محكمة الاحتلال ترفض الإفراج المبكر عن الأسير دقة مجددًا
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
اللد - صفا
رفضت محكمة الاحتلال المركزية في اللد بالداخل الفلسطيني المحتل اليوم الإثنين، الإفراج المبكر عن الأسير المريض وليد دقة (60 عاما) من مدينة باقة الغربية في منطقة المثلث، والمعتقل منذ 38 عاما.
ويعاني دقة من إصابته بنوع نادر من أمراض السرطان يسمى التليف النقوي ويصيب النخاع العظمي، حيث يتواجد في ما يسمى "مستشفى سجن الرملة".
وعقبت عائلة وحملة إطلاق سراح الأسير وليد دقة على "رفض المحكمة المركزية في اللد الإفراج المبكر عن الأسير وليد دقة" بالقول إنه "أصدرت المحكمة المركزية في اللد، اليوم الإثنين الموافق 7 آب 2023، قراراً برفض الإفراج المبكر عن الأسير وليد دقة، رغم الخطورة البالغة على حياته نتيجة لتدهور وضعه الصحي خلال الأشهر الخمسة الماضية، والذي لا يزال يخضع للعلاج غير المناسب لخطورة حالته في عيادة سجن الرملة (مراش).
يُذكر أن الأسير وليد دقة قد أنهى محكومية المؤبد الفعلية الجائرة والبالغة 37 عاما منذ 24 آذار 2023، ولكنه لا يزال معتقلا بشكل تعسُّفي إثر إضافة سنتين على حكمه في العام 2018 بدعوى محاولته مساعدة الأسرى بالاتصال بعائلاتهم".
واعتبرت عائلة وحملة إطلاق سراح الأسير وليد دقة أن "أي قرار أو حكم لا يؤدي إلى الإفراج الفوري عن الأسير دقة هو تصريح بإعدامه، وذلك عبر المماطلة في البت في الإفراج عنه رغم درجة الخطورة العالية جداً في حالته الصحية والتي اعترف بها حتى تقرير (مصلحة السجون) الاحتلالية.
وذكرت أنه بالرغم من هذا التقرير، وإزالة تصنيف (سغاف) عن الأسير دقة، وإنهائه لمحكوميته الفعلية منذ خمسة أشهر، إلا أن المحكمة رفضت الإفراج الفوري عنه. ودعت الحملة كل المستويات السياسية والشعبية، إلى مناصرتها على كافة المستويات، وطنياً وعربياً وعالمياً، حتى تحرير الأسير دقة. وشددت على أنها ستواصل العمل في المسار القانوني عبر تقديم التماس للمحكمة.
وكانت لجنة الإفراجات الإسرائيلية الخاصة قد قررت مؤخراً عدم الإفراج عن الأسير دقة، في حين أكدت عائلته وحملة الإفراج عنه في حينه أنها ستستأنف على قرار عدم الإفراج المبكر للمحكمة المركزية.
وكان الأسير دقة قد أُدخل المستشفى، يوم 23 آذار/ مارس 2023، بعد تدهور وضعه الصحي بشكل حاد، إثر تشخصيه بمرض التليف النقوي (Myelofibrosis)، وهو سرطان نادر يصيب نخاع العظم، في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2022، والذي تطور عن سرطان الدم الذي تم تشخيصه قبل قرابة عشر سنوات، وتُرك دون علاج جدي.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: محكمة
إقرأ أيضاً:
ثقب أسود في نظرية البنوك المركزية عن التضخم
ترجمة: قاسم مكي -
في الوقت الحالي هنالك سؤالان كبيران يشكلان هاجسًا لمراقبي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وهما: هل سيخفض البنك أسعار الفائدة هذا الأسبوع؟ وهل سيختار الرئيس دونالد ترامب مستشاره الاقتصادي كيفن هاسيت رئيسا قادما للبنك؟
بالنسبة للسؤال الأول فالإجابة في الغالب «نعم» على ما يبدو بالرغم من أن التضخم في الولايات المتحدة يتجاوز المعدل الذي يستهدفه البنك وهو 2%. وماذا عن السؤال الثاني؟ منصة توقعات السوق «كِلْ شِي» تمنح هاسيت فرصة للفوز برئاسة البنك بنسبة 74%على الرغم من تحفظات المموّلين.
لكن مع احتدام الجدل حول هاتين المسألتين هنالك مسألة ثالثة يجب النظر فيها أيضا وهي: هل يعرف مسؤولو البنك الفيدرالي أصلا الكيفية التي يجب عليهم بها معالجة التضخم؟
قد يبدو هذا سؤالًا غريبًا؛ فكلما اجتمع مجلس البنك الفيدرالي يُغالِي الناس في التعليقات حول أهداف ومعدلات التضخم، لكنه سؤال مهم؛ فكما لاحظ ميرفن كينج المحافظ الأسبق لبنك انجلترا يرتكز صرح البنك المركزي بأكمله على قواعد يزداد اهتزازها.
قال كينج في حلقة نقاش بجامعة هارفارد مؤخرا: إن «البنوك المركزية لم تعد لديها نظرية عن التضخم». يوضح ذلك بقوله: إن الأهداف الشائعة حاليا لسياسة السيطرة على التضخم تختلف بشكل جذري عن هدفها الأصلي (أي أن هدف هذه السياسة هو استقرار الأسعار، وليس استقرار الاقتصاد ككل كما هي الحال الآن- المترجم). لكي نفهم ملاحظة كينج نحتاج للعودة بعض الشيء إلى الماضي؛ فأثناء فترة رئاسته لبنك انجلترا ظهر في البداية أنه يقبل فكرة «الاعتدال العظيم» السائدة وقتها والتي افترضت أن النمو والتضخم ظاهرتان حميدتان؛ نظرا للثقة الاستثنائية في قدرة البنوك المركزية على استخدام معدل 2% كهدف لمستوى التضخم. (حسب موسوعة إنفستوبيديا يُقصد بالاعتدال العظيم الفترة التي شهدت انخفاض التضخم والنمو الإيجابي للاقتصاد في الولايات المتحدة بداية من الثمانينيات حتى اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2007 – المترجم). لكن بعد الأزمة المالية في عام 2008 أقر كينج بأن هذا الافتراض كان معيبًا.
وتبعًا لذلك حاجج بأن النماذج الاقتصادية وحدها ليست بوصلة موثوقة بالنظر إلى الانعدام الجذري لليقين، وتقلب أهواء البشر.
ذلك بدوره يؤثر على الكيفية التي نفهم بها التضخم. كان الاقتصادي ميلتون فريدمان معتادا على المحاجة بأن «التضخم دائما وفي كل مكان ظاهرة نقدية « يشكلها إيجاد النقود بواسطة البنك المركزي. لكن هذه المقاربة النقدية محدودة؛ نظرا لأن سرعة تداول النقود يمكنها أن تتغير. كما يوجد لاعبون من القطاع الخاص خلاف البنك المركزي يخلقون النقود أيضا.
لذلك ترفض مقاربةٌ ثانية يروّج لها اقتصاديون من أمثال جون كوكْرَن النظريةَ النقدية، وتقول بدلا عن ذلك: إن ارتفاع التضخم يقلل (قيمة) الدين الحكومي. وهذه نظرية لا يحبها كينج أيضا؛ إذ من المستحيل تقريبا قياس أثر ارتفاع التضخم على تآكل الدين الحكومي.
ثم هنالك مقاربة ثالثة هيمنت على البنوك المركزية في العقود الأخيرة، وهي التركيز على التوقعات. بحسب هذه المقاربة؛ إذا حدد مسئولو البنك المركزي معدل 2% كهدف لمستوى التضخم وحرّكوا أسعار الفائدة لبلوغ ذلك الهدف فإنهم سيحققونه.
كانت هذه المقاربة فاعلة بشكل جيد خلال فترة الاعتدال العظيم، لكن كنج يعتقد أن العلاقة السببية في هذه المقاربة (العلاقة بين السبب والنتيجة) لم تعد واضحة؛ فالاقتصاديون يفترضون كما يبدو أن مجرد وضع الهدف يعني أنه سيتحقق دون فهم الآلية التي يتم بها ذلك.
يقول كينج مستنكرا: «هذه نظرية كانوت للتضخم»، وهو يشير بذلك إلى حكاية ملك إنجلترا في القرن الحادي عشر الذي يقال: إنه حاول وفشل في السيطرة على الأمواج بالكلمات. (بحسب الأسطورة؛ ملك إنجلترا كانوت العظيم وضع عرشه على الشاطئ، وأمر المد القادم بالتوقف، لكن المد لم يحفل به، وغمر قدميه وساقيه). أو إذا استخدمنا استعارة أخرى؛ يبدو مسؤولو البنوك المركزية الآن أشبه بالشامانيين (سحرة القبائل البدائية) في تدخلهم اللفظي (بالكلام فقط) لتشكيل الأسعار.
وفي كلا الحالين ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة وغيرها يثير تساؤلا حول ما إذا كانت المقاربة المرتكزة على التوقعات لا تزال فاعلة.
إذا كانت كذلك فهل يرفع مسؤولو البنك المركزي الآن أسعار الفائدة التي تنتهك الحد الأعلى المستهدف (2%) أم يخفضونها، أم عليهم القبول بوجود متغيرات عديدة تجعل علاقة «السببية» في هذه المعادلة بِرُمَّتها غير واضحة؟ فالتاريخ كما يقول كينج مازحا يُظْهِر «أن البلدين التي توجد بها معدلات تضخم مرتفعة خلال فترة زمنية طويلة لديها أسعار فائدة مرتفعة والبلدان التي بها تضخم منخفض لديها أسعار فائدة منخفضة». ربما هذا هو السبب وراء اعتقاد الرئيس ترامب بأن خفض أسعار الفائدة سيخفِّض التضخم. يمكن وصف ذلك بأنه نوع آخر من اقتصاد الفودو. (حسب موسوعة إنفستوبيديا يُقصد باقتصاد الفودو الوعود الاقتصادية الطموحة وغير الواقعية التي يطلقها الساسة. وهو مصطلح صاغه جورج بوش في نقد سياسات ريجان بخفض الضرائب وتحرير الاقتصاد وخفض الإنفاق الحكومي بزعم أن الفوائد التي يحصل عليها الأثرياء والشركات من ذلك ستتسرب «بطريقة سحرية» الى الاقتصاد وتدفعه إلى النمو - المترجم).
إذن ما موقف لاعبي بنك الاحتياطي الفيدرالي المفضلين للرئيس ترامب؟ ستيفن ميران العضو الحالي لمجلس محافظي البنك يحاول الآن تربيع هذه الدائرة بالقول: إن ما يدعوه «الهيمنة التنظيمية» للبنك على قواعد اللعبة المالية حاسمة في أهميتها، وهو يخشى أيضا من أن بيانات التضخم خاطئة.
أما الآخرون المرشحون لرئاسة البنك مثل كيفن وارش فأكثر محافظة؛ فقد دعا مؤخرا إلى الاقتصار على استقرار الأسعار مع ميل أكبر نحو عرض النقد (بمعنى تخلى البنك عن هدفه الثاني والمتمثل في التوظيف.) أما كريستوفر والر -وهو عضو حالي في مجلس محافظي البنك- فيبدو أكثر «حمائمية».
وماذا بشأن كيفن هاسيت؟ من الصعب استخلاص آرائه بما أنه لم يضع إطارًا فكريًا واضحًا للسياسة النقدية في السنوات الأخيرة.
بدلا عن ذلك جاءت المؤشرات الرئيسية لأفكاره في المقابلات التلفزيونية؛ حيث يُصِرّ مثله مثل ترامب على أن تخفيضات أسعار الفائدة مطلوبة بما أن التضخم متدن. وهذا ما أثار استنكار الاقتصاديين المحافظين.
ربما سيتحدى هاسيت منتقديه الآن بالدفاع عن استقلال البنك المركزي أو يقدم نظرية واضحة للتضخم. لكن حتى يحدث ذلك وفيما تثير هذه المشكلة جدلا بلا نهاية بين المستثمرين نحن نواجه الآن فجوة «فكرية» في قلب نظرية البنوك المركزية عن التضخم.
عندما تتركز الأنظار على رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هذا الأسبوع علينا تذكّر أن الشامان (الذي يدير السياسة النقدية بالكلام والإيحاءات اللفظية فقط) لا زال يقود البنك.
جيليان تيت كاتبة رأي وعضو هيئة التحرير بصحيفة الفاينانشال تايمز