بوابة الوفد:
2025-12-01@03:22:19 GMT

خشية الله وأماراتها

تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT

الخشية هى  الخوف  المقرون بمعرفة الله وإجلاله وإدراك عظيم شأنه سبحانه وتعالى ، وهى من سمات الأنبياء والعلماء والصالحين، يقول  الحق سبحانه: «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ الله وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا الله وَكَفَى بِالله حَسِيبًا «(الأحزاب: 39) ، و يقول سبحانه:» إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ» ( فاطر: 28).

ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): « أَمَا وَالله إِنِّى لأَخْشَاكُمْ لله وَأَتْقَاكُمْ لَهُ « (صَحِيحُ البُخَارِي) ، ويقول: (صلى الله عليه وسلم): «فَوَاللهِ إِنِّى لأَعْلَمُهُمْ بِاللهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً» (صَحِيحُ البُخَارِي)
وهى من صفات أولى الألباب وسمات المؤمنين المتقين  ، حيث يقول الحق سبحانه: «إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ الله وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ» (الرعد:19-21) ، و يقـول سبحانه:» وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ» (الأنبياء: 48 - 49) ، ويقول سبحانه: « إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آَمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا الله فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ «(التوبة: 18)، ويقول تعالى: « الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِى بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ « (الزمر: 23) .
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِى سَبِيلِ الله « (سنن الترمذي) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): « لا َيَلِجُ النَّارَ رَجْلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّه» (سنن الترمذي).
و أهم أمارات الخشية وصدق تحققها حسن المراقبة لله (عز وجل) فى السر والعلن ، على نحو ما كان من ابنة بائعة اللبن - فعن عبد الله بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جدِّه أسلم قال: بينما أنا مع عمرَ بن الخطاب (رضى الله عنه) وهو يتفقد الرعية بالمدينة إذ أَعيا ، فاتَّكأ على جانبِ جدارٍ فى جوفِ الليلِ ، فإذا امرأةٌ تقولُ لابنتها: يا ابنتاه ، قُومى إلى ذلك اللَّبنِ فامْذُقيهِ بالماء. فقالت لها:    يا أمَّتاه ، أو ما عَلمتِ بما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟! قالت: وما كانت من عزمته يا بُنيَّة؟ قالت: إنَّه أمر مناديه فنادى: ألا يُشَابَ اللَّبنُ بالماء. فقالت لها: يا بنتاه ، قومى إلى اللَّبن فامْذُقيهِ بالماء ، فإنك بموضعٍ لا يَراكِ عمرُ ، ولا مُنادِى عمرَ . فقالت الصبيَّةُ لأمِّها: يا أمَّتاه ، واللهِ ما كنتُ لأُطيعَهُ فى الملأ ، وأَعصِيَهُ فى الخلا ، وعمرُ يَسْمع كلَّ ذلك ، فقال: يا أسلمُ، علِّمِ البابَ ، واعرفِ الموضعَ. ثم مضى ، فلمَّا أصبح ، أتاهم فزَوَّجها من ابنه عاصم ، فوَلَدت لعاصم بنتًا ، وَوَلَدت البنتُ عمرَ بن عبد العزيز رحمه الله تعالى .
وخرج ابن عمر (رضى الله عنهما) ذات يوم فِى بَعْضِ نَوَاحِى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَصْحَابُ لَهُ ، وَوَضَعُوا سَفْرَةً لَهُ ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِى غَنَمٍ ، قَالَ: فَسَلَّمَ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ يَا رَاعِى ، هَلُمَّ ، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ ، فَقَالَ لَهُ:  إِنِّى صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَصُومُ فِى مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ شَدِيد الْحَرِّ وَأَنْتَ فِى هَذِهِ الْجِبَالِ تَرْعَى الْغَنَمَ ؟ فَقَالَ لَهُ: أَيْ وَالله ، أُبَادِرُ أَيَّامِى الْخَالِيَةَ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُرِيدُ أن يَخْتَبِرُ وَرَعَهُ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيكَ مِنْ لَحْمِهَا فَتُفْطِرَ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِى بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِى ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا عَسَى سَيِّدُكَ فَاعِلا إِذَا فَقْدَهَا ، فَقُلْتَ: أَكْلَهَا الذِّئْبُ ، فَوَلَّى الرَّاعِى عَنْهُ وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، وَهُوَ يَقُولُ: و أَيْنَ الله ؟ قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِى ، وَهُوَ يَقُولُ: وأين الله ؟ ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ وَالرَّاعِى فَأَعْتَقَ الرَّاعِيَ ، وَوَهَبَ لهُ الْغَنَمَ .
فإن كنت تراقب الله عز وجل فى سرك مراقبتك له سبحانه فى علنك فأنت تخشاه حق خشيته ، وإن كانت مراقبة للناس أكثر من مراقبتك لله عز وجل فأنت على خطر عظيم.

الأستاذ بجامعة الأزهر

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر صلى الله علیه وسلم ب الله

إقرأ أيضاً:

دعاء دخول وخروج الخلاء للمسلم

هناك الكثير من الأذكار والأدعية التي يحرص عليها في كل أحواله عظيمها وبسيطها؛ فيبدأ يومه بدعاء الاستيقاظ من النوم، وأما آخرها فينتهي في فراشه ليلًا بدعاء النوم، وبين ذلك يتقلب بالأذكار والأدعية؛ كدعاء الخروج من المنزل، ودعاء النظر في المرآة، ودعاء دخول السوق وغيرها. 

دعاء ليلة الجمعة.. ليلة تتفتح فيها أبواب الرجاء دعاء الفجر اليوم الجمعة 28 نوفمبر

ومما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حول دعاء دخول الخلاء؛ عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند دخول الخلاء: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)، ومن هذه الحديث يتضح أن الاقتداء بالسنة النبوية يكون بترديد المسلم هذا الدعاء؛ لثبوته في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما ما ورد حول التسمية "قول بسم الله" فلم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

 ومعنى دعاء دخول الحمام يسنّ للمسلم إذا أراد أن يدخل إلى الخلاء لقضاء حاجته أن يردد دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث). ومعنى الاستعاذة: الاعتصام بالله والالتجاء إليه -سبحانه وتعالى- من وسوسة الشيطان ونزغه، ولذلك فائدة كبيرة؛ إذ إن أماكن دخول الخلاء مكان للخبائث والنجاسات، وهي أماكن يكثر بها الشياطين، فيحصن المسلم قلبه بهذا الدعاء من الشرور والشياطين والنفوس الخبيثة.

 ومن المستحب عند دخول الخلاء الالتزام بالاستعاذة، والدعاء الثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أما ما جاء حول البسملة، فتأويله أن المسلم يبدأ كل أعماله بالبسملة؛ وهي الاستعانة بالله على القيام بشتى الأمور والأعمال. وسواءً كانت كبيرة مثل: الصلاة والعقود، أو ما صغر منها: كالدخول، والخروج، ولبس الحذاء، ودخول الخلاء، والمسلم بكل أعماله يستعيذ بالله من رجس الشيطان الرجيم، ويبدأ عمله مستعينا بحول الله وقوته. أ

ما دعاء الخروج من الحمام ومعناه إن الدعاء بعد الخروج من الخلاء، فقد ثبت عن عائشة أم المؤمنين، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الغائط قال: (غفرانك)، ومعنى عبارة غفرانك: نطلب منك يا ربنا العفو والمغفرة؛ لنقصنا وتقصيرنا في حقك. ويحتمل في تفسير معنى هذا الدعاء عقب الخروج من الخلاء قولان كما يأتي: الأول إن المسلم يطلب من الله المغفرة؛ لتركه الذكر وقت دخوله الخلاء، وقد ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يترك الذكر عند قضاء حاجته، ودخوله الخلاء. الثاني الاستغفار من التقصير على شكر نعمة عظيمة؛ تمثلت باللذة في المأكل والمشرب، ورحمة هضمها واستفادة الجسد منها، ثم سهولة خروج ما تبقى من الأذى والفضلات، ونقل عن الحسن البصري أنه قال: "يا لها نعمة، تدخل لذّة، وتخرج سُرّحاً". ويعتبر الإنسان مقصر بشكر الله -تعالى- على عظيم النعم حين رزقه الطعام والشراب، ورزقه المتعة واللّذة في تناولهما، ورزقه الأجهزة القادرة على الهضم ومنح الطاقة للجسم، والقدرة على التخلص من الفضلات التي يمكن أن تسبب له المرض والأذى.


 

مقالات مشابهة

  • حكم الحجاب للمرأة
  • تعرف على الأحاديث التي تبيّن فضل الصدق وثماره
  • من هم ورثة الأنبياء؟
  • دعاء دخول وخروج الخلاء للمسلم
  • هل يحرم الأكل والشرب بالشمال؟
  • حكم الدعاء الجماعي بعد دفن الميت
  • علي جمعة: الله يضع الإنسان في المكان المناسب وعليه أن يرضى ويُتقن عمله
  • مفتاح العلاقة بين العبد وربه.. علي جمعة يحذر العصاة من 5 أفعال
  • علي جمعة: الكون يسير بأمره سبحانه من غير لا حول ولا قوة
  • علي جمعة: الرضا بقضاء الله سبيل الطمأنينة.. و«منذ أربعين سنة ما أقامني الله في حال فكرهتُه»