العنصرية والآثار.. معرض عن الاستعمار الألماني يواجه بغضب اليمين المتطرف
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
ربما لم يعد مصطلح الاستعمار يذكر إلا في كتب التاريخ، بعد أن تحررت منذ زمن طويل دول العالم الثالث من القوى الاستعمارية التي نهبت ثرواتها، مع ذلك فما زالت عواقب تلك الفترة تلقي بظلالها من آن لآخر على حاضر هذه الدول وأيضا على الدول الاستعمارية.
وتحكي مكنسة معروضة في المتحف الصناعي بمدينة دورتموند الألمانية قصة محزنة عن التأثير المتواصل الحافل بالمعاناة للتاريخ الاستعماري الألماني، ولا تزال مكنسة الشارع القوية هذه متاحة حتى اليوم، وهي منسوجة من ألياف من نخيل البياسافا الذي ينمو في الغالب شرقي البرازيل.
وتشرح باربارا فراي المشرفة على المتحف وهي تتحدث عن منتج موطنها البرازيل، أن "أصحاب مصنع ألياف البياسافا في بلدة هيرفورد الألمانية، أصبحوا من أصحاب الملايين بفضل هذا المنتج.
وهذه المكنسة التي تستخدم أيضا في تنظيف المنازل، وتعود إلى الحقبة الاستعمارية، والتي ترمز إلى الاستغلال الاقتصادي للمستعمرات، هي مجرد واحدة من بين 250 من القطع المعروضة، في معرض شامل نظمته المنظمة الإقليمية الاقتصادية "لاندشفستفرباند فستفاليا ليبي" المعروفة باسمها المختصر (إل دبليو إل).
وهذه القطعة -وهي واحدة من المعروضات التي لا تثير البغضاء أو العداوة- تعرض كجزء من معرض "هذا استعماري"، الذي تم افتتاحه ويستمر حتى أكتوبر/تشرين الأول 2025، ويهدف المعرض الذي نظمته منظمة (إل دبليو إل)، إلى جعل إرث التاريخ الاستعماري الألماني في ولاية فستفاليا مرئيا بدرجة أكبر.
وتقول زولا ويجاند مبيمبلي التي ساهمت في تدوين كتيب عن المعرض مصاحب للأطفال، وهي امرأة سوداء البشرة ترشد الزوار داخل المعرض: "عندما نتحدث عن الاستعمار، يجب علينا أن نتحدث أيضا عن العنصرية، لأن الاثنين مرتبطان ببعضهما ارتباطا وثيقا".
وفيما يتعلق بإخفاء بعض المعروضات، توضح ويجاند مبيمبلي أن مشاهدة الصور النمطية لأفريقيا، أو الأشياء المرتبطة بتاريخ عائلات الملونين يمكن أن تسبب لهم الألم.
وعلى سبيل المثال يوجد بالمعرض صندوق تبرع تابع للكنيسة، على شكل صبي أسود راكع ويومئ برأسه بامتنان بعد وضع عملة معدنية.
وتوجد بالمعرض صور عما يعرف باسم معارض "فولكرشاوين"، التي كانت شائعة في ألمانيا وبعض الدول الأوروبية، نتيجة الاستكشافات الجغرافية حيث كانت تعرض عينات من النباتات وأشكال غريبة من البشر تختلف عما يعهده الأوروبيون، وعلى سبيل المثال كان الأشخاص أصحاب البشرة السوداء يعرضون فيها مثلما تعرض الحيوانات في حدائق الحيوان، كما يحتوي المعرض على كتب الأطفال التي كانت كلمة زنجي تستخدم في الطبعات الأكثر قدما.
ويتطرق المعرض أيضا إلى موضوعات مثل نهب القطع الفنية، من البلاد الخاضعة للاستعمار وجهود استعادتها، وكذلك مقاومة مجموعات السكان الأصليين للحكم الأجنبي، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الحروب والإبادة الجماعية.
ويؤكد منظمو المعرض أن هذه المعروضات، تسلط الضوء على كيفية استمرار الهياكل الاستعمارية عميقة الجذور، في التأثير على المجتمعات حتى اليوم.
ويوضح مدير المنظمة التي تشرف على المعرض جورج ليونمان قائلا: "هدفنا المشترك هو إظهار آثار الاستعمار وعواقبه على مجتمعنا في المنطقة اليوم، وتسليط الضوء من وجهات نظر متنوعة، على هذا الموضوع الذي تم تجاهله مسبقا".
وبخلاف الحملات العسكرية فقد جُمع العديد من القطع الأثرية الغالية من أفريقيا والشرق الأوسط بواسطة المغامرين والموظفين الاستعماريين والتجار والمستوطنين الذين لا يشغل بالهم التفكير في شرعية تملك هذه القطع. وحتى لو تم شراؤها من مالكيها المحليين، فغالبا ما كان ذلك مقابل أجر زهيد لا يناسب أهمية القطع، خاصة مع انعدام قوانين وضوابط للحد من تهريبها، فجرى جمعها ونقلها ببساطة، واستمرت هذه الأنشطة أيضا في القرن الـ20.
غضب يمينيوتلقى المتحف سيلا من التعليقات كانت ذات طبيعة عنصرية ومسيئة وفقا لبيان للمتحف، الذي ذكر أيضا أنه تم تعليق شعارات يمينية على بوابة المتحف، وأنه تم الاتصال بالشرطة التي قامت بالتحقيق في وقت لاحق، في عدة حالات للاشتباه في التحريض على الكراهية.
وأعرب سياسيون محليون من حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، عن غضبهم من أن معروضات المتحف تعد مثالا "للعنصرية ضد البيض" الممولة من الأموال العامة، ومع ذلك فإن مطالبهم بإقالة إدارة المتحف وفرض عقوبات أخرى لم تلق آذانا صاغية.
ويرى آخرون أن حزب البديل من أجل ألمانيا ينظم حملة لخنق الحرية الفنية، وتحدث أولاف زيمرمان المدير الإداري للمجلس الثقافي الألماني، عن شن السياسيين من حزب البديل من أجل ألمانيا "حملة عدوانية"، ردا على موجة الانتقادات الموجهة إليهم.
وأضاف: "إن القوى اليمينية تريد أن تقيد حريتنا الفنية، ولا يجب أن نسمح بذلك".
وقالت مديرة المتحف آن كوجلر مولهوفر أثناء تقديمها شرح للمعرض، إنه تم تطوير شكل "المساحات الأكثر أمانا" بدرجة أكبر بعد الخبرة المكتسبة، وإنه سيكون هناك أيضا برامج خاصة بالمجموعات بالمعرض.
بينما أضافت ويجاند مبيمبلي أن "المتحف قام بعمل رائد مع منهاج "مساحة أكثر أمانا"، خاصة في عالم المتاحف الذي لا تزال فيه وجهة النظر الأوروبية مهيمنة، لذلك ترغب هي وآخرون في فريق الإشراف على المتحف، في رؤية المزيد من المساحات المحمية، التي يمكن للأشخاص غير البيض التفاعل فيها مع مثل هذا الموضوعات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
معرض الوقف الطلابي ببهلا يستعرض الإبداعات ويدعم استدامتها
افتتحت معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار معرض الوقف الطلابي الأول والذي حمل عنوان "إبداع من أجل العطاء"، وذلك في قلعة بهلا، وبتنظيم من كلية الزهراء للبنات ومؤسسة سراج الوقفية، ويستمر المعرض لثلاثة أيام ليكون مفتوحًا للجمهور على الفترتين الصباحية والمسائية، وسيكون ريع بيع منتجات المعرض من الإبداعات الطلابية لصالح مؤسسة سراج الوقفية لدعم استدامة المبادرات الطلابية وتعزيز روح العطاء.
وقال الدكتور مسلم بن علي المعني عميد كلية الزهراء: إن المعرض يمثل إنجازًا غير مسبوق يعكس روح العطاء، والانتماء المجتمعي لدى طلابنا، فهو ليس مجرد عرض مشاريع أو أفكار، بل هو رسالة وعي ورؤية مستقبلية نابعة من الطالبات، تعبر عن فهم عميق لمعنى الوقف كقيمة إسلامية راسخة، وأداة فاعلة لتحقيق التنمية المستدامة في مجتمعنا.
مشيرًا إلى أن الأعمال المعروضة في هذا المعرض هي ثمرة إبداع طالبات قسم التصميم بكلية الزهراء للبنات، اللواتي قدمن نماذج متميزة تجمع بين الحس الفني والبعد الإنساني، وتجسد مفاهيم الوقف في إطار بصري معاصر وهادف، ولقد عبّرت الطالبات من خلال تصاميمهن عن رؤى مبتكرة، تعكس وعيًا عميقًا بدور الفن والتصميم في خدمة المجتمع وتعزيز قيم العطاء المستدام.
من جانبه، ألقى المهندس محمود بن خلفان الحديدي الرئيس التنفيذي لمؤسسة سراج، المؤسسة الوقفية لدعم التعليم، كلمة قال فيها: إن المعرض يحمل رسالة تتجاوز حدود الفن، فهو مساحة تجسد التقاء الإبداع بالتعليم، والموهبة بروح العطاء، وهذه الأعمال الفنية الراقية هي ثمرة لما أبدعته أنامل طالبات كلية الزهراء، ونتاج شغف صادق وتجارب طلابية تنبض بالحياة؛ وليس هذا فحسب، بل إن ريع مبيعات هذه اللوحات الفنية سيُخصّص بالكامل لدعم المؤسسة الوقفية لدعم التعليم (سراج)، مساهمة من الطالبات ومجتمع الكلية في تعزيز رسالة المؤسسة، ومساندة مبادراتها التعليمية والوقفية.
حضر حفل الافتتاح سعادة الشيخ سعيد بن علي الصلف النعيمي والي بهلا.