على غرار التطورات الأخيرة في منطقة الساحل يستهدف انقلاب النيجر واحتجاجات مرافقة له النفوذ الفرنسي، فماذا بشأن الدول المغاربية؟

تنطوي قصة النفوذ على النيجر تاريخيا على مفارقات كبيرة، ففي عام 1997 فاجأ العقيد الليبي معمر القذافي وسائل الإعلام العالمية وخصوصا الأوروبية منها، بزيارته إلى النيجر وإلقائه خطابا من على منبر مسجد نيامي الكبير، دعا فيه النيجريين إلى التمرد على النفوذ الفرنسي الموروث عن الاستعمار.

مختارات "رجل في الظل".. من هو عبد الرحمن تياني قائد انقلاب النيجر؟ هل انهارت استراتيجية ماكرون الأفريقية بعد انقلاب النيجر؟

يثير الانقلاب في النيجر تساؤلات حول مصير سياسة ماكرون في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصًا وأن الرئيس الفرنسي كان يعول على النيجر لإعادة صياغة استراتيجيته في منطقة كانت مركز طموح له. فهل انهارت تلك الاستراتيجية بعد الانقلاب؟

تحليل: ماكرون الثاني وسبل الخروج من الفخين المغاربي والأفريقي

ستكون برلين أول وجهة خارجية للرئيس ماكرون بعد انتخابه لولاية ثانية. الزيارة تكتسي طابعا تقليديا بين البلدين بيد أن لهذه الزيارة أهمية خاصة على ضوء تحديات كبيرة تواجه سياسة فرنسا، لاسيما في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل.

تحليل: فرنسا تخوض معركة وجود بأفريقيا.. ماذا بيد ماكرون من أوراق؟

يخوض الرئيس ايمانويل ماكرون مساعي حثيثة لاستعادة الدور الفرنسي في القارة الأفريقية بعد سنوات من تراجع نفوذ القوة الاستعمارية السابقة. فما هي الأوراق المتبقية بيديه في مواجهة منافسة عالمية شرسة على القارة السمراء؟

القذافي ألقى خطابه من المسجد الذي شُيّد قبل ثلاثة عقود من ذلك التاريخ بأموال ليبية، واتسم الخطاب بصبغة دينية متوجها إلى السكان المحليين الذين يشكل الإسلام ديانة أكثر من 99 في المائة منهم.

وكانت للقذافي جولات وصولات في التأثير على أوضاع النيجر وجيرانها من دول الساحل والصحراء، معتمدا على نفوذه على قبائل عربية والطوارق، التي تشكل عنصرا أساسيا في التركيبة السكانية للنيجر ومالي وبوركينا فاسو والتشاد.

وتوجت مساعيه تلك بتأسيس تجمع دول الساحل والصحراء المعروفة باختصار "س. ص"، في بداية سنة 1998، وضمت مالي وتشاد والنيجر والسودان وبوركينا فاسو، وأراده القذافي أن يكون تكتلا إقليميا يكرس من خلاله نفوذه بالقارة السمراء، حتى أنه كان يلقب نفسه بـ "ملك ملوك أفريقيا".

وضمن مساعيه للنفوذ، دعوته الدول الأعضاء في مجموعة غرب أفريقيا (تضم 14 دولة) إلى التخلي عن الوحدة النقدية المتمثلة في الفرنك الغرب أفريقي وفك ارتباطها بالبنك المركزي الفرنسي حيث يصكّ.

ولكن مساعي القذافي انهارت بسقوط نظامه إثر انتفاضة فبراير/ شباط سنة 2011، ولم يكن مفاجئا أن تكون النيجر أهم بلد يلجأ إليه عدد من مساعدي القذافي وأبنائه، قبل أن يتم تسليمهم إلى السلطات الجديدة في طرابلس.

ولم تكن محاولات إزاحة النفوذ الفرنسي على النيجر ودول الساحل والصحراء، مقتصرة على مساعي ليبيا القذافي، بل سبقتها تحركات سياسية قومية محلية وانقلابات عسكرية مدعومة من المعسكر السوفييتي، كما تعرض النفوذ الفرنسي بمنطقة غرب أفريقيا لحملات حتى من طرف بعض شركائها الأوروبيين، وأشهرهم رئيسة الوزراء الإيطالية الحالية جورجيا ميلوني.

فقد ركزت السياسية اليمينية الشعبوية في حملتها الانتخابية التي أوصلتها للحكم في روما، على مهاجمة الدور الفرنسي وانتقدت ما وصفته بـ "استغلال فرنسا لثروات القارة السمراء" وذكرت منها يورانيوم النيجر، وكيف تتسبب سياسة الرئيس إيمانويل ماكرون وأسلافه، في فقر شعوب المنطقة وهجرة شبابها بطرق مأساوية إلى القارة الأوروبية.

العقيد الراحل معمر القذافي كان وراء مبادرة تأسيس تجمع دول الساحل والصحراء

وليس من باب المصادفة اليوم أن تكون ليبيا أكثر الدول المغاربية المرشحة للتأثر بتداعيات أحداث النيجر، كما تبدو ردود فعل إيطاليا أكثر صدى من بين شركاء الدول المغاربية الأوروبيين.

وبقدر ما تبدو ردود فعل الدول المغاربية على الأحداث بهذا البلد الغرب أفريقي متفاوتة لحد الآن، فإن طبيعة وحجم تداعياتها مرشحة لتكون متفاوتة أيضا لكن بحسب سيناريوهات تطور الأوضاع، ويمكن رصد مؤشراتها الأولية من خلال بعض العناصر: الهجرة والتحديات الأمنية وأمن الطاقة، ثم سياقات علاقات الدول المغاربية بالنيجر على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

موجة هجرة جديدة؟

منذ إنقلاب المجموعة العسكرية بقيادة قائد الحرس الرئاسي الجنرال عبد الرحمن تياني، على الرئيس محمد بازوم، ارتفعت حدة التوتر بمنطقة دول ما وراء الصحراء الأفريقية الكبرى ولاسيما في ضوء احتمالات تدخل خارجي سواء من مجموعة إيكواس أو أطراف أخرى تسعى لإعادة النظام الدستوري الشرعي، تتزايد حدة المخاوف في الدول المغاربية من حدوث موجة هجرة جديدة.

فدولة النيجر التي تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة ألمانيا، ويتجاوز عدد سكانها 26 مليون نسمة، كانت تشكل على امتداد السنوات الماضية معبرا أساسيا للاجئين والمهاجرين الفارين من أزمات مالي وبوركينا فاسو ونيجيريا ومخاطر الجماعات الإرهابية المنتشرة على امتداد منطقة الساحل.

وإضافة إلى أزمات دول الجوار، بات البلد الغرب أفريقي الذي يعد من أشد دول العالم فقرا، مهددا بأن يتحول بدوره في حال مزيد تدهور أوضاعه الأمنية والاقتصادية إلى أكبر مصدر للنزوح والهجرة نحو الشمال، حيث تقع ليبيا والجزائر بحدودهما التي تمتد لألف كيلومتر لكل واحدة منهما.

وبعدهما إلى موريتانيا وبالخصوص إلى تونس والمغرب المتاخمتين مباشرة للأراضي الأوروبية (إيطاليا وإسبانيا) التي تعتبر المقصد الرئيسي للاجئين والمهاجرين الأفارقة غير القانونيين.

وقدمت دول الإتحاد الأوروبي وفي مقدمتها ألمانيا، سنويا مساعدات سخية للنيجر لدعم التنمية ومكافحة الفقر مقابل جهود سلطات نظام الرئيس محمد بازوم في مكافحة الهجرة غير القانونية.

وتشكل الإطاحة بنظامه ضربة موجعة لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي في هذا المجال. وتخشى الدول المغاربية وشريكاتها الأوروبية من موجة هجرة جديدة، تتضاعف من خلالها الأرقام المسجلة حاليا. إذ تقدر وزارة التنمية والتعاون الألمانية عدد المهاجرين غير القانونيين الذين يعبرون النيجر نحو أوروبا عبر الدول المغاربية، سنويا بحوالي 150 ألف شخص.

موجة هجرة جديدة من النيجر عبر الدول المغاربية؟

ويبدو أن سيناريو وقوع موجة هجرة جديدة أمر غير مستبعد، لثلاثة عوامل على الأقل: أولها احتمال وقوع تدخل عسكري في النيجر واتساع حالة الفوضى بالمنطقة. وثانيها ألّا يستمر الانقلابيون في الالتزام باتفاقيات التعاون مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة على الأقل في ظل العقوبات الأوروبية المفروضة على نيامي. وثالثها أن تتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في النيجر.

ومن شأن أي موجة هجرة جديدة أن تثقل كاهل الدول المغاربية وتعرض برامج تعاونها المتعثرة مع الاتحاد الأوروبي إلى مزيد من المصاعب. وثمة عامل رابع تتأكد مؤشراته على أكثر من صعيد مع سائر الفرضيات المطروحة لتطور الأوضاع سواء بوقوع مواجهات مسلحة أو بدونها، ويتمثّل في تزايد التحديات والمخاطر الأمنية بالمنطقة.

مخاطر أمنية جمّة؟

بعد مرور عشر سنوات على إطلاق فرنسا لعملية "برخان" العسكرية في منطقة الساحل، لمكافحة الجماعات الإرهابية، ما تزال المنطقة التي شملتها العملية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر وصولا إلى موريتانيا وتشاد، تواجه مزيدا من التحديات الأمنية نتيجة تنامي أنشطة تلك الجماعات وتحولت المنطقة إلى مركز عالمي للإرهاب بعد مبايعة جماعات جهادية تنظيمي "القاعدة" و"تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)".

منصف السليمي، صحفي خبير بالشؤون المغاربية في مؤسسة DW الألمانية

وإلى جانب عملية "برخان" كلفت الأمم المتحدة بعثة "مينوسما" (تنتهي ولايتها في ديسمبر كانون الأول 2023) بتحقيق الاستقرار في مالي وجارتها النيجر. ورغم الدعم الأمريكي عبر "أفريكوم" والأوروبي (ألماني وإيطالي) للجهود الفرنسية والأممية لم تُحرز تقدما في تحقيق الأهداف الرئيسية التي رسمت لها، بل تضاعفت التحديات للنفوذ الفرنسي بالمنطقة. مما دفع باريس منذ سنتين إلى سحب تدريجي لقواتها على وقع مزيد من التدهور الأمني وانقلابات عسكرية متعاقبة بدول الساحل، وتمركز مرتزقة قوات فاغنر في مالي. ووسط تزايد المؤشرات على أدوار روسية بالمنطقة.

وحسب تقرير جديد عن مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023، تعتبر منطقة الساحل في أفريقيا أكثر مناطق العالم تأثراً بالإرهاب، وكانت مسؤولة عن 43 في المائة من الوفيات المرتبطة به، بزيادة قدرها 7 بالمائة مقارنة بالعام 2021. وسجلت بوركينا فاسو ومالي الزيادة الأكبر في عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب. بل وأصبحت المنطقة بشكل سريع مسرحاً حيوياً للمنافسة الجيوسياسية العالمية بين روسيا والقوى الغربية، كما يسجل التقرير.

وتكتسي المخاطر الأمنية في منطقة الساحل أبعادا معقدة، إذ تتجاوز المشاكل المرتبطة بنشاط الجماعات الجهادية، لتشمل أنشطة شبكات تهريب للسلاح والبشر والمخدرات. وتصنف بعض مراكز الأبحاث الأمنية والاستراتيجية منطقة الساحل الأفريقي بالأخطر عالميا، كونها باتت تشكل ملتقى طرق لشبكات تهريب عالمية تنشط بين القارات الأمريكية والأوروبية والآسيوية.

ويأتي الانقلاب العسكري في النيجر كأحدث حلقة في مسلسل تراجع النفوذ الفرنسي ومزيد تعقيد الأوضاع الأمنية بدول الساحل. وتبدو ليبيا والجزائر أكثر الدول المغاربية المرشحة لمواجهة التداعيات الأمنية المباشرة لتطورات الوضع في النيجر.

وبتفاوت في درجة معارضتهما لتهديد "إيكواس" بالتدخل العسكري، لا تخفي الجزائر وطرابلس مخاوفها في هذا الصدد، خصوصا في حال تطور الصراع إلى مواجهة عسكرية محليا أو إقليميا.

وأظهرت الجزائر موقفا حذرا من خلال عدم دعمها للانقلاب لكنها ترفض في الوقت نفسه أي تدخل عسكري أجنبي، سواء تقوم به دول مجموعة "إيكواس" أو فرنسا. وتخشى الجزائر التي تربطها اتفاقيات تعاون أمني مع النيجر لحماية حدودها وتسيير دوريات أمنية وعسكرية مشتركة، حدوث اختراقات من قبل الجماعات الإرهابية النشيطة في دول الساحل، لا سيما أن بعضها تضم عناصر جزائرية.

وثمة عامل آخر غير معلن، يُفسر القلق الجزائري من حدوث مواجهات مسلحة بالنيجر ومنطقة الساحل وتطوره إلى صراع مفتوح بين قوى غربية وروسيا، الأمر الذي يمكن أن يضع الجزائر في موقف حرج ومتأرجح بين تحالفها مع موسكو وشراكات استراتيجية تسعى لبنائها مع قوى غربية خصوصا فرنسا وإيطاليا.

 

أما ليبيا، فتبدو مخاوفها مضاعفة، إذ حذرت حكومة الوحدة الوطنية الليبية بطرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، من مخاطر الفوضى المحلية والإقليمية التي يمكن أن يتسبب فيها التدخل الخارجي في النيجر. وأعلنت حكومة طرابلس تأييدها "لمسار العودة إلى النظام الدستوري واحترام الشرعية المتمثلة في الرئيس بازوم" وترفض الاعتراف بالتغيير غير الدستوري لأنظمة الحكم المنتخبة.

وتكمن المخاوف الليبية المضاعفة، أولا من مخاطر عمليات تسرب جماعات إرهابية وشبكات تهريب البشر والسلاح عبر الحدود مع النيجر على الأوضاع الأمنية الهشة في البلاد. إذ جاءت ليبيا في المركز السابع من بين أكثر دول منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط تأثراً بالإرهاب رغم التحسن الملحوظ في الوضع الأمني منذ العام 2019 تقريباً، وفق مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023.

وثمة مصدر ثان للمخاوف الليبية، يتمثل في إدراك الساسة الليبيين في طرابلس بالخصوص، لصعوبة تنسيق العمليات العسكرية والأمنية على حدود صحراوية شاسعة تسيطر قوات خليفة حفتر على جزء كبير منها، في ظل انقسام القوى الأمنية بين شرق وغرب البلاد.

ويثير وجود عناصر مرتزقة فاغنر في شرق ليبيا هاجسا مستمرا لحكومة طرابلس التي تخشى من أدوارها الخطيرة المحتملة داخل ليبيا وخارج حدودها وخصوصا في الجارتين تشاد والنيجر.

وثمة أيضا مواقف حذرة في الرباط ونواكشوط إزاء تطورات الوضع في النيجر، فالدولتان اللتان كانت تربطهما علاقات وثيقة بنظام الرئيس بازوم خسرتا شريكا استراتيجيا مهما، وتبديان حيادا باردا إزاء التطورات الأخيرة.

 

ويُفسر الحذر المغربي باعتبارات تتعلق بمصالحه الاستراتيجية في الحفاظ على استقرار الوضع الأمني بالنيجر الشريك الأمني في مكافحة الجماعات الإرهابية والشريك الاقتصادي المهم في منطقة الساحل.

وكانت الرباط قد حذرت في وقت سابق من مخاطر وقوع تعاون بين عناصر جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه، وجماعات إرهابية وشبكات تهريب تنشط بمنطقة الساحل. وتؤيد النيجر الموقف المغربي في النزاع.

ومن جهتها أعلنت الحكومة الموريتانية رفضها للانقلاب في النيجر مؤكدة أنها "ضد أي تغيير غير دستوري بالقوة". وبدورها عانت موريتانيا تاريخيا من الاضطرابات الناتجة عن الانقلابات العسكرية، وفي ظل تحوّل مجموعة دول الساحل إلى نادٍ لأنظمة انقلابات عسكرية متضامنة فيما بينها، تعتبر موريتانيا الدولة الوحيدة التي يعتمد نظامها على مسار دستوري ومؤسسات منتخبة.

كما تخشى موريتانيا خسارة دور النيجر كشريك أساسي لها في قوة الساحل المشتركة وفي تبادل المعلومات الأمنية حول نشاط الجماعات الإرهابية وشبكات التهريب. وفيما قالت إنها تلقت طلبا من مجموعة "إيكواس" بالمشاركة في عملية عسكرية ضد النيجر، أبدت نواكشوط قلقها من أي مواجهات مسلحة في البلد المجاور.

تعتبر أحداث النيجر ضربة موحعة لمشروع أنبوب الصحراء الكبرى لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا

أمن الطاقة

لطالما كانت لفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، مصالح اقتصادية كبيرة في المواد الخام في النيجر. وتشكل خسارتها المحتملة لهذا المصدر الحيوي للطاقة في وقت حسّاس من الصراع بين الغرب وروسيا في أوكرانيا، ضربة موجعة ليس لفرنسا فقط بل لأوروبا أيضا.

ونقلت قناة "ntv" الألمانية عن الخبير الألماني في منطقة الساحل آلان أنتيل، بأن النيجر تشكل خامس أكبر مورد لليورانيوم لفرنسا خلال السنوات العشر الماضية. ويغطي الاتحاد الأوروبي ما يقرب من ربع احتياجات وكالة "أوراتوم"EURATOM   من إمداداته من اليورانيوم من واردات النيجر، كما يوجد فيها مناجم ذهب وفحم أيضا.

 

وتتعدى أهمية النيجر الاستراتيجية في تأمين الطاقة لأوروبا، كونها مصدرا للطاقة النووية، إذ تضع دول أوروبية وعلى رأسها إيطاليا النيجر كحلقة أساسية في مشروع "خط الصحراء الكبرى" الاستراتيجي لنقل الغاز من نيجيريا عبر دول الساحل والجزائر ومنها عبر خط الأنابيب المتوسطي إلى إيطاليا.

وتتفاوض رئيسة الحكومة الإيطالية الحالية جورجيا ميلوني، كما فعل سلفها ماريو دراغي، مع الجزائر ونيجيريا وعدد من دول الساحل، لتحقيق المشروع، ضمن "خطة ماتي" التي سميت على إسم إنريكو ماتي، الذي أسس في بداية خمسينيات القرن الماضي تكتل "إيني" النفطي الإيطالي.

 وتشكل الإطاحة بالرئيس بازوم مصدر خطر كبير على هذه الخطة، إذ يرجح أن تؤدي زعزعة الاستقرار الإقليمي إلى زيادة التهديدات التي تتعرض لها البنى التحتية الاستراتيجية للطاقة، وهي نتيجة ستكون إيطاليا الخاسر الأكبر فيها، بالنظر لحجم الاستثمارات التي تسعى "إيني" لضخها في المشروع الذي تسعى من خلاله إيطاليا للعب دور قيادي في منطقة البحر الأبيض المتوسط وتتحول إلى لاعب كبير في تأمين الطاقة لأوروبا.

ويرى محللون بأن الموقف الإيطالي الذي عبر عنه وزير الخارجية أنتونيو تاجاني بمعارضة التدخل العسكري ضد الانقلابيين في النيجر، بخلاف الموقف الفرنسي، تقف وراءه أهداف روما الطموحة في قطاع الطاقة ومشاريعها في نيجيريا وموزمبيق والكونغو وأنغولا. وتعتبر غازبروم الروسية منافسا رئيسيا لـ "إيني" الإيطالية في أسواق الطاقة الأفريقية.

 

انقسامات الدول المغاربية

تأتي الدول المغاربية في صلب استراتيجيات الإتحاد الأوروبي الأمنية والاقتصادية ولتأمين مصادر الطاقة سواء التقليدية من الغاز والنفط، أو الطاقة النظيفة. لكن الانقسامات والصراعات في البلدان المغاربية وبين دولها وخصوصا الجزائر والمغرب، تكبح فرصا واعدة في هذا المجال.

إذ تكشف المواقف الحذرة للعواصم المغاربية من أزمة النيجر حسابات معقدة سواء بسبب تضارب استراتيجيات الدول المغاربية أو بسبب تكتيكات تلك الدول وعلاقاتها الحذرة مع القوى الإقليمية والعالمية المؤثرة في الأحداث الجارية في منطقتي شمال أفريقيا والساحل والصحراء، وضمنها الولايات المتحدة والصين وروسيا وقوى أوروبية وتركيا وإسرائيل.

وتدفع المنطقة المغاربية ثمنا باهظا لانقساماتها وصراعاتها المزمنة، وتفوت عليها فرص الاندماج الإقليمي والاستفادة من خطط ومشاريع شراكة إستراتيجية واندماج إقليمي طرحها الأوروبيون على شركائهم المغاربيين منذ عقود.

وفي جوارها الجنوبي لم تحقق الدول المغاربية في تاريخها الحديث سياسة إقليمية منسجمة إزاء دول الساحل والصحراء. ففيما فشل الاتحاد المغاربي، الذي لم يعمر أصلا طويلا، في إرساء سياسة فعّالة مع جواره الجنوبي، سعى القذافي منفردا عبر تجمع "سين صاد" إلى بناء استراتيجية ونفوذ في المنطقة، لكنه اصطدم بقوى غربية وخصوصا فرنسا.

وتواجه الدول المغاربية اليوم تداعيات أزمة النيجر ومخاطرها الاستراتيجية وهي مفككة ومتضاربة التوجهات، مما يضعها تحت وطأة طوق من الأزمات يمتد على مسافات آلاف الكيلومترات من حدود موريتانيا حتى السودان.

منصف السليمي

تاريخ 09.08.2023 الكاتب منصف السليمي مواضيع دويتشه فيله , ليبيا, بوكو حرام, الانتخابات البرلمانية الألمانية 2021 كلمات مفتاحية النيجر, النفوذ الفرنسي في إفريقيا, صراع النفوذ على القارة السمراء, الدول المغاربية, موجة هجرة جديدة, دول الساحل والصحراء, العقيد الليبي معمر القذافي, أمن الطاقة, مجموعة (إيكواس), نيجيريا, العلاقات المغربية الجزائرية, ليبيا, دويشته فيله, DW عربية تعليقك على الموضوع: إلى المحرر طباعة طباعة هذه الصفحة الرابط https://p.dw.com/p/4UvmR مواضيع ذات صلة مأساة منسية.. مئات آلاف المعاقين بسوريا يكابدون ظروفا صعبة 08.08.2023

تقول منظمات حقوقية إن حوالي ثلث سكان سوريا يعانون نوعا من الإعاقة بعد ستة أشهر من وقوع كارثة زلزال فبراير / شباط المدمر. وقالت المنظمات إن الكثيرين منهم في حاجة إلى المساعدة.

وزيرة الداخلية الألمانية تلوح للعشائر الإجرامية بسلاح الترحيل 08.08.2023

تعتزم وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر ترحيل أقارب العشائر والعائلات الإجرامية، حتى لو لم تتم إدانتهم. ويرى خبراء أن الملف يستغل في البازار السياسي ويتم أخذ الكل بجريرة جرائم وأفعال البعض.

"نريد أن نعيش" ـ موجة الحر تشعل لهيب الاحتجاجات ضد حماس في غزة 07.08.2023

جعلت موجة الحر المستمرة وانقطاعات الكهرباء، الظروف المعيشية أصعب مما هي عليه في غزة، الأمر الذي أدى لاندلاع احتجاجات نادرة في القطاع الذي تحكم حركة حماس قبضتها عليه، والمحاصر من كل الجهات. فهل طفح الكيل بسكان غزة؟

تاريخ 09.08.2023 الكاتب منصف السليمي مواضيع دويتشه فيله , ليبيا, بوكو حرام, الانتخابات البرلمانية الألمانية 2021 كلمات مفتاحية النيجر, النفوذ الفرنسي في إفريقيا, صراع النفوذ على القارة السمراء, الدول المغاربية, موجة هجرة جديدة, دول الساحل والصحراء, العقيد الليبي معمر القذافي, أمن الطاقة, مجموعة (إيكواس), نيجيريا, العلاقات المغربية الجزائرية, ليبيا, دويشته فيله, DW عربية إلى المحرر طباعة طباعة هذه الصفحة الرابط https://p.dw.com/p/4UvmR الرئيسية أخبار سياسة واقتصاد ثقافة ومجتمع علوم وتكنولوجيا بيئة ومناخ صحة رياضة تعرف على ألمانيا منوعات   المواضيع من الألف إلى الياء صوت وصورة بث مباشر جميع المحتويات أحدث البرامج تعلُّم الألمانية دروس الألمانية الألمانية للمتقدمين Community D علّم الألمانية تلفزيون جدول البرامج برامج التلفزيون اكتشف DW رسائل إخبارية خدمات التنزيل DW موبايل استقبال البث شروط الاستخدام

© 2023 Deutsche Welle | حماية البيانات | توضيح إمكانية الوصول | من نحن | اتصل بنا | نسسخة المحمول

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: النيجر موجة هجرة جديدة أمن الطاقة مجموعة إيكواس نيجيريا ليبيا النيجر موجة هجرة جديدة أمن الطاقة مجموعة إيكواس نيجيريا ليبيا الجماعات الإرهابیة الاتحاد الأوروبی فی منطقة الساحل القارة السمراء وبورکینا فاسو فی النیجر

إقرأ أيضاً:

تعديلات قانون التعليم.. هل تحقق التطوير المطلوب؟ | تحليل

التعديلات التي طرأت على قانون التعليم أصبحت حديث الشارع المصري خلال الفترة الحالية بعد قرارات مجلس الوزراء بشأن ذلك القانون المختص بمرحلة التعليم القبل الجامعي في مصر.

 

تعديلات قانون التعليم.. ماذا ينتظر طلاب المدارس؟

ووفقا لما تم الإعلان عنه من مجلس الوزراء فهناك بعض التعديلات التي طرأت أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 تمثلت في:

 إضافة مسار التعليم الثانوي المهني بهدف توفير مسارات تعليمية متنوعة تلبي احتياجات سوق العمل وتسهم في تأهيل كوادر فنية مدربة، هذا إلى جانب تطوير التعليم الفني. تطوير هيكل التعليم الفني ومواده الحاكمة، مع التركيز بشكل أساسي على تعزيز الشراكة الفاعلة مع قطاع الصناعة ومختلف مؤسسات الأعمال لضمان مواءمة  المخرجات التعليمية مع المتطلبات الفعلية لسوق العمل وتوفير فرص تدريب وتوظيف للخريجين. مد خدمة أعضاء هيئة التعليم الذين يبلغون سن التقاعد أثناء العام الدراسي حتى نهاية ذلك العام الدراسي نهاية ( شهر أغسطس)، ضمانًا لاستقرار العملية التعليمية وعدم تأثر الطلاب. حوكمة عمل المدارس المنشأة عن طريق الجمعيات التعاونية التعليمية، من خلال وضع آليات وضوابط لعمل هذا النوع من المدارس لضمان جودة التعليم وتحقيق أهدافها. السماح بإنشاء مدارس تجريبية وبرامج تجريبية والترخيص بها تشجيعًا للابتكار والتجديد في الممارسات التعليمية، وذلك وفق ضوابط محددة. مدة الدراسة في التعليم قبل الجامعى اثنتي عشرة سنة للتعليم الإلزامي، منها تسع سنوات للتعليم الأساسي يتكون من حلقتين «الحلقة الابتدائية» ومدتها ست سنوات، و«الحلقة الإعدادية» ومدتها ثلاث سنوات، هذا إلى جانب ثلاث سنوات للتعليم الثانوي العام أو الفني والتقني «التكنولوجي»، كما تكون مدة الدراسة خمس سنوات للتعليم التكنولوجي المتقدم، وسنة واحدة أو سنتين للتعليم الثانوي المهني. تتكون مقررات الدراسة في التعليم الثانوي العام من مواد عامة أساسية ومواد تخصصية اختيارية، وذلك طبقًا للأقسام والشُّعب التي يصدر بها قرار من وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعى، والمجلس الأعلى للجامعات.

 

ما أهداف تعديلات قانون التعليم؟.. تطوير التعليم قبل الجامعي

وفي هذا الشأن، قال المستشار محمد الحمصانى، المتحدث باسم مجلس الوزراء، إن التعديلات التى تضمنها مشروع قانون التعليم تهدف لمتابعة عملية التطوير فى التعليم ما قبل الجامعى وإحداث نهضة فيه.

وأضاف المتحدث باسم مجلس الوزراء أن التعديلات تهدف إلى فتح مسارات جديدة والاهتمام بالتعليم الفنى والتكنولوجى، وهناك مجال واسع لتطوير التعليم خاصة المدارس التكنولوجية من خلال الشراكة مع القطاع الخاص.

ولفت محمد الحمصانى إلى أن تطوير التعليم التكنولوجى يهدف جزء أساسى منه إلى استيفاء احتياجات سوق العمل من التخصصات التكنولوجية الهامة، ووضع مسارات جديدة فى التعليم الفنى التكنولوجى، والشراكة مع القطاع الخاص تفتح مجالات كبيرة سواء التدريب أو منح برامج وتخصصات تدريبية تفى بتخصصات القطاع الخاص، وتوفير التخصصات المطلوبة لسوق العمل.
 

هل تحقق تعديلات قانون التعليم التطوير المطلوب؟

ومن ناحيته، أكد الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس والتقويم التربوي بكلية التربية في جامعة عين شمس، أن التعديل في قانون التعليم كان ضرورة ملحّة، لأن ظهور أنماط تعليمية جديدة، خاصة التعليم التكنولوجي والتقني، يستوجب إدماجها تشريعيًا ضمن منظومة التعليم.

وفي تحليله لتعديلات قانون التعليم، أكد أستاذ علم النفس والتقويم التربوي أن هناك تشابهًا كبيرًا بين القانون قبل وبعد التعديل فيما يتعلق بعدد سنوات التعليم قبل الجامعي، والتي لا تزال 12 سنة «المرحلتان الابتدائية والإعدادية، بالإضافة إلى المرحلة الثانوية العامة أو الفنية أو التقنيةۚ»، معتبرًا أن هذا التحديد قد يعيق تطبيق نماذج الإسراع التعليمي التي تسمح للطلاب النابغين بإتمام مراحل التعليم في مدة أقل والالتحاق بالجامعة مبكرًا.

وأشار الخبير التربوي إلى أن التعديلات تضمنت إضافة مسار للتعليم المهني، إلا أنها لم توضح الفرق بين التعليم الفني، والتقني، والمهني، رغم أن التعليم المهني من المفترض أن يكون الأقرب للالتحاق المباشر بسوق العمل، مؤكدًا أن وضع تأكيدًا واضحًا على تطوير التعليم الفني من خلال تعزيز الشراكات مع القطاعات الصناعية في مصر

وثمّن الأستاذ بجامعة عين شمس ما تضمنته التعديلات من استمرار المعلم الذي يبلغ سن التقاعد حتى نهاية العام الدراسي، مؤكدًا أن ذلك يُسهم في استقرار العملية التعليمية، ويضمن الاستفادة من الخبرات التربوية المتراكمة لهؤلاء المعلمين.
 

ورحّب بما أقره قانون التعليم الجديد بشأن حوكمة المدارس التابعة للجمعيات التعاونية التعليمية، مشيرًا إلى أن هذه المدارس، رغم تشابه طبيعة ما تقدمه من تعليم، تعاني من اختلافات كبيرة في آليات العمل والتنظيم، مما يستدعي وجود إطار رقابي موحد يضمن تقديم تعليم عالي الجودة، وتنظيم كل ما يتعلق بشؤونها الإدارية والتعليمية.

 

هل تعديل قانون التعليم أعطى للوزير سلطة مطلقة؟

وبالانتقال إلى ما تضمنته التعديلات بشأن تعديل الشعب والمقررات الدراسية للثانوية العامة، أشار شوقي إلى أن منح هذه الصلاحيات لوزير التربية والتعليم، بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي والمجلس الأعلى للجامعات، يُعد تطورًا مهمًا، لكنه في المقابل يُثير القلق من احتمال تغير السياسات والمقررات مع كل وزير جديد، خاصة في غياب دور واضح للمجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار في هذه التعديلات.


وتابع: «البعض يعتقد أن تعديل قانون التعليم أعطى لوزير التعليم سلطة مطلقة في تحديد  مقررات الثانوية العامة سواء الإجبارية أو الاختيارية بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي والمجلس الأعلى للجامعات دون الرجوع إلى مجلس النواب، مع أن نفس المادة  لم يتم إحداث أي تعديل بها عن قانون 1981 وهي المادة 26، لذلك كان من المهم هنا موافقة المجلس الوطني للتعليم وليس مجلس النواب».

وأردف: «المادة 26 تنص على أن تتكون مقررات الدراسة في التعليم الثانوي العام من مواد إجبارية ومواد اختيارية، ويصدر بتحديد هذه المواد وعدد المواد الاختيارية التي يتعين على الطالب أن يجتازها بنجاح، قرار من وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي وموافقة المجلس الأعلى للجامعات».

واختتم: «تعديل مجلس الوزراء تتكون مقررات الدراسة في التعليم الثانوي العام من مواد عامة أساسية ومواد تخصصية اختيارية، وذلك طبقًا للأقسام والشُّعب التي يصدر بها قرار من وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعى، والمجلس الأعلى للجامعات».

 

 

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الجزائري يؤكد: لن نسمح بالعبث بأمن واستقرار جوارنا في منطقة الساحل
  • مصــر تدين الهجوم الإرهابى في النــيجر
  • أمير الحدود الشمالية يستقبل القنصل العام الفرنسي
  • تحليل لـCNN: بوتين المجنون لم يتغير.. فهل سيتغير ترامب؟
  • شاهد الفيديو.. الرئيس الفرنسي يعلق على الصفعة التي تلاقها من زوجته
  • الفريق أول شنقريحة: الجزائر ستظل رقما فعالا في الأمن والسلام بالساحل
  • تعديلات قانون التعليم.. هل تحقق التطوير المطلوب؟ | تحليل
  • حظر تظاهرات عدن يعصف بالحقوق الأساسية وسط أزمات اقتصادية خانقة
  • رويترز: النيجر تخطط لخفض عدد عمال النفط الصينيين
  • وزير السياحة: زيادة الفنادق لتلبية الطلب المتزايد من أوروبا وروسيا