرى" إلى الخلاف التاريخي بين الصرب والألبانيين، من خلال موقع حدودي ألباني فاقد لأبسط مقومات الحياة والمحاذي لموقع العدو الغارق في الملذات، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت.
ولد قدري عام 1936 بمدينة جيروكاسترا جنوب ألبانيا، واكتشف ميله للقراءة باكرا في بيت جدته، التي كانت قارئة نهمة للكتب الأدبية، وكتب قصيدته الأولى في سن الحادية عشرة، وديوانه الأول في سن السابعة عشرة تحت عنوان "استلهام شباني"، بعد أن انبهر بشكسبير وغوته ودون كيخوت ودانتي ورموز الأدب اليوناني، وكتاب أجواء الملحمة والغرابة والشعوذة والسحر والأشباح.
درس قدري الأدب في جامعة تيرانا وفي معهد غوركي بموسكو قبل عام 1960، تاريخ قطيعته مع الاتحاد السوفياتي وعودته إلى بلده للعمل صحفيا، وانشق باكرا عن الأدب الاشتراكي، وأضحى متيما بالأدب الغربي أو المنحط كما كانت تسميه دعاية خروتشوف، على حد قوله.
وبقي قدري عضوا في الحزب الشيوعي الألباني، لكن مطاردا باعتباره كاتبا مناهضا للنظام الذي اضطر بسببه إلى نشر أعماله في الخارج طيلة السبعينيات والثمانينيات قبل لجوئه إلى المنفى الباريسي عام 1990.
يعد قدري أكبر وأشهر روائي ألباني، أوروبيا وعالميا، ليس بفضل مواقفه الفكرية المناهضة لأنظمة الرعب والقهر الشمولية وتجسيده للذاكرة البلقانية والصراع البغيض والمتبادل بين الصرب والألبان فحسب، لكن بنوعية مقاربته الروائية الموظفة لشتى أساليب الاستعارة والمجاز والأساطير القديمة واليونانية بوجه خاص والفلكلور والخرافة اللصيقين بثقافة بلاده
يعد قدري أكبر وأشهر روائي ألباني، أوروبيا وعالميا، ليس بفضل مواقفه الفكرية المناهضة لأنظمة الرعب والقهر الشمولية وتجسيده للذاكرة البلقانية والصراع البغيض والمتبادل بين الصرب والألبان فحسب، لكن بنوعية مقاربته الروائية الموظفة لشتى أساليب الاستعارة والمجاز والأساطير القديمة واليونانية بوجه خاص والفلكلور والخرافة اللصيقين بثقافة بلاده.
وألبس قدري أعماله القصصية والروائية حلة زينتها مقاربة تراجيدية كوميدية يكشف من خلالها عن وحشية الحكام الذين يعيشون من أجل السلطة الشمولية خاصة بعد أن رزحت ألبانيا طويلا تحت هيمنة النظام الشمولي لأنور خوجة.
قبل أن ينتقل اسمه إلى السينما من خلال رواية "جنرال الجيش الميت" التي اقتبسها لتشيانو توفولي عام 1983 ومثل أدوارها الرئيسة النجمان ميشال بيكولي ومارتشيلو ماستوياني والممثلة أنوك إيميه، راح قدري يكرس شهرته بروايات أخرى صنعت مجدا جديدا لدار النشر فايار.
ومن أبرز أعمال قدري "الشتاء الكبير 1973 ـ القطيعة مع الاتحاد السوفياتي ـ و"حفل نهاية الفصل" 1988 التي تعرضت للرقابة مدة 7 أعوام بسبب تناولها العلاقات الصينية الألبانية، و"الوحش" 1990 التي عرفت نفس المصير.
وثمة روايات أخرى عززت السمعة العالمية لقدري الذي وصفته مخابرات تيرانا الشيوعية بـ"الخائن" مثل "طبول المطر" 1970 و"قصر الأحلام" 1981 و"الظل" 1994 و"هاملت الأمير المستحيل" 2007.
في روايته "الدمية" سرد قدري بلا مواربة فصولا من سيرته الذاتية، وتوقف خصوصا عند علاقته الفريدة بأمه التي عبرت عتبة الجنون باكرا
الدميةوفي روايته "الدمية" سرد قدري بلا مواربة فصولا من سيرته الذاتية، وتوقف خصوصا عند علاقته الفريدة بأمه.
"الدمية" في هذا النص هي والدة قدري التي توفيت عام 1993، أما لماذا سماها "الدمية" فلأن أحد أقاربه الذي حمل أمه حين وقعت في حالة غيبوبة وجدها خفيفة "مثل دمية من ورق معجون".
ومع أنه لا شك في عاطفة هذه الأم تجاه ابنها فإنها لا تتوافق مع وصف الأمهات في تلك الأغاني التي تستحضر "الحليب والثدي والرقة ورائحة الأمومة"، بل تتميز بقلة حضورها لعبورها عتبة الجنون باكرا، مما جعلها توحي لابنها "برعب جليدي"، لكن "لأنها كانت غريبة عن الطبيعة البشرية حفظتني من أهوال النوع البشري" يقول قدري.
سيرة الحياة وغواية الكتابةالوقائع العائلية التي يرويها الكاتب ليست طريفة، فأغلبية أفراد عائلة والده عانقوا الموت، أما الأحياء ففقراء ومتكبرون وتعيسون. وفي هذا السياق، يشير الكاتب إلى عدم فهمه دافع زواج أمه من أبيه، خصوصا أن عائلتها كانت ثرية وسعيدة، علما أنه يستحضر حبها لوالده من النظرة الأولى.
يقر الكاتب في نصه بدَيْن تجاه مدينة جيروكاسترا الألبانية الجنوبية التي نشأ فيها، خصوصا تجاه المنزل العائلي الذي كان على شكل عزبة قديمة ويتضمن سجنا
في هذه الرواية، نعرف أن الكتابة أغوت قدري منذ الطفولة، وأنه كان يخوض تجارب مختلفة لإثبات موهبته الكتابية كانطلاقه في كتابة رواية من النهاية، أو محاولته -عبثا- تصحيح "الأخطاء" النحوية لشكسبير، بحسب تقرير سابق عن الرواية للجزيرة نت.
ويقر الكاتب في نصه بدَيْن تجاه مدينة جيروكاسترا الألبانية الجنوبية التي نشأ فيها، خصوصا تجاه المنزل العائلي الذي كان على شكل عزبة قديمة ويتضمن سجنا!
هو منزل كبير لكنه في حالة ترميم دائم، ولا يعرف الطفل قدري إن كان يحبه أم لا، لكنه كان يجده "غير واقعي"، أما أمه فلم تكن تشعر بالراحة فيه، بل بملل كبير دفعها إلى القول لابنها "إن المنزل هو الذي يلتهمني".
تكشف هذه الرواية عناصر وتفاصيل مهمة لفهم مسيرة قدري الكتابية وثمارها.
وفي هذا السياق، نتعرف جيدا إلى فصل إقامته في موسكو للدراسة، ويتضح لنا اشمئزازه من الواقعية الاشتراكية التي كان عليه أن يتعلم قواعدها في معهد غوركي.
ودفعه ذلك "الاشمئزاز" آنذاك إلى عدم احترام هذا التعليم في روايته الأولى "مدينة بلا لافتات" التي وضعها آنذاك لامتحان قدراته الكتابية، وحاول فيها أيضا الإفلات من تأثير روائييه الثلاثة المفضلين (جويس وكافكا وبروست) الذين كانوا الهدف الثابت لانتقادات منظري الواقعية الاشتراكية.
سيتجلى لقدري ذلك الرابط بين فنه وأمه، خصوصا حين يقنع نفسه بأن الأخيرة "تخلت عن حريتها وسلطتها كأم" كي توفر له "كل الحرية الممكنة في عالم تندر الحرية فيه ويصعب العثور عليها"
قدري مع أمهوتدريجيا، سيتجلى لقدري ذلك الرابط بين فنه وأمه، خصوصا حين يقنع نفسه بأن الأخيرة "تخلت عن حريتها وسلطتها كأم" كي توفر له "كل الحرية الممكنة في عالم تندر الحرية فيه ويصعب العثور عليها".
وبشأن هذه النقطة يقول "كان يتملكني الانطباع أحيانا بأن كل ما كانت تعاني منه في حياتها كان يفيدني في فني، كنت على وشك تصديق أنها اختارت عمدا أن تؤذي نفسها كي تخدمني".
كما لو أن والدة قدري -بحسبه- عرفت أنها كانت خاسرة في تلك المنافسة بينها وبين فن ابنها، ولذلك ضحت بنفسها، ولن تلبث رؤية الكاتب هذه أن تتحول إلى فكرة غالية على قلبه صاغها على النحو الآتي "غالبا ما تتجلى الموهبة لدينا بما هو معاكس لها، الموهبة هي شيء نفتقر له وليس شيئا إضافيا فينا".
أكثر من ذلك، ستصبح هذه الأم -بطريقة ما- نموذجا في نظر ابنها الذي يقول "لدي الشعور بأنني ابن فتاة مراهقة توقف فجأة نموها". وهذه المراهقة المزمنة -التي عانت أمه منها وحالت دون إدراكها شروط الحياة ورهاناتها- جعلته يعتقد أنه "في هذه الحالة بالذات -التي تدفع بالعقل إلى الخلف في هذا العناد الطفولي- تكمن ما نسميها موهبة الكتابة".
وإذ ستشعر هذه الأم بخوف كبير عندما ستداهم الشرطة الألبانية المنزل العائلي وتصادر مخطوطات ابنها بعد رحيله إلى فرنسا ستخاف أكثر من أن يقرر هذا الابن استبدال أُم أخرى بأمه مع بلوغه النجاح والشهرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی هذا
إقرأ أيضاً:
ثورة 30 يونيو.. 12 عامًا على الانطــلاق «الرهان الكبير»
ثورة 30 من يونيو.. الطريق إلى استعادة الدولة، كتاب جديد للزميل مصطفى بكري، رئيس التحرير، صدر منذ فترة قريبة عن دار سما للنشر والتوزيع، الكتاب يتناول أسرار ثورة 30 من يونيو وانحياز الجيش لها في الثالث من يوليو.
ويحوي الكتاب وقائع الأحداث الخطيرة التي شهدتها البلاد خلال هذه الفترة، وكيف استطاع الجيش المصري إحباط العديد من مخططات الجماعة التي استهدفت الدولة ومؤسساتها.
وتنشر «الأسبوع» على مدار حلقات العديد من الأسرار المهمة التي تضمنها الكتاب، ويرصد الزميل بكري الصعوبات والأزمات التي واجهت الجيش والشرطة وأحداث العنف التي شهدتها البلاد وراح ضحيتها آلاف الشهداء والمصابين، بالإضافة إلى حرق العديد من المؤسسات العامة والخاصة ودور العبادة الإسلامية والمسيحية على السواء، خاصة أن الكاتب كان قريبًا من الأحداث ومتابعًا لها.
وفي الذكرى الثانية عشرة لانطلاقة الثورة أعدت «الأسبوع» هذا الملف الخاص الذي يتضمن الكثير من الحقائق والأسرار في مواجهة الزيف والأكاذيب، ويرصد أيضًا كيف استطاعت الثورة تحقيق العديد من أهدافها التي أعلنها القائد العام في الثالث من يوليو، ثم في أعقاب انتخابه وتولي مهام الرئاسة الأولى في الثامن من يونيو 2014.
كان كل شيء يمضى إلى النهاية، حلم الاستقرار تبدد، الخوف يعم النفوس، الإخوان والجماعات يفرضون سطوتهم في كل مكان، يشعر المصريون بالغربة والاغتراب، الوجوه مكتئبة، الابتسامة غائبة، حتى السخرية التي تميز بها المصري، لم تعد تصلح أمام هول الأحداث..
كان الكثيرون يشعرون بنهاية التاريخ، لكنني كنت على يقين من أن الشمس حتمًا ستشرق من جديد، وأن هذا الظلام سيتبدد، وأن حكم الإخوان إلى مزبلة التاريخ.
مضيت في شوارع القاهرة القديمة، كأنني أنعش الذاكرة بتاريخ الوطن، كانت الساعة قد بلغت العاشرة من مساء الخميس العشرين من يونيو 2013، وكنت أسأل نفسى: متى تقترب اللحظة؟ وكيف ستكون مصر في الثلاثين من يونيو؟
كانت أجواء القاهرة والمحافظات الأخرى تنذر بالعاصفة الكبرى، وكانت كل السيناريوهات مطروحة.
كانت المعارك تندلع في كل مكان، شهيد في الفيوم، وآخر في المحلة الكبرى، وإحراق لمحلات في مركز فوه بكفر الشيخ، ومشاكل في المحلة والمنصورة والقاهرة والعديد من المحافظات الأخرى، طارق الزمر يعلن من مليونية رابعة العدوية أن من سيخرجون في الثلاثين من يونيو سيُسحقون جميعًا، عاصم عبد الماجد يحدثنا عن رؤوس أينعت وحان قطافها، أما محمد مرسى فقد أعلن في حديث لأخبار اليوم يوم السبت 22 يونيو 2013 «أنه لن يمر وقت طويل حتى يكشف عن حقائق جديدة تتعلَّق بما أسماه بالمؤامرات التي تحاك ضد مصر».
وراح الأستاذ محمد حسنين هيكل الكاتب والمؤرخ الكبير (رحمة الله عليه) يوم الخميس 20 يونيو 2013 يحذر وينذر في حديثه مع الإعلامية لميس الحديدي على شاشة قناة «سي. بى. سى» أن أيام النظام الحالي باتت معدودة، وأن أحدًا لن يستطيع أن يتصدى ويواجه حركة الجماهير التي تنذر بالثورة.
ونجحت حركة «تمرد» في هذا الوقت في جمع ملايين التوقيعات التي تطالب بضرورة تلبية مطالب الشعب المصري وتعلن تضامنها مع المطالب الداعية إلى مظاهرات عارمة في الثلاثين من يونيو، والتي كان أبرزها ضرورة إجراء استفتاء شعبي على مقترح إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وإقالة الحكومة والنائب العام المعين المستشار طلعت عبد الله.
لم يكن أحد حتى هذا الوقت، يظن أن الأمور ستمضي إلى منتهاها، ولكن كان هناك إصرار قوي على تجاوز هذه المرحلة وإسقاط حكم الإخوان مهما كان الثمن.
وكان المصريون لديهم قناعة كبيرة -خصوصًا في هذه الفترة بالمقولة التي كانت تتردد «لن يأتي رمضان ويكون هناك إخوان»، لا تعرف على أي أسس استند الناس إلى ذلك، فكل شيء كان في قبضة الإخوان في هذا الوقت، أضف إلى ذلك قوة عناصرهم وحلفائهم الذين كانوا منتشرين في مفاصل الدولة وأرجائها.
ماذا تعني رسائل السيسي التي بعث بها في أبريل 2013؟لقد كان الرهان على الجيش قويًا، ويبعث الأمل في النفوس، وكانت كلمات السيسي تعطى إشارات واضحة بأن الجيش لن يسمح بسقوط الدولة أو المساس بالشعب وتطلعاته المشروعة.
عادت بي الذاكرة إلى الأحد الثامن والعشرين من أبريل من العام 2013، حين وجَّهت الشئون المعنوية للقوات المسلحة دعوةً إلى عدد من الأشخاص ورؤساء التحرير من أصحاب المواقف المعادية لجماعة الإخوان لحضور احتفال الجيش بأعياد تحرير سيناء بمسرح الجلاء.
وفى هذا اليوم، جاء مكاني إلى جوار اللواء عباس كامل مدير مكتب القائد العام في هذا الوقت، وخلف الفريق أول عبد الفتاح السيسي مباشرة، فبادرته بقولي: «طمنا على مصر يا سيادة (الفريق)»، فقال لي بلغة هادئة: «لا تخافوا على مصر، جيش مصر لن يترك الدولة تسقط أبدًا».
وعندما وقف «السيسي» وسط الحاضرين ليتحدث خلال الاحتفال، قال للحاضرين: «لا تقلقوا، لازم يكون عندنا أمل وثقة كبيرة في بكره، بكره هتشوفوا مصر أم الدنيا، وهتبقى أد الدنيا».
بدت كلماته قوية، حاسمة، واثقة، دوَّت القاعة بالتصفيق وعمَّت الفرحة وجوه الجميع، شعرنا في هذا اليوم أن القائد العام يلقي إلينا بطوق النجاة، وهو يقول: «لما جيش مصر نزل حماكم، يده لم تمتد، خلوا بالكم من هذا الكلام، تُقطع أيدينا قبل أن تمسكم».
واستكمل حديثه: «منذ 3 أسابيع أقسمت قسمًا ياريت تكونوا سمعتوه، أنا قلته عشان كل مصري قاعد في بيته يكون مطمئن رغم كل الشوشرة المقصودة»، وأضاف: «كان هناك 150 ألف ضابط وجندي في الشارع، احنا كنا بنناضل حتى لا يُؤذَى أي مصري ونحارب عشان مصر تفضل مصر، وهتفضل مصر».
سالت الدموع من عيون الحاضرين، بكت الفنانة آمال ماهر، قال الفنان محمد فؤاد: «خلي بالك من مصر يا فندم»، فرد عليه السيسي بالقول: «الضباط اللي انتوا شايفينهم دول، والطلبة الحاضرين معانا اليوم، الدم اللي في عروقهم بيحب مصر، بيحب مصر، بيحب مصر».
لقد خرجت الصحف في اليوم التالي تزف البشرى إلى المصريين، وتقول «إن جيش مصر سيبقى مدافعًا عن الوطن، مهما كانت التحديات، ولن يمس شعب مصر بأي سوء مهما كانت الأوضاع».
كانت كلمات «السيسي» رسالة موجهة إلى كل من يهمه الأمر، أدرك الإخوان معنى الرسالة، اجتمعوا وناقشوا ما جرى، وبدأوا الاستعداد لما هو قادم، ولكنهم اعتبروا أن الأمر لا يخرج عن كونه مجرد كلمات، لن تحقق نتائج على الأرض.
وفى دهشور، حيث تمت دعوة وفد من الصحفيين والإعلاميين والفنانين والشخصيات العامة إلى المنطقة القريبة من محافظة الجيزة لحضور «تفتيش الحرب على الفرقة التاسعة مدرعات»، كان جوهر المعنى لا يختلف كثيرًا.
بعد وصولنا إلى هناك بقليل، وصل الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وبرفقته الفريق صدقي صبحي رئيس الأركان في هذا الوقت، ضجت المنصة بالتصفيق، ووقف الحاضرون تحية لجيش مصر العظيم وقائده النبيل.
بعدها بقليل مضينا مع القائد العام إلى حيث كتائب الفرقة، كان هناك حشد مذهل من المدرعات والرجال، ساعتها انفعل الفنان أحمد بدير وراح يهتف: «الجيش والشعب حاجة واحدة»، رددنا من خلفه الهتاف، بينما راح البعض يغنون لمصر وسط هذا الحشد الكبير.
وعندما عدنا إلى المنصة مرة أخرى، تحدث السيسي، واستبعد في كلمته الانقلاب العسكري أو النزول إلى الشارع ليكون طرفًا في معركة ينأى الجيش بنفسه عن الدخول فيها، وقال بشكل واضح: «مفيش حد هايشيل حد، ولا يجب أن يفكر أحد أن الحل بالجيش، وعليكم ألا تغضبوا، إن الوقوف 10 ساعات أو 15 ساعة أمام صناديق الانتخابات أفضل من تدمير الجيش»، وقال: «إن البديل في منتهى الخطورة، ومع كل التقدير لكل من يقول الجيش ينزل الشارع، خلاص لو حصل ده، لن نتكلم عن مصر لمدة 30 سنة أو 40 سنة للأمام».
وقال القائد العام منبهًا الجميع: «أقول لكم في هذه المرحلة التي نمر بها من مراحل الثورة، لابد من وجود صيغة للتفاهم فيما بينكم، فهذا الجيش نار لا تلعبوا به، ولا تلعبوا معه، لكنه ليس نارًا على أهله، ولذلك لابد من صيغة للتفاهم بيننا».
وأمام حالة الإحباط التي سادت بعض الحاضرين في هذا الوقت قال السيسي وبلغة حاسمة: «احنا اللي عارفين قواتنا، وعارفين قدراتها»، وهنا أشار إلى مئات المدرعات والدبابات المحتشدة، وقال: «هذه القوات المصطفة هي جزء صغير من الجيش وفيه غيرها كتير»، ثم نظر إلى جموع الحاضرين وقال: «لا أحد يفكر بنزول الجيش».
وعندما تحدث المحامي الشهير رجائي عطية، أعرب عن مخاوفه من انهيار الدولة في ظل حيادية الجيش، هنا رد عليه القائد العام بالقول: «إن موقف الجيش وحياديته ليس بسبب وجود مخاوف ومحاذير محلية أو دولية، ولكن لإدراك خطورة نزوله إلى الشارع في بلد بلغ عدد سكانه 90 مليونًا، وقال: «ده خطر شديد جدًا لأن الأصل في الموضوع الأمن والدولة والحفاظ على الدولة».
لقد ترك البعض هذه العبارة الخطيرة ودلالتها، وراحوا يروِّجون أن الجيش قد تخلى عن الشعب في تلك المرحلة الخطيرة التي تمر بها مصر، وقالوا: «إن السيسي أعلنها صريحة أنه لا نزول للجيش إلى الشارع مرة أخرى».
ونسوا في هذا الوقت أحاديثه التي رددها في مواقف سابقة من أن «الجيش المصري هو جيش الشعب، وأنه سيحمي البلاد واستقرارها في مواجهة خطر الفوضى والانفلات ومحاولات تفكيك الدولة وإسقاط مؤسساتها».
لقد تناسوا كلماته التي ضمَّنها البيان المهم الذى أصدره في الثامن من ديسمبر 2012 بعد أحداث الاتحادية والذى قال فيه: «إن الجيش لن يسمح بسقوط الدولة واستمرار الخلافات»، وتعمَّد البعض أن يتجاهل مقولة الفريق صدقي صبحى رئيس الأركان التي أدلى بها في فبراير 2012 عن أن «الجيش المصري مستعد للنزول إلى الشارع بعد ثانية واحدة إذا استدعاه الشعب».
بعد انتهاء الكلمات التي قيلت على المنصة، دعانا القائد العام إلى مائدة الغداء، وهناك تم فتح الباب للمتحدثين، الذين تبادلوا الكلمات والعتاب للقائد العام، خاصة مقولته: «إن الجيش لن ينزل الشارع مرة أخرى»، فكان رده واضحًا: «متستعجلوش، متستعجلوش».
وكان لتلك العبارة مفعول السحر عند الكثيرين، إلا أن جماعة الإخوان لم تنتبه لأبعادها، وظنوا أن الأمر قد حُسم وأن الجيش أعلن وقوفه خلف الجماعة وحكمها.
في هذا اليوم، وبعد انتهاء زيارتنا لموقع المدرعات، استقلينا عددًا من الباصات للعودة إلى المنصة، وكان مقعدي في الباص الموجود فيه الفريق صدقي صبحى رئيس الأركان، وقد سألته في هذا اليوم «امتى هتخلصونا يا فندم؟»
رد علىّ الفريق صدقي صبحى بالقول: «نحن مع الشرعية»، صمتُّ ولم أعلِّق، وبعد انتصار الثورة بعدة أشهر التقيت الفريق صدقي صبحي في أحد الأفراح وكنت أجلس إلى جواره، وقال لي: «هل تتذكر يوم أن سألتني في الأتوبيس عن موقف الجيش، وقلت لك: نحن مع الشرعية؟»، قلت له: «نعم أتذكر، وهل هذا يُنسى»، فقال لي الفريق صدقي: «إن الشرعية التي كنت أقصدها هي شرعية الشعب المصري، والتي تعلو على أي شرعية أخرى».
كنت أعرف منذ البداية أن القوات المسلحة لا تسعى إلى تأزيم الموقف، بل إلى إنهاء حالة الاحتقان التي تفاقمت بفعل إصرار محمد مرسى وجماعته على فرض سطوة الجماعة على الشعب المصري وطمس هوية الدولة الوطنية، بدليل محاولات القائد العام الفريق أول السيسي المستمرة لوقف التصعيد الذى كانت تقوم به جماعة الإخوان، ودعوة كافة القوى السياسية إلى الحفاظ على الكيان الوطني ومؤسساته في مناسبات مختلفة، والتحذير من خطورة استمرار الخلافات.
كانت الأوضاع تمضى نحو الانهيار الكامل في البلاد، فالأوضاع الاقتصادية تتأزم والخدمات تكاد تتوقف، وانقطاع الكهرباء والمياه في حالة استمرار أثارت الضجر والغضب، أما عن الأمن والاستقرار فحدث ولا حرج، فالبلاد باتت وكأنها على شفا حرب أهلية، بينما في المقابل كانت الجماعة تمضى نحو طمس هوية الدولة والتغلغل في مفاصلها والتفريط في ترابها الوطني، وكان الأخطر خلال هذه الفترة هو محاولة توريط الجيش المصري في الحرب ضد النظام السوري.
القزاز يدعو الإرهابيين في سوريا للحضور إلى مصروفي هذا الوقت خرج خالد القزاز مستشار «الرئيس» مرسى للشئون الخارجية بتصريح خطير قال فيه: «إن المصريين الذين يقاتلون في سوريا، من حقهم المشاركة في القتال، ولن تتم محاكمتهم لدى عودتهم إلى بلادهم».
وقال إن: «حرية السفر مفتوحة لكل المصريين»، مشيرًا إلى أن «الحكومة لن تعاقب المصريين على ما يقومون به في دول أخرى»، وقال بشكل واضح: «إن الرئاسة لا ترى أن المصريين الذين يقاتلون في سوريا يهددون أمن مصر».
وكان هذا التصريح بمثابة جواز مرور علني لكل من يرغبون في القتال إلى جانب العناصر الإرهابية في سوريا ضد الدولة والحكومة السورية، ورغم تحذيرات الجيش إلا أن الرئيس مرسى وجماعته رفضوا الانصياع إلى هذه التحذيرات.
وقد كشف «صفوت حجازي» أحد العناصر المقربة من الإخوان في هذا الوقت، أن رابطة علماء أهل السُّنة ترسل السلاح إلى سوريا منذ أكثر من عام ولا تخاف أحدًا.
وكان الجيش في حالة غضب شديد من جراء هذه التصريحات التي كانت تنطلق على ألسنة كبار المسئولين بالرئاسة وبعض المقربين منها، وكان على يقين بأن الأمر جد لا هزل فيه.
ففي الخامس عشر من شهر يونيو 2013، كان مكتب الإرشاد قد وجَّه الدعوة إلى نحو 20 ألفًا من الإسلاميين المتشددين لحضور مؤتمر نصرة سوريا فى الصالة المغطاة بالاستاد الرياضي، وكان في مقدمة هؤلاء: يوسف القرضاوي والشيخ محمد عبد المقصود والشيخ محمد حسان والعديد من القيادات السلفية الأخرى في مصر والعالمين العربي والإسلامي.
ومع بداية اللقاء طاف مرسى محييًا الحضور، ممسكًا بعلم المتمردين والإرهابيين السوريين، حيث استقبل الحاضرون مرسى بالهتاف «سمع هس، تعظيم سلام، الرئيس مرسى آخر تمام»، «زنقة.. زنقة، دار.. دار، بكره ندوسك يا بشار».
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن هناك من راح يحذر وينذر المتظاهرين الذين ينوون الخروج في 30 يونيو، حيث وجهوا إليهم الإهانات واتهموهم بالكفر والخروج على الحاكم، وقد دعا الشيخ محمد عبد المقصود -نائب رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح- بالهلاك على معارضي مرسى الذين سينزلون ويشاركون في مظاهرات 30 يونيو، وكفَّر كل الذين ينوون المشاركة فيها، وقال: «إن التركة ثقيلة على سيادة الرئيس الذي يرى ما لا نرى ويعرف ما لا نعرف».
وعندما تحدث «مرسى» بعد سيل من الكلمات التحريضية، راح يعلن عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، ويطالب المجتمع الدولي بإقامة منطقة حظر جوي فيها، وقد وجَّه الدعوة للدول العربية والإسلامية بمساندة من أسماهم بالمعارضين السوريين المسلحين وصولًا إلى إسقاط نظام الأسد، ودعا إلى عقد قمة عربية طارئة لمناقشة الأزمة السورية، قائلًا: «إن حرائر سوريا ينادوننا الآن، ونحن نقول: «لبيك يا سوريا»، وكررها ثلاث مرات».
وقال: «لن يهنأ لنا بال ولن يغمض لنا جفن حتى نرى السوريين الأحرار يقيمون دولتهم على كامل ترابهم الذي روته دماء أطفالهم ونسائهم وشبابهم».
ووجَّه مرسى خطابه إلى الجيش المصري، قائلًا: «إن الجيش المصري والشعب المصري لن يظلا متفرجين على ما يجرى في سوريا»، أي أن النية تتجه للتدخل العسكري المصري في مواجهة النظام السوري.
أدرك قادة الجيش المصري في هذا الوقت أن هناك محاولة جادة للزج بالجيش المصري في الحرب ضد الجيش السوري ونظام الحكم القائم في البلاد، مما أثار حفيظتهم ولذلك صدر بيان عسكري في اليوم التالي يعبر عن رفض الجيش لدعوة محمد مرسى وجماعته.
لقد أكد البيان الصادر عن مصدر عسكري أن «جيش مصر لن يكون طرفًا في الصراع الدائر في سوريا، وأن القوات المسلحة لن ترسل أي قوات لمساندة المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد»، وقال المصدر: «إن الجيش المصري له مهام محددة في حماية الأمن القومي داخليًا وخارجيًا، وهو غير معنى على الإطلاق بالأمور الداخلية لدول الجوار».
وأوضح المصدر أن «رجال القوات المسلحة يرفضون بشكل قاطع توجيههم نحو القيام بأي عمل عسكري ضد الجيش السوري»، وقال المصدر: «إن الدعوة للجهاد في سوريا تستهدف في المقام الأول توريط الجيش المصري في مستنقع من الصراعات المسلحة وحرب العصابات التي تمولها جهات عديدة داخل الأراضي السورية».
لقد صمم قادة الجيش في هذا الوقت على رفض محاولة توريط القوات المسلحة في هذه الحرب، وكان هذا البيان الصادر بموافقة القائد العام إنذارًا موجهًا لمرسى وجماعته بأن جيش مصر لن يكون طرفًا في صراعات إقليمية أو طائفية، وأن مهمة الجيش المصري الوحيدة هي حماية الأمن القومي للبلاد.
أسرار الأيام الأخيرة قبل انطلاق الثورةقبل هذا اليوم كنت في زيارة إلى الزميل ياسر رزق رئيس تحرير صحيفة «المصري اليوم»، في هذا الوقت، حيث كان محتجزًا بمستشفى السلام الدولي بالمعادي من جراء إصابته بأزمة قلبية، وقد التقيت في هذا اليوم اللواء عباس كامل مدير مكتب القائد العام الفريق أول «عبد الفتاح السيسي» في هذا الوقت، ومعه العقيد أحمد محمد على المتحدث العسكري، وبعد انتهاء الزيارة، تحدثت مع اللواء عباس كامل على انفراد وقلت له: «الشعب غاضب وثورة الشعب قادمة ضد الإخوان، ولكن علينا من الآن أن نفكر في البديل، والبديل هو الفريق أول عبد الفتاح السيسي»، ابتسم اللواء عباس كامل والتزم الصمت في هذا الوقت، غير أنه كان لدىَّ إيمان عميق بأن الثورة ستنتصر وستنهي حكم الإخوان بمساندة القوات المسلحة.
وفى اليوم التالي، السبت 15 يونيو، شاركت في حفل زواج نجل مأمور سجن مزرعة طرة السابق اللواء سمير عبد الغفار، حيث عرفته عن قرب أثناء سجني في عام 2003 بسبب قضية نشر، وبعد بدء حفل الزواج بقليل، جاء إلىَّ الضابط «وليد»، وكان عضوًا بمجلس إدارة نادي ضباط الشرطة ودعاني إلى اجتماع لمجلس إدارة النادي الذي كان قد خصص اجتماعه لبحث موقف رجال الشرطة من مظاهرات 30 يونيو.
وبالفعل توجهت إلى الاجتماع الذى كان منعقدًا بالقاعة الرئيسية المقامة إلى جوار صالة الفرح الذى كنت أحضره في نادي الشرطة بمدينة نصر.
مضيت إلى هناك، وجدت حشدًا كبيرًا من الضباط بقيادة اللواء صلاح زيادة مساعد وزير الداخلية ورئيس مجلس إدارة النادي العام، وقد دار حوار بيني وبين أعضاء مجلس الإدارة حول موقف الشرطة من مظاهرات 30 يونيو، وقد أبلغني اللواء صلاح زيادة أن النادي سيُصدر بيانًا قويًا يؤكد فيه على موقف رجال الشرطة من المظاهرات المتوقعة.
بيان نادي ضباط الشرطة في 15 يونيو يؤكد أن الشرطة حسمت أمرهاوبالفعل، في اليوم التالي أذاعت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية نص البيان الذي قال حرفيًا: «أكد ضباط الشرطة المشاركون في أول اجتماع لمجالس إدارات أندية الشرطة المنتخبة عدم حمايتهم لمقار جماعة الإخوان أو حزب الحرية والعدالة، أو أية أحزاب أخرى خلال مظاهرات 30 يونيو الجاري، وشدد ضباط الشرطة خلال الاجتماع الذى حضره مئات الضباط بنادي الشرطة بمدينة نصر مساء اليوم السبت على حمايتهم الكاملة للمتظاهرين السلميين في تلك المظاهرات، مؤكدين تصديهم لمحاولة أي فصيل أو تيار سياسي الاعتداء على المتظاهرين وتكدير الأمن العام».
وشدد المجتمعون وفقًا للبيان على وقوف رجال الشرطة على مسافة متساوية من كافة التيارات والقوى السياسية، مؤكدين أن الشرطة خارج المعادلة السياسية، وأن شغلها الشاغل هو تحقيق الأمن والاستقرار للمواطن المصري دون النظر إلى انتماءاته السياسية أو الدينية أو العقائدية.
أما اللواء صلاح زيادة رئيس مجلس إدارة النادي العام لضباط الشرطة، فقد أكد في تصريحاته للوكالة «أن مصر لن تسقط أبدًا وستظل شامخة بفضل جهود المؤسسات الوطنية القائمة، ومن بينها القوات المسلحة والشرطة والمواطنون الشرفاء»، مشددًا في الوقت نفسه على عدم تدخل رجال الشرطة في مجريات الحياة السياسية وانشغالهم فقط بتحقيق الأمن في الشارع المصري.
وعقب اجتماع طارئ للنادي في 20 يونيو لمتابعة تنفيذ قرارات الجمعية العمومية التي عُقدت في 15 يونيو، شدد البيان الصادر على حيادية الجهاز الأمني، واضطلاع الشرطة بتأمين المتظاهرين السلميين، وعدم تأمين أي منشآت حزبية، والتصدي بكل قوة وحزم لأى معتدٍ، سواء على المواطنين أو المنشآت المهمة والشرطية.
اقرأ أيضاًنائب: ثورة 30 يونيو حافظت علي الهوية الوطنية.. والشباب يعيش عصره الذهبي
المتحدث العسكري في ذكرى ثورة 30 يونيو: «أكبر إنجاز» | فيديو