قدر الأمة ومصيرها يبدأ من الفصل الدراسي: طموحات ما بعد الحرب – الجزء (26)
تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT
أهمية دليل المعلم في التدريس الفعّال وتأمين أجندة التعليم الوطنية في المدارس
د. أحمد جمعة صديق
مقدمة
مرشد المعلم أو دليل المعلم أو كتاب المعلم هي وثيقة تربوية واداة تعليمية هامة ينبغي ان تجد الاهتمام من الجهات التي تعد المناهج التعليمية ومن المدرسين الذين سيقومون بتنفيذ هذه المناهج داخل الفصول الدراسية.
ويعتبر كتاب المعلم من أهم المراجع التعليمية حيث من خلال تطبيق التوجيهات التي يقدمها ويقترحها للمعلم نستطيع تامين وتنفيذ وانجاز الخطة الوطنية الشاملة للتعليم وتحقيق اهداف التعليم العام. كذلك يتيح استعمال مرشد المعلم العدالة في تلقي الطلاب للمادة العلمية في حدها الادنى مما يعني العدالة في فرص التعلم والمنافسة أيضاً. كما يعتبر كتاب المعلم وثيقة مهمة جداً بالنسبة للمعلمين الجدد حيث يكون ساعدهم الايمن في اعداد الدروس بما يقدم من مقترحات مفيدة في ادارة الدرس وخطوات تنفيذه. وعليه نرى ضرورة الاهتمام بهذه الوثيقة التربوية الهامة ونتمنى ان تكون في صحبة المعلم بصورة دائمة وان تتوفر منها نسخ كافية للتدوال في المدارس ليفيد منها المعلمون المتمرسون والجدد على السواء. تعد دلائل المعلمين أدوات لا غنى عنها لدعم المربين في تقديم تعليم فعّال ولها دور حاسم في تنسيق الممارسات الصفية مع أجندات التعليم الوطنية. ويساعد دليل المعلم في :
• التقيد وتنفيذ المنهج بصورة منتظمة
توفر دلائل المعلمين إطاراً منظماً لتنفيذ المنهج. تحدد هذه الدلائل تسلسل المواضيع والأهداف التعليمية واستراتيجيات التدريس المتوافقة مع المعايير والأولويات التعليمية الوطنية. فمن خلال اتباع هذه الإرشادات، يمكن للمعلمين ضمان تغطية شاملة للمنهج مع الحفاظ على التناسق والاتساق في ممارساتهم التعليمية. يسهم هذا النهج المنظم ليس فقط في تحسين جودة تقديم التعليم ولكن أيضاً في تعزيز نتائج التعلم الموحدة عبر المدارس والمناطق المختلفة.
• دعم الممارسات التربوية السليمة
يتطلب التدريس الفعّال ممارسات تربوية سليمة تعتمد على أساليب مبنية على البحث والنظريات التعليمية. تقدم دلائل المعلمين رؤى قيمة حول استراتيجيات التدريس الفعّالة ومنهجيات التدريس وممارسات التقييم التي أثبتت جدواها في تحسين نتائج تعليم الطلاب. توفر للمعلمين أمثلة على أفضل الممارسات، وخطط دروس نموذجية، وتقنيات تعليمية متنوعة تلبي احتياجات وقدرات الدارسين المتنوعة. من خلال دمج هذه الممارسات في تعليمهم، يمكن للمعلمين خلق بيئات تعلم شاملة وجذابة تعزز النجاح الأكاديمي والنمو الشخصي لدى الطلاب.
• مواءمة مع الأهداف والغايات التعليمية
تحدد أجندات التعليم الوطنية غالباً أهدافاً وغاياتٍ محددة تهدف إلى تحسين جودة التعليم، وتعزيز نتائج الطلاب، وتعزيز مهارات التعلم مدى الحياة. ويلعب مرشد المعلم دوراً حيوياً في ترجمة هذه الأهداف الأوسع إلى استراتيجيات وممارسات قابلة للتنفيذ على مستوى الصف. تساعد هذه المرشدات على فهم الأهداف الرئيسية للأجندة الوطنية وتمكين المعلمين من مواءمة ممارساتهم التعليمية وفقاً لذلك. وسواء كان التركيز على مهارات القراءة والكتابة، أو المهارات الرقمية، تقدم دلائل المعلمين التوجيهات والموارد اللازمة لضمان تنفيذ المبادرات التعليمية بفعالية ورصدها داخل المدارس.
• التطوير المهني وبناء القدرات
تعد دلائل المعلمين أدوات تطوير مهني تدعم النمو والتحسين المستمر بين المعلمين وخاصة المعلمين الجدد، حيث توفر لهم فرصاً لتوسيع قاعدة معارفهم، وتنقية تقنياتهم التعليمية، ومواكبة الاتجاهات الناشئة في التعليم. تتضمن دلائل المعلمين عادةً توصيات للتدريب المستمر، وورش العمل، وفرص التعلم التعاوني التي تمكن المعلمين من تعزيز مهاراتهم التربوية والتكيف مع الإصلاحات التعليمية المتطورة. ومن خلال الاستثمار في التطوير المهني من خلال دلائل المعلمين، يمكن للمدارس تنمية فريق من المعلمين المهرة الذين يتمتعون بالقدرة على دعم النجاح طويل الأمد للطلاب والمساهمة بشكل إيجابي في أجندة التعليم الوطنية.
• رصد وتقييم
لضمان نجاح أجندة التعليم الوطنية، يتطلب الأمر آليات قوية للرصد والتقييم على جميع مستويات النظام التعليمي. تسهل دلائل المعلمين هذه العملية من خلال توفير إرشادات لتقييم تقدم الطلاب، ورصد تنفيذ المنهاج، وتقييم فعالية الممارسات التعليمية. تتضمن هذه الدلائل أدوات للتقييم التكويني والتقييم الكلي، وبروتوكولات جمع البيانات، ومتطلبات التقارير التي تمكّن المعلمين وصانعي السياسات من اتخاذ قرارات مستنيرة استناداً إلى ممارسات مبنية على البراهين والادلة. ومن خلال رصد النتائج بشكل منهجي وضبط الاستراتيجيات على النحو اللازم، تساهم دلائل المعلمين في تحسين مستمر في جودة التعليم والمساءلة داخل المدارس.
ونخلص الى أن دلائل المعلمين موارد لا غنى عنها تسهم في تيسير ممارسات التدريس الفعّالة ودعم تحقيق أجندات واهداف التعليم الوطنية في المدارس. توفر إطارات منهجية منظمة، ودعم تربوي، ومواءمة مع الأهداف التعليمية، وفرص للتطوير المهني، وآليات للرصد والتقييم. ومن خلال تمكين المعلمين بالأدوات والتوجيهات اللازمة لتنفيذ تعليم عالي الجودة، تساهم دلائل المعلمين في تحسين نتائج الطلاب، وتعزيز المساواة التعليمية، والنهوض بأولويات التعليم الوطنية. كما يعزز الاستثمار في دلائل المعلمين ليس فقط قدرة المعلمين بل أيضاً الأساس لتحقيق إصلاحات تعليمية شاملة ومستدامة عبر مجموعات من المدارس المتنوعة. وبالتالي، تلعب دلائل المعلمين دوراً حيوياً في تشكيل مستقبل التعليم من خلال ضمان أن كل طالب لديه حق الوصول والحصول على تعليم جيد يُعدّه للنجاح ويفي بتأهيله بالمعارف والمهارات التي يتطلبها القرن الحادي والعشرين.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التعلیم الوطنیة فی تحسین من خلال
إقرأ أيضاً:
الشرطة التعليمية ... مقترح لحماية التعليم وإنقاذ جيل زد
لا شك أن القطاع التعليمي الذي يعد حجر الزاوية في بناء أي أمة، يواجه تحديات تربوية واجتماعية وأخلاقية وإدارية وأمنية متزايدة في مصر، مما يجعل هذا القطاع في حاجة إلى تدارك أي فراغات تربوية أو أمنية أو رقابية في قطاع التعليم الأساسي والجامعي حفاظا على مستقبل مصر من المخرجات الناتجة عن الواقع التعليمي المأزوم، وهو ما يقتضي حزمة من الاستراتيجيات والمسارات التقليدية فضلا عن بُعد آخر لم يتطرق لها الكثيرون من قبل وهو فكرة "الأمن التعليمي" بمفهومه العميق والواسع كإحدى أدوات تطوير التعليم والحفاظ عليه. وفي هذا الإطار، فقد طرحت من قبل مقترح استحداث ما يمكن أن نسميه "الشرطة التعليمية" ضمن هيكل "الأمن الاجتماعي والثقافي" في وزارة الداخلية لتتعاون مع كافة الجهات التربوية والتعليمية والرقابية والأمنية في المساهمة في توفير بيئة تعليمية آمنة ونزيهة ومنضبطة، حيث تتجاوز مهمته الحماية التقليدية للأفراد والمنشآت لتشمل مكافحة الجريمة التعليمية والعنف والتنمر وتسريب الامتحانات والغش الجماعي والفردي واستغلال أولياء الأمور ماليا ومواجهة التعليم الموازي (دروس خصوصية، مراكز تعليمية، كتب خارجية .... إلخ) ومكافحة الفساد المنظم والمخدرات وغسيل الأموال في قطاع التعليم وغيرها من من المخالفات والجرائم في الوسط التعليمي، مما يضفي على عملها طابعًا وقائيًا وإصلاحيًا إلي جانب شق ضبط الجرائم والمخالفات بعد حدوثها. وتنقسم مهام الشرطة التعليمية إلى عدة محاور استراتيجية رئيسية، أهمها (علي سبيل التصور المبدئي ... وليس الخاص) ما يلي :
1. محور حماية الأفراد والممتلكات
الهدف الأساسي هو توفير بيئة تعليمية آمنة من خلال حماية أمن الأفراد (طلاب، طاقم تعليمي وإداري) وتأمين المنشآت، ومكافحة ظاهرة العنف المدرسي والجامعي المتزايد مثل التنمر والاعتداء علي المدرسين والطلاب الذي وصل إلي حد قتل طلاب لزملائهم داخل وخارج حرم المؤسسات التعليمية.
2. محور مكافحة الفساد والمخالفات التعليمية
تمتد مسؤولية الشرطة التعليمية الي دعم جهود الحفاظ على نزاهة وسلامة ومهنية وكفاءة العملية التعليمية بالتعاون مع الوزارات المعنية ومع الرقابة الإدارية والأجهزة الأخري في مهام مثل مكافحة المخالفات والفساد الإداري والمالي واي تجاوزات أخري منها علي سبيل المثال لا الحصر : ملفات الغش وتسريب الامتحانات، وملف "التعليم الموازي" المتمثل في الدروس الخصوصية (خاصة الإجبارية منها) والمراكز التعليمية غير المرخصة وملف الكتب الخارجية، وملف الرسوم التعليمية وسوء استغلال المؤسسات التعليمية لأولياء أمور الطلاب ماليا بالتبرعات وغيرها، والاجبار علي الحصول علي دروس خصوصية وغيرها من مظاهر المخالفات التعليمية الفردية والمنظمة.
3. محور مكافحة الجريمة المنظمة في المؤسسات التعليمية
يُسند لهذا الكيان دور وقائي هام في حماية الوسط الطلابي من بيع وترويج المخدرات، كما يتولى متابعة ملفات غسيل الأموال في القطاع التعليمي بمستوياته، ومكافحة الجرائم الإلكترونية المتعلقة بالطلاب، لمنع استغلال المؤسسات التعليمية كغطاء للجريمة المنظمة بأنواعها.
4. محور الأمن القومي وحماية جيل زد
يُمثل هذا البعد الاستراتيجي تحصينًا لـ "جيل زد" من المحاولات الخبيثة التي تستغل النشء لتنفيذ أجندات خارجية تستهدف نشر الفوضى والتدمير علي نحو ما حدث مؤخرا في المغرب، ضمن مخططات تستهدف الأمن القومي العربي وإعادة تقسيم المنطقة، مما يستلزم تحصين الوعي الوطني وحماية النشء من أي استقطاب فكري هدام.
وعند إنشاء الشرطة التعليمية ينبغي تدريب كوادرها تربويا وأمنيا وقانونيا بما يضمن التعامل الكفء والمناسب لطبيعة الوسط التعليمي الذي لا يعد وسطا اجراميا يقتضي الملاحقة، بل هو وسط يستحق الدعم والحماية من المخاطر والمفاسد ومحاولات التخريب والفساد والاستغلال. وهنا نقترح أن يقضي بعض "خريجي الكليات والتخصصات ذات الصلة بملف التعليم" فترة تجنيدهم في هذه الشرطة التعليمية، ومنهم خريجي تخصصات التربية، الخدمة الاجتماعية، علم النفس، الاجتماع وغيرها. وينبغي أن يخضع جميع العاملين في هذه الشرطة لبرامج تدريبية متكاملة مصممة بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث المعنية بملف التعليم والأمن التعليمي بحيث تشمل دورات تربوية وقانونية وأمنية ورقابية وغيرها من المسارات التدريبية المناسبة لرسالة هذه الشرطة التعليمية، بما يضمن التعامل بمهنية أمنية في إطار منظور إصلاحي اجتماعي اشمل.
إن إنشاء "الشرطة التعليمية" هو استثمار استراتيجي يهدف إلى: استعادة الانضباط والنزاهة، وتحصين الجيل القادم من المخاطر وخطوة منهجية لضمان أن تبقى المؤسسات التعليمية قلاعًا للعلم والتحديث، وليس بؤرًا لتخريج جيل يمكن استخدامه في هدم البلاد وتقسيمها بدلا من بنائها وتنميتها.