إيهود باراك: على إسرائيل أن توقف الحديث عن ديمونا
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك الإسرائيليين إلى الكف عن الحديث حول مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب، وحثهم على الانضمام لما أسماه "محور الاعتدال"، الذي تقوده الولايات المتحدة، في مواجهة ما أسماه "محور المقاومة" بزعامة روسيا وإيران.
وقال إنه على الرغم من مرور 9 أشهر على الحرب في قطاع غزة، فإن إسرائيل لم تحقق "أيًّا من أهدافها"، و"الأنكى من ذلك، أن الشلل الإستراتيجي" الذي أظهرته القيادة الإسرائيلية ينذر باندلاع صراع إقليمي شامل وطويل الأمد.
وأضاف أن ذلك كله يحدث في وقت يتفاقم فيه الخلاف مع الولايات المتحدة، وتغرق إسرائيل في لجج عزلة دولية.
نقاش عقيموأوضح في مقاله بصحيفة هآرتس اليسارية، أن هذا "الوضع المعقد" أثار موجة من النقاشات في الآونة الأخيرة في الصحف والقنوات التلفزيونية، تمحورت حول توقعات أو مطالبات بأن تُلوّح إسرائيل باستخدام قدراتها النووية المزعومة كوسيلة للخروج منتصرة من هذه الأزمة، بل إن هناك من يقترح النظر في الاستفادة من هذه القدرات فعليا.
وفي اعتقاد باراك أن هذا النقاش "لا داعي له، وغير مفيد، وربما يمكن أن يكون ضارا"، كما أنه يعكس "مشاعر إحباط ويأس"، واصفا ما يتداول داخل إسرائيل من آراء لا تنطوي على نصائح "مستحبة" فيما يتعلق بالإستراتيجية وتدبير شؤون الدولة. والمطلوب -من وجهة نظره- هو الحس السليم وليس الأوهام.
ووفقا للمقال، فإن "الفشل" في تحقيق أهداف الحرب في غزة ليس ناشئا من استخدام إسرائيل للأسلحة التقليدية وحدها، بل كان بسبب التردد في تحديد الشكل الذي تريد أن يبدو عليه "اليوم التالي" للحرب، في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد يوم من هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل.
وينبع هذا التردد -برأي الكاتب- من اعتبارات تخص رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو بشأن بقائه السياسي و"ابتزاز" المتطرفين له في ائتلافه الحاكم.
ويكمن حلّ هذا المأزق -في نظر باراك- في أمرين: أولهما ضرورة إزالة "المعيق" الذي تسبب فيه، أي استبدال الرأس (ويقصد هنا نتنياهو) وإزاحة الشخصيات "الطائشة" من الحكومة.
والأمر الثاني، الموافقة "المشروطة" على المبادرة الأميركية لإنشاء ما يُسمى "محور الاعتدال" تحت قيادة الولايات المتحدة، وتتمركز حول إسرائيل ومصر والإمارات العربية المتحدة و"ربما" المملكة العربية السعودية أيضا، والذي "سيجهز نفسه" ضد "محور المقاومة"، الذي يضم كلًّا من إيران وحزب الله اللبناني، وحركة حماس وآخرين بقيادة روسيا.
الإطار الصحيحويحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق في مقاله من أي انطباع قد يتولد لدى قراء الصحف في إسرائيل بأن بلادهم قادرة على تدمير وإبادة جميع أعدائها، الواحد تلو الآخر بأقل استفزاز، وبسرعة وبثمن يمكن احتماله، واعتقادهم بأن العالم كله يقف ضدهم، وأنه لم يعد أمامهم سوى "الاتكال على الرب، وعلى مفاعل ديمونا النووي".
ويعد باراك محور الاعتدال الذي تقترحه الولايات المتحدة، "الرادع الأكثر فعالية" ضد حرب إقليمية شاملة في أي مستقبل منظور، وهو "الإطار الصحيح" لضمان النصر إذا نشبت حرب من هذا القبيل.
إن التهديد بخيار ديمونة، والحديث حوله لا يوحي بالعزيمة والقوة؛ بل يشي بعدم الأمان، والضعف، والارتباك، واختلال التوازن وبعض الذعر، على حد تعبير باراك الذي يعزو السبب في ذلك إلى أن إيران تدرك "قدراتنا الإستراتيجية على نحو أفضل بكثير من الجماهير الإسرائيلية". ومع أنه نعَت الملالي في طهران بـ"المتعصبين المتطرفين"، إلا أنه مع ذلك يصفهم بأنهم "متروّون" غير مندفعين، و"بالتأكيد ليسوا أغبياء".
وادعى أن للبرنامج النووي الإيراني هدفين؛ أولهما ضمان بقاء النظام الحاكم، وثانيهما بناء "تهديد تقليدي يُعتمد عليه" تحت مظلة "التوازن الإستراتيجي" الذي ستنشئه القدرة النووية العسكرية.
إن محور الاعتدال يشكل -بحسب المقال- الرد الصحيح على الوضع الراهن، حيث لا تزال إيران، برغم تقدمها السريع، مترددة في تطوير قدراتها النووية العسكرية. وحتى إذا قررت ذلك، فإن الأمر قد يستغرق منها عاما آخر أو نحوه للحصول على سلاح نووي "بدائي"، وعقدا من الزمن لبناء أولى ترساناتها.
وحذر رئيس الوزراء الأسبق من أن تحول إيران إلى دولة نووية، من شأنه أن يدفع دولا في المنطقة مثل السعودية ومصر وتركيا، نحو السعي إلى التسلح نوويا هي الأخرى، وهو ما ينذر "بتهديد عالمي" يقضي على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية برمتها.
وينظر باراك إلى الحديث حول مفاعل ديمونا النووي، في سياقه الحالي، بأنه لن يؤدي سوى إلى صرف انتباه الإسرائيليين عما هو مطلوب منهم حقا، ألا وهو تفادي غرق بلادهم، داعيا إلى الانضمام إلى محور الاعتدال.
وختم بالقول إن مثل هذه الأحاديث حول ديمونا لا تسهم في إشاعة فهم صحيح وحس سليم أو مسار عمل ذي صلة بالتحدي الذي تواجهه إسرائيل، مما يستوجب وقفها فورا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات الولایات المتحدة محور الاعتدال رئیس الوزراء
إقرأ أيضاً:
باراك يجمع بين مساري بيروت ودمشق ويحذر لبنان: تدخل حزب الله يقود لكارثة
حملت زيارة الموفد الأميركي الخاص بالملف السوري توماس باراك إلى بيروت في طياتها مؤشرات واضحة عن التوجهات الأميركية المقبلة تجاه لبنان والمنطقة، في لحظة سياسية وميدانية بالغة الدقة، يترقب فيها لبنان مآلات الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وإيران.لقد وصل باراك إلى بيروت في ظل مناخ مشحون بالخوف من احتمال توسع النزاع الدائر في المنطقة إلى الساحة اللبنانية، وهو ما بدا حاضراً في مضمون لقاءاته مع كبار المسؤولين، من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وصولاً إلى رئيس الحكومة نواف سلام. فهذه الزيارة، التي توصف بأنها الأولى لمبعوث أميركي يحمل ملفين متلازمين: السوري واللبناني، جاءت لتضع النقاط على الحروف في جملة قضايا ، أبرزها مصير سلاح "حزب الله"، ومستقبل العلاقة بين بيروت ودمشق، ودور الجيش في الجنوب، وحدود الانخراط الأميركي في لجم التصعيد الإسرائيلي.
في بعبدا، كانت أولى الرسائل العلنية مع إعلان الرئيس عون عن رفع عديد الجيش اللبناني المنتشر جنوب الليطاني إلى عشرة آلاف جندي، في خطوة هدفت إلى التأكيد على قدرة الدولة على بسط سلطتها في هذه المنطقة الحساسة، بالتوازي مع مطالبته بتنفيذ القرار الدولي 1701 الذي لا يزال ناقص التطبيق بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي. هذا القرار، وإن جاء بمباركة أميركية عبّر عنها باراك، لم يخل من الإيحاءات الضمنية بضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وحدها، وهو الشرط الذي شدد عليه الموفد الأميركي بوضوح، معتبرا أن أي وجود مسلح خارج المؤسسات الشرعية، في إشارة إلى حزب الله، يهدد بتفجير الوضع الداخلي، وربما جر البلاد إلى مواجهة واسعة لا يريدها أحد.
لكن كان لافتا تركيز باراك على الملف السوري، حيث كشف، بحسب مصادر مطلعة، للمسؤولين اللبنانيين أن مهمته تشمل متابعة القضايا العالقة مع دمشق، وعلى رأسها مسألة ترسيم الحدود وضبطها، ومعالجة ملف النازحين السوريين. وأكثر من ذلك، لفت باراك إلى أنّ رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتمثل في نسج علاقات جديدة وجيدة بين لبنان وسوريا، تقوم على التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بدلا من الصراعات المزمنة التي فرضتها التدخلات الخارجية. هذه الرؤية، وإن بدت طموحة، فهي تصطدم، بحسب المصادر، بوقائع ميدانية وسياسية معقدة، لا سيما في ظل تعثر مسارات التفاهم بين بيروت ودمشق، واستمرار الانقسام الداخلي حول العلاقة مع النظام السوري الحالي الذي قد يتجه إلى التطبيع مع العدو الاسرائيلي.
وفي عين التينة، بدا موقف باراك أكثر صراحة حين حذر من أن أي قرار من حزب الله بالتدخل عسكرياً في حال توسع الحرب بين إسرائيل وإيران سيكون خياراً كارثياً ، مع ما يحمله ذلك من تهديدات مباشرة للأمن اللبناني. إلا أن المبعوث الأميركي لم يقدم حلولا ملموسة لمعضلة الخروقات الإسرائيلية المتكررة للأراضي اللبنانية، مكتفيا بالقول إن "الأمر معقد ويحتاج إلى وقت"، ما يبقي هذا الملف معلقا في خانة المراوحة.أما بري فأعاد من جهته التذكير بالتزام لبنان بتنفيذ القرار 1701، مشددا على الدور الحيوي لقوات اليونيفيل في حفظ الاستقرار، مع دعوة واشنطن إلى ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل لتنفيذ انسحاب كامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، كمدخل لأي تسوية جديّة.
الموقف الحكومي كان أكثر حذرا، إذ أكد الرئيس نواف سلام تمسّك بيروت بسياسة النأي بالنفس ورفض الانجرار إلى صراعات المحاور، مع الحرص على استكمال مسار الإصلاحات الداخلية، وتحقيق السيادة الكاملة على الأراضي اللبنانية، بالتوازي مع مطالبة الولايات المتحدة بلعب دور أكثر فاعلية في إلزام إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية.
رسائل باراك إلى المسؤولين اللبنانيين لم تخل، بحسب المصادر، من الدعم المعلن للدولة وجيشها ومؤسساتها، لكنها بدت مثقلة بشروط واضحة تتعلق بوضع سلاح حزب الله، الذي يبقى العائق الأساسي أمام أي تسوية شاملة من وجهة النظر الأميركية. في المقابل، لم يقدم المبعوث الأميركي التزامات ملموسة في ملف اليونيفيل وفي مسألة ضبط إسرائيل أو ضمان وقف خروقاتها اليومية، ما يعكس استمرار المقاربة المزدوجة لواشنطن حيال لبنان.
وسط هذه الرسائل المتباينة، وبينما يزداد الضغط الأميركي لحصر السلاح بيد الدولة، تبدو المخاطر الإسرائيلية المتصاعدة بلا ضوابط أو ضمانات فعلية، وهو ما يجعل هامش المناورة ضيقا وخطر الانزلاق إلى الحرب حاضراً في كل لحظة.
وعليه يمكن قراءة زيارة توماس باراك كحلقة جديدة في سلسلة الضغوط الأميركية على بيروت، في ظل أزمة إقليمية مفتوحة على كل الاحتمالات، علماً أن تعيين بديل للمبعوثة السابقة مورغان أورتاغوس سيؤجل إلى الخريف، ما يعكس رهان واشنطن على دور مزدوج لباراك في المرحلة الراهنة، يجمع بين مساري بيروت ودمشق.
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة السفير توم باراك للـ"أم تي في": اذا تدخل "حزب الله" في الحرب فهذا سيكون قراراً سيئاً جداً Lebanon 24 السفير توم باراك للـ"أم تي في": اذا تدخل "حزب الله" في الحرب فهذا سيكون قراراً سيئاً جداً