بوابة الوفد:
2025-07-12@21:11:23 GMT

سر الأرض!

تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT

شهدت السنوات الأخيرة اهتمامًا عالميًا وإقليميًا ومحليًا متزايدًا بقضايًا البيئة، إذ عُقدت الندوات ونظمت اللقاءات على مختلف المستويات لمناقشة هذه القضايا، كما صدرت القوانين وتم اعتماد البرامج والمشروعات التى تهدف إلى المحافظة على البيئة ومعالجة قضاياها التى أصبحت محل اهتمام الأمم المتحدة من خلال ما عُرف ببرنامجها للبيئة والتنمية الذى تم فيه إقرار الدور المهم الذى يلعبه الإعلام بوسائله المختلفة فى التفاعل مع مشكلات البيئة.


وتواجه مصر، كغيرها من دول العالم، مشكلات بيئية مهمة تصل إلى حد الخطورة، وقد بدأت هذه المشكلات فى الظهور مع الاتجاه نحو التصنيع والتحول إلى النشاط الزراعى الأكثر تقدما والذى يعتمد على استخدام الميكنة والأسمدة الصناعية والمبيدات. وإذا كانت الزراعة تحتل مكانة كبرى وتمثل مصدرًا أساسيًا للموارد الاقتصادية فى الدول الزراعية، فإن البيئة الريفية، وهى الغالبة فيها، تعانى من مشكلات خطيرة وتدهور سريع يجب الإسراع لمواجهته والتصدى لخطورته المتزايدة نتيجة لتفاقم هذه المشكلات واستمرار التدهور.
ويتوقف نجاح كل جهد يهدف إلى مواجهة مشكلات البيئة الطبيعية فى الريف على المشاركة الجماهيرية الفعالة فيه، وهذه المشاركة لا يمكن أن تتحقق إلا بإدراك الفرد خطورة تلك المشكلات وعلاقته بها، وتأثير سلوكه وقراراته على البيئة، وضرورة ترشيد هذا السلوك، ويتطلب ذلك تنمية وعيه البيئى بإثراء الجانب المعرفى لديه بتبصيره بالحقائق والمعلومات عن البيئة والمشكلات والمخاطر التى تتعرض لها ودوره فى حمايتها ومعالجة مشكلاتها، وهنا يأتى دور وسائل الإعلام المتنوعة من راديو وتليفزيون والتى تقوم بدور مركزى فى تشكيل الوعى البيئى لدى الجمهور العام.
لكن نجاح الإعلام فى أداء دوره فى تنمية الوعى البيئى فى القرية يتطلب مواجهة مشكلة مهمة تتمثل فى وجود فجوات فى المعرفة والاتجاهات والسلوك نحو البيئة بين أفراد مجتمع القرية، بالإضافة إلى فجوة بين الاتجاهات والسلوك؛ فهى فجوات من أكثر من نوع وعلى أكثر من مستوى.
وتتطلب مواجهة هذه المشكلة ضرورة الاهتمام ببرامج البيئة فى مختلف وسائل الإعلام وزيادة أعدادها وحلقات كل برنامج، مع تقديم هذه البرامج بأسلوب شيق وجذاب، واستخدام كلمات وجمل واضحة حتى يتمكن سكان القرية من فهمها بسهولة، ومن الاستمرار فى متابعة هذه البرامج.
فضلًا عن الاهتمام بمشاكل البيئة الريفية ومناقشة أسباب كل مشكلة ونتائجها والحلول المقترحة لمواجهتها مع متابعة تنفيذ هذه الحلول والإشادة بما يتم إنجازه منها، ولفت الانتباه إلى أوجه القصور ومناقشتها، مع الأخذ فى الاعتبار أن مشكلات البيئة الريفية قديمة ومتراكمة تتطلب مواجهتها فترات طويلة وجهود مستمرة، كذلك ضرورة الاهتمام بتدعيم السلوك الإيجابى وتعديل السلوك السلبى نحو البيئة، مع توضيح دور الفرد فى مواجهة مشكلات البيئة وحمايتها.
وفى النهاية، تظل كلمات تتر برنامج «سر الأرض» الذى غنته المطربة أنغام، فى مطلع التسعينيات: «الأرض نادت وقالت.. دا أنا جيد على اللى يدى..اديله طرحى وخيرى.. دى الغربة زادت وطالت.. يا ولدى بينى وبينك»؛ تظل رنانة فى الآذان لتُذكِر بأول برنامج تليفزيونى يوجه بالأساس للفلاحين، ويهتم بشئون الزراعة، مؤكدة قدرة وسائل الإعلام، بوجه عام، والتليفزيون، بوجه خاص، على القيام بدور توعوى ناجح فى هذا المجال.
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جامعة المنصورة سر الأرض د أحمد عثمان مشکلات البیئة

إقرأ أيضاً:

الخريف في ظفار... حين تتعاظم المشاعر

يُعد يوم الحادي والعشرين من يونيو من كل عام موعدًا استثنائيًّا في وجدان كل أبناء محافظة ظفار، من الحضر والريف والبادية؛ إذ يستعد الجميع لاستقبال موسم خريف ظفار، ولكلٍّ منهم أسبابه، ولكلٍّ طقوسه، غير أن الترحيب بهذا الفصل محفوف دومًا بالمحبة والحنين، وكأن الزمن يعود بنا إلى جذورٍ ضاربةٍ في الأرض.

فمواسم المطر لدى شعوب العالم كافة هي مواسم للخير والعطاء، وللفرح والازدهار. فحيثما وُجد الماء، نمت الحضارات، وازدهرت الحِرَف، واغتنى الإنسان، وتوسعت التجارة، وتفرّغ الناس للعلم ومجالسه وكتبه وتدارسه. وحين يطول الاستقرار، تترسخ العلاقة بين الإنسان وأرضه، ويتعمق الانتماء إلى الوطن، ويورّث الموروث، وتتشكل الملامح الجمعية المستمدة من الأرض ومناخها ومواسمها.

ومع تسارع وتيرة التنمية والازدهار، أصبحت لفصل الخريف أهميةٌ اقتصادية كبرى في سلطنة عُمان، من خلال استقطاب آلاف السياح إلى محافظة ظفار، في مشهدٍ يتجسد فيه تكامل الأدوار بين المؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص، وأفراد المجتمع، كلٌّ في موقعه، يؤدي رسالته، ويسهم في صناعة تجربة سياحية راقية.

وفي هذا الموسم، تزدحم الشوارع ازدحامًا محببًا؛ فالوجوه معظمها مألوفة، والطباع يغلب عليها الالتزام والاحترام للعادات والتقاليد، ويشعر الزائر أنه في بلده، في ظل ما توفره الجهات المختصة من خدمات نوعية ومشاريع ترفيهية، تُيسر زيارته، وتمنحه شعورًا بالراحة والانتماء.

إنّ من أبرز ما يميز أهل ظفار -كما ألحظ ويشعر به الكثيرون- أسوة بأهل عُمان جميعا، هو نبل المعاملة وصدق الترحاب، فلا فرق لديهم بين مواطن أو مقيم أو سائح؛ الجميع ينالون ذات التقدير، وذات الخدمات، وذات الاحترام، فالقانون يُطبق بعدالة، والإنسان يُقدَّر بصفته إنسانًا، وهي سمة راسخة في الشخصية العُمانية الأصيلة.

أما في دواخلنا، نحن أهل ظفار، فلفصل الخريف مكانةٌ لا تضاهيها مكانة؛ يتعاظم فيه كل شعور... الفرح، والبهجة، والنجاح، ولقاء الأحبة، والسكينة، والاستمتاع بالإجازة، وفي الوقت ذاته يتضاعف الحنين، ويشتد وقع الفقد في القلب، لمن غابوا، ولمن لم يعودوا كما كانوا. يبدو المكان في هذا الفصل وكأنه يرقّ لدمعة القلب، يواسيك بصوت المطر، ويحتضنك بضباب الجبل، ويُربّت عليك بندى الفجر، كأن الأرض كلها تخبرك: «إن من رحلوا يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن لهم عند الله خريفًا أبديًّا لا يعرف الفقد».

وهذا الارتباط العاطفي بالخريف ليس وليد اليوم، فمنذ أزمان بعيدة، كانت للخريف فنونه ومواويله الشعبية التي تُروى وتُغنّى في المجالس.

ومن أبرزها: شعر النانا وشعر الدبرارت، وهما فنّان شفهيّان يُؤدّيان باللغة الشحرية، تُغنَّى قصائدهما بأصوات شجية، دون استخدام آلات موسيقية، وتتناول مختلف الموضوعات: الرثاء، والفخر، والغزل، والنصح، والمديح.

ولا تزال هذه الفنون تُمارَس اليوم بأداء لغوي أصيل، يحفظ جمالية اللغة الشحرية، وتكرّس الهُوية الثقافية لجيل الشباب، ويحظى من يؤدّيها بتقدير اجتماعي كبير، فهي ليست مجرد غناء... بل هي رسالة أخلاقية وتربوية. كلماتها تُنتقى بعناية، فتخلو من الابتذال، وترتفع بالقيم، وتدعو إلى الكرامة والعزة، وتمجّد مكارم الأخلاق، وتربط الإنسان بجذوره وأجداده وسيرهم الطيبة، حتى باتت هذه الفنون أحد أساليب التربية المحلية المتوارثة جيلًا بعد جيل.

أما عن التجمعات في موسم الخريف، فهي جزء أصيل من النسيج الاجتماعي، حيث يجتمع الناس -لا سيما في القرى والاستراحات- في جلساتٍ ممتدة حول شبّة النار، في أمسياتٍ يطول فيها السهر، تتعالى خلالها الضحكات، وتتلاقى الأرواح.

ورائحة دخان الحطب حين يشتعل، ليست مجرد أثر عابر، بل هي عطر يعشقه الأهالي في ظفار، وينسج في الذاكرة مشاعر الدفء والحنين.

وغالبًا ما تكون تلك التجمعات خارج نطاق الأسرة الضيقة، فالشباب يجتمعون مع أصدقائهم، والنساء مع الجارات أو القريبات، في صورةٍ حيةٍ للتلاحم الاجتماعي، حيث يُروى الحديث، ويُغنّى الشعر، ويُستعاد الماضي، في خريفٍ لا يوثق فقط جمال الطبيعة، بل يحفظ نبض الإنسان وأصالته.

مقالات مشابهة

  • مشكلات تؤجل انطلاق موسم الدوري الهندي لأجل غير مسمى
  • دار الإفتاء تطلق غدًا برنامجًا تدريبيًّا للصحفيين حول تغطية القضايا الدينية والإفتائية
  • جسم غامض يقترب من الشمس.. هل يؤثر على الأرض؟
  • دار الإفتاء تطلق برنامجًا تدريبيًّا للصحفيين حول تغطية القضايا الدينية| غدًا
  • الغرفة التجارية بسوهاج تبحث مشكلات أصحاب المخابز بحضور قيادات التموين
  • التنقيب الفردي عن الذهب يدعم السياحة الريفية بأستراليا
  • نفق عميق وغرف غامضة.. لغز خفي تحت أقدام أبو الهول| ما القصة؟
  • الخريف في ظفار... حين تتعاظم المشاعر
  • افتتاح وحدة التصنيع الريفية في بلدة سريحين بريف حماة
  • بيان صادر عن الجمعية التعاونية لتنمية التجمعات الريفية في قرى الحمايدة